دعا المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد
تقي المدرسي (دام ظله) محبي الإمام الشيرازي الراحل إلى العمل والتكاتف
والتوحد حفاظاً على المسيرة الإسلامية التي قادها الإمام الراحل. وقال
المرجع المدرسي في اتصال هاتفي من كربلاء المقدسة في الليلة الثانية
لمؤتمر الإمام الشيرازي الثاني الذي أقامته جمعية الرسالة الإسلامية في
البحرين يومي الأربعاء والخميس " لقد رحل الإمام الشيرازي في وقت نحن
أحوج ما نكون إليه وإلى القيادات التاريخية الفذة في عراق المقدسات".
وأضاف المرجع المدرسي " غير أن ما يخفف عنا ألم فراقه هو حينما نجد أن
مسيرته ونضاله مستمر في أبنائه ومريديه، وأن خطه الرسالي يعمل جاهداً
لإخراج العراق من زاويته الحرجة". وقال المرجع المدرسي في المؤتمر الذي
أقيم تحت شعار "العراق في فكر ومسيرة الإمام الراحل" إن الوضع في
العراق " يستعيد عافيته ونشاطه يوماً بعد يوم" وأشار إلى أنه متفائل
وأن "علينا بذل المزيد من الجهود لإكمال مسيرة الإمام الراحل حتى
الانتصار الذي سيعم العراق ودول الجوار ولربما حتى الدول العربية
والإسلامية". وفي وقت عبر المدرسي عن عظيم أسفه لرحيل الإمام قبل أن
يشارك العراقيين تلك التحولات- التي مهد لها وبشر بها مشيراً إلى أن كل
بقعة في العراق ولا سيما أرض كربلاء تحمل آثاره - زف إليه "أسمى آيات
الإعظام" وهنئه "في عالم الخلد لما يجري في عراق المقدسات".
الإمام الشيرازي .. قصة جهاد:
وقدمت في الليلة الثانية للمؤتمر ورقتان بحثيتان
الأولى لسماحة الشيخ عبد الله الصالح بعنوان "الإمام الشيرازي .. قصة
جهاد" والثانية للسيد جعفر العلوي بعنوان استراتيجية الإمام الشيرازي
لمستقل العراق الجديد". وتناول الشيخ الصالح في ورقته البحثية مسيرة
الإمام الراحل التي يمكن أن توصف بكل كلمات والنعوت "لكن كلمة الجهاد
هي أصدقها عليه، وهي انسبها الى ما قام به خلال فترة حياته الحافلة
بالعطاء". وضمن البحث عرض لثلاثة محاور رئيسية وهي بناء المؤسسات
الدينية والثقافية والاجتماعية، ومقاومة الأفكار الطاغوتية والصنمية
الهدامة ورموزها وأخيراً إرساء ملامح عراق المستقبل. وتحدث عن هذه
المحاور مستشهداً بمشاريع ومواقف وكتابات الإمام الراحل. مؤكداً على
بعد الجهاد في شخصية الإمام الذي كان شجاعاً لا يخاف في الله لومة
لاائم كما ذكر تلميذه المرجع المدرسي (دامت بركاته). وأشار الصالح إلى
أن الإمام الشيرازي كان ينظر إلى المستقبل، فما بدأ مشروعاً إلى فكر في
استمراره، ولذا هيأ للمرجعية من بعده تلاميذاً نجباء كان في طليعتهم
المرجع الديني السيد صادق الشيرازي والمرجع الديني السيد محمد تقي
المدرسي (دام ظلهما). وعقب على كلمة الشيخ الصالح سماحة العلامة الشيخ
محمد علي المحفوظ (دام عزه) الذي أكد على أهمية أن يعيش أتباع هذا الخط
الرسالي متواصلين مع تراث المرجعية الدينية للإمام الشيرازي من خلال
الحضور الحقيقي في سوح العمل والتضحية. محذراً من فجوة بين المرجعية
وأتباعها مع تقادم الوقت ومرور الزمن.
