شبكة النبأ: اعتاد اهالي مدينة
كربلاء المقدسة احياء الشعائر الحسينية ابتداء بالاول من محرم في
بداية كل عام هجري، مستهلين هذه المناسبة الاسلامية المقدسة
النابعة من ذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام بنَصب التكايا
واعداد مجالس العزاء ونشر ورفع لافتات التعزية السوداء فوق جدران
وواجهات المنازل والمحال خصوصا في المدينة القديمة التي تحيط
بمرقدي شهداء واقعة الطف الشهيرة.
بيد ان المحرم والشعائر الحسينية في هذا العام يجدها العديد من
اهالي المدينة تختلف في اجواءها عن الاعوام التي سبقتها، نظرا
للاجواء الانتخابية التي تسود البلاد منذ فترة، والتي يرى فيها
الكثير تأثيرا سلبيا على خصوصية هذه المناسبة.
حيث تصاعدت اصوات كثيرة للقائمين على تهيئة المراسيم المصاحبة
للشعائر بالشكوى والتذمر من مزاحمة اللافتات الدعائية لقطع السواد
التي اعتادوا رفعها في مثل هذا الموسم من كل عام، خصوصا ان تلك
اللافتات الدعائية بالاضافة الى صور الناخبين تغطي معظم جدران
وواجهات المباني في المدينة.
الاجواء الانتخابية تهيمن على المراسم
الشعائرية
يبدي ابو حسنين، احد خَدَمة هيئة صنف القصابين العريقة، التي
يرجع تأريخ تأسيسها الى العام 1910م، امتعاضه من عدم قدرته رفع كل
الافتات والصور الخاصة بمناسبة عاشوراء، حيث يعزو السبب مزاحمة
لافتات الدعاية الانتخابية المنتشرة بشكل كثيف على الجدران.
فيقول ابو حسنين لـ شبكة النبأ: " الاحزاب السياسية لم تترك
لنا مكان او زاوية دون ان تستغلها، فكما ترون الصور تملأ الجران
اينما توجهون انظاركم، دون ان يكون لهم اي اعتبار لهذه الشعائر
الحسينية".
ويضيف ساخرا:" ام علينا لارضاء الاحزاب السياسية ان نرفع
الشعارات الحسينية بايدينا ونبقى واقفين حتى انتهاء المراسم كي لا
نزاحم لافتاتهم الدعائية؟".
فيما يرى السيد عباس فاضل خادم هيئة عزاء موكب المخيم ان
ممارسات الاحزاب تعد انتهاك صارخا للشعائر الحسينية، وحرمة مدينة
الحسين(ع) المقدسة خصوصا في هذه الفترة.
حيث يقول عباس لـ شبكة النبأ: " لولا الحسين(ع) ومعركة الطف لما
وجدت مدينة كربلاء، افلا تستحق هذه الذكرى من السياسيين الاحترام
وترك شيء من الخصوصية لهذه المناسبة التي لا تتكرر سوى مرة واحدة
من كل عام".
ويستطرد عباس: "كان زوار في كل عام يستشعرون مظاهر الحزن
والحداد لدى دخولهم المدينة خصوصا في مثل هذه الايام ذكرى استشهاد
الامام ابي عبدالله الحسين(ع)، لكن هذا العام لا احد يشعر انه في
وسط اجواء عاشوراء بسبب تلك الممارسات الخاطئة".
الخوف من الاعتقال او الاعتداء
من جانبه ابدى الحاج مرتضى وهو من خدمة احد المواكب خشيته من
الاعتداء بالضرب او الاعتقال ان حاول ازالة اي ملصق انتخابي لوضع
لافته خاصة بالحداد.
حيث يقول لـ شبكة النبأ: " بصراحة لا نجد بيدنا حيلة امام ما
نواجهه، فمعظم الافتات تعود لأحزاب متنفذة، وسبق ان حذرت من المساس
بملصقاتها الانتخابية".
