الصفحة الرئيسية ملف المناسبة  | أتصلوا بنا

 

الذكرى السنوية لرحيل الإمام الشيرازي: الانطلاق نحو التجديد الإسلامي الكبير

  بقلم : م.غريبي مراد عبد الملك (*)

 

قلما نشعر بالثقافة الإسلامية حاضرة مثلما هي في هذه الأيام، ففي 02 شوال من كل سنة هجرية مباركة، نصادف الذكرى السنوية لرحيل الإمام الشيرازي المجدد رضوان الله عليه، منذ سنة 1422هـ...

حيث كل مقلد للإمام وكل مثقف ديني وكل عالم دين وكل مرجع ديني وكل حوزة علمية سواء بقم المقدسة أو النجف الأشرف أو كربلاء المقدسة أو دمشق، وكل الإعلام الرسالي وكل الساسة الراشدين بالعراق والكويت وإيران وكل بيت إسلامي شيعي مؤمن بالتجديد الإسلامي الكبير، يرى في هذه الذكرى السنوية منارة للتواضع في الحراك الإسلامي الرسالي ومحاولة للتواصل مع هذا العطاء الثقافي المحلى بمكارم الأخلاق، هذا الفكر الإسلامي الولائي ذو السمات والمواصفات المتفردة والخصائص المميزة والمقومات الأصيلة المشرقة بالأنوار المزدانة بالخير والأعمال الصالحة والكلمات الطيبة،والمنتعشة بالنشاط الفكري والعملي والتربوي والسياسي والجهادي الإصلاحي، والمتجددة بالمنهجية الموضوعية المستمدة من بصائر القرآن وأحاديث الطيبين الأطهار عليهم السلام، والرائدة بأمانتها العلمية والاجتماعية في هذا الزمن الذي باتت فيه الأمانة قاب قوسين أو أدنى...

بقليل من القرب من رحابة الإمام المجدد الإسلامية تكون نظرتنا التجديدية والإصلاحية أكثر حكمة، لكن السؤال الماثل أمامنا الآن: ما مدى قربنا بعد خمس سنين من المنهج الشيرازي التجديدي بالفعل الثقافي والسياسي والاجتماعي والرسالي ككل؟ والمجتمعات الإسلامية سنية كانت أو شيعية، هل تعرف شيئا عن فكر الإمام المجدد ولماذا؟

والذين عاشوا ذلك الفكر وواكبوه هل فهموا رسالة الإمام المجدد (قده) واستوعبوها أم ليس بعد؟

 الأمر الذي يحتم على كل واحد منا الرجوع ولو قليلا بل وجوبا رساليا إلى تلك المسيرة الخالدة بعلمها واخلاقها وأعمالها الصالحة ومواقفها العظيمة وتشيعها النقي الطاهر البهي الناصع والواسع الرائع والثري بعلوم أهل البيت عليهم السلام الندية، المفعمة بالأصالة الإسلامية القرآنية المحمدية العلوية الحسينية الإمامية الخالدة...

إنها لحظات رسالية ونظرات من الولاية، يمكن للمرء أن يتأمل في رحابها معالم العظمة في سيرة الإمام المجدد (رض)... حتى اليوم ما نزال ننظر لفكر الإمام الشيرازي المجدد (رض) نظرة أكثر ما يقال عنها أنها شمولية، ونأمل أن تكون هذه الذكرى الخامسة باعثة للوعي والحوار والاهتمام والانفتاح أكثر على المنهج الرسالي التجديدي للإمام الشيرازي المجدد(رض)...

أريد من وراء هذه السطور البسيطة (التي هي بمثابة قطرة أو أقل بالنسبة لفيض بحر الإمام المجدد (رض) وحقه علينا)، أريد تحريض الشباب الرسالي بشكل خاص للإلتفات بالموسوعة الفقهية الكبرى للإمام المجدد (قده) وتفسيره ومؤلفاته الثقافية الأخلاقية، وبإذن الله تعقد ندوات لعرض ملامح  المدرسة التجديدية والإصلاحية للإمام (رض) أمام الشباب المسلم بشكل عملي وملموس، أقصد تأسيس  مؤسسات بحثية وإستراتيجية  وتجمعات ثقافية عالمية ترفع رايات الشورى والحرية والتعددية والسلم واللاعنف والوحدة  والإخوة والكرامة والحوار والتسامح وغيرها من أسس حضارية بتصور إسلامي أصيل نقي طاهر من الزيف والتمويه والخرافة...

