سموت مجدداً, روح
الحياة تُعيد |
لسماحة
الشيخ محمد سعيد المخزومي (حفظه الله) |
تفاخر الشعراء بمدح الشمس وهي
في ألَقٍ والكـون تهليـل وتمجيـدُ
وقد ذابت حياءً عندما لاحَتْ ثنا
ياك لإشراق تلوّى عنـدها الجِيـدُ
تُغضي حياءً إذا ما شعَّ في وجهها
مُحَيَّــاً تلالا جمالا فيـه ترديد
وحوله الأقمار كالأنوار تذوي حياءً
إذا ما بثها علما فذاك العَيْلمُ الحِيِدُ
* * * * *
كالوا المديح بمكيال من الشعر ِ فلا
أغنى المديح وان ضَجَّ فيه تغريـدُ
ولا أوفتْ قوافي القوم مثقالا من الـ
ـشعر ولا بلّت شفاها إنه الصِـِيدُ
فاُنبي الناس انباءً وإن ظنَّت على الـ
ـحق نفوسٌ فيها تضليل وتنكيدُ
وهاجت تطفيئُ الشمس بذرِّ الرمل في
الناس لكي يعلوا بلاد الغيث أواغيدُ
فأصْدَحُ في شعري والحانٍ لقافيتي
تَمَعَّنوا عميداً فيـه العز معقـودُ
وفي كل حرف مضيئاً كنتَ تسطره
عِلمٌ وعِزٌّ وتـهذيبٌ ثم تجـديدُ
* * * * *
جددت علماً وحلماً به الألباب قد
حارت وفي دهر يشح الفكر والجودُ
فارَّخَتْ لك الأيام في صفحاتـها
ان المفاخر في فكرك الوقّاد غِيِـدُ
حتى غدت أجيال اُمتنا ترنوا إلى
عَيْلَمٍِ, قُلْ فَلْتـَتَةٍ فيه التُقى ومزيـدُ
وان تكالب بعضهم في محوه حتى
أتَتْ على مجدٍ بِخُبْثٍ فيه تشديدُ
وقد انجلت وسينجلي ريب الزمان بما
يأتي على الأجيال قولٌ فيه تسديدُ
ان الأنامل في طبعها جادت بما قد
طبعته فكراً على جيد الزمان يـميدُ
وستنطق الأجيال في بلد العراق وتشـ تكي طمساً
في المكارم والفكر جَلْمُود
ما ضامنا جور وما قد سامنا إلا
بما قد طال الـمعاليَ حاقد وحسودُ
لم يعزلوك عن الحياة بفعلهم يوماً
ولا عن فكرك السيّـال وهو فريدُ
وانما عزلوا العراق ومجده دهـراً
وفي طوق من الثالوث وهو حقود ُ[1]
حتى سطعْتَ مجدداً فقه الحياة و
أنت في عين الـمعالي مجدها وعميدُ
* * * * *
خَسِئتْ رداءة بعضهم في حرصهم دوماً على
طمس المعالي وهي دَوْمُ تسودُ
سحقت جباه الجبن رغم عتوها حتى
سـموت مجدداً , روح الحياة تُعيد
ياسيداً للعارفين بِفَنِّ إعـزاز الحـ
ـياة وهو ذات العزيـمةِ, والصُعودُ
أنت الحياة وفكرها مـما توارَثَتْـ
ـهُ على مَرِّ الزمـان أكـابرٌ وجدودُ
* * * * *
جَدٌّ يُسطِّر في التنباك أروع آيـة
ذلّ الطغـاة لـها وغازيٌ وعنيدُ [2]
وخالُـهُ الأعلى يسدد رمية كانت
ومـا زالـت تُرَدَّدُ في الزمان نشيدُ [3]
في ثورة العشرين يوم أعلن صرخة
جيـش العداة بـها مجحفل وحديدُ
وأبٌ يسافر معْ حليف زمانـه حتى
غزى الطاغوتَ جبنٌ فيها وهو رعديدُ [4]
حقاً إذا قيل المناقب نبعها طُهرُ الـ
ـبطون وفي أعراق الرجـال تجودُ
تنويه:
لقد حاول سماحة الشيخ ان يكتب قصيدة تخليداً للذكرى السنوية الثانية
لرحيل المجدد الشيرازي الثاني قدس الله سره, ولكنه قد حالت دونها
الوعكة الصحية التي ألمّتْ به ليلة أول شهر رمضان المبارك وقد وقاه
الله تبارك وتعالى شرها وتداركته رحمة منه عَزَّ شأنه, وبعد ان رقد في
المستشفى أحد عشر يوما استأنف موضوع ما كان قد عزم عليه من كتابة
القصيدة فكتب قصيدة من أربعة أبيات ولكن حال دونها ألم ما كان يعاني
منه في رأسه, حتى أصابته وعكة ثانية بعد عشرين يوما من خروجه من وعكته
الأولى, وقد تلطف الله تبارك وتعالى به فأماط عنه خطر الوعكة الثانية,
وبقي يتماثل للشفاء وهو يحاول ان يكتب قصيدة ثانية غير تلك التي كتب
منها أبياته الأربع, فكان يكتب البيت والبيتين كل يوم ثم يترك المواصلة
بسبب ما أصابه في رأسه, وهكذا حتى أتم القصيدة أعلاه والتي كان
عنوانها:
(سموت مجدداً, روح الحياة تُعيد), وهي تلك التي بين يديكم.
وهذا هو السبب في تأخير القصيدة عن موعدها المقرر ومناسبتها المذكورة.
[1] - الثالوث: هو شعار
البعث الثلاثي الذي اهلك الحرث والنسل.
[2] - وهو الإمام المجدد الشيرازي الكبير وقد هزم
الغزو الإنكليزي من إيران وهو في سامراء في العراق, إلى غيرها من
المشاريع القيادي التاريخية التي اضطلع بها في العراق وإيران
وأفغانستان وقد قادها وهو في موطنه العراق , للتفصيل راجع كتاب:
المجدد الشيرازي الثاني تحول في التاريخ الإسلامي.
[3] - وخاله هو الإمام الشيخ محمد تقي الشيرازي وقد
قاد ثورة العشرين في العراق وعبأ الشعب العراقي بأكمله وعلماء الدين
ورجال الفكر في عام 1930 لطرد الغزو البريطاني من العراق.
[4] - حيث سافر والدة الإمام السيد مهدي الشيرازي مع
الإمام السيد حسين القمي من العراق إلى إيران لتهديد شاه إيران من
أجل تغيير قوانين الأحوال المدنية التي سنها أبوه رضا بهلوي
والتي كانت تنافي أحكام الشريعة الإسلامية. وقد تنازل الشاه المخلوع
أمام تلك الشروط ثم رجعا إلى العراق عرين المرجعية الشيعية ثانية.
|
|