q

 

شبكة النبأ: علم الوراثة والجينات يشهد وبحسب بعض الخبراء تطور مهم، حيث نال هذا العلم في السنوات الاخيرة اهتمام خاص ومتزايد، خصوصا وان العديد من الدراسات والاستكشافات والتجارب المهمة التي قام بها العلماء بالاعتماد على اخر التقنيات والاجهزة المتطورة، قد اسهمت بالوصول الى اسرار جديدة قد تساعد في علاج او تحديد بعض الامراض.

وعلم الوراثة هو علم دراسة المورثات (الجينات )، و الصفات الوراثية التي تنتقل عن طريق المورثات وما ينتج عنه من تنوع الكائنات الحية ، كما يدرس تباين الأنواع و اختلاف صفاتهم نتيجة اختلاف المادة الوراثية (الصبغيات Chromosomes ). وكانت مبادئ توريث الصفات مستخدمة منذ تاريخ بعيد لتحسين المحصول الزراعي وتحسين النسل الحيواني عن طريق تزويج حيوانات من سلالة ذات صفات جيدة.

وبدأ علم الوراثة وكما تشير بعض المصادر على يد العالم المشهور مندل بدراسة انتقال الصفات الوراثية من الآباء للأبناء ونسب توزعها بين افراد الأجيال المختلفة. تعرف هذه الدراسات الآن بعلم الوراثة الكلاسيكي. لكن التقنيات الحديثة سمحت لعلماء الوراثة حاليا باستقصاء آلية عمل الجينات ومعرفة التسلسل الدقيق للحموض الأمينية ضمن دنا ورنا المادة الوراثية ليقوموا بعد ذلك بربط هذا التسلسل بالمورثات، وقد سمح هذا بإتمام واحد من أضخم مشاريع القرن العشرين : وهو مشروع الجينوم البشري.

والمعلومات الوراثية بشكل عام تكون محمولة ضمن الصبغيات الموجودة في نواة الخلايا وتحوي ضمنها الدنا الحامل الأساسي للمورثات. وتقوم الجينات بتشفير المعلومات الضرورية لاصطناع سلاسل الأحماض الأمينية التي ستدخل في تركيب البروتينات المختلفة، هذه البروتينات ستلعب بدورها دورا كبيرا في تحديد النمط الظاهري النهائي للمتعضية. عادة في الأحياء ثنائية الصيغة أحد النسخ الجينية (الحليل) المسيطرة سوف تطغى بصفاتها على صفات الجينة المتقهقرة (الضعيفة). وتقوم المورثات بتحديد مظهر الكائنات الحية الخارجي إلى حد كبير، وهناك احتمال يطرحه البعض كتحكمها بالسلوك البشري لكن هذه القضية ما زالت قيد نقاش عميق وتختلف وجهة النظر حسب التوجهات العلمية للباحثين.

مرض الفصام

وفي هذا الشأن اكتشف علماء 80 جينا لم تكن معروفة من قبل، قد تتسبب في إصابة الإنسان بمرض الفصام (انفصام الشخصية أو الشيزوفرينيا). وقال فريق العلماء، في بحث نشر بدورية نيتشر، إن أكبر دراسة للجينات في العالم حول الفصام أظهرت احتمال وجود أسباب بيولوجية، مما يجعلها مؤثرة مثل الأسباب الطبية الأخرى للمرض.

ويعتقد فريق الباحثين الدولي، الذي تقوده جامعة كارديف، أن هذا الاكتشاف ربما يكون نقطة انطلاق لعلاجات جديدة للمرض. وطالبت مؤسسات خيرية بضرورة مواصلة التعامل الشامل مع هذا المرض. وكان العلماء قد ناقشوا على مدى أعوام عديدة، الدور النسبي للجينات في الإصابة بالفصام، وهي الظروف التي تؤثر على أكثر من 24 مليون شخص حول العالم.

واختبر اتحاد عالمي يضم علماء من 35 دولة، الخريطة الجينية لأكثر من 37 ألف مريض بالفصام، وقارنوها مع الخريطة الجينية لحوالي 110 ألف شخص لا يعانون من المرض. واكتشف العلماء أكثر من 100 جين من بينها حوالي 83 جينا لم تكن معروفة من قبل، تجعل البشر أكثر قابلية للإصابة بالفصام. والعديد من هذه الجينات تساهم في نقل الرسائل الكيميائية حول المخ.

