الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

أن تكون حسينيا

نزار حيدر

    الانتماء الى الحسين عليه السلام، ليس لقلقة لسان، كما ان الانتماء الى كربلاء، ليس ادعاء فارغ من المحتوى والمضمون، انه تبني لرسالة وتحمل لمسؤولية وولاء لمنهج.

   اما ان ننتمي الى الحسين بن علي عليه السلام، ويحكمنا طاغوت ك (صدام حسين) فهذا يعني ان هنالك خلل كبيرفي الفهم والوعي والادراك لمعنى الولاء والانتماء، وان هنالك اشكال في الاستيعاب، فكيف يمكن ان يجتمع الخير والشر في آن واحد؟.

   ان في كل نصوص زيارات المعصومين والائمة عليهم السلام، عبارات عميقة المعنى مثل العبارات {عارفا بحقكم} و {مستبصرا بشانك وبالهدى الذي انت عليه} و {المعترف بحقكم} و {مستبصرا بالهدى الذي انت عليه} و {عارفا بضلالة من خالفك} و {اشهد ان من اتبعك على الحق والهدى} و {اشهد انك كلمة التقوى وباب الهدى والعروة الوثقى} و {اشهد الله واشهدكم اني بكم مؤمن ولكم تابع} و {اني سلم لمن سالمكم، وحرب لمن حاربكم} و {جئتك وافدا اليكم، وقلبي مسلم لكم، وانا لكم تابع} و {نصرتي لكم معدة، حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين، فمعكم معكم لا مع عدوكم} ما يعني ان شروط الانتماء الى الحسين (ع) كما يلي:

   1 المعرفة والاستبصار بالحق والهدى الذي عليه الامام.

   2 الاعتراف واليقين بالباطل الذي عليه اعداءه، الى جانب الاعتراف بحق الامام.

   3 الشهادة على ما نخاطب به الامام، وعلى ما نعتقده ونعقده في قلوبنا.

   4 الاتباع الحقيقي والعملي، الى جانب القلبي، لما سار عليه الامام وللنهج الذي خطه في حياته.

   5 تولي الامام وانصاره، والتبري من اعدائه.

   6 اعداد العدة دائما لنصرة الامام ونهجه عندما يتطلب الامر ذلك.

   فكيف نعرف الحسين الشهيد؟ وما الذي يجب ان نعرفه منه؟ وتاليا، كيف يمكن ان نكون حسينيين حقا وليس مجاملة او ثرثرة او ترديد لكلمات لا تعني لنا شيئا؟.

   ان اصل الحب هو المعرفة، كما ان اصل الولاء هو المعرفة، ولذلك يجب اولا ان نعرف الحسين عليه السلام لنواليه ونحبه وننتمي الى نهجه الرسالي الوضاء، بصدق ووعي.

   فمن اجل ان تكون حسينيا، عليك؛

   اولا؛ ان تقرا الحسين بعقلك قبل عواطفك، وبوعيك قبل احاسيسك، فالحسين ليس عبرة فقط (بفتح العين) انه عبرة (بكسر العين) وفكرة.

   ان ما يؤسف له حقا، هو اننا حولنا الحسين الى تراجيديا نبكي عليها فقط، من دون ان نبذل الجهد اللازم من اجل ان نقراه فنستوعبه فنتمثله نهجا للحياة، قبل ان يكون طريقة للاستشهاد.

   اننا ننفق الكثير على الجانب العاطفي لقضية الحسين عليه السلام، ولكننا ننفق اليسير جدا على الجانب الاخر لهذه القصة، ولذلك تحول الحسين الى عاطفة تغلبت على جانب العقل والوعي والمنطق.

