عن الثّقة الجليل معاوية بن وهب البجليّ الكوفي قال: دخلت على
الصادق صلوات الله وسلامه عليه وهو في مُصلاّه فجلست حتّى قضى
صلاته فسمعته وهو يُناجي ربّه ويقول: يا من خصّنا بالكرامة ووعدنا
الشفاعة وحملنا الرّسالة وجعلنا ورثة الانبياء وختم بنا الامم
السّالفة وخصّنا بالوصيّة وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقى وجعل
افئدة الناس تهوي الينا اغْفِرْ لي وَلاِِخْواني وَزُوّارِ قَبْرِ
اَبي الْحُسَيْنِ بْنِ عَليّ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِما الذين
انفقوا اموالهم واشخصوا أبدانهم رغبة في برّنا ورجاء لما عندك في
وصلتنا، وسروراً أدخلوه على نبيّك محمّد صلّى الله عليه وآله
واجابة منهم لامرنا وغيظاً أدخلوه على عدوّنا وأرادُوا بذلك رضوانك
فكافهم عنّا بالرّضوان واكلاهم بالليل والنّهار واخلف على اهاليهم
واولادهم الذين خلّفوا بأحسن الخلف وأصحبهم واكفهم شرّ كلّ جبّار
عنيد واعطهم افضل ما املوا منك في غربتهم عن أوطانهم وما آثرونا
على ابنائهم وأهاليهم وقراباتهم اللّهُمَّ انّ اعداءنا عابوا عليهم
خروجهم فلم ينههم ذلك عن النّهوض والشّخوص الينا خلافاً عليهم
فَارْحَمْ تِلْكَ الْوُجُوهَ الَّتي غَيَّرَتْهَا الشَّمْسُ
وَارْحَمْ تِلْكَ الْخُدُودَ الَّتي تُقَلَّبُ عَلى قَبْرِ أبي
عَبْدِاللهِ عَلَيْهِ السَّلامُ وارحم تلك الاعين التي جرت دموعها
رحمة لنا وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك
الصّرخة التي كانت لنا اللهم انّي استودعك تلك الانفس وتلك الابدان
حتى ترويهم من الحوض يوم العطش، فما زال صلوات الله عليه يدعو بهذا
الدّعاء وهو ساجد فلمّا انصرف قلت له: جعلت فداك لو انّ هذا الَّذي
سمعته منك كان لمن لا يعرف الله لظننت انّ النّار لا تطعم منه
شيئاً ابداً والله لقد تمنّيت انّي كنت زرته ولم أحج، فقال لي: ما
أقربك منه فما الَّذي يمنعك من زيارته يا معاوية لا تدع ذلك، قلت:
جعلت فداك فلم أدر انّ الامر يبلغ هذا كلّه، فقال: يا معاوية ومن
يدعو لزوّاره في السّماء اكثر ممّن يدعو لهم في الارض، لا تدعه
لخوف من أحد فمن تركه لخوف رأى من الحسرة ما يتمنّى انّ قبره كان
بيده (أي تمنّى أن يكون قد ظلّ عنده حتّى دفن هُناك) أما تُحبّ أن
يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله وعليّ وفاطمة والائمة
المعصومون (عليهم السلام) امّا تحبّ أن تكون غداً ممّن تصافحه
الملائكة، امّا تحبّ أن تكون غداً فيمن يأتي وليس عليه ذنب فيتبع
به، أما تحب أن تكون ممّن يصافح رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم).
