الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

الحسين الشهيد.. ؟

أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام

منشد مطلق المنشداوي

 في 3 شعبان سنة 4 هجرية وُلد سيدنا الحسين (عليه السلام). قد استبشر رسول الله (صلى الله عليه وأله) بولادته، وانطلق إلى بيت ابنته فاطمة ليبارك لها الوليد. أذّن جدّه النبي (صلى الله عليه وآله) في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى، وسمّاه " حسيناً. "  وفي اليوم السابع لولادته عقَّ عنه أبوه علي (عليه السلام)، ووزّع لحم عقيقته على الفقراء والمساكين.كان سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله) يحب حفيده الحسين (عليه السلام). إن واقعة كربلاء المأساوية المحفورة في ضمير كل مسلم مؤمن تستمد أهميتها من أمرين أساسيين. يتمثل الأمر الأول في ذلك الإيمان القوي بالله سبحانه وتعالى، ذلك الإيمان الذي كان الحافز والأساس للإمام الحسين في معركة كربلاء التي استُدرج إليها واستُفرد وغُدر به فيها.

 ويتمثل الأمر الثاني في تلك الوحشية التي تجسّدت في قتل الإمام والتمثيل بجسده الطاهر. والتي كان السعي وراء السلطة واستلابها الحافز الوحيد للذين استباحوا دمه الطاهر.

كانت كربلاء معركة بين أعلى درجات الطهارة والصدق والإيمان بالله، وبين أدنى درجات الجحود والتنكّر للشرعية والانتهاك للمقدسات وفي مقدمتها وحدة المسلمين. مع ذلك، فانه خلافاً لكل معارك التاريخ فإن المنتصر في تلك المعركة خرج منها مهزوماً. والضحية منتصراً.. يكرس انتصاره جيلاً بعد جيل جميع المؤمنين بالله وبرسوله وبرسالته في مشارق الأرض ومغاربها وحتى قيام الساعة. بل ويكرّسه جميع المؤمنين بالعدالة والحق.

إلا أن المهزوم لم يكن وحدة الأمة الإسلامية. ويجب أن لا يكون. كان المهزوم هو الخارج على هذه الوحدة والمتنكر لشرعيتها. من هنا فإن الانتصار للإمام الحسين اليوم، والانتصار له في الغد، يكون بالانتصار لوحدة الأمة و لشرعها ولشرعيتها. ويكون بالترفّع عن الانقسامات والتفسخات المذهبية.

لقد انتصر المظلوم المستفرَد لأنه كان على حق. وانتصاره لم يتكرس في المعركة، ولا في استرجاعه الحكم والخلافة، وإنما تكرّس في ضمائر المؤمنين وأفئدتهم وفي ثقافتهم الدينية. فتحوّل بثورته الإستشهادية إلى قدوة والى مَثلٍ أعلى في الوفاء لما جاء به جده صلى الله عليه وآله، وفي السير على النهج الذي رسمه في الرسالة السماوية التي حملها إلى الناس أجمعين.

ولذلك فإن ذكرى استشهاده تشكل، ويجب أن تشكل، مناسبة لترسيخ الوحدة الإسلامية على قاعدتي الالتزام بهذه الرسالة وبمحبة آل بيت رسول الله عليهم الصلاة والسلام. ولكن لا استفراد بالالتزام، ولا استفراد بالمحبة. ولا استفراد بالوفاء. فالمسلمون جميعاً ملتزمون بالرسالة وبمحبة آل بيت رسول الله وبالوفاء للهدف الأسمى والأنبل الذي استشهد الإمام الحسين من أجله وفي سبيله. ذلك أن الإمام الحسين عليه السلام ما خاض المعركة من اجل فئة من المسلمين، إنما خاضها وضحّى بحياته من اجل الإسلام ديناً وعقيدة ورسالة ونهجاً. وتالياً من اجل المسلمين جميعاً.

