الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 

 

ملحمة كربلاء  ثورة أبدية

مازن مرسول محمد

  ربما مرور ردحاً طويلاً من الزمن على واقعة او حدثٍ معينٍ كفيلٍ بنسيان او اندثار هذه الواقعة او الحدث ، الا ان ثورة الإمام الحسين ( ع ) وصحبه تزداد تألقاً وعنفواناً ورسوخاً في مجتمعات أمست بحاجةٍ دوماً وأبدا لمعاني ومبادئ الثورة الحسينية .

  فما الذي جعل مبادئ ألطف الحسينية راسخة القدم وباقية في ضمائر من يحاول الإصلاح والثورة على الطغيان ؟

  لم تكن ثورة الحسين ( ع ) ضيقة الأطر والنظرة ، بل جاءت كمشروعٍ دق أساساته بقوةٍ لكل من يحاول النهوض والانعتاق من العنجهية والظلم الذي كبل البشر وأحالهم الى عبيدٍ فاقدي للمعنى الإنساني الحقيقي .

  لقد باتت قضية كربلاء وثيقة تاريخية يحتاج كل من يضطهد وبحاجة لتنفس الحرية وعدم الرضا بالهوان قراءة هذه الوثيقة الحسينية وما تجلت فيها من معانٍ جمعت بين البطولة والإباء وقوة الشخصية الحرة غير المستعبدة ، لنشر مشروع العدالة الإنسانية المغبونة على الارض .

  اليوم وبعد حقبٍ زمنية طويلة يزداد الالق الثوري الحسيني ويزداد العشق لكربلاء الأبية التي احتضنت الدماء الزكية التي سقت تراب ألطف وجعلت من كربلاء قبلة لدعاة الحرية والاستقلال .

  فكيف تجلت مبادئ الثورة الحسينية ؟

  إن الدليل على توسع الإطار الثوري الحسيني وشموله كل شخصيةٍ وحضارةٍ ومجتمعٍ ينشد التحرر والسلام ، هو تنفسه من قبل غالبية الشعوب المحرومة والسير وفق سياقاته التي جاءت بتصميم مخطط وكأنها أعدت لها العدة مسبقاً .

  من غير مبالغة يمكن القول ان أبطال كربلاء قد صنعوا الثورة وارتسمت بأفكارهم ولم تكن صيحاتهم صيحات ضيقة الأفق ، وإنما جاءت مدوية لتشق سماء الحياة والبشرية بمرور سنواتها الى الأبد .

  ربما يمكن ان تعد الثورة الحسينية احد لوائح العدل الإنساني المطلوبة في الحياة ، ولا ننسى كيف استفادت الكثير من المجتمعات من تجربة وإباء الإمام الحسين ( ع ) وصحبه .

  ان نظرة الى واقعة ألطف ممكن ان تشير بشكلها الطبيعي الى ثلةٍ قد استشهدت في حربٍ معينة ، ولكن التمعن والتفحص والغور في بواطن ما يحمله أبطالها وشخصياتها تمثل صاعقة قد ضربت أركان الظلم والاستكبار، فهذه المجموعة قد استطاعت بقوة عزيمتها ومشروعية قضيتها ان تحيل هذه المعركة من حدثٍ قد تم في فترةٍ معينة الى حدثٍ ابدي يستمد منه كل حدثٍ مشابه عنفواناً وامداداً معنوياً لا حدود له .

  فهل نهنئ عالمنا الإسلامي أم نعزيه بواقعة كربلاء البطلة ؟

  حقيقة نحن نهنئ المسلمين جميعاً وكل من اعتنق وسار على نهج السيرة الحسينية بذكرى عاشوراء الكبيرة ولا نعزيهم ، لان استشهاد الحسين ( ع ) وصحبه قد أصبح نبراساً وسراجاً وهاجاً أنار الطريق لكثير من المجتمعات المغلوبة على أمرها والتي أضاعت طريق الصواب ، فاستشهادهم بات بمثابة شق طريق للمحرومين المضطهدين الرافضين لسحق وكبت الحريات،الا ان ذلك لا يعني عدم تقطع نياط القلب على هذه الواقعة المؤلمة العظيمة بمبادئها والراسخة بأركانها والباقية بتجلياتها ذات البعد الطويل .

  فطوبى لعاشوراء وللملحمة الحسينية الخالدة ، وطوبى لمن تنفسوا عبق هذه الثورة الأبدية ، وإذا كانت هناك من تعزية فهي للذين لم يشقوا طريقهم ويحصنوا أنفسهم ومجتمعاتهم بعطاء ثورة الإمام الحسين ( ع ) وصحبه ، لانهم يكونوا قد أضلوا الطريق الذي أوجده وغرسه أبطال كربلاء في رائعتهم الخالدة .

 

شبكة النبأ المعلوماتية / ملف عاشوراء 1427هـ