نبض الإنسانية الخالد..

عودة إلى صفحة عاشوراء >>

المرجعية الدينية

شارك في الكتابة

مجلة النبأ

الصفحة الرئيسية

 
 

لمحات ساطعة من تاريخ كربلاء

 

بعد أن غدا لمدينة كربلاء دورها المميز في التقديس والثورة والحضارة وشاع اسمها بين آفاق الكون يتجه اليوم الرأي العام العالمي لمعرفة تاريخ هذه المدينة المتفاعل اسمها دوماً مع مكنونات الوجدان الإسلامي ففي سيرها التاريخي الكثير من العبر والدروس والريادة الذي يتواشج مع الحركة العلمية فيها ورسوخ عبق مبادئ أهل البيت (ع) في أجوائها.

إن اهتمام المجتمع العراقي يرنوا إلى معرفة تاريخ كربلاء أكثر من غيره من المجتمعات الأخرى في المدينة تتصدر في (اسمها) موقعاً عزيزاً في نفوس العراقيين بحكم كونها مدينة عراقية ولكنها بحاجة إلى مزيد من الاستقصاءات للوقوف على أسرار خلودها ويلاحظ أن مثل هذا النفس هو بمثابة مشروع كتابي فرغم صدور المؤلفات المتوالية عن كربلاء لكن نسبة هذه المؤلفات في حالة تصاعد مما يدل إن مسلمي القرن (21) الحالي خصوصاً مهتمون لتسليط الأضواء الساطعة على ماضي وحاضر وتصورات المستقبل لما يمكن معرفته أو الوصول إليه من حقب تاريخها.

ترجع الجذور التاريخية لمدينة كربلاء من حيث تسميتها بحسب إحدى التحليلات إلى أصل بابلي إذ يعزون ذلك إلى أن اسمها المركب هو من (كور بابل) وتعني مجموعة قرى بابلية ومع توالي الأزمان جرى تحريف أو تلخيص بين جزءا المفردتين حتى وصلت إلى أسماعنا كما في تداولات اللهجة العراقية – العربية (كربلا) بدون حرف الهمزة ثم وضعت في آخرها الهمزة ليصبح اسمها (كربلاء) ربما من باب التفخيم فالمدينة شامخة في الوجدان العراقي والاهتمام باسمها يأتي ضمن هذا الباب. ولعل في البحث عن أعداد نفوسها في حقب زمنية مختلفة ومعرفة مساحاتها الجغرافية بكل مرحلة والعوامل المؤثرة بتركيبتها السكانية واقتصاد المدينة وتجارتها القديمة وامتيازاتها في المعالم الحضارية والعوامل فيما يخص الجوانب الفكرية والثقافية والسياسية أيضاً كلها ما تزال مواضع مهمة أن تتوصل إليها الدراسات قدر المستطاع رغم المعرفة أن هناك شحة في قلة مصادر الوثائق الرسمية للمدينة كما قد يبدو للنظر عند أول وهلة يتوجه بها الباحثون لمعرفة هذه المدينة الخالدة.

لقد أضحت كربلاء ذاكرة صالحة لكل عصر فاسمها يكفي لتحريك الضمائر الحرة نحو الجهاد والثورة ضد الظالمين فهي مدينة لها عودة إلى الدين الإسلامي والموقف الثوري والتوجه الحضاري في كل وقت ولذا فهي بالإمكان أن تدعى بكونها تملك مقومات مدينة استثنائية والعديد من مسلمي العالم ينظرون لها وكأنها بمثابة محراب ديني لممارسة الشعائر فيه ورغم استفتاء لم ينجر في هذا المجال إلا أن مثل هذا الانطباع يتعايش مع ذوي الضمائر الحية حيث تتوجه الاهتمامات الكبيرة في الحج (إذا جاز التعبير) إلى كربلاء حيث مرقدا الإمام الحسين سيد الشهداء (ع)، وأخوه القديس العباس قمر آل هاشم (ع).

ومن ثوابت التاريخ التي أجادت بها مدينة كربلاء أنها كانت مصدراً لبث الوعي الحقيقي بين جنبات النفوس ومركز إشعاع لرفعة معنويات الأمة فعلى هديها عمرت المواقف الإسلامية بين جيل وجيل وكان لكربلاء وصايا ورسالة حياة لا يمكن حتى لمغادريها أن ينسوا قوة حضورها في أذهانهم وكم كانت حاثة لمناجاتها من قبل الشعراء والأدباء وحتى المراجع الذين اضطروا أن يكونوا بعيدين جغرافياً عنها لسبب وآخر، منهم المرجع الديني الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (رض) يقول في آخر أيامه عن (كربلاء) وقد قضى معظم أيام حياته السابقة فيها: (لقد اشتقت إلى كربلاء) فقد كانت في تطلعاته الدينية مدينة لا يمكن التعويض عن سعة سطوعها.