 أن إعادة قراءة أسباب ونتائج المحنة الإسلامية الكبرى انطلاقاً من الثوابت الإيمانية الواحدة هي اليوم اشد ضرورة من أي وقت مضى في تاريخ المحن المتلاحقة التي عصفت والتي تعصف بالمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. فالاجتهاد الفقهي ليس انقساماً دينياً ولا عنصرياً. وليس صراعاً سياسياً ولا قبلياً. والذين يعملون على شق صف الأمة لا ينتصرون لفريق على آخر إنما يعملون على تجزئة الأمة إلى فرقاء استضعافاً لها وتنكيلاً بها، وتعطيلاً لدور الإسلام كرسالة محبة وسلام للعالم أجمع.

وهو صراع لا يختلف اثنان حول وحشية الجريمة المُدانة التي ارتُكبت، ولا حول عدالة القضية التي كان الإمام الشهيد يدافع عنها.

إننا نحتاج اليوم إلى الوحدة وليس إلى الخلاف. لنترك الحكم لله: "الله يحكم بينكم يوم القيامة في ما كنتم فيه تختلفون" (الحج ـ 69). ولنكفّ عن محاكمة بعضنا بعضاً. ولنتوقف عن ممارسة دور لا حق لنا به أساساً وهو دور الديّان الذي يحكم على الناس بالكفر أو بالإيمان، فكيف يعقل أن يُتهم بالكفر من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبد الله ورسوله. ولنتصرف كبشر خطائين مستغفرين تائبين لله وحده، ولنعمل بقوله عزّ وجلّ: "ثم إليّ مرجعكم فأحكم بينكم في ما كنتم فيه تختلفون" (آل عمران ـ 55). لنرتفع في توادّنا وتراحمنا إلى مستوى المؤمنين المتكاملين في جسد واحد. لنتوّج شهادة الحسين بالوحدة التي استشهد في سبيلها. فلنعمل معاً من أجل الوحدة والتضامن على قاعدة الاعتصام بحبل الله والإقتداء بسنّة نبيّه وبسيرة سيد الشهداء وإمامهم الإمام الحسين عليه السلام.

 بالأمس حورب الإمام الحسين (ع) وقتل هو وأولاده وأصحابه وأنصاره في كربلاء وقطع رأسه الشريف وداست الخيول على صدره حتى هشمته.. وهو ابن نبي هذه الأمة محمد المصطفى وابن الوصي علي المرتضى وابن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) فبالأمس أحرقت خيام الحسين (ع) وسلبت وسبيت نساءه..

أقول..

مادامت روح سيد الأحرار وأبا الثوار أبا عبد الله الحسين (ع) تتجلى فينا كأمة أخذت على نفسها العهد بالتضحية والفداء لنصرة الحق وقد استقت مبادئها وقيمها ومفاهيمها من معين النهضة الحسينية الخالدة ونرفع أيدينا باتجاه كربلاء ونردد آيات السلام والنصرة للشهيد« لبيك يا حسين » حسيننا الذي كان يقول ذات يوم: « إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما ».

    فيا أيها المسلم السائر على درب الحسين (ع).. إن كنت قد حججت إلى الله عبر الحج الأكبر في عرفة.. أو كنت قد حججت بروحك فقط مع حجاج بيت الله الحرام.. أو وربما لم تحج.. ومع كل هذا أقول: لا بد أنك أعلنت الحج مع الحسين (ع) في عاشوراء بكل جارحة فيك.. فأنت تتوجه إلى مجلسه (ع) لتستمع إلى دروس ومعطيات نهضته العالمية التي تحدثت ومازالت تتحدث عنها كل الديانات السماوية وتترجم معناها ومعنى خلود الانتصار بالدم..

وكذلك حجنا مع الحسين (ع) في أربعينية الإمام يتطلب أن نواصل المسيرة معه بأخذ جمرات الولاء وإتباع خطط الثبات والصمود على خطه المبارك فبحضورنا ونهضتنا لممارسة ولاء العمل لله في سبيل الله لإعلاء كلمة الله رجم ليزيد ولأتباعه فهو الشيطان الأكبر.

