الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

كربلاء ...؟

بقلم: الوردة البيضاء (*)

 وما أدراك ما كربلاء؟؟ وما عسى ليميني أن تخط في معناها؟ وما عسى لفكري أن يملي عليها فيما تكتب؟

إنها كربلاء الحق.. كربلاء الحرية.. كربلاء العزة.. كربلاء الكرامة.. كربلاء التضحيات.. كربلاء البطولات.. كربلاء الإباء.. كربلاء الفداء.. كربلاء العطاء.. كربلاء الإنسانية.. كربلاء الخلود.. كربلاء الصمود.. وأخيراً وليس آخراً، إنها كربلاء المآسي والمحن.. ليست هي الملحمة الوحيدة، وليست هي الملحمة الأولى، كما ليست هي الأخيرة؛ ولكنها الملحمة الخالدة!.

أيّ رزءٍ مهول؟ حل بآل بيت الرسول! فيك يا كربلاء.

 تُرى؛ لماذا كنا ولازلنا نحيي هذه الواقعة على مدى أربعة عشر قرن تقريباً؟ لماذا نحن في كل عام، ومع إطلالة كل سنةٍ هجريه نبكي الحسين (ع) بعيونٍ دامعة، ودموعٍ ساخنة، وقلوبٍ دامية؟ ثم لماذا كلما هل هلال محرم الحرام، نرتدي ثوب السواد ونعلن مراسيم الحداد؟

هل كل ذلك لمجرد أننا ننتمي للمذهب الشيعي؟ أو لأن واقعة الطف هي مجزرةٌ دموية ارتكبت بأهل بيت الرسول بكل وحشية؟ 

هذا هو الجانب السطحي من الفهم الظاهري لتلك الواقعة (المتجددة في خلودها، العميقة في أثرها، السامية في أهدافها، والمدرسة الكبرى في وعيها وثقافتها) .

فكربلاء، هي الشمس المشرقة في سماء الربوبية على أرض البشرية.. هي مدرسة الأخلاق النبوية ، والرسالة المحمدية.. هي اختصارٌ لكل الرسالات السماوية والأديان الإلهية.. هي فيضٌ من بحور التضحيات، وأرضٌ لكل أنواع البطولات..  

  فـ" حسينٌ مني وأنا من حسين " لاتعني فقط أن الحسين هو حفيد الرسول(ص)، والرسول(ص) هو جدّ الحسين(ع)؛ أبداً، ولكنها تعني الامتداد العميق والارتباط الوثيق بين رسالتيهما. فكما أن الرسول(ص) علًمنا ماهو معنى الإيمان بالله، ووضح لنا المقصود برسالة الإسلام؛ فإن الحسين جسد لنا تلك الرسالة بأمثلةٍ حية على أرض كربلاء في يوم عاشوراء، ومن التكامل بين الرسالتين نستطيع أن نفهم كيف لنا أن نكون مسلمين.

  في ذلك اليوم العظيم.. وفي تلك الساعة الحاسمة.. حين وقف الحسين (ع) ونادى بأعلى صوته: " أما من ناصرٍ ينصرنا؟ " لم يكن يريد أن يُسمع صرخته لمن كان حوله في تلك اللحظة فقط؛ ولكنًه أراد أن يُسمعنا جميعاً ذلك النداء الحيّ المتجدد على مر العصور والأزمنة، أراد منًا جميعاً أن ننصر الحسين(ع) بقلوبنا وسلوكنا في كل يوم وفي كل لحظة لكي نستحق المنزلة التي نالها صحب الحسين(ع) بنصرته في ذلك اليوم؛ لقد علًمنا الحسين(ع) كيف يريد الله لنا أن نعيش في هذه الدنيا بروحٍ تحلّق في سماء الآخرة، وبقلبٍ ينبض بحب الله، وبفكرٍ يدور حول الإيمان بالله، وبجوارح تسعى في كل موقف وفي كل حركة لأن تستجيب لرسالة السماء، وبإرادةٍ قوية تضعف أمامها الصخور بصلابتها والجبال بشموخها.

إختصر الحسين (ع) وأهله وصحبه الكرام البررة لنا ذلك كله في يومٍ واحد هو يوم عاشوراء، وفي مكانٍ واحد وهو أرض كربلاء.

إذن، يجب علينا أن لانقتصر في فهمنا للحسين(ع) كإمامٍ للشيعة، وأحد المعصومين الأربعة عشر(عليهم السلام)، وأنه قُتل مظلوماً بطريقةٍ وحشية في العاشر من المحرم. بل إن الحسين أكبر من ذلك بكثير! إنه لكل مسلمٍ يشهد الشهادتين، ويسلك طريقه في هذه الدنيا ليصل إلى الله، ولكل من يرفض الاستسلام للباطل، لكل من لايقبل المساومة في بيع آخرته بدنياه ( فشتانٌ بين القيمتين، وهل يُقاس الحطب بالذهب؟!).

وأكثر من ذلك، إن الحسين هو القدوة لكل إنسانٍ في هذا الكون أياً كانت هويته، ومهما كان دينه وانتماؤه، لكل من يرفض الظلم ويأبى الذل والهزيمة والاستسلام، لكل إنسانٍ يحمل مبدأ الإباء والصمود في وجه الباطل، إنه لكل من يعرف معنى العزة والكرامة. ومن هذا وذاك نستطيع أن نهتف بقلوبنا وعقولنا وجوارحنا: "كل أرضٍ كربلاء، وكل يومٍ عاشوراء"، ومن هنا تستمد عاشوراء عظمتها وخلودها وتجددها..

فلنحاول الغوص أكثر في عاشوراء من سطحها إلى أعمق أعماقها، لنستخرج منها أغلى الجواهر والدرر، ونستلهم منها أحلى الدروس والعبر.

وختاماً ... عذراً سيدي أبا عبد الله عن أي قصورٍ موجود، أو تقصيرٍ غير مقصود. فأنا أقول لنفسي أولاً، ولكل باحثٍ ومفكر ومثقف ومحلل لواقعة كربلاء، ولكل من يستلهم عظمة الحسين (ع) من جانبٍ معين؛ أقول لنا جميعاً: ( إن ادعيت بالحسين معرفةً، فقد حفظت شيئاً وغابت عنك أشياءُ ) لأنه نبعٌ من العطاء لاينضب، وهو نور الله الذي لايُطفأ ولو كره المشركون.

 السلام على الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى أولاد الحسين، ونسأل الله أن يوفقنا في الدنيا لولايتهم ونصرتهم، وأن يرزقنا في الآخرة شفاعتهم.

(*) كاتبة سعودية

شبكة النبأ المعلوماتية / ملف عاشوراء 1428هـ