تتقدم منتديات الشبكة الرسالية بأحر التعازي إلى سماحة آية الله
العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله) وإلى أسرة السيد المرجع الشيرازي
(قدس) وإلى سماحة آية الله العظمى السيد محمد تقى المدرسي وكل الفقهاء
والمراجع والمؤمنين بمناسبة ذكرى رحيل سلطان المؤلفين المجدد الشيرازي
الثاني سماحة آية الله العظمى السيد محمد مهدي الحسيني الشيرازي (قدس).
سائلين المولى تبارك وتعالى أن يتغمد السيد المرجع بواسع رحمته ويسكنه
الفسيح من جناته ويحشره في زمرة النبي محمد (ص) وأهل بيته الطاهرين وأن
يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
بسم الله الرحمن الرحيم
وما كان لنفس ان تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب
الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين.
صدق الله العلى العظيم
في الذكرى الخامسة لرحيل المجدد الثاني سماحة آية الله العظمى السيد
محمد مهدي الحسيني الشيرازي (قدس) لابد من التركيز على أهم ملامح
شخصيته وإنجازاته العظيمة التي تركها لنا, وقسم من تلك الانجازات لم
تتحقق إلا بعد رحيله (رضوان الله عليه).. لقد تميزت شخصية سماحة السيد
الشيرازي (قدس) بالعلم والحلم والتقوى والجهاد والصبر والنشاط الدؤوب
ولين العريكة وسعة الصدر، وكظم الغيظ والعفو عمن ظلمه والإعراض عن
الجاهلين ومقابلة الإساءة بالإحسان.
ولعمري إنها لأخلاق الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين ومن يسير
على دربهم القويم.
وفي كلمة لسماحته (قدس) ذكرها في كتاب مباحثات مع الشيوعيين: قال ما
مضمونه: لو كنت التفت إلي ما قيل عنى من تهم وتفرغت للرد عليها لما
تمكنت من تأليف أي كتاب أو القيام بأي مشروع.. ونصيحتي لكل من يريد
النهوض بالأمة أن لا يلتفت إلى الشتائم والتهم التي يكيلها البعض من
الناس له وإنما عليه أن يغض الطرف عنها ويسارع في انجاز أعماله.
ومن ضمن ملامح شخصيته (قدس) نصرته للمظلومين وخاصة لقائدة الثورة
الإسلامية في إيران الإمام الخميني (قدس) وهنا لابد من ذكر بعضا من تلك
العلاقة التي ربطته بقائد الثورة:
العلاقة تعود إلى أواخر الخمسينيات بين الإمام الخميني (قدس سره)
والسيد محمد الشيرازي (قدس سره) وتوطدت في العام 1963 حين تم اعتقال
الإمام الخميني أثر مذبحة المدرسة الفيضية في 15 خرداد 1963 وهي الثورة
الأولى للإمام الراحل (قدس سره) وتم قتل واعتقال أعدادا كبيرة من أنصار
الإمام الراحل (قدس سره).
فى ذلك اليوم لم يهدأ السيد محمد الشيرازي ولم يقر له قرار وعمل
لفترة على أقامة مجالس العزاء والفاتحة على أرواح الشهداء الذين قتلوا
في مذبحة 15 خرداد فى طول كربلاء وعرضها.
واصدر كذلك بيانا بعنوان: (ماذا يجرى في إيران.. شاه طاغية وحكومة
كافرة)
ولم يكتف بذلك بل أبرق إلى عدد كبير من رؤساء العالم للمطالبة
بإطلاق سراح الإمام الخميني (قدس سره).
كما أبرق إلى الأمين العام للأمم المتحدة طالبا أيضا تدخلها من أجل
تأمين الإفراج عنه.
في وقت خصص فيه ثلاثة أعداد من مجلة الأخلاق والآداب للحديث عما
جرى في إيران والتضامن مع أبنائها ضد حكم الشاه المقبور.
وقد كثف سماحة السيد محمد الشيرازي جهوده التي أسهمت في إطلاق سراح
الإمام الخميني، وهوما دفع وزير خارجية إيران أيام الشاه.. اردشيز
زاهدي في ذلك الوقت إلى الإدلاء بتصريح جاء فيه:
(الخميني انتفض فى قم والشيرازي أوصل صوته إلى جميع إنحاء العالم).
وحين أطلق سراح الإمام الخميني (قدس سره) بعد أن أعلن مرجعا لتجنب
إعدامه, خصوصا وأن القانون الإيراني في ذلك الوقت كان يتجنب إعدام
المراجع.. نفى سماحته بعدها إلى العراق، فأرسل السيد محمد الشيرازي
(قدس سره) وفدا مؤلفا من حوالي خمسين سيارة من كربلاء لاستقبال الإمام
الخميني المنفي في مدينة المسيب، وهي منطقة تقع بين كربلاء وبغداد فجرى
استقباله وكأنه فى بلده.
