نبض الإنسانية الخالد..

عودة إلى صفحة عاشوراء >>

المرجعية الدينية

شارك في الكتابة

مجلة النبأ

الصفحة الرئيسية

 
 

معركة الطف تنقذ الإسلام من الانهيار

 

لم تكن ثائرية الحسين (عليه الصلاة والسلام) في وجه الظلم الأموي السلطوي حدثاً من سلسلة ما يتعرض له القادة فحسب بل أن ذلك يرتبط من الناحية الواقعية بما وصل إليه الدين الإسلامي على يد مخربيه منذ عهد (معاوية ابن أبي سفيان) الذي امتد لزهاء اربعين سنة، وخير ما يمكن به وصف تلك الحقبة التاريخية التي امتدت لعهد ولده (يزيد بن معاوية) ما ذكره عنها الإمام الحسين (ع) حيث قال: (أنه قد نزل من الأمر ما قد ترون، وأن الدنيا تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل إلا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء ربه حقاً حقاً...)•

أن نبذة مختصرة عن يوميات ثائرية سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي (ع) منذ مغادرته أرض الحجاز وحتى وصوله الى رمضاء كربلاء لا تعد كافية.. لتوضيح كل ما مر من أحداث والموضوع في جوهره لا يتحمل أي رؤى تسلب من نهضة الحسين (ع) ومعسكره الشريف أي موقف يؤدي لإبعاد الأنظار عن الاستفادة من عاشوراء فالحسين المقيم من قبل خاتم الأنبياء محمد (ص) بمقولة مآله: (إن الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة) لا يمكن لأي عقل راجح وذو ضمير حي إلا وينظر إلى دفاع الحسين (ع) عن الإسلام هو دفاع عن رسالة السماء الإسلامية التي أنزلها الله تبارك وتعالى على صدر نبيه (ص) ليهدي البشرية به. وأكيد فإن ضريبة هذا الدفاع هو كبير عند منازلة السلطويين المتحدين في السر والسلوك لكل ما هو إسلامي صحيح. من هذا الفهم العلمي في قضية تثبيت الموقف المطلوب شعر الإمام الحسين (ع) أن في موقف تحديه للظلم الأموي إنقاذ.. للإسلام من المدعين به رغم صعوبة التحدي للسلطة الأموية الغاشمة فقد بدأ الصراع بين إسلام يريد إحياؤه إمام زمانه بن علي وفاطمة (ع) وبين طاغية سلطته السياسية يزيد بن معاوية الذي يستهدف إفلاس الإسلام من مضامينه وهذه الإشكالية بقدر ما كانت واضحة لذوي البصيرة في معسكر سيد الشهداء الحسين (ع) كان الجانب الآخر في معسكر عبيد الله بن زياد بن أبيه الذي أصدر تعليماته لاقتراف جرائمه عمر بن سعد في حالة عمى عن الحق ومعرفة أهله ولم يفكروا أن دائرة الخطر محدقة بهم في ثأر الدنيا وانتقام الآخرة.

لا شك أن معانأة الحسين (ع) كانت فائقة عن الحد فقد وضع في توقيت لم يغب الهاجس عن ذهنه بأنه أمام مهمة ينبغي أن ينجزها مضحياً بنفسه وجائداً بأبنائه وأخوانه وعياله وأصحابه فهو أمام خيار واحد أداء الشهادة إثباتاً للإيمان بقدر الله عز وجل، وما فات المؤرخين حتى الآن ورغم هول الحدث فإن الحسين (ع) القائد كان في كل مشاعره في رحاب الله العلي القدير على كل شيء وحين جاء صخب المعركة برهن الحسين أنه الاسوة المطلوب اتباعها إذ الجميع يعرفون مباركة مولده وإمامته الإلهية على عصره والولاء له وطاعته فريضة موجبة ولا حاجة لأحد أن يسأل من كان يمثل الحسين (ع) ومعسكره ومن كان يمثل عمر بن سعد ومعسكره فقد كان لثورة الإمام الحسين (ع) من الديناميّة المتوهجة ما يصغي العقل الذي يفكر من أن يطرح السؤال ذو المفاد لماذا لا يتراجع الحسين (ع) عن تحديه ويضمن لنفسه ولعائلته ولصحبه عيشة راضية مقابل مبايعة (يزيد) فقد كان كل شيء واضحاً تماماً فالمعركة الوشيكة الاندلاع كانت معركة في سبيل إنقاذ الإسلام من معتنقيه المزيفين التي اتخذ الحسين (ع) على عاتقه انجازها لهوية المسلمين كي تبقى ناصعة وممثلة أفضل تمثيل لما ينبغي أن يكون عليه الإسلام والمسلمين.