احيت الحسينيات في الكويت يوم العاشر من محرم، والذي يصادف ذكرى
استشهاد الامام الحسين بن علي عليه السلام وكان يوم الحزن والبكاء
ويوم التضحية والفداء والمواساة والعطاء، يوم فجع فيه سيد الانبياء
وقتل فيه سيد الشهداء سبط الرسول المجتبى وريحانته في الدنيا والاخرة
الامام الحسين عليه افضل الصلاة وازكى السلام، فظلت عيون شيعته
ومحبيه وستظل كحلها الدموع.
وفي هذا اليوم قال الامام على بن موسى الرضا عليه السلام «ان
المحرم شهر كان اهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دماؤنا،
وهتكت فيه حرماتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا، واضرمت النيران في
مضاربنا، وانتهبت ما فيه من ثقلنا، ولم ترع لرسول الله صلى الله عليه
وآله حرمة في امرنا، ان يوم الحسين اقرح جفوننا، واسبل دموعنا، واذل
عزيزنا، بأرض كرب وبلاء، واورثنا الكرب والبلاء الى يوم الانقضاء،
فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فان البكاء عليه يحط الذنوب العظام».
سار المؤمنون على خطى اهل البيت عليهم السلام فجعلوا من يوم
عاشوراء بل من شهر المحرم شهرا للبكاء والحزن، ومحطة عظيمة لاستلهام
وشحذ الشجاعة والبطولة والتضحية من سيرة الحسين (ع) وليحيوا امرهم
عليهم السلام، فسلام عليك يا وارث الانبياء والمرسلين يوم ولدت ويوم
استشــهدت ويــوم تبعث حيا، فنحن ان لم نمــت اســفا علــيك فقـد
اصــبحنا مشتاقين الى الموت.
وبهذه المناسبة توجه عشرات الآلاف من المواطنين الكويتين
والمقيمين منذ الصباح الباكر الى المآتم الحسينية، حيث يركز فيها
عادة الخطباء ورجال الدين على ربط ساحة الذكرى مع ساحة المعركة.
فذكروا ان ساحة ذكرى الحسين منتشرة في كل بلد من بلدان المسلمين،
من خلال عقد المجالس لأبي الاحرار وسيد الشهداء، تسكب فيها الدموع
وفاء، وهو افراز طبيعي لحالة الحزن والفقدان لكل مسلم وهو يرى ذلك
الخد الذي كان يقبله رسول الله صلى الله عليه وآله منذ الصغر قد تعفر
بالرمال وجرت على جسده الطاهر حوافر الخيل.
وتابع الخطباء ما جرى في ساحة المعركة بكل تفاصيلها، بدءا بقتل
اصحاب الحسين ومرورا بقتل اولاده واخوانه وانتهاء بمقتل سيد الشهداء،
والذي قام الخطباء حينها برفع عمائمهم عن الرؤوس، لوقع المصاب وجلله،
حتى ان البعض منهم يصمت عن الكلام لعدم قدرته على مواصلة الحديث.
الخطيب الشيخ د. فاضل المالكي اكد ان اخطر وجود يهدد الطغاة هو
الوجود المرتبط بالوجود الحسيني، حيث اراد الطغاة على مر العصور
اطفاء ذكر الحسين فلم يستطيعوا، لان الكرة الارضية كلها تنادي وتقول
«يا حسين». داعيا الجميع الى ضرورة الوحدة بين المسلمين خصوصا في هذه
الظروف الحساسة، وفي هذا اليوم الذي نحتفل بذكرى الامام الحسين الذي
هو اساس وحدتنا، لانه لا يخص طائفة معينة.
ومن جانبه قال الخطيب الحسيني السيد حسن الكشميري ان الحسين في
هذا اليوم الخالد اعلن عن انتصار الدم على السيف. مؤكدا ان يوم
عاشوراء لا يخص فرقة دون اخرى، ولا امة دون امة، وانما يخص كل موحد
ومن يعرف الحرية، مستشهدا بقول غاندي الذي ذكر تعلمت من الحسين كيف
اكون مظلوما لكي انتصر.
واضاف ان الامام الحسين ضحى بنفسه في سبيل رفعة الاسلام وانقاذ
الانسان من العبودية. مشيرا الى ان هناك روايات وضعت لمحو يوم
عاشوراء وجعله يوم فرح بدلا من الحزن عند المسلمين.
اما الشيخ باقر المقدسي فاوضح ان الحسين عليه السلام كان مصباح
الهدى وسفينة النجاة كما قال جده الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله،
فكما فضل الله سبحانه وتعالى الانبياء والاوصيا عن العالمين، فضل
الامام الحسين عليه السلام لانه ضحى بالغالي والنفيس، وجاهد لحفظ
الاسلام، وحفاظه على استمرار مسيرة جده النبي محمد صلى الله عليه
وآله.
