الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

المرجعية الدينية

التاريخ يصنعة العظماء

 

 

 

الحرية العظمى مطلب عاشورائي

 

من مقاطع الخطبة الموجهة لجيوش الأعداء من قبل الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) مقطع الحرية وعدم قبول الذل، حيث يقول (عليه السلام):

(إن لم يكن لكم دين فكونوا أحراراً في دنياكم...)

إذ الحرية تتيح للإنسان فرصة التفكير والتعقل والرجوع عن غيه وجهله وعدم ارتكاب الكبائر التي لا تُغفر كالمشاركة في قتل ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيد شباب أهل الجنة، وما يتبعه من الانجرار إلى المعاصي أكثر وأكثر وسبي الأطفال والنساء وأسرهن من بلد إلى بلد وهن من رياحين آل محمد وغيرها من ويلات لحقت بالأمة الإسلامية نتيجة ذلك.

فأساس أي تطور وتقدم في أي ملة كانت هي الحرية حيث المساحة الكافية للتفكير بعقلانية ووعي تجاه ما نصبو إليه من رقي وسمو حضاري وفي مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.

فدرس عاشوراء أن نكون أحراراً، لأن الحسين وأصحابه وأهل بيته كانوا أحراراً، وقضية أن تكون حراً ليست الحرية السياسية فقط، ولكنها الحرية الثقافية في خط الحق ضد الباطل، والحرية التقوائية أمام معاصي الله، أن تكون حراً تملك نفسك ولا تملك نفسك الأمارة بالسوء. فنداء الحسين (عليه السلام) كونوا أحراراً في دنياكم في اتجاه آخرتكم، وهذه هي مسألة أن نربح لا أن نخسر.

وعلى خطى أبيه الإمام السجاد علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) يحثنا على الفوز بالآخرة حيث أدعيته (عليه السلام) ليست مجرد ابتهالات روحانية، ولكنها دروس اجتماعية وسياسية وروحية، تغني الإنسان بالمنهج الروحي في حركته في كل واقعه. يقول الإمام (عليه السلام) في دعائه:

(اللهم أرزقني التحفظ من الخطايا، والاحتراس من الزلل في حال الرضى والغضب، حتى أكون بما يرد عليَّ منهما، (أي حال الرضى والغضب) بمنزلة سواء (فلا يفترق حال غضبي عن حال رضاي، في خط التوازن مع الحق) عاملاً بطاعتك، مؤثراً لرضاك على ما سواهما في الأولياء والأعداء (أجعلني أطلب رضاك، وابتعد عن هوى نفسي، وفي مشاعري السلبية أو الإيجابية تجاه الآخرين) حتى يأمن عدوي من ظلمي وجوري.

وييأس وليي من ميلي وانحطاط هواي) أي أجعلني – يا رب – أتوازن في خط الحق مع الأولياء والأعداء، حتى إذا عاش معي عدوي، فإنه يطمئن إلى أني لا أظلمه من خلال اطمئنانه إلى أن الإيمان يمنعني، وعندما يعيش معي صديقي، فإنه يشعر بأن الصداقة لا تجعلني أبيع ديني لحساب صداقته..

فأول خطوة نحو الحرية هي حرية النفس وعتقها من الأهواء والشهوات والنزوات فلا تكون أسيرة النزعات والعصبيات النفسانية ومع انطلاقة النفس في فضاء الحرية الواسعة يمكن أن تستهدي الفطرة الإلهية الخيرة وتتأقلم معها حيث هي الأقرب والأئنس لها وهي التي تلائم طبيعة النفس النقية وأجوائها الصافية ومن ثم تظهر العجائب منها فلا حدود لإبداعاتها وإنجازاتها ولا أفق يسعها ولا فضاء يحيط بها.

بل تنطلق بقوة لا تحدّها السموات والأرض ولا يخيفها النيران ولا ترضيها الجنان إلا الوصول إلى نور المحبوب وجمال هيبته ولطائف رضاه ورحمته.

شبكة النبأ المعلوماتية / ملف عاشوراء 1426هـ