ويضيف الحاج: " اعتقد انهم نشروا مراقبين لرصد من يحاول ازالة
تلك الافتات، سيما انهم اعلنوا القبض على عدد من الاشخاص الذين
قاموا بتمزيق اللافتات او ممن حاولوا ازالتها".
فيما يلقي الحاج مرتضى باللائمة على هيئة تنظيم الشعائر
الحسينية كونها الجهة المسئولة على تأمين سير المراسم والاجواء
المصاحبة.
انتهاز فرصة توافد الحشود لأغراض
انتخابية
فيما يرى اخرون ان هذا التزاحم لرفع اللافتات الانتخابية وسط
المدينة القديمة في مثل هذا الوقت هو اجراء متعمد من بعض السياسيين
لانتهاز فرصة توافد الحشود هناك.
حيث يجزم السيد عبد الله الياسري احد زوار الروضة العباسية ان
تلك الممارسات هي مدروسة من قبل الاحزاب لاستقطاب اكبر عدد من
الناخبين.
فيقول الياسري لـ شبكة النبأ:"اعتدنا على زيارات المسؤولين
المتكررة للعتبات الدينية اثناء المواسم الانتخابية، فهم يبدون
ميولهم العقائدية قبيل الانتخابات فقط، لكن دون ذلك الوقت لا نراهم
ابدا".
ويضيف ايضا: " نلاحظ هذا التركيز على المدينة القديمة في نشر
اللافتات الانتخابية، ونعلم جيدا اسباب كثافة تلك الملصقات في مثل
هذا الوقت الذي يسبق الانتخابات، ولكن المؤمن لا يلدغ من جحر
مرتين".
هناك من يعرقل سير المراسيم
من جهته اشار الشيخ رياض نعمه مسئول لجنة تنظيم المواكب
الحسينية ان هناك من يحاول عرقة سير المراسيم الحسينية، داعيا في
الوقت نفسه اصحاب المواكب الالتزام بالتعليمات الصادرة من اللجنة.
يقول نعمه لـ شبكة النبأ: "بصراحة واجهنا هذا العام ضغطاً غير
مسبوق من قبل بعض الجهات المحسوبة على الحكومة المحلية، تحاول
عرقلة انسيابية سير المراسيم والشعائر الحسينية مثل كل عام".
وعن سؤالنا عن الاسباب الكامنة وراء تلك التصرفات التي يراها
نعمة افاد:" من وراء تلك الافعال دوافع انتخابية، فالكثير من
المرشحين يحاول ابراز شخصيته على حساب هذه المناسبة، يحاولون تسليط
الاضواء على انفسهم للدعاية الانتخابية باسلوب خاطئ وغير شرعي عبر
استغلال مثل هذه المناسبة المقدسة".
ويضيف نعمه:" هناك من يزعجه التعليمات الصادرة عن اللجنة
المشرفة على سير المراسيم، خصوصا ان تلك التعليمات تنص على عدم رفع
اي شعارات سياسية او جهوية او طائفية، مما اثار حفيظة العديد ممن
كانوا يعتزمون انتهاز فرصة توافد الزوار لاغراض دعائية".
الجدير بالذكر ان تلك اللجنة رفعة هذا العام لافتة عزاء خُطَت
باربع لغات وهي العربية والكردية والتركمانية والآشورية كتعبير عن
لغات العراق الاساسية الاربعة.
ولدى طرح رغبة بعض اصحاب المواكب بجعل المدينة القديمة خالصة
لاحياء المراسيم عبر رفع قال نعمه لـ شبكة النبأ:" مع الاسف ليس من
صلاحياتنا مثل تلك الاجراءات، بالاضافة لا نحبذ التدخل في مثل هذا
الامر كي لا نتهم بالتحيز لجهة سياسية، ولكن نشدد على الزوار
واصحاب المواكب الحسينية النأي بانفسهم عن مثل تلك الامور".
|