ملحمة بطولة وجهاد عز..

عودة إلى صفحة عاشوراء >>

المرجعية الدينية

شارك في الكتابة

مجلة النبأ

الصفحة الرئيسية

 
 

الاتجاه السلمي في ثورة الحسين (عليه السلام)

 

عن السميع العليم في قرآنه الحكيم (يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة) إن من أهم معطيات الإسلام أنه دين اللاعنف والسلام وتشريعاته واضحة في الرفق واليسر دون العسر والحرج في جميع نواحي الحياة ابتداءً من العبادات والأحكام والمعاملات في علاقة المرء بذاته، وبأفراد أسرته ومحيطه الاجتماعي وكذا علاقته بالدولة والنظام الحاكم فيها، وانتهاءً بعلاقته بالآخر أياً يكن هذا الآخر.

وعلماء الإسلام كالسيد الشيرازي يطرح السلم بأشمل معانيها، لذا نجده: يرفض العنف بكل أشكاله، كما يعتبر اللاعنف نظرية متكاملة، ومنهج سلوك متواصل، وخياراً حضارياً ينبغي أن نوفر عوامل نجاحه الذاتية والموضوعية، ويقول في هذا الصدد (إذا أردنا أن نصل مع الآخرين إلى الحل الصحيح، والاجتماع على رأي صائب، لكي نحصل على النتيجة المطلوبة، يجب علينا أن نسلك طريقاً بعيداً عن العنف، ونتبع أسلوب التفاهم بالحكمة والموعظة الحسنة والهدوء في معاملتنا مع الآخرين حينئذ نصل إلى الغاية والهدف بإذن الله تعالى).

إذا كان هذا من ديدن الإسلام وثمارها مفيدة وكثيرة فماذا نفسر ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) أو لماذا لم يختر السلم حيث كان في مأمن هو وأهله وحرمه وأصحابه؟

أولاً: إن الإمام الحسين (عليه السلام) سلك سبيل السلام وابتعد عن استخدام لغة الحرب منذ البداية وخروجه من المسجد الحرام في مكة حفاظاً على حرمة المسجد من إهراق الدماء فيه حينما أرسل الخليفة رجالاً لانتزاع البيعة منه أو قتله حتى لو كان متعلقاً بأستار الكعبة وهذا الخروج هو دليل كراهته لإهراق الدماء.

ثم بعد ذلك أثناء مسيره جاهد كثيراً لمنع وصول الأمور إلى درجة المواجهة العسكرية، ولم يكن موقفه من السلام ومنعه لنشوب الحرب خوفاً أو نتيجة لكثرة العدو بل كان موقفاً ثابتاً ومبدأ راسخاً حمله الإمام (ع) منذ مجيئه إلى العراق، ويوم كانت القوة إلى جانبه، وكان عدوه ضعيفاً، وذلك عند نشوب المواجهة بينه وبين جيش حرّ بن يزيد الرياحي الذي أنهكه العطش والتعب، لكنه تجنب الحرب واختار طريقاً يبعده عن خطوط المواجهة من الجيش القادم، بل إنسانيته دفعه إلى أن يسقيهم جميعاً مع خيولهم عندما طلبوا الماء، ولم يعر انتباهاً للقائلين له باغتنام الفرصة والهجوم على الأعداء، بل بقي ملتزماً بمبادئه قائلاً: ما كنت لأبدأهم بقتال، وظل على هذا الموقف ثابتاً حتى آخر لحظة ويخطو خطوات نحو السلام وذلك عندما أراد الأعداء أن يهجموا على معسكره وعصر يوم التاسع من محرم طلب من أخيه العباس أن يذهب إلى القوم ويطلب منهم تأخير الحرب إلى اليوم التالي.

وتأخير الحرب يوماً واحداً، أو ليلة واحدة خطوة ذكية تجاه السلام لأنه مع وجود قرار الحرب يصبح الوقت هو الفرصة الوحيدة في رأسمال السلام، سيما وأن الانقسام بدا واضحاً في جيش الأعداء وكلما مر وقت كان هذا الانشقاق يزداد ويتعمق، فالوقت أفضل سلاح استخدمه الإمام الحسين لصالح السلام.

وفي صبيحة عاشوراء أيضاً حاول الإمام (ع) أن يتجنب المواجهة قدر الإمكان، وذلك بعدم الرد على استفزازاتهم، وبخطبه التي طالب فيها وبإلحاح شديد (السلام) ورفض منطق القتال.

فلقد ظل السلام يرفرف بأجنحته على مخيم الحسين وأصحابه حتى تكشف النوايا العدوانية للجيش الأموي، عندما وضع عمر بن سعد السهم في كبد القوس وأطلقه صوب معسكر الحسين (ع) قائلاً: اشهدوا لي عند الأمير أني أول من رمى.

وبدأ القوم يرمون ونشبت المعركة فمعركته عليه السلام دفاعية، ليدفع عن نفسه وأصحابه وحرمه الضرر، وليرفع الظلم إلى الأبد.

ويبقى مناراً للأجيال على مرّ العصور ومدرسة للبطولة والتضحيات.

شبكة النبأ المعلوماتية/ ملف عاشوراء 1425هـ