وهناك جينات أخرى لها دور في النظام المناعي، تؤثر على مستودع الأسلحة الطبيعية التي تقاوم الأمراض في جسم الإنسان. وقال البروفيسور مايكل أودونفان، من جامعة كارديف الذي يقود البحث :"لسنوات عديدة كان من الصعب تطوير خطوط علاج جديدة للفصام، بسبب عدم القدرة على فهم بيولوجية هذا المرض." وأضاف :"ايجاد مجموعة جديدة كاملة من الترابطات الجينية يفتح نافذة أمام تجارب جيدة لاكتشاف العوامل البيولوجية لهذه الحالة، ونأمل في الوصول إلى علاجات جديدة في نهاية المطاف."

وقال ديفيد كورتيس، من جامعة لندن وأحد كتاب البحث:"هذه الدراسة تضع الطب النفسي في نفس التصنيف مع أقسام الطب الأخرى." وتابع :"في الماضي كنا نقاوم فكرة أن حالات الأمراض النفسية ليست مرض حقيقي، وحققت الدراسات الجينية المبكرة نجاحا محدودا، والآن نكشف بكل ثقة أن هناك اخفاقا لعمليات حيوية في جسم الإنسان." بحسب بي بي سي.

ووصف جيروم برين، من كينجس كوليدج لندن والذي لا يشارك في هذه الدراسة لكن سيعمل على دراسات مستقبلية، ما حدث بأنه عمل ثوري. وقال "لدينا الآن معدل هائل من العلوم الحيوية الجديدة لبحثها، والأفكار الجديدة يمكن أن تقدم طرقا محتملة للوصول لعلاج، خاصة أن عقاقير علاج الفصام لم تتغير إلى حد كبير منذ فترة السبعينيات." وأوضحت بيث مارفي، من مؤسسة مايند الخيرية، أن بحث اليوم يمثل خطوة هامة وواعدة على طريق البحث عن خيارات علاجية مناسبة أكثر من تلك المتاحة حاليا. وقالت :"من الجيد إدراك خبراء الصحة الحاجة إلى نهج شامل لعلاج مرضى الفصام والإضطراب الوجداني ثنائي القطب في الوقت الحالي."

طول القامة

الى جانب ذلك فليس سرا انه اذا كان والدك طويل القامة وكانت والدتك كذلك فمن المرجح ان تكون مثلهما... إلا ان فهم وراثة طول القامة بصورة وافية ظل لغزا غامضا يؤرق العلماء. وكشف العلماء النقاب عن ذلك فيما وصفوها بانها اضخم دراسة حتى الآن تتناول هذا الموضوع إذ قاموا بتحليل بيانات خاصة بالجينوم البشري -أو الطاقم الجيني للانسان- لأكثر من ربع مليون شخص كي يضعوا أيديهم على ما يقرب من 700 من الفروق الفردية الوراثية وما يتجاوز 400 منطقة على الجينوم تختص بصفة الطول عند الانسان.

وتشير التقديرات الى ان صفة طول القامة أو قصرها تعزى الى الوراثة بنسبة 80 في المئة فيما تمثل التغذية والعوامل البيئية الأخرى نسبة العشرين في المئة الباقية. واصبح متوسط طول قامة الانسان اكبر في العالم على مر الاجيال القليلة الماضية بسبب عوامل عدة منها تحسين نوعية الغذاء.

وقال جويل هيرشورن عالم الوراثة والغدد الصماء لدى الاطفال بمستشفى الاطفال في بوسطن وعضو مجلس ادارة معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد "درسنا مسألة طول القامة لسببين رئيسيين." واضاف "على مدى أكثر من 100 عام كان طول القامة انموذجا رائعا لدراسة وراثة الامراض مثل السمنة وداء السكري والربو التي تتسبب فيها ايضا تأثيرات مشتركة لعدد كبير من الجينات التي تعمل سويا. لذا فان فهمنا لكيفية عمل وراثة الطول سيجعلنا نعي كيف تعمل وراثة أمراض الانسان."

وقال إنه علاوة على ذلك فان قصر القامة لدى الاطفال لا يزال من بين المسائل الاكلينيكية بالغة الاهمية بالنسبة لعلماء الغدد الصماء لدى الاطفال مضيفا ان معرفة الجينات والفروق بينهما المتعلقة بطول القامة ستساعد الاطباء في نهاية المطاف على تشخيص حالات الاطفال ممن لديهم سبب رئيسي وحيد غامض مسؤول عن قصر القامة.

