إن السنة الهجرية الجديدة والمباركة قد أطلت على ربوع العالم
الإسلامي والكل أمل أن تكون سنة خير وسؤدد على جميع المسلمين في
مشارق ومغارب الأرض.
فيما تواصل عمليات العنف هجومها على بعض الشعوب الإسلامية باسم
(الدين الإسلامي!) إلا أن القوة المعنوية عند الرأي الإسلامي العام
مازال يتفاعل بشكل خلاّق في النفوس فهؤلاء العنيفيون مفضوحون تماماً
وأن ممارساتهم المذابح الوحشية بحق الناس المسلمين الأبرياء المرفوض
تبريره يذكر أن هذه ليست هي المرة الأولى التي لم يراعى فيها حرمة
(شهر محرم الحرام) فقبل زهاء 1400 سنة قام مجرموا التاريخ الإسلامي
المزور بقيادة يزيد بن معاوية (لعنه الله) بفرض معركة الطف على
الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) وأخوته وصحبه الذين نزحوا من
بلاد نجد باتجاه العراق طلباً للملاذ المشروع والخلاص من قرار (يزيد)
لانتزاع مبايعة الإمام الحسين (عليه السلام) لحكمه الجديد حيث أعقب
أبوه (معاوية بن أبي سفيان) في توريث الحكم الأموي وكان طبيعياً أن
مثل الإمام الحسين (عليه السلام) لا يبايع مثل الحاكم الجديد يزيد
لما عُرف عن الأخير من سوء أخلاق ومجون وابتعاد عن الدين.
وكان الثمن الغالي الذي دفعه الإمام الحسين (عليه السلام) في
معركة كربلاء قد القى بضلاله على مر القرون الأربعة عشر الماضية وما
تزال معركة كربلاء تعتبر إحدى المناسبات الدينية الإسلامية
والتاريخية الرئيسية التي تأسر قلوب المؤمنين لإحياء ذكراها مع كل
شهر محرم جديد الذي يصادف تسلسله المستهل الشهري الأول للتاريخ
الهجري. وإذا كانت هجرة الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قد
حدثت لأسباب لم يكن مناص منها حيث أصبحت حياة ابن عبد الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) في خطر فإن التشابه هنا قد كرره التاريخ ضمن سبب
وشيج بين المناسبتين إذا أن الخلاص كان السبب أيضاً للهجرة الحسينية
وجغرافياً فإن هجرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من مكة المكرمة
إلى المدينة المنورة قابلها الهجرة أيضاً عند الإمام الحسين (عليه
السلام) من مكة إلى العراق وبالذات مدينة الكوفة حيث كان المؤمل أن
تكون الملاذ للحسين (عليه السلام) وأخوته وعائلته وصحبه إلا أن قطع
الطريق على الركب الحسيني وفرض المعركة عليه مع الفارق الشاسع في
العَددْ والعُدَد عند أرض كربلاء كان الحدث الفاصل في التاريخ.
فلقد تقابل الجيشان بأفراد أبطال بمعسكر الحسين (عليه السلام) لم
يتعدوا السبعين شخصاً مقابل ألوف مؤلفة أقل التقديرات أشارت إلى أن
معسكر عبد الله بن زياد بن أبيه كان أكثر من ثلاثين ألف محارب مجرم
لقد كانت معركة الحسين دفاعاً عن الإسلام ضد المنحرفين عن الإسلام. |