إننا في الواقع يوجد لدينا كثير من مراكز الأبحاث والدراسات ولكننا نفتقر إلى الأضواء الأصولية الساطعة التي تشع على مناهجها وفلسفاتها وأهدافها الإستراتيجية بالنقد والتقويم والترشيد الإسلامية، حيث نحتاج إلى رؤى وطروحات أشمل وأعمق وأهدى، لذلك أرجو أن نتعاون لنضع أفضل المشاريع الرسالية الحضارية على خطى المنهج التجديدي للإمام الشيرازي (رض)، إضافة إلى ذلك وإبتداءا يجب أن نولي النباهة الكبيرة والعميقة إلى التخصص العلمي حول فكر الإمام المجدد (رض) أي يجب أن نتجول ونتفاعل ونتربى في رحاب هذه المدرسة الإمامية المعاصرة حتى يستعيد المعهد الإسلامي وجاهته ومكانته كجامعة إنسانية عالمية وكإشعاع ثقافي متناسق الأبعاد والأهداف...قد يقال لكن هناك مركز للدراسات باسم الإمام الشيرازي... !؟ نعم أعلم ذلك جيدا، ومن شأن هذا المركز أن يكون قاعدة أساسية للانبعاث الثقافي الرسالي للمنهج التجديدي للإمام الشيرازي (قده) وبتعبير أدق، المنسق العام لكل المؤسسات البحثية الإستراتيجية المستشرفة المهتمة بفكر الإمام المجدد (رض)...

ثم إن هنالك نقطتان على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة للمثقف الديني والإعلامي الرسالي المتواصلين بفكر الإمام (رض) على حد سواء:

أولاهما: الاقتباس الموضوعي لا التجزيئي لأفكار الإمام المجدد (رض) في الطروحات الفكرية والمواد الإعلامية والخطابات التعبوية.

هنا لابد لنا من أن نصبح أكثر فعالية نقدية بناءة، حتى نحقق التوافق بين المنهج والعمل الرساليين، وهذا عامل مهم في مستقبل المسيرة الرسالية التجديدية للإمام المجدد (رض)...

أما النقطة الأخرى: هي الإبداع الفكري والابتكار الرسالي، فرغم ما تحقق من تطور على هذا الصعيد في حياة الإمام المجدد (رض) وتحت رعايته (رض) وتوجيهاته الحكيمة ومن بعده أيضا، إلا أننا نقف في مواجهة حضارية ثقافية قوية  بخصوص المنهج الإسلامي، كما أشار الإمام (رض) لذلك في العديد من مؤلفاته مثل : كتاب الصياغة الجديدة والسبيل لإنهاض المسلمين، نقد المادية الديالكتيكية، كيف يمكن نجاة الغرب؟ وكذا الفقه :فلسفة التاريخ...وغيرها من أسفاره العظيمة...وعليه من خلال نظام تثقيفي أكبر وأحدث، لابد من أن تكتسب النظرية التجديدية للإمام المجدد (رض) المزيد من الجاذبية كمرجعية علمية أصولية إستراتيجية إسلامية لبعث الوعي والتخطيط والإصلاح  وفق المنهج الإسلامي الأصيل...

وما يتوجب علينا عمله أيضا بشكل عام وكبير هو الزيادة من جهودنا في طباعة ونشر وتوزيع فكر الإمام المجدد (رض) عبر العالم الإسلامي أساسا والمعمورة شمولا...يجب إبراز الملامح والخطوط العريضة والتفصيلية التي يتشكل منها الفكر التجديدي الشيرازي، كفعل   ثقافي مسؤول وهذا من خلال إعلام إسلامي أكثر جدية ورسالية...مصداقا للمثل القائل: " قم بعمل جيد ودع المستقبل يتحدث عنه "

يبدو أن العظمة الرسالية خالدة في سيرة الإمام المجدد (رض) وعلى أساس متين من التميز والعبقرية والكفاءة والأصالة والرحابة والمعاصرة ولا يمكن وصفها إلا أنها نموذجا إسلاميا مشرقا...

وبعد السلام على هذه الروح المؤمنة الطاهرة أقول بكل ثقة في ما علمتني إياه من وعي إسلامي ورحابة وتطلع وتقوى: سأتمسك دوما  بتفاؤلي وتوكلي على الوكيل المتعال بأننا سنتمكن من تحقيق بعض الأهداف الإسلامية في الأيام القليلة القادمة  كعراق السلم واللاعنف والوحدة  كما أحببته وأمة إسلامية رائدة وموحدة ومجاهدة للإستكبار العالمي كما آمنت بها...

والله متم نوره، أيها الإمام الحي والمرجع الكبير السيد محمد الحسيني الشيرازي المجدد (رض)...

والله ولي الإحسان...

 

(*) كاتب وباحث إسلامي جزائري

[email protected]

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 6

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1427هـ  /  1999- 2006م

[email protected]

  الصفحة الرئيسية ملف المناسبة  | أتصلوا بنا