ملحمة بطولة وجهاد عز.. |
تقرير مصور: كربلاء ترتدي ثوب الحداد حزنا على الحسين(ع) للمرة الأولى منذ عقود |
كربلاء\عباس سرحان |
نشر الاعلام السود على أسطح البنايات ، وتسيير مواكب العزاء، ولطم الرؤوس والصدور عادة امتاز بها شيعة العراق وهم يظهرون حزنهم السنوي في كل عام مستذكرين واقعة كربلاء .. هذه المراسيم والشعائر العقائدية حاربتها السلطة العراقية المنهارة ، بل وضيقت على ممارسيها الى الحد الذي جعلها ترتكب أفظع الممارسات المدانة في الأعراف والمواثيق الدولية، ولعل المقابر الجماعية التي اكتشفت بعد انهيار السلطة البائدة تكشف بوضوح عن مقدار الظلم الذي لحق بشيعة العراق.. مطلع العام الهجري الجديد يشكل المناسبة الأولى التي يحتفي بها شيعة العراق بعد زوال السلطة التي حرمتهم على مدى العقود الثلاثة الأخيرة من ممارسة شعائرهم الحسينية بحرية.. فكيف استقبل الشيعة العراقيون هذه المناسبة؟ في المدن المقدسة ، وتحديداً مدينة كربلاء يستطيع الزائر أن يرى بوضوح مظاهر الا ستعدادات التي أبداها الكربلائيون وهم يستقبلون العشر الأولى من شهر محرم الحرام.. أعلام سوداء وخضراء تنتشر في الطرقات وعلى أسطح البنايات في سابقة لم تشهدها المدينة من قبل، فحتى الدوائر الحكومية استقبلت محرم الحرام بتعليق لافتات وملصقات تشير إلى تأكيد الولاء الحسيني للعاملين فيها.. هذا فضلاً عن انتشار (التكيات) أو المضائف الحسينية التي توزع الطعام والشراب مجانا على الزائرين .. في مقر مدينة كربلاء لكتلة أبناء الانتفاضة الشعبانية وهي تجمع سياسي يهدف بحسب قول السيد(حسين كريم علي حسوني الياس ) لبناء عراق حر ديمقراطي تُصان فيه الحقوق والحريات ويعيش فيه الجميع في ظل أجواء التعايش السلمي.. أكد لنا المسؤول الأمني للمقر قائلاً: ( إن لدينا برنامج واسع جداً لإحياء هذه المناسبة ، وتنظيم حركة الزوار وتوفير المأكل والمأوى لهم والاهتمام بشؤونهم الأخرى). ــ وأضاف ــ : ( إن شعورنا الآن ممزوج بحالتين من الفرح والحزن معاً ،فنحن فرحون لأننا نمارس مراسيمنا العقائدية بحرية تامة، بعد أن تخلصنا من النظام المستبد السابق). وعن حالة الحزن أضاف: ( حزننا على الحسين وصحبه وأهل بيته عليهم السلام حزن ممتد من الواقعة وإلى الآن وسيستمر، وهو بالتأكيد حزن التفاعل مع الحياة وليس حزن الانقطاع عنها أو الجزع منها.. فمن خلال تفاعلنا مع الإمام الحسين عليه السلام نتفاعل مع كل المظلومين في العالم). السيد عبد الإله عبد الرزاق وتوت مؤسس كتلة الانتفاضة في محافظة كربلاء يشارك مواطنه السيد حسين الياس مشاعره قائلاً: ( نحن نشعر بالرضا ، حيث نمارس شعائرنا دون رقيب أو ملاحقة من السلطة، كما كان يفعل صدام سابقاً.. هذا الطاغوت ظنناه يمتلك بعض قيم الرجولة، ولكنه كان سيفاً على رقاب المستضعفين من أبناء شعبه فقط، أما أمام الآخرين لا سيما الأمريكان فقد رآى القاصي والداني مدى جبنه وتخاذله). بعض العراقيين ارتدوا قمصانا سود تعبيراً عن حزنهم وأطلق آخرون من الشباب لحاهم ، وهم يستذكرون حتماً أن ذلك كان ممنوعاً عليهم قبل انهيار نظام القبضة الحديدية . فالمؤسسات الأمنية في السلطة السابقة كانت تستنفر كل قواها وهي تستقبل شهر محرم الحرام، فتعتقل المئآت من الشباب بصورة عشوائية ولم تطلق سراحهم إلا بعد أربعينية الإمام الحسين (ع)، وغالباً ما أنزلت سيطرات الأمن والمخابرات شباناً عراقيون شيعة وأخفتهم إلى الأبد لا لشيء سوى أنهم لم يحلقوا لحاهم ، أو ارتدوا لباساً أسود ، حتى ولو كان ذلك حزنا على قريب لهم توفي في محرم أو قبله بايام! فسلطة الموت لم تكن ترى سوى الحسين في عاشوراء ، لذا فهي تجد في محاربته وإظهار العداء له.. ولكن رحلت السلطة وبقي الحسين شامخاً .. في الفسحة بين المرقدين الطاهرين للإمام الحسين عليه السلام وأخيه أبي الفضل العباس وقف( محمد الصواف) وهو شاب في منتصف عقده الثالث واشار بيده إلى (باب القبلة) للروضة العباسية المطهرة قائلاً: ( في هذا المكان جرت مصادمات عنيفة في محرم من العام الماضي بين الزوار العُزل ورجال حزب البعث المنهار، بعدما حاول البعثيون منع الزوار من دخول الصحن الشريف، وسقط إثر تلك المصادمات العديد من الأبرياء ، واعتقل رجال السلطة الكثير من الشبان الحسينيين الذين لم يُطلق سراحهم فيما بعد، وربما اختلطت بقايا أجسادهم بآخرين أعدمتهم سلطة البعث ورمت بأجسادهم في مقابر جماعية)! ولكن على الرغم من أجواء الحرية التي يمارس فيها شيعة العراق شعائرهم الدينية، يبقى هناك مصدر آخر للقلق، فالأعمال الانتحارية التي طالت المئات من العراقيين خلال الأشهر الماضية مازالت تشكل تهديداً لسلامة الزوار وأصحاب المواكب الحسينية، خصوصاً بعد ما تناقلته وسائل الأنباء من تهديدات صريحة للمسلمين الشيعة في العراق حملتها رسالة أبو مصعب الزرقاوي، الذي استحل فيها دماء الشيعة بعد أن اتهمهم بالكفر!! بعض الشيعة علقوا على ما جاء في رسالة الزرقاوي بالقول: ( شيعة العراق مسلمون يؤمنون بالله تعالى وبرسله وأنبيائه وكتبه ، واليوم الآخر، وهم لم يبيحوا دماء المسلمين ولم يهددوا الأبرياء ، كما يفعل الزرقاوي ومن وراءه).
|
شبكة النبأ المعلوماتية/ ملف عاشوراء 1425هـ |