استراتيجة الإمام الشيرازي في العراق الجديد:
أما سماحة السيد جعفر العلوي - الذي تحدث عن
استراتيجيات الإمام الراحل لمستقبل العراق بعد سقوط نظام الطاغوت -
فأكد أن العراق في مسيرة الإمام الشيرازي لم يكون مفصولا عن تطلعاته في
إنهاض الأمة الإسلامية وإقامة الحكومة العالمية غير أنه أولاه عناية
خاصه لعميق تجربته وارتباطه بتلك الأرض وكونها أرض المقدسات والحوزات
الشريفة. وشدد العلوي على أن الإمام الراحل تميز باستيعاب عميق للتاريخ
من خلال اطلاعه والتفكر فيه ما جعله يستقرأ الحالة العراقية ويضع لها
حلولاً واضحة. ومن معالم الاستراتيجة المستقبلية للعراق الجديد في فكر
سماحته -بحسب العلوي الذي ذكرها في أربعة عشر نقطة – الانتخابات
العامة، وإقامة حكومة شعبية، على أن تتولى زمامها الأكثرية الشيعية،
وتحكمها القوانين الإسلامية ضمن سلطات مستقلة. بالإضافة إلى سيادة
سياسة العفو والسلم، وإطلاق الحريات للجميع بمن فيهم الأقليات. إلى
جانب توفير الأمن للناس مقتصرين على وظائف رئيسية في أجهزة الدولة
وتقدير الكفاءات وصولاً للكتفاء الذاتي والتطوير المدني، وأخيراً إقامة
علاقات دولية متوازنة.
وبادر للتعقيب على كلمة العلوي سماحة العلامة
الشيخ عبد العظيم المهتدي البحراني الذي ركز على أهمية الانفتاح،
والتسامح في سيرة الإمام الراحل. وقال المهتدي "نحن مدعوون إلى الخروج
بالإمام الشيرازي من أطرنا الضيقة لنعرفه لكل العالم". وأضاف "إنني ومن
خلال تجربتي أعتقد أنه يمكن ذلك". وأشار المهتدي إلى أنه كما كان في كل
زمان ومكان فإن للعظماء دائماً أعداء يجهدون في تطويق حركتهم، ومنعهم
من الانطلاق فإنَّ السيد الشيرازي أبتلي بأولئك، ولكنهم لم ينالوا من
عزيمته في حياته. ودعا إلى الاستمرار في منهج الإمام الراحل بأن "لا
نطوقه في أطرنا بعد مماته".
*
البيان الختامي لفعاليات مؤتمر
الإمام الشيرازي الثاني
(العراق في فكر و مسيرة الإمام
الشيرازي)
الذي أقامته جمعية الرسالة
الإسلامية
خلال الفترة بين 19- 17 شوال
1424هـ /الموافق 10- 11 ديسمبر 2003م
برعاية سماحة حجة الإسلام و المسلمين
العلامة السيد جعفر الشيرازي، و سماحة العلامة السيد محمد العلوي، عقدت
جمعية الرسالة الإسلامية مؤتمر الإمام الشيرازي الثاني (العراق في فكر
و مسيرة الإمام الشيرازي) في مبنى الجمعية بالماحوز ، خلال 16- 17 شوال
1424هـ ، الموافق 10- 11 ديسمبر 2003م .
وهدف المؤتمر إلى التعرّف إلى رؤية الإمام
الشيرازي للعراق ماضيا و حاضرا ومستقبلاً، و هو ما يتحقق من خلال
التساؤلات الآتية:
* كيف كان ينظر الإمام الشيرازي لتاريخ العراق
(الأنظمة والمجتمع) وما هو الأثر الذي أثّر في مسيرته، وما هي القواعد
التي استنتجها، لكي تكون ثوابت لتحركه؟
* ما هي المعالم الأساسية لحركة الإمام الشيرازي
الثقافية والسياسية والمرجعية والعلمية والمجتمعية في العراق ومن أجل
العراق؟
* كيف كان الإمام الشيرازي ينظر لمستقبل العراق
(الذي لم يشهده)، وما هي التطلعات التي كان يصبوا إليها لبناء عراق
الغد؟
شارك في المؤتمر نخبة من علماء الدين و المثقفين
و المهتمين في البحرين والمملكة العربية السعودية.
