- قبل أن يصدر النظام البائد
أوامره بمنع إقامة المواكب الحسينية في عام 1974 كان عددها 37 موكب
وهيئة أما اليوم فعددها في كربلاء يفوق الـ 600
شبكة النبأ: اشتهرت كربلاء ومنذ
القدم بطقوسها الحسينية الخاصة التي تميزها عن باقي المدن
الإسلامية. هذه الطقوس ابتدأت منذ أن تكرمت هذه الأرض باحتضان جسد
أبا الأحرار الامام الحسين (ع) في عام 61هـ بعد أن سقط شهيداً في
معركة الطف الخالدة من أجل إعلاء كلمة التوحيد الإلهي وتحرير
وإنقاذ البشرية أجمع.
منذ ذلك الوقت عرفت كربلاء المواكب الحسينية واختصت بإقامة
الشعائر الحسينية الراسخة في نفوس وضمائر محبي أهل البيت (ع). لذا
تراهم يستعدون لاستقبال أيام عاشوراء الحزن والشهادة وفي وقت مبكر
تبدأ هذه الاستعدادات في كربلاء بنصب موكب العزاء الحسيني والتي
يطلق عليها محلياً بـ(التكيات) جمع تكية. والمراد به هو ذلك البناء
المؤقت والمستخدم فيه مواد قابلة للرفع والتنصيب بسهولة مثل (الخشب
والحديد وغيره) وتتوسط التكية مدرجات خشبية عالية تحوي العشرات من
الأواني الزجاجية الملونة والمزودة بمصابيح كهربائية، وهذه
المراسيم تقليد قديم يرمز لاستقبال موكب الامام الحسين (ع) عند
مقدمه إلى كربلاء.
بالإضافة إلى نصب السرادق والخيام المختصة بخدمة الزوار
الوافدين إلى المدينة، مع خروج مواكب العزاء اليومية والتي تبدأ
منذ اليوم الأول من المحرم، وتستمر إلى اليوم العاشر منه من دون
انقطاع، تشارك فيه جميع موكب عزاء أطراف كربلاء القديمة، والتي هي
سبعة أطراف متمثله بـ( طرف عزاء المخيم وطرف عزاء باب الخان وطرف
عزاء باب النجف وطرف عزاء باب بغداد وطرف عزاء باب السلالمة وطرف
عزاء باب الطاق وطرف عزاء جمهور العباسية).
(شبكة النبأ المعلوماتية) زارت أقدم هذه المواكب في كربلاء،
وتعرفت على بعض التفاصيل التاريخية لهذا العزاء، حيث التقينا كفيل
الطرف والمسؤول عنه الشيخ (رياض نعمة السلمان) الذي حدثنا قائلاً:
كربلاء كانت ولازالت هي مدرسة الشعائر الحسينية لما تحويه من
خصوصية وشرف باحتضان قبر ابن بنت رسول الله (ص) الإمام الحسين (ع)،
لذا فكربلاء تختص بإقامة الشعائر والمناسبات الدينية المختلفة
وعلى مدار العام ولعل من أهمها إحياء مراسم عاشوراء وزيارة
الأربعين للإمام الحسين (ع) وحديثنا هنا عن مناسبة عاشوراء. ومواكب
العزاء قديماً لم تكن بهذه الأعداد التي نشاهدها اليوم، بل كانت في
البداية مقتصرة على أقامة المجالس الحسينية حيث لم تكن هناك
إمكانيات متاحة وقتها. فكانت تلك المجالس تقام في الحسينيات أو في
الصحنين المطهرين للإمامين الحسين والعباس (ع) وبعدها جرت عادة
نزول موكب العزاء والمسير من ضريح الإمام الحسين (ع) إلى ضريح أبي
الفضل العباس (ع) أو بالعكس.
وعلى ما أتذكر أنه وفي آخر سنة قبل أن يصدر النظام البائد
أوامره بمنع هذه الموكب من النزول وتحديداً في عام (1974) كان عدد
هذه الموكب في كربلاء آنذاك (37 موكب وهيئة).
وبعد السقوط عادت هذه المواكب والهيئات لممارسة طقوسها وشعائرها
الحسينية وعددها اليوم تجاوز الـ(600 موكب وهيئة) في كربلاء فقط،
منها أكثر من (150 موكب) عزاء خاص باللطم والزنجيل، أما الباقي فهي
هيئات خدمية خاصة بخدمة زوار الإمام الحسين (ع).
