|
|
|
الصفحة الرئيسية | الأعداد السابقة | أنت تسأل ونحن نجيب | الأرتباطات | أرشيف الأخبار الثقافية | شارك في الكتابة | اتصلوا بنا | الرجوع الى صفحة المقالات الواردة >> |
|
رحلة الى الأقصى |
|
أهلا سيدي كنت في انتظارك ..منذ زمن بعيد و أنا أنتظر ها هنا.. ما الذي جعلك تتأخر هكذا؟؟ أهي مشاغل الحياة؟؟لنبدأ الرحلة الآن و أود أن أخبرك بأن الرحلة لن تكون مسلية كما قد تتوقعها و لكن هل أنت مستعد لإنهاء الرحلة حتى النهاية؟؟ هل أنت متأكد؟؟ ان ثقتك كبيرة يمكننا الآن المضي يا سيدي لست هنا لأكون مرشدتك و لكن عيناك سترى ما لا يقوى لساني على الإخبار به..
ها قد وصلنا الى المسجد الأقصى انه يظهر من بعيد ان جميع من ساروا معي في
هذه الرحلة طلبوا مشاهدته أولا ..لحظة أتسمع هذا؟؟من خلف أسوار المسجد الحزين
ارتفع أنين و عويل ..أصوات متضاربة مهمهمة بكلمات غير مفهومة..العبارات غير
معروفة..مرادفاتها غير معلومة.. العنوان غير مهم.. كلمات الحزن و الأسى
..القهر و الألم ..مهما اختلفت مرادفاتها فمعناها واحد.. قد تجدها في دمعة
طفلة صغيرة سرقت من بين أيديها لعبتها الوحيدة.. قد تجدها في دموع القهر تنزف
من عين رجل جروه جرا ليهدموا منزله الصغير.. ليهدموا ذكرياته و أحلامه
..طفولته و شبابه.. و يقتلوا معه جذوره..قد كان كالصخرة المرابطة في
منزله..قد كان كالشجرة الضاربة عروقها في أرضه..قد كان و قد كان.. فماذا
بات؟؟ ما عاد للحزن مكان .و ما عاد للكلام من مكان هرب الكلام الى بعيد أخذ كلماته من حلقي و طار .. الذئاب المتوحشة تنبح في كل مكان و الرعب يتملك الجميع أو تقوى يا سيدي على العدو أم أن قدماك ما اعتادت عليه؟؟ عليك أن تعدو فالرصاص لا يعرف المزاح و القنابل لا تعرف الملل ..إنها مسالة نسبية أما أن تعدو أو تموت لا ثالث لهما..لست في فيلم سينمائي يحرج البطل في نهاية الفيلم معافى و إن واجهته آلاف الرصاصات .. إنها حقيقة ستشعر بالألم الحقيقي و مذاق الدم في فمك ان تلقيت رصاصة مطاطية.. ستكون كخيط من النار يقتطع أوردتك و لن تستطع الصراخ يا سيدي لأن صراحك يعني أن يكشفوا أمرك و هذا يعني موتك .. أو رأيت العذاب تتألم فلا تقوى على الصراخ.. ارتفعت أصوات كثيرة من تلك المقبرة العتيقة و تراقصت أرواح الشهداء أمام المسجد الأقصى تحميه من ظلم العداة.. و ارتفع أنين المسجد الحزين و ذراعيه ملفوفة بالشوك تقطر دم لا ينقطع.. هل ترى الدماء سيدي أم أن عيناي أصابهما التعب و الارهاق؟؟ سيدي قد أصابنا الإرهاق فعلا و يمكنك النوم..فلتنم و الأبواب موصدة و بندقيتك تحت وسادتك..أو تعلم كيف تستعمل البندقية؟؟ عندما تستيقظ صباحا ستستمع إلى ترانيم أغانيهم المزعجة تعكر نقاء جوك الذي طالما صدح بأصوات الأذان حينها تعلم بأن الشياطين قادمون.. عندما تجف الأوراق على أغصان الشجر و تتوقف الطيور على أغصانها الميتة حينها تعلم بأن الشياطين قادمون .. حين تتوقف الأنهار عن الجريان و الطيور عن التغريد و الأطفال عن الابتسام حينها تعلم بأن الشياطين قد وصلوا .. قد وصلوا ليزيلوا زهرتك التي زرعتها على شرفتك.. قد وصلوا ليقتلعوا شجرتك التي أنبتها على مشارف حديقتك.. قد وصلوا ليحرقوا ابتسامتك من أطراف شفتك.. قد وصلوا ليحرقوا أسم وطنك من على خريطتك .. قد وصلوا.. وصلوا ليختطفوا سارة و محمد من أحضان أمهاتهم و يحرقوا مسجدا اشتعلت قلوبهم غيظا من صوت أذانه جاؤا كالنار يحرقون الأشجار و الأغصان و الأجساد والأفئدة ..لترتفع أدخنة ذلك الحريق الى السماء و تتكاثف غيوم سوداء فوق الأقصى..سوداء بقدر ما تحمله من غضب و ألم..