في الجلسة الافتتاحية، تطرق سماحة حجة الإسلام
والمسلمين العلامة السيد جعفر الشيرازي، في كلمته الشرفية، إلى نظرة
الإمام الشيرازي تجاه العراق و أهله. حيث لخصها في نقاط هي: النظر إلى
كل العراق بطوائفه وقومياته وأديانه ككل واحد لا يتجزّأ من العراق؛
وذلك انطلاقاً من أممية الإسلام، ومحاولة انتشالهم من الأزمات التي
تعصف بهم، وإيجاد المشاريع العملية لتجاوز المشاكل التي خلفها النظام
السابق، و علاج مشكلة الاستبداد بالتعددية والديمقراطية الحقيقية،
والمساهمة في بناء البنية التحتية المدمرة للعراق.
أما العلامة السيد محمد العلوي، الرئيس الفخري
لجمعية الرسالة الإسلامية، فقد تناول في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر
مشروع الإمام الشيرازي تجاه العراق والعالم. ونظراً لضخامة المشروع فقد
اكتفى بذكر ملامحه، والمتركزة في الأفكار الرسالية الرائدة والمعتمدة
على القرآن الكريم وأهل البيت، والمنهاج التربوي وتعميق الاتجاه
الديني، والأسس الحضارية، وصناعة الكفاءات ، وبناء المؤسسات .
وقد تم عرض ثلاث أوراق، على النحو الآتي :
** ورقة الشيخ زكريا الداوّد بعنوان (الشيرازي و
التعاطي مع النظم السياسية العراق مثالا .. قراءة في المقدمات)، حيث
استشرف مباني الرؤية السياسية عند المجدد الشيرازي الثاني؛ لأنها
المنطلق الذي يحدد للشيرازي علاقته مع كل المفردات في الواقع الإسلامي.
وتتمثل المباني في: الأمة الإسلامية الواحدة، ووحدة المصير والمسار
والمسيرة، واللاعنف منهجاً و سلوكاً، و ضرورة الحرية، و محورية شورى
الفقهاء المراجع.
** ورقة الشيخ عبد الله الصالح بعنوان (الإمام
الشيرازي ..قصة جهاد) حيث تتبع جهاد الإمام الشيرازي في العراق، من
خلال بناء المؤسسات الدينية والثقافية والاجتماعية، ومقاومة الأفكار
الهدامة ورموزها، و إرساء دعائم عراق المستقبل، عراق السيادة والإسلام
المحمدي الأصيل والشورى الإسلامية وحكم الأكثرية.
ورقة السيد جعفر العلوي بعنوان (استراتيجية
الإمام الشيرازي لمستقبل العراق"، حيث حاول أن يضع يده على معالم
الاستراتيجية المستقبلية للعراق الجديد عند المجدد الشيرازي، وهي:
إجراء الانتخابات العامة، والحكومة الشعبية، والحكم بيد الأكثرية،
والقوانين الإسلامية هي الحاكمة، ووجود سلطات أربع، وإطلاق الحريات
العامة، وسياسة العفو والسلم، والتعامل مع الأقليات الدينية والقومية ،
ونظرية الأمن الإسلامية، وجمع الكفاءات وتنميتها.
وبناء على ما قد تم عرضه من أوراق، وما أسفرت
عنه المناقشات والمداخلات ، خرج المؤتمرون بالتوصيات الآتية:
1. العمل على طباعة أوراق المؤتمر الحالي و
السابق في كتاب مستقل لتعميم الفائدة .
2. الاستمرار في الندوات و المحاضرات حول
رؤية الإمام الشيرازي للعراق ماضيا و حاضرا و مستقبلا .
3. السعي نحو إيجاد المؤسسات و اللجان
الداعمة للشعب العراقي تبرعا و استثمارا .
4. الاهتمام بالبحوث التي تتناول فكر الإمام
الشيرازي في مختلف المجالات نشرا و تطبيقا .