الصفحة الرئيسية التاريخ يصنعه العظماء

 

رؤية سماحة الإمام الراحل حول الكتاب رؤية ممتازة ومطلب رئيسي للفرد

لقاء هام مع الدكتور علي عقلة عرسان* رئيس اتحاد الكتاب العرب

حاوره بسام محمد حسين**

أجرت مجلة النبأ لقاءً هاماً مع الدكتور علي عقلة عرسان موضحاً أهمية المعرفة والرأي وتأثير الكتاب في حياة الأمم والشعوب باعتبارها الحاجة العليا للبشرية.

س1: عرف سماحته بأوساط العلماء والمفكرين والأدباء بأطلس المؤلفين وعرف عنه الكتابة والتأليف لأكثر من ألف ومئتين وخمسين كتاب أمام هذه الظاهرة الفريدة في عالم الفكر الإسلامي وأهمية دعوته لفائدة الكتاب ودوره في تعميق الوعي الإسلامي العربي بمشاكله ومستقبله.

- حقيقة مثل هؤلاء الأعلام الكبار الذين خدموا العلم والثقافة والمعرفة وكانوا موسوعيين، وأمثالهم كثير في ثقافات متعددة ولكن أكثر هؤلاء لمست وجودهم بالثقافة العربية الإسلامية، سماحة الإمام لكن هذه الكتب تجعل القراء عاجزين نسبياً عن تناولها وعن الإحاطة بمثل هؤلاء الأعلام، المهتمين لا يستطيعون العودة إلى هذا الرقم من الكتب الكبير، ولذلك أنا أتصور انه من المفيد جمع أمهات مؤلفاتهم، وتقديم تلخيص وافي بالكتب التي نستطيع القول أنها تم تضمينها في نشر مؤلفات أمهات لهم، بحيث تخرج كتاب واسع يتضمن هذا، وهذا لا يغني عند بعض هؤلاء الأعلام عن نشر أعمالهم بشكل موسوعي وبأجزاء متتامة حتى لا يتسقطها الشخص من مكتبة إلى مكتبة من عصر إلى عصر من ناشر إلى ناشر ، ومن ثم قد يتطلع على شيء وقد يفوته أشياء أكثر أهمية ثم لا بد أن ينشر في المؤلفات يتضمن كل هذه المؤلفات والتعريف بها مهم وسواء كان المرحروم محمد الحسيني الشيرازي أو من سواه من هؤلاء فإن الاهتمام بتأليف كتب عنهم تضع خلاصات موضوعية عن النهج عن الخلاصات الفكرية عن تأثيرهم في عصرهم عن تأثرهم بأعلام في عصرهم أو في ثقافات أخرى أو في عصور أخرى كل هذا يساعد كثيراً ليتواصلوا مع الناس أما قضية التواصل مع الناس وقضية القراءة وهي مشكلة قائمة الآن في هذا الوقت أكثر من أي وقت آخر.

س2: اسمح لي الدكتور الأستاذ علي برأي سماحته بأهمية الكتاب قول له أن الكتاب يجب أن يكون في العالم الإسلامي والعربي ارخص من الرغيف وأكد في أكثر من مناسبة قد يكون أهم من رغيف الخبز بين قوسين ك1يف يمكن أن تقرأ هذه المقولة أو هذه الفكرة وإلى حد في هناك محاولة جادة من المؤسسات من الهيئات التي تعنى بالكتاب ونشر الكتاب ودعم المعرفة.

- نحن نقرأ وأول كلمة نزلت بالقرآن اقرأ باسم ربك الذي خلق، و اقرأ يجب أن ترافقنا كأمر لطلب العلم والمعرفة ونشر العلم والمعرفة والتقصي في هذه المجالات، وكما قال المسيح ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان الروح غذاؤها المعرفة والمعرفة وعائها الكتاب بالدرجة الأولى، ومن ثم فإن وجود الكتاب من جهة وتمكن الإنسان المتلهف على الكتاب من اقتناء الكتاب شرطان أساسيان لتوافر المعرفة من جهة وتوافر إمكانية التواصل مع الأداء المعرفي بالنسبة للناس، لكن نحن نواجه مشكلة أخرى لا تتوقف عند نشر الكتاب أو كون هذا الكتاب بسعر معقول عند الآخرين، وإنما عند مشكلة عزوف عن القراءة في بعض الأوساط، وجود أمية واسعة تحول دون القراءة، عدم تقديم الكتاب للمهتمين به بشكل يغريهم عن المتابعة ويتعلقون بالمعرفة عدم وجود صلة حميمية بين المكتبة العامة وبين القارئ، وجود تلفاز ووجود جهات أخرى تسرق وقت الناس ولا تجعلهم يستغرقون مع الكتاب، لابد من إيجاد هذه الوسائل وصلة المتلقي بالمؤلف.