واضاف النعمة لـ شبكة النبأ، موكب عزاء طرف المخيم أحد أقدم
مواكب العزاء في كربلاء وأعتقد أنه أقدمها، حيث تأسس على يد الشيخ
(سليمان بن حمد العويد) في عام (1865م) ومن بعده جاء الشيخ الحاج
(حمد بن سليمان) ثم ابنه الشيخ الحاج (سلمان الحاج حمد) والذي كان
يشغل منصب أول رئيس بلدية في كربلاء سنة 1907، ومن بعده جاء أبنائه
وهم (الشيخ حمودي السلمان ونعمه السلمان) ويشرفني أنا المتحدث
اليوم أن أستلم زمام أمور الخدمة في هذا الموكب.
ما يختص به موكب عزاء المخيم
هناك مجموعة من الطقوس الحسينية والمراسيم العاشورائية التي
أعتاد موكب عزاء المخيم على تقديمها في كل عام والتي أصبحت فيما
بعد من اختصاصات هذا العزاء.
عن هذه المراسيم بين الشيخ السلمان لـ شبكة النبأ: يختص موكب
عزاء طرف المخيم بأداء بعض المراسيم الحسينية منذ القدم حتى أصبحت
من مميزات هذا العزاء ومنها مراسيم (حرق الخيام في اليوم العاشر)
وكذلك (موكب عزاء السبع) و( موكب عزاء بني أسد) و(موكب السبايا في
اليوم الحادي عشر) كما يختص موكب عزاء المخيم أيضاً بـ(موكب يوم
سابع الأمام) والذي يقدم في يوم السابع عشر من المحرم.
وكل هذه الموكب والتشابية والتعازي هي من اختصاص موكب عزاء طرف
المخيم. ولا يفوتني أن أذكر أن هناك عزاء مميز كان الطرف يقدمة
سابقاً وهو (عزاء السودان)! نعم كان عزاء مميز له نكهة خاصة وكانت
له روحية ونفس حسيني حزين، فالكل في هذا العزاء كان يتشح بالسواد
وكان يرفع أمام الموكب نعش تقليدي للإمام القاسم ابن الحسن (ع) وله
ردّات (اهازيج) خاصة وحزينة وكانت الجموع من الناس تنتظر على جانبي
الطريق لاستقبال هذا العزاء لما يحويه.
وأتمنى أن نعمل جاهدين لإعادة هذا العزاء وهذا الموكب على ما
كان عليه سابقاً. وكما هو معروف فأن انطلاق مواكب العزاء الخاصة
بالأطراف القديمة كانت ولازالت تبدأ من اليوم الرابع والخامس من
شهر محرم حيث تبدأ مواكب الأطراف بالنزول إلى الشارع وأداء المراسم
الخاصة بها. وعن موضوع التشابيه الحسينية بين الشيخ النعمة،
الحقيقة أن التشابية التي كانت تقام سابقا في كربلاء كانت تنفذ من
قبل أشخاص أصحاب خبرة ودراية، وما كان يقدم أي تشبيه أو شبيه إلا
بعد الرجوع الى الشخصيات الدينية لأجل الاستشارة ومعرفة الرأي ولكي
يرتبط ذلك الشبيه بالمناسة تاريخياً هذا ما كان يقدم سابقا،
وللأسف نجد اليوم أشياء دخيلة أوجدت على موضوع التشابيه.
وتابع الشيخ النعمة قائلا لـ شبكة النبأ: نحن في قسم الشعائر
الحسينية كان لنا لقاءات خاصة مع أصحاب الموكب والهيئات الحسينة
وطرحنا عليهم بعض الأمور التوجيهية المهمة ومنها ضرورة الالتزام
الجدي بموضوع التشابية الحسينية، هذه المراسيم المهمة التي يجب أن
تقدم بصورة صحيحة تعكس قضية الإمام الحسين (ع) بشكل مميز وبهذا
الشكل سنضيّع الفرصة على المتربصين بنا من الأعداء خصوصاً ونحن في
زمن الفضائيات المغرضة التي تبحث وتجهد نفسها من اجل الإساءة لمذهب
أهل البيت (ع)..
وختم الشيخ النعمة بالقول لـ شبكة النبأ، قدم موكب عزاء المخيم
الكثير من الأسماء التي ارتبطت بخدمة المنبر الحسيني فكان منهم
الرواديد والشعراء وأذكر منهم (الشيخ حسين الفروقي والحاج عبد
الامير الترجمان والحاج جاسم الكلكاوي والحاج عزيز الكلكاوي
والمرحوم حمزة الزغير والشيخ محمد السراج والحاج احمد السلامي)،
واليوم يرتقي المنبر الرادود الملّة حازم نصر الله وهو رادود طرف
المخيم، أما من يشرف على الردّات الحسينة والقصائد في هذا الطرف
فهو الحاج (محمد الرادود).
مع هذه الأسماء الحسينية انتهى حديثنا مع الشيخ رياض نعمة
السلمان الذي ودعنا بالدعاء والتوفيق وودعناه نحن أيضاً بذلك..
|