وقام وفد دولي من الباحثين بتحليل بيانات مستقاة من جينوم 253288 شخصا من اصول وانسال اوروبية ومن اوروبا نفسها ومن امريكا الشمالية واستراليا. وظل الباحثون يتتبعون نحو مليونين من الفروق الوراثية الشائعة في هؤلاء الافراد ووضعوا ايديهم على 697 اختلافا وراثيا في 424 منطقة جينية تتعلق بطول القامة. وقال الباحثون إن الكثير من الجينات التي حددتها الدراسة بدقة ربما تكون من العوامل المهمة في تنظيم نمو الهيكل العظمي إلا انه لم يكن دورها معروفا من قبل. ونشرت نتائج هذه الدراسة في دورية (نيتشر جينيتكس).

ويرتبط بعض هذه الجينات بمادة الكولاجين أحد مكونات العظام وايضا مادة كبريتات الكوندرويتين المسؤولة عن تكون الغضروف وصفائح النمو وهي مناطق ضمن الانسجة المسؤولة عن النمو وتقع قرب نهايات العظام الطويلة في جسم الانسان. إلا ان العلماء يقولون إنه لايزال امامهم الكثير الذي يتعين ادراكه.

وقال تيموثي فرايلينج عالم الوراثة بجامعة اكستر البريطانية "وجدنا الاختلافات الوراثية -وهي مناطق في المادة الوراثية دي ان ايه التي تختلف من شخص لاخر- والتي تمثل 20 في المئة من المكون الوراثي للاختلافات العادية في طول القامة." واضاف "يمكن مقارنة ذلك بوضع كان سائدا عام 2007 عندما كنا لا ندري شيئا على الاطلاق عن الجينات والمناطق الموجودة على الجينوم البشري المتعلقة بالاختلافات الطبيعية في طول القامة على الرغم من ان جميعنا يدرك ان طول القامة مسالة متعلقة بالوراثة بصورة مطلقة." بحسب رويترز.

وتضمنت دراسة سابقة اجراها الفريق البحثي عام 2010 عددا اقل من الناس وحدد 199 اختلافا وراثيا تقع على 180 منطقة على الجينوم. وقال هيرشورن "من خلال مضاعفة حجم العينة امكن لنا مضاعفة عدد المناطق الجينية المرتبطة بطول القامة مما زاد كثيرا بواقع نحو سبعة امثال من عدد الجينات الفعلية التي يمكننا من خلالها ايجاد علاقة بينها وبين بيولوجيا النمو الطبيعي للهيكل العظمي."

الجينات لدى الأصدقاء

على صعيد متصل أظهرت دراسة لباحثين أمريكيين مثيرين للجدل أن هناك تشابها من الناحية الجينية بين الأصدقاء أكثر من الغرباء. ومن خلال دراسة الاختلافات بين نحو ألفي شخص، في إطار دراسة للقلب في بلدة أمريكية صغيرة، توصل الباحثان إلى أن الأصدقاء يشتركون في الحمض النووي أكثر من الغرباء بواقع 0.1 في المتوسط.

وبالرغم من أنها نسبة صغيرة، فإن هناك نفس مستوى التشابه المتوقع لدى أبناء العمومة من الدرجة الرابعة. وأعرب بعض العلماء عن شكوكهم في البحث، الذي نشر في دورية "بي ان ايه اس". وقال البروفيسور جيمس فاولر أحد الذين أجروا الدراسة والأستاذ في تخصصي الجينات الطبية والعلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا، "أعتقد أن هذه نتائج غير معتادة، وهذا عادة ما يثير انتقادات من العلماء".

وقد حلل فاولر برفقة البروفيسور نيكولاس كريستاكيس من جامعة "يل" نحو 500 ألف من علامات الجينوم ذات الأحرف الواحدة، باستخدام بيانات من دراسة فرامنغهام للقلب. وأوضح فاولر أن "هذه النتائج كانت مفيدة لأنه بالإضافة إلى تقديم عينات من الحمض النووي سئل المشاركون عن أقرب أصدقائهم.

وقاس فاولر والبروفيسور كريستاكيس"معامل القرابة"، وباستخدام علامات وراثية من اثنين من الأصدقاء والغرباء، توصل الاثنان إلى أن معامل القرابة أعلى قليلا بين الأصدقاء. وقال فاولر "إننا لا نقدم افتراضات عن جينات محددة هنا، إننا نقدم افتراضات بشأن خصائص بنائية عبر المجموع الوراثي بالكامل". وعبر باحثون آخرون عن قلقهم بشأن العوامل المختلفة التي يمكن أن تؤثر على النتائج، مثل العرق أو الأنواع الأخرى من التقسيمات السكانية، والتي يمكن أن تجعل الناس متشابهين جينيا وأكثر قابلية للصداقة. وعبر باحثون آخرون عن قلقهم بشأن العوامل المختلفة التي يمكن أن تؤثر على نتائج الدراسة مثل الارتباط العرقي