   فاذا تساءلنا، مثلا، كم من الاموال الطائلة ننفقها سنويا لحشد مواكب العزاء والتطبير والزنجير؟ وكم من الاموال والجهد نصرفه على بناء الحسينيات وتشييد التماثيل والاعلام والرايات؟ وفي مقابل ذلك، كم من الاموال خصصناها لطباعة الكتب وتاليف المسرحيات وانتاج المسلسلات والافلام العالمية، للتعريف بالحسين واهدافه ومنطلقاته؟ وما هي الميزانية السنوية التي خصصناها للدراسات الجامعية العليا باسم الحسين عليه السلام، وللكراسي التعليمية في الجامعات العالمية الراقية، وللزمالات الدراسية للاذكياء من ابنائنا؟.

   لا شك ان الفارق كبير جدا، وان النسبة غير عادلة ابدا.

   نحن لا نريد ان نلغي الجانب العاطفي من قصة كربلاء، ابدا، فالعاطفة، كما نعرف جميعا، تلعب دورا كبيرا ومؤثرا في احياء المنهج، ولكننا في نفس الوقت، لا نريد ان تطغى العاطفة على العقل، والاحاسيس على الوعي، بل ان العاطفة يجب ان تكون طريقا الى الوعي وليس سببا لالغاء الوعي كما هو الحاصل اليوم بشان قصة الحسين عليه السلام.

   من جانب آخر، فان الحسين عليه السلام لا زال مشروع طائفي او اقليمي محصور في اهتماماتنا، لاننا، وللاسف الشديد، لم نبذل الجهد اللازم من اجل التعريف به وباهداف ثورته عالميا، في الوقت الذي نعرف فيه انه مشروع انساني عالمي وليس مشروعا شيعيا او عربيا او حتى اسلاميا، انه كمشروع رسول الله (ص) لكل البشرية، فهو مدرسة لكل الاحرار ومنهج لكل من يسعى لنيل الحرية ويكافح ضد الاستبداد والتسلط غير المشروع، انه مشروع اصلاح عالمي، ولذلك يجب ان يكون اهتمامنا به عالميا للتعريف به لكل العالم، ولو كنا قد فعلنا ذلك، لما جهلته البشرية، ولما نظرت الى الاسلام كما تنظر اليه اليوم، كونه دين القتل والعنف والكراهية، ولعرفت ان الحسين عليه السلام، مشروع مودة ولين ومحبة وسلام، حمله من كربلاء، وانطلق به الى كل البشرية.

   من هذا المنطلق، ارى ان من اللازم، اذا اردنا ان نكون حسينيين حقا، ان نقرا الحسين وكربلاء وعاشوراء بعقولنا، لنستوعب المنهج ونهضم الاهداف في حركتنا الاجتماعية.

   ثانيا؛ ومن اجل ان ننجح في استيعاب الحسين بعقولنا، يلزم ان يكون المنطلق ربانيا،  والى هذا المعنى اشار الامام عليه السلام بقوله {فمن قبلني بقبول الحق} اي ان من يريد ان يستوعب حركة الامام الحسين عليه السلام، عليه ان يقبل بحركة الخالق في عباده، لان حركة الحسين هي جزء من الحركة العامة التي خلقها الله تعالى وارادها لعباده.

   مشكلة البعض منا، انه يفصل بين حركتين، الاولى هي حركة الخالق جل وعلا، والثانية هي حركة الحسين عليه السلام، وكانهما حركتان متوازيتان، او متقاطعتان، ولذلك لم يستطع ابدا ان يفهم حركة الحسين عليه السلام.

   اذا اردنا ان نكون حسينيين، علينا ان نقرا حركة الحسين في كربلاء، بعقول ربانية، لنعي اهدافها ومنطلقاتها ونستوعب نتائجها بشكل سليم.

   ثالثا؛ ان ندرس منطلقات واهداف ونتائج الثورة الحسينية، كحزمة واحدة، من جانب، وبعقل منفتح لا تسيطر عليه العاطفة او المصالح الانانية، او البعد الطائفي، من جانب آخر.

