نبض الإنسانية الخالد..

عودة إلى صفحة عاشوراء >>

المرجعية الدينية

شارك في الكتابة

مجلة النبأ

الصفحة الرئيسية

 
 

الامام الحسين عليه السلام بكت له السموات والأرض

محمد حسين زيد الجمري

قال ابن كثير في النهاية: 8/224: (ثم قال (أي الترمذي): حدثنا الحسن بن عرفة، ثنا اسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن عثمان بن خيثم، عن سعيد بن راشد عن يعلى بن مرة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط).

يقول الامام الصادق عليه السلام ليونس بن ظبيان في كيفية زيارة الامام الحسين عليه السلام:

( أشهد أن دمك سكن في الخلد واقشعرت له أظلة العرش.. وبكت له جميع الخلائق)

الامام الصادق أراد أن يعلم أصحابه، لكي نفهم نحن كيفية زيارة السبط الشهيد بكربلاء بمعرفة تامة، حتى اذا ما وفقنا الله سبحانه وتعالى الى زيارة تلك المشاهد الشريفة والبقاع الطاهرة، كيف نزور أئمتنا بهذه الزيارة، وكذلك لكي يقوم العلماء والخطباء حفظهم الله في التحقيق والبحث عن فقه هذه الزيارة التي جاء بها الامام عليه السلام ويعلمونها الى الناس، ليعرفوا منزلة وعظمة الامام الحسين عند الله.

دم الامام الحسين عليه السلام محفوظ من قبل الله سبحانه وتعالى محفوظ عند الله سبحانه وتعالى، وهو ثأر الله وابن ثأره، وهذه ميزتان اختص بهما الامام الحسين في أنه ثأر الله وابن ثأر الله وهو أمير المؤمنين وصي رب العالمين على الخلائق أجمعين.

وهذا ليس كلامي وكلام العلماء والمفكرين والحكماء، وانما هو كلام المعصوم، وكلام المعصوم يعني كلام الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فهذه هي منزلة سيد الشهداء عند الله وعظمتة شخصيته وأنه قد بذل لله مهجته.

ثم قال الامام الصادق عليه السلام: ( وبكت له السماوات السبع والأرضون السبع، وما فيهن وما بينهن ومن ينقلب في الجنة والنار من خلق ربنا، وما يرى وما لا يرى..)

أية عظمة يا سيد الشهداء يا ثائرا من أجل الله، يا قتيل الله، ويا قتيل العبرة.. كلها بكت من أجل دم الحسين عليه السلام، فأين الحسين نفسه ؟!.

نعم كل هذا التجليل والعظمة انما هو لدم سيد الشهداء الذي يجري في عروقه، والذي أراقه اله تعالى في كربلاء ! أما روحه المتعلقة بذلك الدم، فلها حديث آخر!

ان الامام الصادق عليه السلام أراد أن يفتح لتلاميذه من العلماء والفقهاء والخطباء والمبلغين أبواب من العلم لكي يفهموا حقيقة نهضة الحسين، ولينظروا الى هذا التحول والانقلاب الذي حصل في مراتب الوجود، في نقطة الصعود ونقطة النزول، ومن أين يمتد الى أين ؟! والى أين نصل من باب العلم هذا الذي فتحه أبي عبد الله عليه السلام لأهل الفقه الأكبر، عندما عرف لنا الامام سيد الشهداء أبي الأحرار عليه السلام بدمه وليس بنفسه ولا بروحه فأفهمنا أن دمه الشريف فوق التعريف، فكيف بصاحب الدم، ومنزلته؟!

ونعم صدق ذلك الشاعر الذي قال ( دماء السبط تغلي في شراييني).. انها تغلي في شرايين كل البشر في الأرض والسماء، يبكون عليه وتكبي له الحجر والمدر لمقامه ومنزلته التي أعطاها الله له بأن أصبح امام هدى وسفينة نجاة.

لو قرأنا كتاب الكافي بعناية تامة من أوله الى آخره، قراءة باحث ومتتبع، وتتبعنا فيه مراتب الوجود، وقوس النزول والصعود، لترى أن ما أشرنا اليه من علامة الوجود الامام الصادق عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام بعد اجماله: وبكت له السماوات السبع والأرضون السبع، وما فيهن وما بينهن ومن يتقلب في الجنة والنار من خلق ربنا وما يرى وما لا يرى.. يدل على أهل الجنة بكوا لهذا الدم، وأهل جهنم بكوا لهذا الدم ! وما ذلك الا لأن انقلابا حدث في قوس الصعود وفي قوس النزول! وأن أعلى نقطة في مراتب الوجود الى أدنى نقطة في مراتبه، كلها اهتز وجودها ووجدانها أمام دم الامام الحسين عليه السلام، فما هي هذه العظمة ؟!

