الاستعداد
للمستقبل
ورد عن الإمام الحسن المجتبى (ع) قوله: (إعمل لدنياك كأنك
تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً)، في هذا الحديث الشريف دعوة
صريحة للإنسان بأن يسمو ويرتفع دائماً، ويؤثر الأهداف الكبيرة على
الأهداف الصغيرة.
وهذا لا يعني إهمال الأهداف الصغيرة، بل القيام بها
والعمل على تحقيقها، لكن على أن لا تكون لها الأولوية.
وإذا تنازع الهدفان - ومورد التنازع ناشئ من محدودية عمر
الإنسان ومحدودية طاقاته وما أشبه - فتُقدّم الأهداف الكبيرة الأهم.
وتتجلى الأهداف الكبيرة في حاجات المستقبل الواسعة، بينما
تظهر الأهداف الصغيرة في حاجات الإنسان المؤقتة؛ والمستقبل هو البرنامج
الذي يضعه الإنسان لتحقيق أهدافه الكبيرة.
من هنا كان لزاماً على الإنسان أن يكون على استعداد تام
لاستقبال الغد والتكيّف معه، وربطه بالحاضر والماضي حتى لا ينقطع
المستقبل عن الماضي والحاضر.
وعالمنا اليوم يشهد حركة قوية وسريعة نحو المستقبل في
كافة أوجه الحياة، وهذه الحركة توجب تغيراً شديداً، فيجب أن نكيّف أنفسنا
مع هذا التغيير حتى نمتلك ناصية المستقبل، خصوصاً أن مضمون المستقبل
مختلف جذرياً عن حاضرنا.
ومواكبة المستقبل تتم عبر الريادات ورصد الاحتمالات
والتخطيط السليم والقرارات الصائبة التي يتخذها روّاد الأمة وعلماؤها في
مختلف الاختصاصات في الهندسة والطب والزراعة والصناعة حتى يأتي البناء
متكاملاً من حيث تكوينه.
طبعاً ليس كل الناس المعنيين بالمستقبل حساسين للغد، لكن
على هؤلاء الذين يتطلعون للمستقبل ويعملون من أجله أن يصبحوا قوة فاعلة
في وسط المجتمع، تحركه دائماً باتجاه المستقبل المشرق. فهؤلاء يصنعون
المستقبل من خلال رؤيتهم الثاقبة لما سيجري في الغد، ومن خلال دفعهم
المتواصل للأمة بهذا الاتجاه.
فهم يُطلعون الأمة على ما سيجري في المستقبل، فتتكيّف
الأمة على نحو تستطيع امتلاك ناصية المستقبل.