وروى الكليني في الكافي بسنده عن الحسين بن ثُوير قال: كنتُ أنا
ويُونس بن ظبيان والمفضّل بن عمر وأبو سلمة السّراج جلوساً عند أبي
عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام) وكانَ المتكلّم يُونس وكان
اكبرنا سنّاً، فقال له: جعلت فداك انّي أحضر مجالِس هؤلاء القوم
يعني ولد عبّاس فما أقول ؟ قال: اذا حضرتهم وذكرتنا فقُل:
اَللّـهُمَّ اَرِنَا الرَّخاءَ وَالسُّرُورَ، لتبلغ ما تريد من
الثّواب أو الرّجوع عند الرّجعة، فقلت: جعلت فداك انّي كثيراً ما
أذكر الحسين (عليه السلام) فأيّ شيء أقول ؟ قال: تقول وتعيدُ ذلك
ثلاثاً: صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللهِ، فانّ السّلام
يصل اليه من قريب وبعيد. ثمّ قال: انّ أبا عبد الله (عليه السلام)
لمّا مضى بكت عليه السّماوات السّبع والارضُون السّبع وما فيهنّ
وما بينهنّ ومن يتقلّب في الجنّة والنّار من خلق ربّنا وما يُرى
وما لا يُرى بكاءً على أبيعبد الله (عليه السلام) الاّ ثلاثة أشياء
لم تبك عليه، قلت: جُعلت فداك ما هذه الثلاثة الاشياء ؟ قال: لم
تبك عليه البصرة ولا الدّمشق ولا آل عثمان.
وقد دعا النبي الأعظم (ص) على من يستهزئ بالشيعة على إقامة
شعائرهم في حديثه لأمير المؤمنين (عليه السلام) قائلاً: (ولكن
حثالة من الناس يعيّرون زوّار قبوركم كما تُعَيَّر الزانية بزناها،
أولئك شرار أمتي لا أنالهم الله شفاعي ولا يردّون حوضي).
ولكن، ما ضرّ الذين يقيمون شعائر دينهم أن يسخر منهم الجاهلون
ما داموا يعلمون أنهم على حقّ وأن أعداءهم على باطل ولقد شكوا عند
الأمام الصادق (عليه السلام) استهزاء الأعداء هم فقال مهدئاً
روعهم: (والله لحظّهم أخطأوا، وعن ثواب الله زاغوا، وعن جوار محمد
(ص) تباعدوا).
سلام على الحسين
السَّلامُ عَلى ابْنِ خَاتَمِ الأنبِيَاءِ، السَّلامُ عَلَى
ابْنِ سَيِّدِ الأوصِيَاءِ، السَّلامُ عَلَى ابْنِ فَاطِمَةَ
الزَّهْرَاءِ، السَّلامُ عَلَى ابنِ خَدِيجَة الكُبْرَى، السَّلامُ
عَلَى ابْنِ سِدْرَة المُنتَهَى، السَّلامُ عَلى ابْنِ جَنَّة
المَأوَى، السَّلامُ عَلى ابْنِ زَمْزَمَ وَالصَّفَا.السَّلامُ
عَلى المُرَمَّلِ بالدِّمَاءِ، السَّلامُ عَلى المَهْتُوكِ
الخِبَاءِ، السَّلامُ عَلَى خَامِسِ أصْحَابِ أهْلِ الكِسَاءِ،
السَّلامُ عَلى غَريبِ الغُرَبَاءِ، السَّلامُ عَلى شَهِيدِ
الشُّهَدَاءِ، السَّلامُ عَلى قَتيلِ الأدْعِيَاءِ، السَّلامُ عَلى
سَاكِنِ كَرْبَلاءِ، السَّلامُ عَلى مَنْ بَكَتْهُ مَلائِكَةُ
السَّمَاءِ، السَّلامُ عَلَى مَنْ ذُرِّيتُهُ
الأزكِيَاءُ.السَّلامُ عَلى يَعْسُوبِ الدِّيْنِ، السَّلامُ عَلى
مَنَازِلِ البَرَاهِينِ.
اَعْظَمَ اللهُ اُجُورَنا بِمُصابِنا بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهَ
السَّلامُ وَجَعَلْنا وَاِيّاكُمْ مِنَ الطّالِبينَ بِثارِهِ مَعَ
وَلِيِّهِ الاِمامِ الْمَهْدىِّ مِنْ آلِ مُحَمَّد عَلَيْهِمُ
السَّلامُ.
والحمد لله رب العالمين |