س3:عالج سماحة الإمام المرحوم قضية الكتاب بنتائجها وأهمية المعرفة عبر الدراسة الحرة، ولسماحة الإمام دعوة لكل الأمم العربية إلى متى سننتظر أن تهدى الشعوب والأمم مكتبات عامة، من حكوماتها وأيضا لسماحته لدرجة أن يرى التفاصيل الصغيرة بأهمية الحكمة والقراءة والوعي كان يصر على أن في كل شارع وحانوت ومسجد ووسيلة نقل أن يشار إلى أهمية الحكمة والمعرفة والوعي نرى بالواقع هناك عدم التفات لأهمية نشر الوعي تحديداً الوعي الإسلامي.

- هذه رؤية ممتازة وتوجه ممتاز لسماحة السيد محمد الحسيني الشيرازي ولكن الحث على أن يكون الكتاب مدعوماً وبسعر رغيف الخبز هذا مطلب رئيسي يجب أن تقوم به الدول وأن تدعم الثقافة دعماً حقيقياً ولكن بالمقابل لابد مع وجود الكتاب من وجود التلهف عليه وحسن تلقيه والتأمل بالتعامل معه فهذان الأمران متلازمان النقطة الأخرى إعطاء الأهمية للمعرفة والكتاب ولمكانة المكتبة منه شيء لافت للنظر أن يتم التهادي في هذا الإطار الكتاب والكتاب خير جليس والعناية بالمكتبات هذه القضية تدل على فكر نير وعلى مسؤولية حقيقية حيال الناس وحيال المعرفة لأنك بنشر الكتاب ورفع الكتاب لمرتبة الهدية الكبيرة وتكريم هذا النوع من الأداء المعرفي هو عملياً ارتفاع بالثقافة إلى مكانة سامية تحفظ الناس إلى التطلع إليها والتطلع بها والسعي بالتواصل معها بوصفها حاجة سامية حاجة عليا للبشرية.

 س4: سماحته من المعروف عنه بالأوساط العلمية والأكاديمية التأكيد على أهمية قضية اللاعنف في العلاقات الدولية والاجتماعية والعلاقات التربوية، والآن نحن ضحايا مرتين مرة لعلاقاتنا مع ذاتنا ورؤى الآخر لنا ومرة أخرى بقضية العنف القائم كيف ترى أهمية هذه المقولة لسماحته وإلى أي حد ممكن تفيد في بناء مجتمعات متقدمة؟

