نبض الإنسانية الخالد..

كتب عاشوراء

 صفحة عاشوراء

المرجعية الدينية

شارك في الكتابة

مجلة النبأ

الصفحة الرئيسية

   

 العودة الى فهرس الكتاب

 

الثقافة الحسينية

الفصل الأول: مدخل نظري..

المعرفة الولائية الحسينية

من المشتات إلى المنهجة

 

 تمهيد وتوطئة

 إن معرفة الولاية هو جوهر المعارف الإسلامية وأسماها شأناً، فهي المعرفة التي تستوعب في خطاباتها أحوال المعصومين ومقاماتهم العلّية، وترجع هذه الأهمية إلى أنها التعبير الصادق لحركة التوحيد في حياة المجتمعات، والامتداد الإلهي للمقاصد الربانية في خلق الكون والحياة، التي نبصر تجليّاتها في معاني الرحمة الإلهية على العباد، إذ بعث الله تعالى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وبعده أصطفى الأئمة (عليهم السلام) رحمة لعباده، ليترجموا مقاصد الحق جل شأنه، في خلقه، ولينطقوا ويصدعوا بآيات الحق في أفئدة الناس .

و في بيان مكانة الولاية لآل البيت (عليهم السلام)، والمعرفة الولائية جاء في الحديث: (عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ عَلَى الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الْحَجِّ وَ الصَّوْمِ وَ الْوَلَايَةِ قَالَ زُرَارَةُ فَقُلْتُ وَ أَيُّ شَيْ‏ءٍ مِنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ فَقَالَ الْوَلَايَةُ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا مِفْتَاحُهُنَّ وَ الْوَالِي هُوَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِنَّ)[1]، وقد نادت الروايات وتوالت التأكيدات على الولاية، حتى جاء في الحديث (عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ عَلَى الصَّلَاةِ وَ الزَّكَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ الْحَجِّ وَ الْوَلَايَةِ وَ لَمْ يُنَادَ بِشَيْ‏ءٍ كَمَا نُودِيَ بِالْوَلَايَةِ)[2].

وقد ورد عن الرسول (ص) : قوله : (إني مخلف فيكم الثقلين ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله و عترتي أهل بيتي).

والمعرفة الحسينية تندرج ضمن معرفة الولاية، بل هي الصبغة العامة لمفرداتها ومقاصدها وحركتها، وهي المحرك الأبرز لوعي الإنسان وتشكيل سلوكه الولائي، وقد احتلّت مساحة واسعة من صفحات كتب الرواة وأخبار المحدّثين، نقلاً وتواتراً عن الرسول (صلى الله عليه وآله) وآل بيته الطاهرين (عليهم السلام)، تعبيراً وتكويناً للأهمية التي تحتلها المعرفة الحسينية بجميع مميزاتها وخصائصها الولائية التي لا يوجد كثير منها في معارف ولائية أخرى .

فقد اهتمّت العناية الربّانية بالمعرفة الحسينية حيث قلّبتها في مناهج ومسارات الساجدين من الأولين والآخرين من الملائكة والأنبياء والرسل، وكذلك لدى رسولنا الكريم والأئمة الطاهرين وجميع عباد الله الصالحين، وإلى ما بعد الممات في الحياة الأخرى و أبديتها.

انطلاقاً من أهمية المعرفة الولائية بوجه عام، وديمومة المعرفة الحسينية وتأججها في قلوب المؤمنين بوجه خاص، والذي أكد على ديمومتها واستمرارها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله ) فقد جاء في الحديث (عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (ع) قَالَ نَظَرَ النَّبِيُّ (ص) إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (ع) وَ هُوَ مُقْبِلٌ فَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ وَ قَالَ إِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ حَرَارَةً فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَبْرُدُ أَبَداً)[3]، فانطلاقاً من هذه المسئولية العظيمة، توجّهنا بالدراسة والتحليل والمعالجة والتقويم للمعرفة الحسينية المختمرة في وعي المجتمع الإسلامي، لتكون في أفضل حلّة وأقوم طريقة.


[1] أصول الكافي، للكليني، ج1، 185، ص58 .

[2] الكافي،  18  ،2    ،  ص : 18

[3] مستدرك‏الوسائل، 49، 318، 10