نبض الإنسانية الخالد..

عودة إلى صفحة عاشوراء >>

المرجعية الدينية

شارك في الكتابة

مجلة النبأ

الصفحة الرئيسية

 
 

على هامش ذكرى عاشوراء.. حاجة عصرنا العربي والإسلامي إلى مثل الحسين بن علي

يحي أبوزكريا

يجمع المؤرخون والكتّاب أنّ شخصيّة الحسين بن علي بن أبي طالب و إبن فاطمة الزهراء بنت رسول الإسلام الخالد – ص – كانت فريدة من نوعها متكاملة في كل أبعادها وتفاصيلها، فقد ترعرع في بيت ملؤه الذكر والتقوى والفقه والشجاعة والفصاحة و عشق الله والذوبان في عبادته، ولأجل ذلك خالطت مفردات الشريعة الغرّاء لحمه وخلاياه و كل جزء من أجزاء كيانه المادي والمعنوي.

 وقد سخرّ كل هذه المقومّات في سبيل نصرة الشريعة المحمديّة بل قدمّ نفسه شهيدا في معركة الطّف، في معركة كرب وبلاء – كربلاء – لله تعالى بعد أن حاول البعض العبث بالإسلام و تحريفه عن مقاصده الساميّة، لم يقدّم الحسين بن علي في العاشر من محرّم الحرام نفسه على مذبح الإسلام فحسب بل قدمّ أهل بيته الذين أوصانا بهم رسول الإسلام خيرا، وكل فرد من أفراد العترة النبويّة الطاهرة شارك في معركة كربلاء ترك لنا مناهج في الشجاعة والإقدام والفداء والتضحيّة و الإباء.

في أحيان كثيرة بل في معظم الأحيان يتلاشى مفعول الخطب والقصائد البليغة، ويبقى دم الشهيد هو وحده المحرّك بإتجّاه أسمى النهضات، فماذا لو كان هذا الشهيد بحجم الحسين بن علي صاحب القول المأثور : والله ما خرجت أشرا ولا بطرا، إنّما خرجت لأطلب الإصلاح في أمة جدّي محمد، والذي قال أيضا : إذا كان دين محمد لا يستقيم إلاّ بقتلي فيا سيوف خذيني.

ما أحوجنا وراهننا مضطرب وجغرافيتنا ستسبى وحصوننا ستدكدك إلى مثل الحسين بن علي يقولها بلا خوف : لا للطغاة الجبابرة العتاة الزناة آكلة أموال الشعوب، لا للظلم والظالمين، لا للخروج عن نهج محمد المصطفى والإرتماء في أحضان الأمركة، لا للسجون والمعتقلات والمنافي، لا للإستعباد السياسي وأقبية المخابرات، لا لقتل الإنسان الذي خلقه الله حرّا، لا لإخصاء الرجال كما تفعل ذلك أجهزة المخابرات العربية التي تلاحق الإنسان حتى في عورته.

لا لتسليم مقدراتنا وخيراتنا وكنوزنا وذهبنا وفضتنا وأموالنا للأسر الحاكمة والعوائل البدوية الحاكمة والحكام الظلمة الطغاة الذين يحكموننا منذ عقود، لا لمصادرة الفكر الحر والثقافة الحرة و الرأي الأخر، لا لأمريكا الطاغية التي تريد أن تدوس علينا بأقدامها بمباركة من حكامنّا الجبابرة الذين لم ينجحوا إلاّ في فتح المعتقلات والسجون ودوائر الأمن والتعذيب، لا لبيع الأوطان و الحدود.

لا للفرقة الطائفية والمذهبية والجهوية والعشائريّة والقبلية، لا لتمزيق الإسلام إلى شيع وفرق، نعم لمدرسة الرسول الواحدة المتكاملة، نعم للوحدة الإسلامية، نعم لجمع الجهود والطاقات، نعم لتوحيد الصفوف، نعم للإرتقاء إلى مستوى الفعاليّة الحضارية.

هذا هو الحسين في بعده الحضاري، الحسين ليس ملكا لطائفة ولا حكرا على مجموعة إذا إعتبرناه كذلك فإننا بذلك نحاصره، نشددّ عليه الخناق، الحسين نتاج لمدرسة المصطفى – ص- الواحدة، هذه المدرسة التي أدخلت أكبر تغيير على المنظومة الكونية وأخرجت الناس كل الناس من عبادة الأوثان إلى عبادة الله الرحمان ومن جور الأديان والمذاهب إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.

هذا الحسين الذي قال عنه الزعيم الهندي غاندي : تعلمت من الحسين أن أكون مظلوما لأنتصر. والذي قال عنه نهرو أنّه مناضل الإنسانية الخالد، والذي قال عنه ماو تسي تونغ أنّه إستلهم من الحسين بن علي.

في هذا الزمن الذي يراد لأمتنا أن تذلّ لو ترفع الأمة الإسلامية شعار هيهات منا الذلة الذي رفعه الحسين بن علي منذ أربع عشر ة قرنا لأقمنا بيننا وبين الذلة جدارا منيعا، و لأسقطنا بالدرجة الأولى حكامنا الذين أذلونا وسلبونا رجولتنا وعقولنا و خنثونا بإمتياز، لو رفعنا هذا الشعار عاملين به لما أذلتنا الإرادات الدوليّة حتى بتنا نعرف بالأغنام والمواشي والفئران والمتخلفين والإرهابيين والدمويين والمرضى العقليين والنفسيين – مفردات أطلقها الأخر في دوائر المكر الدولي علينا -.

لقد علمنّا الحسين بن علي سببين موجبين للنصر الأكيد والرفعة الحضارية الشهادة والشجاعة، عاملان متى تحققّا في أمة كتب لها الخلود والرفعة، فهلا علمتنا المزيد يا أبن رسول الله !!!!(عن ايلاف)