- هذا شيء جيد وتوجه ممتاز ولكنه لن يقينا على الإطلاق شر الأشرار والقرآن الكريم جاء فيه قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط خيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) هذا الرباط أو هذا التوجه نحو امتلاك القوة يجعل المعتدي ومن تسول نفسه الشر أن يحسب حسابه ويسأل نفسه ألف مرة قبل أن يمارس العدوان وهذا هو المعنى الحقيقي لترهبون به عدو الله، أي تردعونه عن القيام بالعدوان من خلال حساب النتائج وتقدير التكاليف والوصول إلى محاكمة منطقية يعرضها على نفسه قبل أن تأخذه ثورة الغضب والانفعال ويلجأ إلى العنف دون حساب، ولكن إذا اعتدا عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، نحن مشكلتنا الآن أن كل أقوالنا السمحاء ورسالة الإسلامية الكبيرة لا تدعمها قوة تحمي هذا الفكر وتجعله مسموعاً ملتفاً إليه بالقدر الكافي وانظر إلى الآخرين رسالة المسيح بالنسبة لهم إذا ضربك أحدهم على خدك الأيمن فأدر له الأيسر وهم يضربون النار صبحا ومساء دون أن يعتدي عليهم أحدشأأشر ويعتدون على الآخرين ويعتقدون انهم أهل الحضارة وأن الآخرين كفار ويعبدون الأصنام ويتهجمون على الإسلام الذي يدعو إلى الحسنى وإلى التعامل مع الناس بالخير، وإلى القول الذي لا يمكن أن ننساه (ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)، فكر سماحة الإمام المرحوم السيد محمد الحسيني الشيرازي في هذا المجال يصب في هذا التوجه الإنساني الكبير في الإسلام، لكن لابد أن لا نغفل أن الذين تربوا على الشر أو الذين عاشوا في الشر والذين منبتهم سيئ بالنسبة للآخرين وتسول لهم نفوسهم العدوان لابد أن نمتلك قوة لنردعهم ولا نستسلم لمجرد أننا لا نريد العنف تذهب حقوقنا ويتم الاعتداء على ديننا ويتم الاعتداء على مقومات وجودنا أو على قيمنا وها انتم ترون هناك انتهاك على حقوقنا في فلسطين في كثير من الحالات عدوان مباشر على بلداننا تهديد مباشر لبلداننا، محاصرة حتى لا نملك العلم إيران الآن تحاصر كل القوى حتى لا تملك تقنيات نووية متقدمة تستخدمها للأغراض السلمية، يعني لو كنا نملك القوة من الذي يجعلنا نحسب حسابات للمعتدين نحن لا نريد الحرب لا أحد يريد العنف والقتال ولا أحد يريد الدموية، ولكن إذا اعتدى أحد علينا يجب أن نكون مجهزين لهذا.

  س5: دكتور علي، تميز سماحة المرحوم محمد الحسيني الشيرازي بجذرية موقفه من القضية الفلسطيني فكان يؤكد لا لأي حالة تسووية مع هذا الكيان المغتصب؟ وأكد في اكثر من مناسبة أن المفاوضات مع هذا العدو ستفشل وغير ذات فائدة، والآن يشهد الواقع العربي للأسف البعض يسعى لحل هذه القضية على حساب آلام وحقوق الشعب الفلسطيني.

- أنا معه 100% فيما ذهب إليه وأنا أقول هذا الصراع صراع وجود ليس نزاع، وأن هناك مشروع صهيوني عنصري استعماري استيطاني في المنطقة هو مضاد لأي مشروع نهضوي لأبناء المنطقة، وهو مشروع لا يتوقف عند حدود فلسطين بل يبدأ منها، وهو مشروع لا يستهدف العرب فقط وإنما يستهدف المسلمين من خلال استهداف القدس واستهداف الإسلام، ولذلك هذا الكيان لا يمكن التعايش معه على الإطلاق ولابد من تحرير الأرض تحريراً كاملا معه، وأنا احيي بهذه المناسبة الإمام الخميني الذي قال أن هذه غدة سرطانية يجب أن تستأصل لكي يسلم الجسم، ولذلك أنا ضد هذه المفاوضات ضد الاعتراف بالعدو ضد تطوير العلاقات معه بأي شكل من الأشكال، ومع أن نملك قوة لكي نحرر قبل أن نقول لا نريد يجب أن تكون لكلمتنا معنى وثقل على الأرض، وهذا لا يتم إلا بالتعاون والتنسيق والتوجه نحو العلم والمعرفة وتوجه نحو الإيمان وتجسيد الإيمان والعلم في عمل وسلوك، في منتجات عسكرية ومدنية متقدمة تحمينا وفي سلوك قائم على الإيمان يجعلنا نتمكن من التضحية في سبيل تحرير الأرض وردع العدوان.

  س6: دكتور علي، سماحته يؤكد كثيراً على أهمية أن حتى تملك القوة يفترض أن يكون من أهم مستلزماتها موضوع الحوار مع الآخر الاعتراف بالآخر من الواقع الإسلام الآن المنطقة تشهد حالة انقسامات وحالة تشرذمات، ولسماحته دعوة للدولة الإسلامية الواحدة تنطوي فيه كل الطاقات الإسلامية لرد هذا المشروع الصهيوني، فإلى أي حد في تقديراتك المنطقة العربية الإسلامية تتجه بهذا الاتجاه.