من جهته صرح مدير إدارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي في
وزارة الداخلية المقدم عادل احمد الحشاش بأن خطط وزارة الداخلية
لتوفير الأمن وحماية مرتادي الحسينيات بمناسبة احتفال العاشر من محرم
قد نجحت نجاحا مميزا في تحقيق اهدافها. واعرب المقدم الحشاش عن شكره
وتقديره لوعي اصحاب الحسينيات وروادها وتجاوبهم الكامل مع الاحترازات
الأمنية وجهود اجهزة الأمن، مشيداً بأن وعيهم التام وحسهم الوطني
وتعاونهم اللامحدود مع رجال الأمن كانت عاملاً مهما في مرور هذه
المناسبة الكريمة باجواء طبيعية ودون حدوث ما يعكر صفوها.
وأكد المقدم عادل الحشاش ان مثل هذا التعاون البناء بين المواطنين
من مختلف شرائح المجتمع وبين اجهزة الامن هو حجر الزاوية في نجاح
جهود وزارة الداخلية الهادفة الى توفير أمن الوطن وأمان المواطنين.
وأوضح ان الوزارة تحرص دائما في تنفيذ خططها الأمنية على تعاون
المواطنين والمقيمين مع اجهزة الامن باعتبار ان الامن مسؤولية
الجميع.
كتب عبدالله النجار والمحرر الأمني وجاسم التنيب: خففت الأجهزة
الأمنية إجراءاتها الاحترازية حول الحسينيات منذ ظهر أمس بعد انتهاء
الاحتفال بعاشوراء وبعد انتهاء روادها من تناول الغداء حينما اصدر
وكيل وزارة الداخلية الفريق ناصر العثمان تعميما تم بموجبه رفع الحجز
عن كافة الادارات الامنية باستثناء ادارات النجدة وأمن الدولة
والقوات الخاصة والعمليات المركزية كحجز كلي، وبالنسبة للحجز الجزئي
فعلى ادارات المرور والمنشآت والعلاقات العامة ومديريات الأمن.
وقد كانت الخطة الموضوعة من قبل الاجهزة الامنية في مراقبة وحراسة
الحسينيات ايجابية ولم تقع اية اعمال تخريبية أو حوادث خلال الأيام
الماضية وخاصة ان اصحاب الحسينيات التزموا تعليمات واجراءات الداخلية
وتم توقيعهم على اقرارات تضمنت ان يتولى المنظمون من كل حسينية مهمة
حفظ النظام داخل الحسينية مع التزام عدم التطرق الي الامور السياسية
والتزام عدم اقامة أي مظهر من المظاهر الدينية خارج نطاق الحسينية
كالمسيرات والتجمعات أو المسرحيات وعدم استغلال الساحات في الاغراض
المشار اليها والتزام عدم التطرق في الخطب والاناشيد الدينية الى ما
يثير الفتنة الطائفية ويمس الوحدة الوطنية والتزام عدم استعمال
المكبرات خارج المعتاد ومراعاة النظام العام والتزام الاوقات
المعتمدة والاتصال والتنسيق مع قائد المنطقة.
هذا وقد ضبطت دوريات مديرية أمن العاصمة 4 اشخاص تم الاشتباه بهم
مساء أمس الاول حينما كانوا داخل سيارة متوقفة امام احدى الحسينيات
في الدعية حيث جرى التحقيق معهم لمعرفة سبب توقفهم وجلوسهم في
السيارة وتبين ان الاربعة كانوا يستمعون لخطبة من الحسينية وهم جلوس
بالسيارة بسبب زيهم غير المناسب لدخول الحسينية وتم اطلاق سراحهم.
أما مخفر القادسية فقد سجل قضية لمواطن اثر دخوله لحسينية في بنيد
القار وهو يحمل مسدسا وقد أبلغ عنه احد الحضور ولدى اقتراب رجال
الامن منه القى بالمسدس وحاول الهرب الا انه القي القبض عليه وتبين
فيما بعد ان المسدس (لعبة) ومشابه للحقيقي بشكل كبير وجرت احالته
للمخفر بتهمة تخويف رواد الحسينية.
هذا وقد توافدت جموع بشرية كبيرة الى الحسينيات والمساجد منذ
الصباح الباكر، لاحياء ذكرى العاشر من محرم، حيث اصطحب الناس ابناءهم
الصغار لحضور المجالس.
كما غصت المآتم بالحضور ففرشت الساحات الخارجية، كما احضر البعض
منهم الكراسي للجلوس عليها.
ووزعت الحسينيات والمساجد العصائر والمياه الباردة على الحضور،
كما وزع الطعام على ارواح شهداء كربلاء على رأسهم الامام الحسين عليه
السلام
ووضعت مكبرات الصوت في خارج المراسم العزائية لايصال الخطبة الى
الحضور.
المصدر: الصحافة الكويتية |