فقد حفظ عليه السلام بثورته الإسلام وجعل المنتمين له يعملون لصالحه وفي توسعة رقعة العالم الإسلامي، ولا يستطيع أحد أن يعرف الآثار المترتبة على ثورة إمامنا الحسين عليه السلام إلاّ عندما يقرأ التاريخ ويرقُب حركة الأمويين، فيتعرف على الممارسات البشعة في حق الإسلام كمنهج عملي لهم، غير أنّ الإمام الحسين عليه السلام استطاع أن يغير مسار المنهج الأموي ليصب في صالح الإسلام، وذلك أنّ الأمويين خططوا للقضاء على الإسلام ومحو شرع الله تعالى. واستمر المنهج الأموي لمحاربة الإسلام على يد يزيد، ولعل الأبيات التي تمثّل بها:

المنهج الأموي والقضاء على الإسلام

سعى الإمام الحسين عليه السلام لمقارعة المنهج الأموي، الذي لا يمثل بُرهة زمنية محدودة كقيادة حاكم منحرف ثم موته ليخلفه آخر دون أن يتجذر ذلك الانحراف في العقائد والأفكار والرؤى والمفاهيم، وقد أدرك الأمويون كساسة وقادة أنهم لا يتمكنون من القضاء على الشريعة الإسلامية فأبدلوا التخطيط إلى آخر يصب في صالح المنفعة الذاتية للبيت الأموي وللمقربين منهم، فقاموا بتحريف بعض أحكام الشرع الحنيف ليصب ذلك في صالح الحزب الأموي.

البعد الديني للمنهج الحسيني

 إنّ تغيير الخطة الأموية وتبديل المنهج من القضاء على الإسلام واجتثاث أصول العقيدة إلى المنفعة الذاتية وإنْ أبقى الأمة الإسلامية في التخلف والمحسوبيات، إلا أنه حقق مكاسب كبيرة للإسلام، وفتح الباب أمام المخلصين والغيارى من الأمة ليتحركوا لنصرة الإسلام والإبقاء عليه، فكانت الثورة الحسينية متميزة بقيادتها الحكيمة، فالإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء، وما كان للإسلام أن يبقى لولا ثورة الإمام الحسين عليه السلام.

النتائج الوخيمة لخلافة يزيد

جسّد يزيد بن معاوية الظلم والانحراف بكل صوره، وتجلى ذلك بوضوح في سنوات خلافته، ففي السنة الأولى قتل الإمام الحسين عليه السلام، وفي الثانية حدثت واقعة الحرة في المدينة - العاصمة الدينية المقدسة للمسلمين أُبّان تلك الفترة لما يتواجد فيها من صحابة النبي صلى الله عليه وآله والتابعين وطلائع الأمة - وقام يزيد بإذلال المسلمين وإباحة المدينة لجيشه، الذي اعتدى على النساء والأعراض، ولم يبقِ لأحد حرمة، وأخذ البيعة من أهل المدينة كعبيد أرقاء له شخصياً ومن لم يقبل ذلك يُقتل، وفي السنة الثالثة رمى الكعبة المنجنيق  - المدفعية في ذلك الزمان - وأحرقها وهدمها، وهذا ينم عن منهج مخطط له يراد به استعباد الأمة وتغيير مسارها من مسار توحيدي يخضع للقرآن الكريم وما جاء به المصطفى صلى الله عليه وآله إلى مسار أموي بحت لا يؤمن بوجود شريعة.

آثار الثورة الحسينية

ولما ثأر الإمام الحسين عليه السلام ترتب على ثورته فوائد جليلة أهمها:

الأول: إيقاض الأمة.

فأُول ثمرة تحققت ببركة الثورة الحسينية يقظة ضمير الأمة، فأصبحت تُرجح المبادئ والقيم والآخرة على الدنيا وما فيها، ثم توالت الثورات متعددة ومتأثرة بثورته عليه السلام مما أدى أن يُغير الأمويون منهجهم المحارب للإسلام إلى إبراز أنفسهم كدعاة للإسلام كي لا يُقضى عليهم، وهذا التغيير في المسار أثر من الآثار المباركة لثورة الإمام عليه السلام.

