شبكة النبأ: في سياق الشعائر
الحسينية التي يحييها اتباع ال البيت عليهم السلام في شهر محرم
الحرام من كل عام ذكرى استشهاد ابا الاحرار سبط الرسول (ص) الحسين
بن علي بن ابي طالب (ع)، تبرز شعيرة عزاء الزنجيل المهيب على راس
تلك الشعائر، كتعبير واضح عن الحزن والمؤاساة لوقع تلك الفاجعة.
ويتمثل عزاء الزجيل بتراصف مجاميع من الرجال على شكل ثلاثة صفوف
او اكثر بصورة عامودية يتقدمهم قائد العزاء.
ويرتدي المشاركين في العزاء زي اسود يحمل كل واحد منهم قبضة
خشبية موصولة بسلاسل حديدية يلطمون بها على ظهورهم وهم يجوبون
شوارع المدينة قبل ان ينتهي مطافهم بالروضة الحسينية المقدسة.
فيما يصطف قارعوا الطبول في نسق متصل يتقدم ضاربوا الزنجيل،
لينقروا بالعصي التي يحملونها نقرة واحدة كل خمس ثوان يوحدوا من
خلال صوت الدفوف ضربات الزجيل الجماعية، بالتنسيق ايضا مع قارئ
الموشحات الحسينية الذي ينعى بقصائده واقعة الطف على مدى فترة
العزاء.
وللاطفال مشاركتهم ايضا
كما يلاحظ في كل موكب لعزاء الزجيل مشاركة الاطفال، الذي يدفع
بهم ذويهم للمشاركة في الشعائر، حيث يقول احمد عبد الستار والد
الطفل باسم الذي يشارك في احد المواكب: " هذه السنة الثانية التي
يشترك ولدي باسم ذو السنوات الست بعزاء الزنجيل الذي ينظمه ابناء
منطقتنا، حيث يشارك العديد من اصدقائه معه في العزاء".
ويضيف عبد الستار قائلا لـ شبكة النبأ: " اذكر في صغري ايضا لم
يمنعني والدي المشاركة في مثل هذه المواكب، بل كان يحفزني اكثر
للمشاركة ودعوة اصدقاء الخجولين، فهي الى جانب كونها شعيرة مقدسة
نواسي من خلالها ال بيت النبوة (ص)، تبني داخل الطفل ثقة النفس
والشجاعة والجرأة".
وبالعودة الى قدم هذه المواكب يرى الشيخ رياض نعمة السلمان كفيل
موكب عزاء المخيم ان اول من نظم عزاء الزنجيل هم الاتراك
والاذربجانيين رغم انها لم تعد قائمة في بللدانهم الان.
حيث يقول السلمان:" الشعائر الحسينية نبعت من كربلاء المقدسة
فمواكب اللطم والزنجيل والتطبير ومجالس الذكر كانت باجمعها تقام في
حول ضريح الامام الحسين (ع)، حيث كانت تتقاطر الوفود والقوافل ولا
تزال من كل حدب وصوب في شهر محرم الحرام من كل عام، ليؤكدوا
براءتهم من اعداء ال البيت (ع) ويواسون امامهم ابي عبد الله (ع)
بفاجعة عاشوراء".
ويضيف السلمان:" لذا كانت لكل امة اسلوبها في تقديم العزاء
فمنهم من ينظم مواكب اللطم، وآخرون يطلقون مواكب الزنجيل، فضلا عمن
ينظم شعيرة التطبير في ليلة عاشوراء، بالاضافة الى من ينظم المواكب
الخدمية التي تفرق الطعام والشراب وتهيئ اماكن المبيت".
وجهة نظر طبية
اما الحاج رضا فرمان الذي كان يقوم بشحذ مجموعة مختلفة من
الشفرات الصغيرة المتصلة على شكل سلسلة يستند الى رأي ولده الدكتور
بصحه اقواله الي تصب على فائدة اللطم بالزجيل على الظهر وسيل
الدماء.
فيقول فرمان لـ شبكة النبأ:" لا شك ان اللطم بهذا الشكل يسبب
الالم لكن فوائدة النفسية والبدنية اكبر واعم فضلا عن كون تلك
الشعائر ترسخ وتجدد لما ضحى من اجله الحسين واهله (ع)، فهي تصنف
كرياضة بدنية ونفسية يتخلص من خلالها البدن من الدم الفاسد كعمل
اشبه بالحجامة".
ويضيف فرمان:" ويؤكد لي ولدي وهو يعمل طبيب جراح صحة ما اقول في
اكثر من مناسبة، حيث يقرن ذلك بالادلة طبية".
فلسفة الشعائر
من جانبه يرى السيد هاني الموسوي ان الغاية من هذه الشعائر
ديمومة وتجديد الرسالة النبوية الشريفة وثورة الحسين(ع) بوجه
طواغيت العصور.
فيقول الموسوي لـ شبكة النبأ:" هدفنا تلبية وصية ائمتنا الاطهار
في احياء ما ذهبوا اليه في سبيل العدالة الانسانية، فاللطم والضرب
بالسلاسل والتطبير رسالة حيَة لكل الظلمة والغاصبين لحقوق
المظلومين في العالم اجمع ان هناك من لا يزال يناصر الحق ويجحد
الباطل، وان الحسين (ع) عليه السلام وثورته لا تزال قائمة".
اما الشيخ مرتضى معاش رئيس تحرير شبكة ومجلة النبأ يرى في
الشعائر الحسينية ابعاد متعددة منها عقائدية ومنها اجتماعية.
حيث يقول الشيخ معاش لـ شبكة النبأ:" دينيا للشعائر الحسينية
البعد الابرز في دعوة الناس للعودة الى الدين الاسلامي الحنيف
واحياءه، كون الامام الحسين(ع) قام من اجل نصرة الاسلام واستشهد
دونه، فاحياء الشعائر الحسينية هي احياء لدين الله".
ويضيف الشيخ معاش:" بالاضافة الى اعتبارها ملحمة اجتماعية ترص
صفوف المؤمنين، حيث انها تماسك اجتماعي يحقق التكافل الاجتماعي بين
الناس، فنلاحظ في مثل هذه الايام المقدسة ان الناس يكونون اقرب الى
بعضهم البعض، يتواصلون ويتعاونون ويتراحمون مع بعضهم بعضا، فتترسخ
خلال هذه الشعائر في نفوس الناس مبادئ الايثار والتسامح والتعاطف
فيما بينهم والرحمة، والتي تعد قمة المبادئ الاسلامية والانسانية".
ويضيف:" بالاضافة الى ذلك تسهم الشعائر الحسينية في الشأن
التربوي من خلال ترويض الشباب على الاستقامة والاخلاق الرفيعة
والمثل النبيلة".
ويؤكد الشيخ معاش:" المجتمعات التي تقام بها الشعائر الحسينية
بشكل اكبر دائما ما تكون نسبة الانحراف في اوساط الشباب ضئيلة، على
عكس المجتمعات الاخرى التي تخلو من اقامة الشعائر حيث يكثر في
اوساطها الفسوق والفجور والانحرافات الاخلاقية".
|