شبكة النبأ: تناقلت وسائل الاعلام
المحلية والعالمية وقائع التفجير الانتحاري الذي حدث في منطقة
الكاظمية في بغداد، مستهدفا المواكب الحسينية وعددا من الزائرين
والمواطنين الابرياء، وقد راح ضحية هذا التفجير الاجرامي كما ذكرت
الجهات المختصة أكثر من سبعين شهيدا ومائة جريح بعضهم في حالة
خطرة.
وما يلفت النظر ان هذا العمل الجبان جاء متزامنا مع تكاثر
وتصاعد موج اداء الشعائر الحسينية في عاشوراء حيث تكتظ هذه المنطقة
بأعداد كبيرة من الزوار الذين يتوافدون بكثافة على مرقد الامام
موسى بن جعفر عليه السلام في مثل هذه الايام.
لقد دأبت العناصر الارهابية والتكفيرية ومن يقف وراءها على
محاولاتهم المستميتة من اجل وضع العوائق تلو العوائق في طريق
السلام الذي يبحث عنه الشعب العراقي منذ عقود طويلة، وكل ظن هؤلاء
وشبكاتهم ذات الاجندات الدولية والاقليمية والتكفيرية بأن العراق
سينشغل عن البناء والاعمار بالملف الامني، متناسين ان مثل هذه
الافعال الاجرامية باتت لا تشكل سوى مشهد عابر من مشاهد واقع
الحياة العراقية المتنامية صوب الامن والسلام والحرية.
ان مثل هذه التفجيرات الاجرامية التي تحاول ان (تضرب أكثر من
عصفور بحجر واحد) اذا دلّت على شيء فانها تدل على تسارع العد
التنازلي لموت شبكات الارهاب والاجرام ولفظ انفاسها الأخيرة.
لقد استهدف تفجير الكاظمية الأخير، ضمن اجندته عدة محاور،
جميعها تهم حياة العراقيين ومن بينها، إشغالهم عن وتيرة البناء،
ومنعهم او تخويفهم من اداء الشعائر الحسينية المباركة كما كان يحدث
طيلة العقود السابقة، ثم محاولاتهم اليائسة لزرع حالة اليأس بين
صفوف العراقيين تنفيذا لمآرب وأجندات خبيثة.
ان المتتبع لما يحدث على ارض العراق عن كثب، يرى ان مثل هذه
الاحداث في طريقها الى الزوال، لكن هذا الامر يتطلب جهودا اضافية
من لدن الجهات الامنية العراقية المختصة.
وقد دلّت على هذا القول عمليات التفتيش الواسعة للمنطقة بعد
التفجير حيث تحدثت التقارير الامنية الرسمية عن العثور على سيارة
مفخخة ومعدة للتفجير في المدينة المقدسة نفسها، فمن غير المعقول ان
يصل انتحاري او انتحارية، كما صرح بذلك اللواء قاسم عطا، الى أقرب
نقطة تفتيش من باب القبلة للامام الكاظم عليه السلام مخترقا جميع
الاطواق الامنية التي تحيط في هذه المدينة المقدسة، من دون اهمال
في الجانب الامني.
لذا يتوجب على الجهات ذات العلاقة البحث عن الاسباب بدقة لتصحيح
الاخطاء الامنية وضمان عدم تكرار مثل هذه الاعمال الاجرامية.
غير ان الامر المفروغ منه، هو ان العراقيين سينعمون بالحرية
والامان والسلام، وسوف يمارسون شعائرهم الدينية المقدسة في إحياء
مناسبات اهل البيت عليهم السلام، وينهضون في حياتهم الى مصاف الامم
والشعوب التي تنعم بالمحبة والتسامح والسلام.
ولاشك ان الطريق نحو ذلك هو الحفاظ والتمسك بالحريات والتعددية
والتداول السلمي للسلطة، تحت غطاء المؤسسات الدستورية الديمقراطية
الحقيقية، فالارهاب والتكفير هي محاولات قمعية لاعادة دوران
الدولاب نحو الخوف والدكتاتورية والاستبداد والحزب الواحد، وحرية
الشعائر الحسينية والدينية هو البعد الاجلى للعهد الجديد القائم
على الحرية والتعددية والتنوع والسلام. |