في الطابع المحافظ المتداول بين الأخوة المسلمين – المؤمنين من
المذاهب السنية والمخصوص بإحياء قلوبهم لذكرى عاشوراء فيها من
المعاني والدلالات إلى أن الحق الإسلامي هو حق واحد ولا يقبل الأرجحة
وأن اجتهد بعض المؤرخين أحياناً ليسموا الأشياء بغير أسمائها ذلك لأن
الحقائق التاريخية لا تقبل الطعن.
وتقديس مبادئ الإمام الحسين (عليه السلام) في معركة الطف التي
انطلقت أساساً من تطبيق الآية القرآنية الشريفة (إن الله اشترى من
المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله
فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً.. ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا
ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم).
إن أيام حادثة عاشوراء التي يحتفى بها من أول شهر محرم ولا تنتهي
إلا بعد عزاء الأربعين تقف معها النفوس الدينية المكسورة الخاطر على
مصاب أبي عبد الله (عليه السلام) وأهل بيته الأبرار (عليهم السلام)
وهي تذرف الدموع المتجددة أبداً وحتى نهاية الساعة والتاريخ الإسلامي
الناصع لشخص الإمام الحسين (عليه السلام) وأخوته وصحبه (عليهم
السلام) يستحقون ذلك لأنهم قد أعطوا المثل الأعلى في التضحية
والمبدئية الاستثنائية ومن المعروف أن لا التزام جبري لإقامة مراسم
العزاء الحسيني سواء الرغبة الجامحة عند جموع الشيعة الأطهار الذين
يحيون مناسبات ما حصل لنبيهم الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)
ومن بعده أتباعه الأئمة المقدسين (عليهم السلام) من أهل بيته.
ولعل مما أصبح مالوفاً لدى الأخوة السنة في العراق أنهم يقدسون
الإمام العباس بن علي (عليه السلام) على وجه الخصوص لدرجة لا تصدق
ولعل الغالبية في جمهور المسلمين الشيعة لا يرضوا أن لا تطلق (كلمة
الإمام) على العباس (عليه السلام) تحت أي تبرير فقهي لذلك يلاحظ أن
القسم به وباسمه الشريف أصبح من الأعراف الاجتماعية في عراق الإخاء
المخلد بين الشيعة والسنة.
كما أن الإمام الحسين (عليه السلام) بموقفه الشجاع قد أسر قلوب
الأحرار وأنار ظلمات كثيرة كانت تجري ببعض العقول اللاعارفة وكانت
مناسبة عاشوراء والاحتفاء بذكراها سبباً لتحولهم إلى الإيمان
بالإسلام السمح ورسالته البيضاء حيث العبرة من كل ما فيه وما هو منه
وما جاء به.
وفداحة مصيبة ما وقع لما تبقى من أهل البيت (عليهم السلام) بعد
انتهاء معركة الطف والموقف الذي أبدته العقيلة المقدسة زينب بنت علي
(عليها السلام) ضد الظالمين المنتصرين ما زال يثير أكثر من الإعجاب
وأكثر من درس فقد كانت شمساً جديدة ظهرت في أفق الإسلام وبيانه
العملي. |