ولم يقف الامام الصادق عليه السلام عند هذا، بل قال كلمة بعده لا يستوعبها الا من خصه الله برزق من عنده ! بأن أعطاه الحكمة وفصل الخطاب وأجرى الحكمة من بين يديه.

يقول الامام الصادق عليه السلام: وما يرى، وما لا يرى !

فكل ما خلق الله مما يرى ولا يرى، بكى لدم الحسين عليه السلام !

فما هذا المجد الرباني للحسين، وما قضيته ؟

ان لمجد عظيم اختص به الله عبده الحسين، بأن أعطاه منزلة لا يرقاها بقية الأئمة، وشرفه بأن من زاره فكانما زار الله في عرشه، واستجابة الدعاء تحت قبته والشفاء في تربته، وأنه أبو الأئمة النجباء، ومنازل يجب أن نبحث عنها في أحاديث الرسول وأقواله ورويات الأئمة وأقوالهم عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين.

فما هذا المجد الرباني والالهي، وما قضيته ؟

الكل يعجز عن فهم هذه الحقائق، ولا يفهمها ولا يدركها الا الله والراسخون في العلم، الذي يقولون كل من عند ربنا، وهم الرسول وأهل بيته أئمة الهدى.

واذا أردنا أن نصوغ المطلب بنظم الدليل البرهاني، فان اضافة النكرة الى المعرفة تقلب النكرة فتكتسب باضافتها التعريف، هذه قاعدة العلم الاضافي، فاذا كان المضاف اليه فوق التعريف، أخذ المضاف من صفته فصار فوق التعريف ! وهذا هو الدليل البرهاني على أن سيد الشهداء وأبي الأحرار الامام الحسين عليه السلام فوق التعريف !.

كما أن الاضافة تكون أحيانا اضافة فنائية، فيكون لها حكم آخر، حيث تسري آثار المفني فيه الى الفاني وتظهر عليه! فلننظر إلى اضافة الحسين الى الله تعالى، أي نوع من الاضافة هي، لكي نفهم لماذا قال الامام الصادق: السلام عليك يا قتيل الله وابن قتيله !

روى البيهقي في سننه: 3/337 قال: (وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أنبأ عبد الله بن جعفر، ثنا يعقوب بن سفيان، حدثني أبو الأسود النضر بن عبد الجبار، أنبأ ان لهيعة، عن أبي قبيل قال: لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما كسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي ! انتهى.. أي أنها القيامة !.

وفي مجمع الزوائد لليهتمي: 9/169: ( وعن أم حكيم قالت قتل الحسين وأنا يومئذ جويرية فمكثت السماء أياما مثل العلقة. رواه الطبراني ورجاله الى أم حكيم رجال الصحيح.

وعن جميل بن زيد قال: لما قتل الحسين احمرت السماء قلت أي شيء تقول: قان ان الكذاب منافق أن السماء احمرت حين قتل. رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه.

وقال القرطبي في تفسيره: 16/141: (قال السدي: لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما بكت عليه السماء، وبكاؤها حمرتها.

وحكى جرير عن يزيد بن أبي زياد قال: لما قتل الحسين بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنهما احمر له آفاق السماء أربعة أشهر. قال يزيد: واحمرارها بكاوها.

هكذا بكت على الحسين السماوات والأرض والامام الصادق عندما كان يذكر عنده الامام الحسين فانه في ذلك اليوم لا يبتسم قط، فقد جاء في كامل الزيارات ص 203: حدثني محمد بن جعفر القرشي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي، عن أبن أبي عمير، عن علي بن المغيرة، عن أبي عمارة المنشد، قال: ما ذكر الحسين بن علي عليه السلام عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام في يوم قط فرئي أبو عبد الله في ذلك اليوم متبسما الى الليل). ورواه في كامل الزيارات ص 214 وداد فيه:( وكان عليه السلام يقول: الحسين عبرة كل مؤمن).

اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن المهدي صاحب العصر والزمان في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا.

برحمتك يا أرحم الراحمين.

السلام عليك يا ثأر الله وابن ثاره والوتر الموتور.