الثاني:تغيير الخطة الأموية.

مرّ علينا في الكلمات التي صدرت ودونها التأريخ عن زعماء الأمويين التشكيك في الشريعة الإسلامية وإذا كان حال خلفاء المسلمين وحكامهم آنذاك عدم الإيمان بالإسلام، فكيف يؤمن عامة الناس بما لا يؤمن به القادة ؟!  غير أنّ هذا المسار تغيّر وسرعان ما أظهر كل حاكم من الأمويين بل وغيرهم أنه يحكم باسم الإسلام، ويسوس الناس من أجل مصلحة المسلمين، وهذا أثر عظيم تحقق بالثورة الحسينية.

الإمام الحسين يستشرف المستقبل

كلمات الإمام الحسين عليه السلام التي كان يطلقها - ‹‹ألا ترون إلى الحق لا يُعمل به، وإلى الباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقاً، إني لا أرى الموت إلاّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ برماً›› - تبين أنه عليه السلام كان يستشرف المستقبل ويرى أنّ بقاء الحكم الأموي على ما هو عليه وتطبيقه لخططه المشؤومة لن تبقي للإسلام أثراً، فما كان منه عليه السلام إلاّ أن يثور ويقاوم الانحراف الذي سيقضي على أسس الإسلام، بحيث لا يبقى منه إلا ما كتبه التأريخ من أنّ هناك شريعة جاءت وآمن بها الناس برهة زمنية محدودة ثم انقلبوا عنها.

إفشال المخطط الأموي

فثورة الإمام الحسين عليه السلام تغيير مسار، يمكن أن نُعبر عنها، فنقول: إنّ الإمام الحسين عليه السلام دفع أكبر الضررين على الإسلام، ففرقٌ بين أن يخطط الأمويون للحصول على منافعهم من ناحية مادية لتوافر الأمور لهم وبين أن يخططوا للقضاء على الإسلام، فالإمام عليه السلام ثار ليغير المسار الأول، وإن بقي الحكام يحصلون على مصالحهم المادية، فلن يضر ذلك الشريعة وبقاء الإسلام، بل أنّ الدين وإنْ مرض على يد الأمويين إلاّ أنه سيشفى لأنّ مفاهيم الشريعة الإسلامية ستبقى راسخة باقية وإنْ لم تأخذ الفاعلية والحيوية في أذهان الأمة الإسلامية إلاّ أنه سيتاح للمسلم الواعي لدوره الرسالي التعرف على الهدف من هذه الشريعة والغاية من خلق الإنسان، وسيصحح مساره، ولن يؤثر ذلك الحكم عليه، وإنْ أثّر على بعض المفاهيم، إلا أنه لن يؤثر على روح الرسالة، بل ستبقى صالحة لكل الأجيال، وما أحدثه الأمويون من ركام ٍزائف سيتلاشى ليصل الإنسان إلى الحقيقة، ويعي الفكر السليم الذي جسده الحسين وأصحابه عليه السلام.

الإمام الحسين يواجه الطغيان الأموي

فثورة الحسين عليه السلام تجسيد لقوله تعالى: " الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا " (الأحزاب:39) فالإمام عليه السلام لم يخشَ الأمويين، الذين لم يبقوا لأحد كرامة ولا ذمة، بقتل واستئصال شأفة المعارضة، وأخذ البيعة من الصحابة والتابعين وشخصيات المجتمع ليكونوا عبيد أرقاء ليزيد، ومن يخالف ذلك مصيره القتل، غير أنّ  ثورة الإمام الحسين عليه السلام قلبت تخطيط الأمويين وجعلتهم يهتمون بمنافعهم ومصالحهم، وهذا ما عليه الحال إلى يوم الناس هذا، فمن يصل إلى الحكم لا يستطيع أن يُعلن معارضته للإسلام، حتى إذا لم يكن مؤمناً به كدين، وأقصى ما يستطيع أن يحققه الحصول على منافعه الشخصية. \

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3 آذار/2008 - 24/صفر/1429

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م

[email protected]