تحت عنوان «الإمام الشيرازي يتحدث» أقيمت في مسجد
الرسول الأعظم بالعوامية، ليلة الخميس 11شوال 1425هـ الموافق 24 نوفمبر
2004م ندوة بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لرحيل آية الله العظمى المرجع
الديني الراحل الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي «أعلى الله درجاته».
استضيف فيها كل من سماحة الشيخ يوسف المهدي وسماحة الشيخ عبدالغفار
الزاهر وسماحة الشيخ عبدالغني العباس.
بدأت الندوة بمقدمة من الأخ علي الدبيسي، بعدها
بدأت المحاضرة الأولى والتي كانت في محور «الأسلوب الدعوي»، ألقاها الشيخ
يوسف المهدي حيث تطرق المحاضر إلى صفات الأسلوب الدعوي لدى الإمام تلخصت
فيما يلي:
• الإمام الشيرازي «قدس سره» كان يخاطب الجمهور
بشكل يومي، رغم أنه مرجع كبير له انشغالاته الكثيرة، وكان يخاطب كل
الشرائح الاجتماعية ويلتقي بهم باستمرار؛ يسألهم عن أحوالهم ويوجههم.
• أهتم الإمام كثيراً بنشر الثقافة الإسلامية من
خلال الكتاب، وشجع على التأليف كثيراً وهو شخصياً آلف أكثر من 1200 كتاب.
• أعمد في أسلوبه الدعوى والخطابي على كثرة
الاستشهاد بالنصوص الدينية.
• من خلال منهج الإمام الشيرازي في الدعوة نستطيع
أن نحدد مواصفات الداعية الناجح فقد كان الإمام يتصف بما يلي: «الأخلاق
في العمل، التركيز عن الهدفية، يرى نفسه دائماً مقصراً تجاه الإسلام
والمسلمين، البعد عن الشخصنة، الاستقامة والثبات، التوازن في الدعوة وعدم
التركيز على جانب دون آخر، الانفتاح على الآخرين، التركيز على معالجة
المشكلات الراهنة، وتناول القضايا الحاضرة وآفاق المستقبل والتركيز على
القضايا التي تخص الشباب ووضعهم أمام مسئولياتهم الاجتماعية ودفعهم إلى
البناء واعتماد أسلوب اللاعنف في معالجة قضايا المجتمع والأسرة والتعاطي
مع الشباب».
تحدث بعده سماحة الشيخ عبدالغفار الزاهر في
محور«الرؤية السياسية» وبين أن العلماء الشيعة مرت عليهم فترات منعتهم من
التطرق للمسائل السياسية بسبب الظروف التي كانوا يعيشوها سياسياً، إلا أن
الظروف أصبحت مؤاتية بعد خروج الإمام الخميني في ثورته المباركة، وقبل
ذلك كان الإمام الشيرازي منذ بداية ريعان شبابه له رؤى سياسية واضحة وكان
له سبق فيها، وكان يحتذى به في هذا الجانب، وهذا ما يفسر وقوفه بقوة إلى
جانب الثورة الإسلامية. ولدى الإمام -رحمه الله- أطروحات قيمة في الحرية،
ومحاربة الاستبداد، واللاعنف في معالجة القضايا السياسية، وألف في هذا
السبيل كثيراً من المؤلفات.
وفي المحور الثالث والذي كان بعنوان «المثقف
الفقيه والفقيه المثقف» تحدث فيه سماحة الشيخ عبدالغني العباس، حيث تطرق
إلى تجسيد ذلك من قبل الإمام الشيرازي في سيرته ومؤلفاته، ونحن اليوم
بحاجة إلى استحضار الرأي الشرعي للقضايا المعاصرة وتأصيلها، وفي بعض
الأحيان الفقيه يركز على النص الشرعي و لا يدير بالاً إلى الواقع، وهناك
تأثير واضح للبيئة والواقع الذي يعيشه الفقيه على فتاواه. والإمام
الشيرازي كان لإحاطته الثقافية الواسعة دور كبير في استصدار الفتوى،
فتنوره الذهني انعكس وتمظهر في الأحكام الشرعية، كما تجلى ذلك في مسألة
صلاة النساء جماعة في المسجد، حيث ذهب الإمام إلى استحبابه، بينما كثير
من غيره رأى عكس ذلك.
كما أكد سماحته أننا نحن من تربينا على أفكاره
وكلماته وتأثرنا بفيض تعاليمه، لابد أن تكون ثقافتنا منطلقة من النصوص
الدينية وأن نؤصل هذه الثقافة من خلال ذلك حتى لا تكون هناك أية حدود بين
الفقه و الثقافة كما نجدها عند الإمام رحمه الله، والفقيه هو الأقدر على
قيادة زمام الشأن الثقافي في الأمة.
وبعد انتهاء المحاضرين الثلاثة من الحديث، ألقى
الشاب محمد فريد الشيوخ أنشودة تأبينية في هذا الحدث، إلى أن أعد المقدم
أسئلة الجمهور المكتوبة ليبدأ طرحها على المحاضرين وسبقتها مجموعة من
الأسئلة الشفهية المباشرة.
يجدر بالذكر أنه تم توزيع كتاب «المدرسة الشيرازية
بين الاستمرار والتوقف» والذي هو حوار مع سماحة العلامة الشيخ فيصل
العوامي لمؤلفه الأستاذ باسم البحراني.
|