q

كان ملقى على السرير كأنه ميّت لا يقوى على تحريك جسمه كالعادة ... تعودتُ على أفعاله هذه، فهو مجرّد ضيف يجب أن أقوم بضيافته وكأن البيت ليس بيته وأنا ليست زوجته، إنه يمضي معظم وقته خارج البيت، في البداية كنت أدرك موقفه وتصرّفه هذا، وأشعر بتعبه وأقوم بواجباتي كزوجة تجاهه، ولكن الأمر ازداد سوءا بعد أن علمتُ بأنه كان يمضي وقته خارج البيت ليس من أجل العمل فقط بل للترفيه ومصاحبة الأصدقاء!.

ولكن لم أتفوه بكلمة عن هذا الأمر، حفاظا على كرامته ومن مثلي يحتاط كي لا يجرح مشاعر الآخرين.

ولكن لا أحد يشعر بالألم سوى من جرّب ألم لحظات الوحدة! تلك اللحظات القاتلة التي تخنقك بيديها الثقيلتين وتجعلك تبكي بغزارة على حالك في ساعات الليل الطويل والإهمال المتواصل.

عندما تقفين عاجزة أمام خسرانك لأغلى ما تملكين، وعندما تشعرين بأنك لستِ بقادرة على تكملة المسيرة معه....

‎تشعرين وكأنك سوف تطرحين على الأرض لعدم قدرتك على تحمل الألم ولكن مع ذلك تكابرين وتحاولين أن تقفي لأنك الأم!.

‎أصعب لحظاتك عندما تحتاجين لمن تحبين.. ولكن لم تجدي منه الحنان، حينها تشعرين أن كل الأشياء تقابلك الرفض.

‎والأصعب هو أن لا تجدين من تحتاجين إليه وقت الحاجة.. وما يدمرّ بقايا جسمك الهزيل وروحك المهشّمة هو وجوده بجانبك ولكن تجدينه وقد أصبح غريبا، لم تعرفي هل هو ذاك الذي كان يموت من أجلك؟ أم أنه شخص آخر؟!

هل هو نفسه الذي كنت تجدين راحتك إلى جانبه؟ أم شخص آخر؟! هل هو نفسه الذي علّمك معنى الحب والوفاء والكرم والنبل؟ تستغربين من أفعاله، تتساءلين كيف ينسى كلماته؟.

الوحدة ليس معناها وجودكَ في مكان ما بمفردك، بل معناها وجودك في مكان لا يشعر بك أحد، معناها أن تكوني بجانبه ولا يشعر بمشاعرك تجاهه، الوحدة أن تتلهفي للكلام معه لكنه ينام دون أن يأبه أو يهتم بك وبحاجتك له وهو الذي علّمك الإنسانية ومساعدة الناس واحترامهم.

الذكريات تأكلني في ركن هذه الغرفة ببطء...........

من الصعب أن تعيشي حياتك في نمط واحد دون أية لمسة حب والأصعب أن تجرّبي لمسة حبه، ولكن فجأة تجدين يديه بلا حركة كأنه فاقد للإحساس ومشاعره ميتة تماما.

تجدين لمسته قد فقدت مفعولها السحري، بل تغير ثلاثمائة وستون درجة...

أشرفت على الموت في هذا القفص الذهبي الذي غابت الشمس عنه شيئا فشيئا، بدأ الظلام يغلف المكان، أصبح الجليد يكسو سطح هذه الغرفة الفاقدة (الأحاسيس والمشاعر) بعد أن ازداد الجفاف العاطفي، وصل البرد الى عظمي وجميع خلايا جسمي.

لتخفيف ذلك اقتربت منه كي نعود الى ما كنا عليه من صفاء ومحبة واهتمام، كي أقلل من المسافة الإنسانية التي بدأت تزداد بيني وبينه، ولكن في البداية سمعت صوت شخيره يعلو، تحرك قليلا ومع ذلك لم أأبه بذلك، حاولت أن أكلمه وأشرح له مشاعره وأذكره بحياتنا وأولادنا، ولكن هذه المرة استدار بظهره مما بين لي أن ( دعيني وشأني)، وبعد ذلك قال اتركيني كي أنام!! مرة أخرى التجأت الى غطائي، كتمتُ مشاعري بقوة كي لا أموت من هذا البرد القارس! .

هذا هو الحلال الذي أصبح حراماً عليَّ!

لم أجد ما أبوح به لأجل جميع اللواتي يعانين من هذه المشكلة، يفيض من قلوبهن حب وحنان لشريك حياتهن ولكن لا يوجد هنا مكان للأحاسيس !!

لم يُشعر أزواجهن بهنّ أصلا...

يموت في كل ليلة نساء في جنب أزواجهن بسبب الطلاق العاطفي ومت المشاعر الإنسانية بينهما!! ولكن هل هذا ما أوصانا به ديننا الحنيف؟ بالطبع لا:

عن الإمام الصادق (ع) كلما زاد حب الرجل لزوجه كان إيمانه بالله أكثر"١

و (كل شخص كان بنا أهل البيت رحيماً كان بزوجه أرحم"*٢

إن المرأة أمانة بين أيديكم أرفقوا بها، فقط يكفي أن تتذكر هي تركت أهلها من أجلك فكيف ستشكرها على هذه التضحية؟!

لا تجعلها أسيرة بين يديك.. المرأة ريحانة يجب ان تسقيها بلطف...

وإلا سوف تذبل!.

.......................
المصادر:
"١-الشيعة ج7 ص9 كتاب النكاح.
٢-وسائل الشيعة ج7ص 11كتاب النكاح

اضف تعليق