- الحوار مطلوب وضروري ويجب أن يستمر ونحن أمة قامت على الحوار والمنطق حاورهم دائما هذا مبدأ حيوي مستمر ويجب أن يستمر، لكن الواقع الآن يشير إلى نوع من فرض رأي ورؤية على الضعفاء أو على المستضعفين أو على الدول الصغيرة من قبل كتل كبيرة، الولايات المتحدة الآن تتدخل في شؤون الآخرين لتغير مناهج التربية والتعليم والثقافة لتغير الجغرافيا السياسية لتملي عليهم آراء، هل هذا يدخل في منطق الحوار أم أنه يدخل في منطق العدوان، نحن بالنسبة لنا نميل إلى الحوار وقام بجهد الرئيس خاتمي في إيران رئيس المؤتمر الإسلامي تم إدراج سنوات حوار في إطار الأمم المتحدة وبقرار منها، ولكن في ظل سنوات الحوار هذه كيف تحاور العالم إلى أي نقطة وصل كان هناك ندوات مؤتمرات للحوار لقاءات ولكن كان فيه احتلال للعراق كان فيه عدوان بأشكال مختلفة، إذا المنطق والتوجه السليم واحترام حقوق الإنسان عمليا هذا محور في التوجه يجب أن يدعمه حقيقة امتلاك قوة، أما بالنسبة للرؤية للعالم الإسلامي نحن نجد هذا غير موجود هناك على الأقل في الوطن العربي عدة محاور متصادمة، بالرغم انهم يجتمعون في قمة لكن هناك ولاء للأمريكي هناك تعاون واتفاقيات مع العدو الصهيوني، هناك من يقاوم العدو الصهيوني أو يتعرض لعدوان وتهديد من العدو الصهيوني، وهناك تحالفات مع الولايات المتحدة التي تعتدي على عرب ومسلمين وتهدد عرب ومسلمين، إذا نحن عملياً في حالة تمزق وشرذمة عميقة جداً وأنا أدعو إلى أن يكون هناك جهة فاعلة مؤثرة في إطار المؤتمر الإسلامي في هذه المناسبة دعوة مهاتير محمد يجب أن تحترم وأن يشاد بها وبشجاعة هذا الرجل وبنفاذ رأيه، وما تحمله من جراء قول يجب أن يكون هناك جهة تعمل على لم شمل المسلمين على الحوار بينهم على إيجاد على الأقل أهداف مشتركة اتحاد فاعل إذا لم نقل دولة واحدة على الأقل كتلة من الدول فيها 57 دولة تستطيع أن تحقق كتلة اقتصادية سياسية ثقافية مالية معرفية حضارية كبيرة جداً، ومن ثم تؤثر تأثيرا كبيرا بالآخرين أو تردع الآخرين، هذا الأمر يجب أن يكون ضمن برامجنا العملية وضمن أداء متفق عليه مبرمج داخل القمة ومؤتمر الدول الإسلامية وداخل ثنائيات بين دول عربية وإسلامية والإسلامية بين بعضها حتى يكون هناك برامج ثنائية تقرب وبرنامج عام يقرب الأهداف ويجعلنا نشترك بالدفاع عن ديننا وعن حضارتنا إذا لم نقل عن مصالحنا، على الأقل ضد هذا العنف المستهدف.

  س7: سماحة الإمام المرحوم الحسيني الشيرازي، حاول أن يدفع باتجاه تبني المصطلحات ما يناسبها مسألة الشورى وأهميتها وظروفها وليس فقط بالدعوة لها وتعميقها وممارساتها، إلى أي حد ما يعادلها الديمقراطية بالعالم الإسلامي رغم أن هناك كثير من الحديث حول وأهمية الديمقراطية وسلبية غيابها.

