شبكة النبأ: مشاعل نفطية وأخرى
غازية ومصابيح كهربائية وُضعت بشكل مميز يزينها الريش الملون
والدرر الزجاجية المستوردة، تلونها أزهار الولاء وورود العشق
الحسيني الخالص، التي وضعت على أطنان من القواعد الحديدية المصنّعة
بإتقان هندسي خاص، قد يوحي لمن يراه لأول وهلة بأنه مصغّر لسفينة
بحرية مشعّة انتصب على طرفيها رأسي تنينَين، يمثلان تعويذة خاصة من
التعاويذ القديمة.. هذا هو أحد الرموز العاشورية التي تمتاز به
موكب العزاء الحسيني في كربلاء أنه (المشعل أو الهودج الحسيني)
بالاضافة إلى قبة الإمام القاسم أبن الحسن (ع)، وهما أهم رمزين
يُستخدمان في أغلب الموكب الحسينية في كربلاء.. حيث يتقدمان الموكب
أثناء تأدية العزاء.
ويتراوح وزن الهودج مابين (100ـ500 كيلوغرام) يحمله شخص واحد
بوضع وطريقة خاصة وممارسة وتدريب مسبق، يسير به ويلتف بشكل دائري
لبضع دقائق، يناوبه على ذلك أشخاص آخرون.
عن الهودج الحسيني وقبة القاسم (ع) كان لـ(شبكة النبأ
المعلوماتية) هذه الوقفة القصيرة مع بعض أصحاب المواكب الحسينية في
كربلاء، والتي من خلالها سنتعرف على بعض خصائص وأسرار هذين
الرمزين.
فكانت وقفتنا الأولى مع الحاج (إبراهيم أحمد الصفار) الذي قال:
عرف المشعل أو الهودج الحسيني منذ القدم ولازال يستخدم حتى يومنا
هذا في مواكب العزاء الكر بلائي، وكان العزاء في السابق ينزل
لتأدية المراسيم الحسينية وأمامه مشعل بدائي لإنارة الطريق أمام
المعزّين، وكان يستخدم لإشعاله النفط ثم تطورت بعد ذلك وبشكل
تدريجي حتى عرفنا (لوكس الانارة) وغيره.. والهودج رمز مميز لكل
موكب يدل أو يمثل مشعل الإنارة الذي كان يستخدم في ركب الإمام
الحسين (ع) وله دلالات أخرى.
وأضاف الحاج الصفار لـ شبكة النبأ، أما قبة القاسم (ع) فهي ترمز
إلى مظلومية هذا الشاب الشهيد وتُحمل على الرأس من قِبل شخص واحد.
وأما الهودج فله وضعية خاصة يُرفع بها وتختلف أوزانها باختلاف
أحجامها.
الشيخ رياض نعمة قال عن الهودج: المشعل أو الهودج الحسيني تجسيد
حقيقي لقول الرسول (ص) وهو من قال (الحسين مصباح الهدى وسفينة
النجاة)، ولهذا الرمز خصوصية في كربلاء، ولكل طرف من أطراف كربلاء
القديمة هودج يحوي صفات خاصة تميزه عن هودج الطرف الاخر، بحيث ان
الناضر اليه سيعرف بأنه خاص بعزاء الطرف الفلاني، لأنه لم تكن في
ذلك الزمان لافتات تعريفية بأسماء الموكب لذا كان الهودج بمثابة
الدليل.
وتابع السلمان، هذا الهودج يسير في مقدمة موكب العزاء يحمله شخص
واحد متمرس وقد يصل وزن الهودج إلى أكثر من (300 كيلو غرام) وقد
يكون من الصعب حمل مثل هكذا وزن لكن هذا من الإسرار الإلهية
والبركات الحسينية وببركة أهل البيت (ع) يُحمل هذا الرمز ويطاف به.
أما قبة القاسم(ع) فترمز لعرس هذا الإمام، ويُرفع هذا الرمز
أيضا من قبل شخص واحد ويتركز حمل هذا الرمز في ليلة الثامن من
المحرم، وهي الليلة المخصصة للإمام القاسم (ع).. وتحمل هذه القبة
على الرأس بطريقة خاصة ويدار بها ويتناوب عليها عدة أشخاص وتوجد في
أغلب موكب العزاء.
الأخ عبد الأمير أبو دكة قال: لكل طرف هودج ومشعل خاص للتعريف
به. وأوزانها مختلفة فمثلاً وزن الهودج الخاص بموكب عزاء طرف باب
بغداد يصل إلى (250 كيلو غرام) مع جميع ملحقاته وأجزائه والتي هي
(41 رأس أو فتيلة تعمل بواسطة النفط وملحقات أخرى).
أحد الإخوة من عزاء طرف العباسية قال لـ شبكة النبأ: الهودج رمز
قديم يستخدم في العزاء الحسيني ويرافق الموكب، وهو يرمز إلى سفينة
النجاة الحسينية وتختلف أوزانها وأعمارها فمنها الحديث ومنها
القديم، وأعتقد أن أكبر هودج في العراق والعالم الإسلامي هو هودج
جمهور العباسية.
الحاج محمد الساعدي، من موكب طرف المخيم، وأحد المتخصصين بحمل
الهودج الحسيني قال: الهودج الحسيني تقليد قديم قِدم المواكب
الحسينية، وله الكثير من المعاني والدلالات منها أنه يرمز الى محمل
السيدة زينب(ع) التي أتت به إلى كربلاء، وللهودج أنواع وأحجام ومنه
القديم والحديث وهودج طرف المخيم هذا عمره أكثر من (100 عام)
ولازال يُحمل في يوم العاشر من المحرم.
وقبل أن ننهي هذا التحقيق البسيط لابد لنا أن نذكر بعض الأسماء
التي تخصصت بحمل الهودج الحسيني وقبة الإمام القاسم(ع) من القدماء
والمعاصرين في كربلاء ومنهم.
(عباس زيدان وإبراهيم أبو دكة وكاظم مضلون ومحمد العصفور وهادي
الجمال والحاج عباس أبو قاسم والحاج حسن البنه والشهيد عبود ابو
الجام وأبو ميثم والحاج عباس ضيف وحسن بصراوي والحاج جودي فليح
ورزاق شكري وآخرون لم يسع المقام لذكرهم).. رحم الله الماضون منهم
وحفظ الموجودين من خدمة الحسين (ع).
|