الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

المرجعية الدينية

التاريخ يصنعة العظماء

 

 

 

حدث عاشوراء الجلل.. كيف نكتبه؟

 

اقترن الحدث التاريخي المؤلم الذي فرضت فصول مأساته على الإمام الحسين وأهل بيته النبوي (عليه السلام) بأن المبدئية فيه كانت طاغية والتحدي عنه ضد الظلم الأموي كان فاعلاً.

ولا يخفى أن حدثاً جللاً كواقعة كربلاء حين يفكر المرء.. بالكتابة عنه ينبغي أن يكون حيادياً في تثبيت ما جرى دون أي تحيز سوى التمييز للحقيقة التاريخية التي يعتقدها صحيحة كون المؤرخ المعاصر يستنبط تحليلاته من خلال ما دوّن في المخطوطات والكتب المطبوعة إلا أن ما يتوجب عدم إهماله بهذا الصدد هو الركون السمح لما زالت تتناقله الأجيال عبر تراثها الشفوي الممتد من يوم وقوع الحدث سنة 61 هجرية وحتى اليوم ففي التراث الشفوي الكثير الذي مازالت معلوماته غير مدونة.

ولا بأس من الإشارة أن ما دوّن في الكتابة التقليدية فيها من التوثيقات بما لا يمكن إهمالها أو تجاهلها على الرغم من أن بعضها قد كتب تحت التأثير العاطفي وبصراحة أكثر فإن الأخذ بعين الاعتبار التحولات التاريخية ودور السلطات القديمة التي كانت تقمع قائلي الحقيقة يفضل أخذ ظروفها بعقلية تركز منهجية البحث في القضية الحسينية حتى لا يضاف ظلماً جديداً لمظلمة الإمام الحسين (عليه السلام).

إن المتصفح بصورة عامة للمؤلفات التي طبعت حتى الآن حول الإمام الحسين (عليه السلام) على أهميتها لكنها تكاد تكون في مستوى واحد حتى ليخيل إلى القارئ الحيادي وكأن كل المؤلفين يكتبون عن واقعة كربلاء بمستوى واحد أو يقترب من ذلك. فإذا ما اعتبر أن التاريخ هو علم من علوم الفروع الإنسانية فإن مهمة إنجاز كتابة متكاملة عن معركة كربلاء تستوجب خوضاً لا يخرج عن إطار أن معسكر الإمام الحسين (عليه السلام) كان يمثل الجانب الديني الإسلامي بكل ما فيه من عنفوان وحرص على إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى في الأرض في حين كان معسكر الأموي عبيد بن زياد بن أبيه لا يمثل سوى قشراً إسلامياً يخفي كفره المبطن.

وبذا فالصراع لم يكن يمثل صراعاً على السلطة كما يحلو للبعض من المؤلفين أن يصوّر ذلك إذ أن لمعركة كربلاء أبعد بكثير مما يحاول مثل هذا النموذج الجهول من المؤلفين أن يثبتوه على حساب الحقيقة والتاريخ. وحيثما يبقى الكلام المدوّن أي المكتوب يمثل أحد أهم أركان علم الكلام ذاته الذي ينبغي أن لا يخرج عن الإطار الحقيقي للأحداث.

إن حكم المؤلف يبقى دوماً ذا أهمية تتجلى منه فيما يسطره قلمه وطبيعي فهذه ليست فيها دعوة لأن يُلغى كل ما كتب عن حدث عاشوراء لكن إعادة بنائية ما كُتب حتى الآن يفضل أن يرافقه ما تناقلته سير الأشخاص أيضاً فبذاك سيمكن فرز الخطط والمبادئ والمدعيات التي كان يتقوّل بها معسكر عبيد الله بن زياد أمام المطالب العقلانية التي يتمسك بإشراقاتها الإسلامية معسكر الإمام الحسين (عليه السلام) الذي كان يمثل جوهر الإسلام في أحلك مرحلة تمر به.

شبكة النبأ المعلوماتية / ملف عاشوراء 1426هـ