- بالنسبة للديمقراطية هي ديمقراطيات، وألوان وأشكال مختلفة من التطبيقات، ومنها ديمقراطية شركة ريرون التي أدت ببوش إلى الحكم وهي أفسد شركة في الولايات المتحدة الأمريكية، نحن بحاجة إلى نأخذ هذا المصطلح بمفهومه العربي الإسلامي القديم، هو بالنتيجة الحرية والمساواة والحرية والمساواة ركنان رئيسان في ثقافتنا وحضارتنا وعقيدتنا، (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)، الناس متساوون كأسنان المشط الإنسان يمارس حريته بما لا يجعل حرية الآخرين منقوصة، لذلك بالنتيجة أنا مع ما يسمونه الديموقراطية، بمعنى تداول السلطة وجود سلطات مختلفة وكانت هذه قديماً كانت الإمامة وكان السلطان وكل منهما مختلف عن الآخر ولكن يحتكم بالنتيجة إلى المرجعيات الأساسية وإلى الأحكام الأصلية، ولكن هذه الديموقراطية التي هي في دورها العصري هي تخمين إلى وجود مجلس منتخب من الشعب مباشرة، ومجلس شورى من أهل الحل والعقد والربط والحكمة والرؤية، وكل من هذين المجلسين له صلاحيات ولا يمكن أن يتم تشريع أو تقنين إلا بموافقتهما، فكثيراً ما يأتي ضمن عملية الانتخابات التي نعهدها أشخاص ضمن وسائل غير سليمة، وأحيانا تتدخل الدولة وتكون أحزاب وتكون غايات أو تكون أموال أو يكون جهل، أحياناً يجمعون هويات بالعشرات لأشخاص لا يعرفون لماذا يصوتون ولمن يصوتون، هؤلاء قد ينتجون حالة تمثل انقطاع الرأي العام للشعب، ولكن أهل الشورى ومجلس الشورى الأعلى يشخص المصلحة ويحدد ما فيه خير الناس، إذا نحن نرى تمثيلاً عاما للناس وتوجهاتهم من جهة وتقديراً للمصلحة العليا لهم في ضوء الانتماء والمصالح وكل هذا، ويجب أن يتكامل هؤلاء فنحن نأخذ بالشورى بمبدأ القادرين على الحل والعقد، وأيضا بمبدأ تمثيل الناس بحرية كاملة يمارسها الناس لكي يتكامل هناك جهازان يشكلان مرجعية متكاملة، وأنا مع هذا في إطار هذا التوجه وهذا الفهم والأداء.

  س8: سماحته أجرى مقارنة بمسألة الشورى الإسلامية وفيما وجد في الغرب يقول سماحته المرحوم محمد الحسيني الشيرازي الغرب أعطى للإنسان نصف رغيف ونصف الحرية.كيف يمكن تقييم الواقع الراهن.

- عندما بدأت الديمقراطية كانت محصورة في المالكين ويستبعد منها العبيد والنساء والجنود، وهي فقط حصراً على فئة من الناس وليست لكل الناس، عندما استعاد الأوروبيون موضوع الديمقراطية من أثنا في عصر النهضة حصروها في البرجوازيين الذين يملكون، واستبعدوا كل الشرائح التي لا تملك من يملك يمارس الديمقراطية وعندما ارتفع مستوى الأداء الديمقراطي في هذا العصر أصبح التكتلات المالية الكبيرة والشركات الكبيرة هي التي تقف وراء هذا النائب أو ذاك هذا الرئيس أو ذاك، وهم يجمعون تبرعات وهي عبارة عن تبرعات مشروطة بالنتيجة لأن لم يقدم لك أحد ملايين دون أن تقدم له خدمة وهي عملية مقايضة بيع وشراء بأشكال مختلفة وليست ديمقراطية بالمعنى الخالص النقي السليم الذي لا تشوبه الشوائب.