   اما اننا نريد ان نكون حسينيين في العزاء، يزيديين في الالتزام  بالفرائض، او ان نكون حسينيين في البكاء وامويين في الالتزام باخلاقيات الاسلام، فهذا تناقض يرفضه الدين والعقل والحسين عليه السلام.

   ان السبط حزمة واحدة، فهو الدين كله، فاما ان نكون حسينيين حقا فنلتزم بكل الدين وقيمه واخلاقياته، او نخادع انفسنا عندما ندعي الانتماء للحسين ونحن لا نلتزم بما امرنا الله تعالى به، فهذا هو النفاق بعينه والتناقض بذاته، فالحسين ليس تجارة وهو ليس سلعة، انه الدين الذي جاء به جده رسول الله (ص).

   هذا يتطلب ان نلتزم بالدين كمنهج وليس ك (تجارة) او اداة دنيوية لتحقيق مصلحة آنية، كما يفعل الكثيرون ممن اشار اليهم الامام الحسين عليه السلام بقوله {الناس عبيد الدنيا والدين لعق على السنتهم}.

   ولم يقصد الامام بقوله {الناس} عامة الناس فحسب، ابدا، وانما قصد كل الشرائح الاجتماعية التي من الممكن ان يكون فيها من ينطبق عليه قول الامام.

   فكم من العلماء والفقهاء تحول الدين عندهم الى اداة ارتزاق، ومصدر عيش، فتراهم على اتم الاستعداد، وفي كل آن، لبيع دينهم والتنازل عما يدعون اليه من قيم، بسعر بخس، كأن يكون حفنة من المال او منصب ما او جاه معين؟.

   وكم من القادة والسياسيين الذين تحول الدين عندهم الى سلعة تباع وتشترى، والى اداة يتاجر بها، للوصول الى السلطة، فاذا ما حقق غايته الدنيوية، خاطب كتاب الله العزيز ، بما خاطب به الوليد بن عبد الملك القرآن الكريم عندما اخبر بان الخلافة وصلت اليه، بقوله (هذا فراق بيني وبينك}.

   انه يقرا القران الكريم تظاهرا، ويصلي في المسجد رياءا، ويصوم ويحج تكلفا، مثله في ذلك، مثل من كان يصلي في المسجد بكل خشوع وتذلل الى الله تعالى، وبذلك الصوت الجهوري الذي يحبه الله ورسوله والمؤمنون.

   في الاثناء دخل عليه شخصان يريدان الصلاة في المسجد، فسمعهما يتباهيان بخشوعه وقراءته الدقيقة للايات وتذلله بين يدي الله عز وجل.

   قطع صاحبنا صلاته، والتفت اليهما قائلا {يا جماعة، انا صائم كذلك}.

   رابعا؛ نحن نقرا في دعاء قنوت صلاة العيدين ما يلي:

   {اللهم ادخلني في كل خير ادخلت فيه محمدا وآل محمد، واخرجني من كل سوء اخرجت منه محمدا وآل محمد} فكيف السبيل الى ذلك؟ وكيف يمكن تحقيق هذه الامنية العظيمة؟.

   في البدء، يجب ان نعرف بان مثل هذا الهدف لا يتحقق بالدعاء فقط، ولا بالتمني فحسب، وانما بالعمل والاجتهاد وبذل الجهد لتحقيقه، خاصة وانه هدف استراتيجي كبير.

   ثم، اذا اردنا تحقيق ذلك، علينا ان نعرف الخير الذي دخل فيه اهل بيت النبوة، لنسير في هداه حتى الوصول اليه، كما ان علينا ان نعرف السوء الذي لم يدخل فيه اهل البيت عليهم السلام، لنتجنبه ونتحاشاه.

   ومن خلال قراءة سيرة اهل البيت عليهم السلام يتضح لنا ان الخير الذي هم فيه، اخلاصهم لله تعالى، وحبهم الخير للناس من دون تمييز، فهم باب رحمة الله الواسعة لكل بني البشر، كما انهم الجادة التي ما سار عليها امرء الا هدي الى الصراط المستقيم.