سوداء بقدر ما تحمله من سخط و أسى فتبكي السماء مطرا غزيرا عله يطهر ما بالأرض من تدنيس .. تبكي محمد الدرة و محمد أبو عاصي .. و العالم يشتري صمته و يبيع أرضه ..ان تاجروا يوما بتربة الأرض يشترون به الدموع ذكرى مميتة و كرامة مدفونة بعد موتها في قبر سحيق ..جثة قد تعفنت فوجد الدود فيها خير مأوى ..فصل جديد من المذلة لرد كرامة جيل مضى ومن أجل كرامة جيل سوف يأتي!! ان كنتم تملكون الأوراق و الأقلام فاحسبوها يا بني يهود قطرة دم واحدة من جسد محمد سنطلبها بألف جندي .. احسبوها إن كنتم تملكون الأوراق و الأقلام يا بني يهود دماء الشهداء طوق من نار في أعناقنا تضيق خناقا علينا كلما ازداد صمتنا.. و ما عاد صمتنا يقوى على المزيد..كل ما في الوجود قد يضجر من نفسه يوما و هاهو ذا صمتنا قد ضجر .. قد امتلأت المدينة القديمة بالشياطين.. فأكفكم ملطخة بدماء شهدائنا الزكية و أكتافكم مرصعة بالنياشين .. سيدي هل استيقظت من نومك؟؟ هل أزعجتك بهلوستي؟؟لا عليك إنني دائمة الهلوسة ..أتريد زيارة المدينة القديمة ؟؟هل يمكنني الحديث عنها قبل أن نصل إليها؟؟
كان تراب المدينة عند مواضع السجود يعبق عطرا حتى جاءت ليلة الظلم عنوانها
و العذاب حاضرها و الموت مستقبلها.. أتت ليلة حالكة , السواد يستمد منها
سوادا..و الألم يستمد منها عذابا.. و تعلمت لأول مرة الطيور كيف أن تصمت .. و
الابتسامات كيف أن تبكي.. و الأطفال كيف أن يموتوا قبل أن يولدوا ..و بدأ
السواد يحيط بكل مكان و امتلأ هواء المدينة بزفير مسموم تحتنق معه الصدور..و
تعلم الطفل كيف يحمل حجرا. و الخباز كيف يحفر قبرا.. و تحولت المدارس الى
ثكنات عسكرية و الحدائق الى مقابر جماعية و الموت هو الموت في كل مكان..يتربص
الجميع و ابتسامته تتردد في كل مكان ..رائحته تفوح في كل مكان حتى في مساجد
الصلاة .. أتريد يا سيدي أن تدنو أكثر من مسرح الجريمة أم إن رائحة الموت في كل مكان قد أرعبتك .. لا تحشى شيء فقط و أقترب .. لا تحشى شيئا فلا يوجد من حولنا سوى الجثث لا يوجد حي.. لم أكن أعلم يا سيدي بان هذا هو سبب خوفك..انظر الى الكتابات على الجدران تشرح درجات التدرج في القتل..الحريق الدخان ثم الموت..مالك يا سيدي أ أصابك الصداع أم الإعياء ..نعم قد يكون هذا بقايا رأس أحدهم تناثرت أشلائه في كل مكان .. أو قد يكون جزء من أطراف جسده قد تقطع فما عدت أعلم أهي كف أم قدم .. انها معادلة صعبة حين تشعر بالألم يحيط بجسدك و هو مضرج بالدماء فلا تعود تعلم أكفك الذي قطع أم قدمك .. أتجب إنهاء الزيارة ها هنا أم انك ما عدت تحتمل الرؤية أكثر من هذا ؟؟ إن كنت تود المتابعة فعليك ان تسير على أطراف أصابعك فقد نمر على مجموعة من الشياطين من أين جاءت؟؟ ومن أين تأتي إلا من سقر .. هناك من بعيد مسرح الجريمة التي استشهد فيها محمد الدرة و من فوق رأسه رأينا على الحائط عبارة كتب عليها( ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ) أتعلم يا صاحبي أنا لم أري تلك العبارة من قبل على هذا الجدار و يحيل لي إنها كتبت بدمائه الطاهرة.. أما زالت قدماك تقويان على مواصلة تلك الرحلة أم انك تود العودة؟؟ ألا تريد أن ترى أجزاء من المساجد المحروقة و المقابر التي أزيلت ليبنى فوق أجساد الشهداء مكاتب .. أتريد البقاء أم انك اشتقت لمنزلك و مكيفك .. أتراك تقوى على المسير أم انك تود العودة؟؟ هذا ما توقعته انك تود العودة صحيح و لكنك ستعود يوما لتكمل المسير!! حسنا يمكنك الذهاب الآن و لكن اعلم انك رقم مليار الذي جاء هنا ليتفرج ثم يعود لمنزله و الجميع وعدوني بالعودة مرة أخري و أنا أنتظرهم منذ 1948 و لكن أحدهم لم يظهر بعد. |