واستضافه السيد محمد الشيرازي في كربلاء وجعله أمام المصلين وصلى
وراءه.. للتعبير عن تأييده وتضامنه معه في وقت كان الإمام المنفى
معزولا ومغضوبا عليه في أوساط كثيرة حتى في أوساط المراجع..
وعرض السيد الشيرازي على الإمام الخميني الإقامة في كربلاء على أن
تكون له المرجعية، لكن السيد الإمام رفض وأصر على الانتقال للنجف...
ثانيا: هجرته وجهاده:
تتميز شخصية سماحة المجدد الشيرازي (قدس) بأنها شخصية قيادية فده
وطموحه وشجاعة فسماحته لم يخضع لحزب البعث في العراق، الذي أدى بدوره
أن يصدر الحزب حكما بإعدام سماحته، فقام سماحته بالهجرة للكويت فى عام
1969 م مواصلا بذلك طريق الجهاد ونصرة المظلومين وتأسيس الحركات
الإسلامية التحررية، ولقد بات معروفا لدى الكثيرين من أتباع الخط
الرسالي كيف قام أتباع السيد الشيرازي في الكويت بأيواء قيادات الثورة
الإسلامية في بنيذ القار وتوفير سبل الاتصال لهم مع الإمام الخميني
(قدس) الذي كان منفيا في العراق آنذاك.
لقد قام أتباع السيد الشيرازي بالكويت بأيواء سماحة الشيخ هاشمي
رفسنجانى وتوفير له جواز سفر للدخول للعراق عن طريق سوريا وذلك لمقابلة
الإمام الخميني (قدس) وذلك قبل انتصار الثورة. كما قامت منظمة العمل
الاسلامى العراقية التي أسسها سماحة السيد المرجع الراحل بدعم الثورة
الإسلامية بعد الانتصار.. فأعارت للثورة كل كوادرها، فكان منهم السفراء
والمسئولين...
وجاءت هجرة سماحته لإيران الثورة في عام 1979 م لتعطى دليلا أخر على
مدى عشق السيد الشيرازي للجهاد والتحرك والنشاط، فلقد ساهم بشكل كبير
في إنجاح مشروع الثورة الإسلامية.
مواقفه البطولية:
من ضمن مواقف الإمام الراحل أيام انتشار المد الإلحادي في العراق:
قام سماحته بمواجهة الكفر والإلحاد بكل ما له من قوة دفاعاً عن الله
وشريعته حتى هدد بالقتل فأجاب (لا داعي للتهديد يمكنكم قتلي بسهولة ومن
غير سلاح، فأنا أخرج كل فجر إلى الصلاة في الحرم المطهر وعندئذٍ يكون
الظلام ما يزال مخيماً ويساعدكم على قتلي خلسة ولا أحد يعرف القاتل...
لكنني لا أترك الدفاع عن ديني، مهما فعلتم).
المشاريع الخيرية والمؤسسات الدينية ومراكز الثقافة الكثيرة التي
أسسها الإمام الشيرازي (قدس سره):
(رغم كل تلك المشاريع والمنجزات العظيمة للإمام الراحل لم تحمل أيٌّ
منها اسمه كما يفعل غيره، فمدرسة حفاظ القرآن الكريم، مركز الرسول
الأعظم الحوزة العلمية الزينبية، وغيرها... لم يكن همّه إلا إحياء تلك
الأسماء المقدسة).
مزايا الإمام الشيرازي الراحل: ما تركه من مآثر خوالد وآثار باقية
تشهد على عطائه ووفائه لدينه وأمته كما جاء في الحديث النبوي القائل:
((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.. صدقة جارية، أوورقة علم
ينتفع بها أوولد صالح يدعوله)، والحمد لله أن سيدنا الراحل قد أحرزها
كلها فقد ترك أولاداً صالحين كلهم علماء أتقياء وترك ما يناهز ألفي
كتاب علمي في شتى الحقول المعرفية، وترك مؤسسات خيرية يصعب تعدادها).
أخر إنجازات سماحته: القنوات الفضائية
التي انطلقت مؤخرا كقناة الأنوار وقناة أهل البيت (ع) وقناة الزهراء
(ع) وقناة slam TV.... وكلها قنوات كان سماحته يطمح في انطلاقها لنشر
فكر ومذهب أهل البيت (ع)...
وفي الختام نسال الله أن يتغمد السيد الشيرازي الراحل بواسع رحمته
وأن يحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فى جنات عدن.. انه
سميع الدعاء قريبا مجيبا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منتديات الشبكة الرسالية
مملكة البحرين
http://www.forum.alresalia.com |