q

انخفضت أسعار الذهب لتبلغ 1051 دولاراً للأونصة، وهو أقل سعر للذهب منذ ستة أعوام، اذ لم يشهد الذهب انخفاضاً من مثل هذا القبيل منذ فبراير/شباط عام 2010، عندما بلغ سعر الأونصة 1045 دولاراً، وفي الأوضاع العادية يقبل المستثمرون بكثافة على شراء الذهب عند انخفاض أسعاره وعندما يشعرون بالتوتر، لكن هذا لا يحصل هذه المرة، فهنالك عدة عوامل منها الإقبال المكثف على أسعار الأسهم وهجمات باريس لم يساعدا على وقف الانخفاض بأسعار الذهب.

ولكن لماذا تناقص اهتمام المستثمرين بالذهب؟ الجواب بسيط، إذ يعمل المستثمرون على شراء الذهب عند شعورهم بالخوف، فقد شهدت الأسواق الأمريكية نمواً بمقدار 3.5 في المائة بالناتج الإجمالي المحلي ، واختفت المخاوف من انتشار الإيبولا، كما أن التوتر قد خف مع روسيا، وبدأت الدول الغربية باحتواء تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" الارهابي أو ما يعرف باسم "داعش."

ورغم أن هذه الأخبار قد تبدو طيبة عند النظر إلى أسواق البورصة الأمريكية، خاصة مع تزايد سعر الدولار، إلا أن هذا يؤثر بأسعار الذهب والفضة المرتبطة بالعملة الأمريكية، فانخفاض سعر اليورو، على سبيل المثال في الأسواق الأوروبية، يرفع من قيمة الذهب لدى المستثمرين العالميين، لذا فإن "المحرك الأساسي لأسعار الذهب هو قوة الدولار الأمريكي"، وفقاً لما قاله الباحث في المعادن الثمينة في شركة "RBC Capital Markets" جوج جيرو.

انعدام الدعم الفدرالي للذهب

لقد انخفضت أسعار الذهب بمقدار 17 في المائة منذ ارتفاعها الكبير خلال أواسط مارس/آذار، إذ بلغ سعر الأونصة حينها 1380 دولاراً، ولكن انخفاض الأسعار بدأ حديثاً ليصل 9 في المائة منذ 21 أكتوبر/تشرين أول، وحظيت الفضة على النصيب الأسوأ من المعادلة خلال الأشهر السابقة، إذ وصلت للذروة في أواسط يوليو/تموز ليتناقص سعرها بمقدار 30 في المائة، ويبلغ سعر الأونصة 21.44 دولاراً.

كما يوجد عامل آخر، عدا عن انعدام خوف المستثمرين، يتمثل بتراجع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن الإجراءات التحفيزية، وذلك تخوفاً من أن الاستمرار بهذه الإجراءات يمكن أن يؤدي إلى تضخم اقتصادي، وقد قام بعض المستثمرين بشراء الذهب كوسيلة للوقاية، لكن هذه الطريقة قد أثارت بعض الشكوك بنجاحها، إذ أن معدل التضخم لا يزال منخفضاً نسبياً، كما أن إصرار النظام الفيدرالي على زيادة نسبة الفوائد عام 2015 يمكنه أن يساعد في التحكم بأي تضخم طارئ.

هل سيواصل الذهب انخفاضه؟

يرى جيرو بأن المستثمرين قد يعاودون الإقبال على شراء الذهب إن انخفضت أسعاره عن 1100 دولار للأونصة، ويمكن أن يتزايد الإقبال على الفضة إن بلغ سعر الأونصة 15 دولاراً، وأضاف: "مع هذه النظرة السلبية التي انتشرت في أسعار الذهب، يمكنني القول بأننا سنتوقع ارتفاعاً طفيفاً بأسعاره قريباً، ولكن هنالك رأي آخر لمديرة المحللين الاقتصاديين بالمعادن في شركة "CPM Group" مو لي، التي ترى، بأنه يوجد هنالك مجال لانخفاض أكبر في أسعار الذهب والفضة"، وأضافت بوجود "احتمال كبير" بانخفاض الذهب عن معدل 1100 دولار للأونصة، وحتى عن احتمال بلوغ هذا الرقم لحوالي 1000 دولار للأونصة الواحدة من المعدن الثمين.

ارتفاع سعر الدولار وانعكاساته على أسعار الذهب

إن الذهب مرتبط بسعر الدولار، وهذا قد لا يكون جيداً في جميع الأحوال، إذ بلغ الدولار أقوى درجاته منذ أعوام مقارنة بالعملات السابقة، وعندما يرتفع الدولار فإن المستثمرين يخفضون من سعر الذهب، ومع قدوم عام 2016، فإنه من المتوقع أن تزداد قوة الدولار، ومن المرجح أن يبلغ درجة يساوي فيها الدولار الأمريكي الواحد سعر اليورو الأوروبي، وهذا أمر لم يحصل خلال عشر سنوات.

ارتفاع نسبة الفوائد على المخزون الفدرالي الأمريكي

هنالك أيضاً رابط بين أسعار الذهب ونسبة الفوائد العائدة للمخزون الفدرالي الأمريكي، ومع توقعات بارتفاع هذه النسبة في شهر ديسمبر/كانون ثاني المقبل، فإن هذا يمكنه أن يساهم بانخفاض أكبر في أسعار الذهب، وهي نسبة قاربت صفر في المائة منذ تبعات الأزمة الاقتصادية عام 2008.

وهذا يسيء للذهب لأنه غير مرتبط بأي فوائد، ومن المحتمل أن يغير المستثمرون اهتمامهم بالذهب ويركزوا على استثمارات أخرى تعود عليهم بالفوائد، وهذا يذكرنا بأعلى سعر للذهب والذي بلغ 1890 دولاراً للأونصة في سبتمبر/أيلول عام 2011 عندما كانت أوروبا بمنتصف ديونها مع الولايات المتحدة وانخفضت نسبة الفوائد للمخزون الفدرالي بشكل كبير.

معظم الخبراء يقولون إنهم يتوقعون انخفاضاً أكبر بالأسعار منذ هذه النقطة، حتى أن أحد المختصين في الذهب أشار إلى احتمالية انخفاض سعره ليبلغ 350 دولاراً للأونصة، لكن آخرين قالوا إن الأمور لن تبلغ هذا الحد، فالكثير يقع على الصين وفيما لو ازداد الطلب على المجوهرات أو الذهب الخام خلال موسم الأعياد.

الا ان هناك تعافي بسيط حصل لسعر الذهب في الفترة الحالية، اذ لامس الذهب أعلى مستوياته في أربعة أسابيع بعد هبوط الدولار من أعلى مستوى في 14 عاما الذي سجله في وقت سابق، وصعد الذهب في المعاملات الفورية 1.3 بالمئة إلى 1178.36 دولار للأوقية (الأونصة). ولامس 1178.62 دولار للأوقية وهو أعلى مستوى منذ السابع من ديسمبر، كما قفز الذهب في العقود الأمريكية الآجلة 1.2 بالمئة إلى 1178.50 دولار للأوقي، وانخفض مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة عملات 0.7 بالمئة إلى 102.030.

اضف تعليق