في هذا الإطار هذه الممارسة جعلت أصحاب رؤوس الأموال وأصحاب النفوذ هم الذين يصنعون الديمقراطية على هواهم من ثم يحرمون الناس من جزء من حريتهم يمارسون حرية في إطار معين تصنعه الشركات الكبيرة ورؤوس الأموال الكبيرة جهات الإعلام الجهات النافذة في المجتمع، ولكن بالتالي يحرمون الناس من حرية حقيقية هي بالنتيجة لن تأتي لأنه هناك فارق بين الحرية الطبيعية والحرية الموضوعية، وبين الحرية الموضوعية المعمول بها وبين تطبيقاتها، ولذلك تبقى قضية الحرية قضية نظرية وتبقى ممارستها مشروطة بوقائع مختلفة ومنقوصة بوقائع مختلفة، والمجتمع الغربي يمارس هذا النوع ونحن ننظر إلى ما جرى بعد الحرب هناك انتقاص من حريات الناس في كثير من المجالات وتضييق عليهم حتى عندما يكونون ممن يحمولون جنسية بلد معين لكنهم ينتمون إلى حضارة أخرى كما هو الآن في الولايات المتحدة الأمريكية تجاه عرب ومسلمين.

  س9: سماحته وبمشروعه النهضوي أكد على مسألة العدل كمرتكز أساسي لحل كثير من المشكلات الإنسانية والاجتماعية، بنفس الوقت لدينا نقطة أخرى تبرز وسائل الإعلام والتقارير مثلاً هناك واقع إسلامي عملياً تؤشر على أن العرب والإسلام إذا استمروا بهذا الوضع فهم إلى مزيد من التدهور في أحوالهم وحياتهم، العدل هذا مفهوم سماحته ويؤكد عليه إلى أي حد ترى أهميته في ذلك؟

- ليس خطأ قول القدماء (العدل أساس الملك) وعندما تكلم الرئيس الأمريكي جورج بوش قبل أيام عن المسؤولية تجاه المنطقة، وأنها هي التي تؤدي إلى الاستقرار وتؤدي إلى السلام، وهذا ينطوي على فكرة مشوهة وناقصة، لأن الحرية والديمقراطية أساس وضرورة، ولكن لن يقوم في منطقة استقرار حقيقي وسلام حقيقي من دون العدل، في منطقتنا هل يمكن أن يستقر سلام واستقرار من أي نوع دون احتلال وعدوان وطرد شعب، من دون أن تتوفر العدالة في حل هذه لمشكلة لن تقوم قائمة في استقرار حقيقي في العلاقات والدول والأحكام من دون العدل، والعدل يرتبط بالنفس البشرية أن تستخدم الحرية كما ينبغي وتستخدم حق المساواة كما ينبغي في الدفاع عن حقوقك، بالوصول إلى العدل عندما ينتقص العدل فما معنى الحرية و الديموقراطية والمساواة بين الآخرين، إذا كان الظلم هو الأساس، لذلك العدل جوهر أساسي في كل هذا والعدل يقوم على أحكام ومعايير وعقائد ودساتير وأحكام، وكل هذا يؤدي إلى أرضية معينة ولكن يجعلها مستقرة عمليا قوة تدعم العدل قوة تحمي العدل، ومن ثم حرية الإنسان في أن يفكر ويرى وأن يعبر هي الوصول إلى حالة عادلة اجتماعياً وإنسانياً وحضارياً وإلا ما معنى أن تكون حر، وأن لا تملك قوة تحمي بها حقك ومصلحتك أو حريتك، ونتيجة العدل جوهري معه ويكتمل به حق الإنسان في أن يكون حر وديمقراطي ومساوي للآخرين وواصل إلى حقوقه بعدل يشمله ويشمل الآخرين، وتذكر الآية الكريمة التي تقول بسم الله الرحمن الرحيم (من قتل نفسا بغير نفس أو فساداً في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)، لماذا؟ لأنه قتل روح العدل والمساواة التفت إلى الشق الثاني (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) وكيف تحيا النفس هو لم يقل المسلم وإنما قال النفس بشكل عام، أي حمل المسلمين مسؤولية البشرية جميعا ولكن تحيا النفس ليس بالخبز وحده وليس بالثقافة وحدها ليس بالمصالح وحماية الحريات الداخلية والحقوق الداخلية، ولكن بحماية البيئة حول الإنسان لأن بيئة فاسدة تقتل الحياة أو ولا تجعل الحياة منتجة، وأيضا بحماية العلاقات بين دول وشعوب وأفراد وأيضا لحماية مقومات الإنتاج في الطبيعة وتكامل الكون، لأن أي خلل يؤثر على الحياة ويقتل النفس، فحياة النفس مرهونة بشروط كبيرة هي شروط متصلة بي كفرد في مجتمع بي كمجتمع عبر مجتمعات، بي كمجتمعات عبر حضارة عبر طبيعة عبركون ولذلك هذه العلاقات متكاملة.