   من يريد ان يكوم حسينيا، عليه، اذن، ان يحب الخير لكل الناس من دون تمييز على اساس الدين او العرق او العشيرة او الانتماء الجغرافي.

   كذلك، عليه ان يكون بابا للخير لهم، فلا يمنعهم الخير اذا وقف على بابه.

   خامسا؛ لنعرف ماذا فعل الحسين عليه السلام، لنفعل مثله، فنكون حسينيين.

   لقد لخصت الزيارة المعروفة، بزيارة {وارث} الافعال التي انجزها السبط الشهيد، وهي كالتالي:

   الف: اشهد انك قد اقمت الصلاة.

   باء: وآتيت الزكاة.

   جيم: وأمرت بالمعروف.

   دال: ونهيت عن المنكر.

   هاء: وأطعت الله.

   واو: ورسوله.

   من هنا تتضح معالم الرجال الحسينيين.

   فالحسيني، هو من يذوب في ذات الله تعالى ويطيع رسوله، ويلتزم بما امر به، فليس حسينيا من لا يصلي، مهما كثر بكاؤه عليه او زادت تعزيته، وليس حسينيا من لا يطع الله ورسوله، وليس حسينيا من يتفرج على المنكر فلا ينهى عنه، او يعرف المعروف ولا يامر به او يدل عليه.

   ولان الحسين عليه السلام كان ربانيا بكل معنى الكلمة، لذلك قال لمن دعاهم لنصرته {فمن قبلني بقبول الحق، فالله اولى بالحق} اي انه لم يكن يريد النصرة لنفسه، كما انه لم يطلب طاعة الناس لذاته، كما يفعل الطغاة والجبابرة، وانما طلبها لدين الله تعالى ولقيمه السمحاء التي كادت ان تندرس لولا تضحيته السخية.

   الحسينيون، اذن، لهم مواصفاتهم الحقيقية، وما عدا ذلك، يبقى كلاما فارغا واحيانا معسولا، قد يخدع الناس ولكن لن يخدع الله تعالى العالم بسرائر الامور وما تخفي القلوب، اولم يقل رسول الله (ص) {لا يخدع الله عن جنته}؟.

   سادسا، واخيرا؛ فان الحسيني حقا هو الذي لا يوالي من هو عدو للحسين، ولا يعادي من يحب الحسين ابدا، ولذلك نقرا في الزيارة المشار اليها {اني سلم لمن سالمكم، وحرب لمن حاربكم} بمعنى آخر، فان الحسينيين يشكلون بمنهجهم وبطريقتهم وبمجموعهم جبهة واحدة لا تهزها العواصف، ولا يخترقها اليزيديون، مهما كانت اشكالهم ووسائلهم التضليلية.

   الحسينيون، وحدة واحدة منسجمة ومتآلفة ومتعاونة، واذا وجدنا يوما انهم متخاصمون او متفرقون، يضعف بعضهم بعضا، ومتقاتلون على حطام الدنيا، فذلك يعني انهم تركوا الانتماء الى الحسين عليه السلام، وارتموا في حضن الشيطان، وانهم انقلبوا على اعقابهم وارتدوا على منهجهم، ليستبدلوا الولاء للحسين بالطاعة ليزيد واشباهه.

   في مثل هذه اللحظة على وجه التحديد، عليهم ان يعيدوا حساباتهم، فيرجعوا الى صوابهم قبل فوات الاوان، فان من لم يكن حسينيا في المنهج والوعي والانتماء والعمل والمشاعر والممارسة اليومية، فهو يزيدي في كل ذلك، وان لم يعلن هويته على الملأ بصراحة ووضوح.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 13 كانون الثاني/2008 - 4/محرم/1429

 

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة المستقبل للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م

[email protected]