اتصبو بنا

ملف المناسبة

الصفحة الرئيسية

 

 

الإمام الشيرازي.. رؤية اقتصادية وتاسيس البديل

عدنان عباس سلطان

 شبكة النبأ:  ان الانبهار بالتجربة الغربية واقتصادها الحر نابع من رؤية المحصلة الشكلية اولا، ونابع من التنظيم العلائقي في داخل المجتمع، والتعامل المجتمعي مع الحالة الاقتصادية كامر واقع، ولذا فان البطالة الطوعية لا وجود لها، فمن لا يعمل لا اجر له.. تحت هذه الصيغة يتعامل الناس هناك، وايضا تشرّب في نفوسهم اطاعة القانون بشكله العام، بحيث حصل انسجام تبادلي الى حد ما، وتطبع عليه المجتمع بحيث اصبح نسقا ثقافيا في التعاملات والسلوك.

لكننا ان توغلنا وتحرينا الحقيقة من وجهها العميق والانساني فاننا نجد ان هناك حيف وظلم كبير يقع على مجتمع الاقتصاد الحر او الراسمالي، وان هيمنته تاكل في المجتمع الراضخ للامر الواقع بشكل مخيف، طالما يفتقد النظام الاقتصادي للكفالة الاجتماعية وعدم محدودية راس المال وانعدام سقف محدد للاستثمارات، فلو انه اعتمد ذلك لكان بحق يتلائم مع شكله التنظيمي ضمن المجتمع الغربي الذي صار النظام ضمن ثقافته وسلوكه في تعاملاته الحياتية الحيوية.

الاسلام قد لا يختلف اختلافا جذريا عن الاقتصاد الحر ولا الاقتصاد الاشتراكي فان هناك تشابها بكلا النموذجين اي ان العلاقة النظرية في الاقتصاد الاسلامي انه يتبنى كل ما من شانه ان ينمي القدرات والتبادلات والسلوكيات التي هي في صالح الانسان جوهرا، بالشكل والمضمون الذي يحفظ له العلاقة الصميمية مع الله وتاكيد فحوى الرسالات السماوية وجوانبها الاخلاقية، ونبذ كل ما من شانه ان يهين انسانية الانسان وينزل بكرامته ويشوه العلاقة الايمانية بالله سبحانه وتعالى، من هذا الجوهر ينطلق الاسلام بتبني الصالح من الوسائل والنظريات، ونحن نعلم ان الاسلام جاء ليتمم مكارم الاخلاق، ويفسر هذا ان النظريات كلها كانت في الاصل لصالح الانسان، الا ان الانعطافات التاريخية قد استثمرت من قبل الاقوياء

فجرى تغيير المسار الصالح باتجاه معاكس.

ان عدم الاحتكار هو ميزة جوهرية للاقتصاد الاسلامي وكذلك خضوع النظام الاقتصادي وتاطير العمل التجاري لأحكام الدين وقوانين الشرع وعليه فان العولمة الاقتصادية الاسلامية حملت بين جوانحها كل مقومات الحضارة والسعادة والتقدم، ونفي الفقر والحرمان.

فالعولمة الاسلامية البديل: تشمل القوانين المالية العادلة والوحدة العالمية بكل ابعادها الحضارية والقواعد الاخلاقية.

فلا بد لنا كمسلمين من ترك السياسات الاقتصادية الضيقة والعمل على سياسة التكتل الاقتصادي الإسلامي الضخم، لمواجهة التكتلات الاقتصادية العملاقة، ولا بد ايضا من الدخول في النظام العالمي الجديد، وتحدي العولمة بشكل ايجابي، من خلال وضع اسس التعاون الاقتصاد الإسلامي وآراءه في نظام كامل وشامل.

ويؤكد الامام الشيرازي (قده) على حتمية ارساء اسس لنظام  اقتصادي عولمي إسلامي متطور غايته الرفاهية والازدهار وهدفه العدل والاخلاق.

ويرى الإمام ايضا ان تطرح اصول الاقتصاد الاسلامي استنباطا من القرآن والسنة الشريفة ، ودعوة كل اقتصاديي العالم الى مدارسته ومذاكرته وايجاد افضل الطرق الى تطبيقه وتنفيذه.

وان عملية مثل هذه تحتاج الى الخطوات المقترحة التالية:

1ـ لابد من وجود مركز اسلامي اقتصادي عالمي يقوم بتقسيم السبل التطبيقية واقتراح السياسات الاقتصادية الاسلامية ويسعى الى تحجيم وتحديد الاختلافات الموجودة .

2ـ العمل الجاد على تعديل السياسات المالية والنقدية والمصرفية التي تخالف القوانين والسياسات الاسلامية وتحرير المبادلات التجارية من القيود والمضايقات مثل انتقال عناصر الانتاج والمنتجات والاشخاص، فلا جمارك ولا ضرائب مع التمتع بحرية الملكية الشخصية

وحرية جميع انواع الكسب المشروع.

3ـ التاكيد على قيام سوق اسلامية مشتركة لراس المال وحركته على مستوى البلدان، ووضع اطار تطبيقي يتلاءم مع المتغيرات الحاصلة في الاسواق العالمية، والارتقاء بالقدرات البشرية والامكانات التقنية.

4ـ العمل على استشراف آفاق المستقبل ورسم صورة متوقعة للبلدان الاسلامية في الخريطة الاقتصادية الدولية المستقبلية.

5ـ كذلك تحديد مفهوم محدد للامن الاقتصادي والعمل على الوصول الى مرحلة الاكتفاء الذاتي،

6ـ إرساء اسس لبناء القدرة التنافسية، وهو اهم العناصر للتنمية الشاملة كما هو معروف.

7ـ السعي الجاد والمنفتح للاستفادة من التجارب الاقتصادية العالمية في مجابهة العولمة الراسمالية.

ان عملية الانتقاد للنظام الغربي ونسقه الاقتصادي هي من قبيل البهتان ان لم تترافق مع طرح المشروع البديل الذي يدخل في موازاة النظام القائم، وتكون اكثر سخفا ان كانت تمتلك البديل الا انها تضعه وراء الظهور كشيئ منسي لاتعتد به!!.

والامة الاسلامية التي تدين بالميثاق الرباني اهملت منذ قرون دستور الانسانية الذي نزل بارضها ولم ترى منه سوى الاختلافات في العبادات والتضارب على الكيفيات التي لم تصل الى التعامل مع الحياة بصورتها الكلية الفاعلة في التعاملات والسلوك والاخلاق والتاثير العالمي وظلت هذه الامة مثل فاقد خليله تبحث عن المضارب المهجورة والقلاع القديمة وآثار الراحلين.

امة يمزقها الغيظ والتناحر والتشظي لم تتحد وتتجمع حول فكرة اساسية مؤثرة باتجاه الآخر العولمي وهي تمتلك الوسيلة الفاعلة لو ارادت، فظل ابطالها المفكرون يصبون كل ابداعهم الفكري وامكاناتهم التنظيرية باتجاه نقد الآخر وهذا لعمري كنباح على قوافل الآخرين وهم يسيرون تترى.

..................................

المصدر/

 فقه العولمة- الإمام الشيرازي

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 17 تشرين الاول/2007 -5/شوال/1428

اتصبو بنا

ملف المناسبة

الصفحة الرئيسية

 

 أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 6

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1428هـ  /  1999- 2007م

[email protected]