  س10: سماحته اعتبر من أسباب سقوط الدولة العثمانية أنها أدارت ظهرها للمعرفة والوعي كيف يمكن نستطيع أن نواجه هذا الوضع بخلق حالة حضارية عربية تأسس لمستقبل؟

- الحقيقة العناية بالكتاب يجب أن تكون عناية كبيرة ليس يعني من باب اتجاه شكليات حضارية وتقاليد لا، التعامل مع الكتاب ضرورة معرفية حيوية حياتية متقدمة، والكتاب وعاء المعرفة والكتاب لا يمكن تجاوزه ولا يمكن الاستغناء عنه، ولكن لابد من إعادة تعامل عصرية مع الكتاب، الكتاب بوصفه وعاء للمعرفة مرت هذه المعرفة بمراحل عديدة عندما كان الوعاء حجريا، أو طينياً أو على العظم أو على الجلد أو على القصب أو على الورق والآن اصبح الوعاء إلكتروني لكن مضمون الكتاب معنى البحث والمعرفة والتواصل من العلم والمعلوماتية مع الآخرين يجعل الكتاب مصدر التعامل الأساسي ومصدر التثقيل الداخلي وإنضاج الذات حضارياً ومعرفياً، لأن ما يعطى ثقافياً بصورة سمعية بصرية عابرة لا يعوض عن الكتاب ولا يقوم بمقام الكتاب، بالتعامل مع الكتاب والقراءة تعطي شيء وبعد آخر مختلف آخر لأن القارئ يخلق المناخ و يحاكم ويمارس عملية الحوار مع الفكرة والمضمون يعيش حالة الإبداع بخلق داخلي هو يشارك فيه، ومن ثم فإن الكتاب أساساً في الحياة والاهتمام بالكتاب عودة إلى البناء الحضاري الحقيقي والبناء المعرفي الحقيقي للإنسان وللمجتمع والدولة.

  س11: كلمة أخيرة لقراء مجلة النبأ ولمتابعي موقع النبأ الإلكتروني.

- إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ونحن مدعوون بما يشبه فرض العين لا فرض الكفاية، أن نعرف حقيقة من نحن وأين نحن في هذا الظرف وفي هذا الزمن وما هي التحديات المطروحة علينا، كيف نواجهها كيف نتخلص من فساد أنفسنا ومن سيطرة ورم خبيث في عقولنا أو نفوسنا أو ذواتنا، على ذواتنا من جهة وعلى الآخرين من جهة أخرى، كيف نخلص أنفسنا من سيطرة الآخرين، كيف نقيم حالة نثق فيها بأنفسنا ويثق كل منا بالآخر ونقيم جسور التواصل فيما بيننا قبل أن نصبح كتلة ناضجة للحوار مع الآخرين، تعرف ماذا تريد من هي وكيف تصل إلى ما تريد وكيف تتعامل مع الآخر على أرضية من الاحترام والاعتراف بعدم إلغاءه ومن ثم عدم إلغاء الذات في الوقت نفسه.

إننا نحتاج إلى ذلك كله وأنا متفائل لكن القضية مرتبطة بقطع مراحل من الزمن وهذه المراحل الزمنية المؤثرة في هذا العصر.

  س12: وأنا احب أن أذكر بما قاله سماحة الإمام أن الكتاب قد يكون أهم من الخبز.

دكتور علي: إذا كان حيا في نفوسنا وعقولنا ولكن ليس مجرد وجوده في مكتباتنا.

* رئيس اتحاد الكتاب في سوريا، المفكر والأديب والمثقف الملتزم

والتي شهدت أعماله ومؤلفاته بكل جوانب القضايا المعاصرة من أجل إنسانية الإنسان وحقوقه المشروعة.

** مدير العلاقات العامة لمجلة النبأ

 
  الصفحة الرئيسية التاريخ يصنعه العظماء