وقال إيفان كارني، من جامعة ديوك والذي انتقد بحثا سابقا لفاولر وكريستاكيس:"هذا النوع من التحليل يكون فاعلا فقط إذا لم يكن هناك ارتباط إطلاقا بين الحالات (التي خضعت للدراسة) مع بعضها البعض، وهو ما يصعب تأكيده." وأوضح فاولر :"لقد استبعدنا أى واحد منهم (الخاضعين للدراسة) يكون على صلة قرابة. لم نكن نريد أن يعتقد أحد أن هذا الأمر يقوده أشخاص كانوا بالصدفة أصدقاء مع أبناء عمومتهم من الدرجة الرابعة ولم يخبرونا."

وأعرب الدكتور روري باودن، خبير الإحصاء والمحاضر في مركز ويلكوم ترست للجينات البشرية بأوكسفورد، عن تحفظاته على هذه النتائج. وقال "أتساءل إذا ما كانت تستطيع (هذه الطرق) أن تكون السبب وراء العوامل المعروفة التي تحفز الصداقات مثل عضوية الكنيسة، الرياضة، أو الانتماءات الثقافية الأخرى، وهل يمكن أن يؤدي هذا أيضا إلى ارتباط النمط الوراثي." بحسب بي بي سي.

وأشار دكتور كارني إلى أن مثل هذه الدراسات تؤكد لنا بشدة أهمية تسلسل الحمض النووي الخاص بنا، "فالأشخاص لا يمتلكون نفس الجينوم في جميع الخلايا والأنسجة بأجسادهم." لكن القائمين على الدراسة مازالا واثقين من النتائج التي توصلا إليها، وقال كريستاكيس :"غالبية الناس لا يعرفون حتى أبناء عمومتهم من الدرجة الرابعة."

علاج جيني جديد

من جانب اخر بدأ بريطاني في السابعة والثلاثين من العمر يحتاج مضخة ميكانيكية ليضمن استمرار قلبه في العمل تجارب لعلاج جيني جديد قد يساعد في شفائه وربما يجنبه الحاجة لزرع قلب. وتأمل شركة سيلادون الأمريكية للتكنولوجيا الحيوية ان يساعد علاجها (ميديكار) Mydicar مرضى مثل لي ادامز الذي يعاني فشلا في القلب في حالة متقدمة ويعتمد على مضخة للقلب كي يبقى على قيد الحياة إلى ان يتوافر له قلب من أحد المانحين.

ويعمل علاج سيلادون بغرس جين يسمى (سيركا2ايه) SERCA2a  بصورة مباشرة في خلايا القلب عبر قسطرة لاصلاح تلك الخلايا. ويضعف ضخ القلب للدم في حالة عدم وجود هذا الجين. وستحدد التجربة أي قدر من الجينات يمكنه الدخول الى عضلة القلب وكيف سيتحسن اداؤها.

وأدامز وهو من هرتفوردشير شمالي لندن هو الأول من 24 مريضا يستعملون مضخات للقلب سيحصلون إما على علاج جيني واما على علاج وهمي في اطار دراسة تمولها جزئيا مؤسسة القلب البريطانية وترعاها كلية امبريال في لندن. وقال نيك بانر استشاري القلب في مستشفى هيرفيلد الذي أجرى أول غرس للجينات "فشل القلب المتقدم حالة مستفحلة تؤدي الى نوعية رديئة من الحياة وتقصر متوسط العمر." بحسب رويترز.

واضاف أن "أفضل علاج متاح حاليا هو زرع قلب لكن نقص اعضاء المانحين في المملكة المتحدة يعني أن كثيرا من المرضى سيموتون اثناء وجودهم في قائمة الانتظار." وأدامز مدرج على قائمة الانتظار ويعيش منذ اكثر من عامين ونصف العام بمضخة قلب. ومن المتوقع ان تعلن نتائج التجربة الحالية للعلاج الجيني العام المقبل.

الفئران والتعلم

في السياق ذاته ورغم أن المسألة بعيدة كل البعد عن عمليات زرع المخ التي يعشقها الشغوفون بالخيال العلمي فقد اتخذ العلماء خطوة واحدة في هذا الاتجاه.. إذ قاموا بعزل جين رئيسي خاص بمخ الإنسان ثم زرعوه في فئران التجارب. وفي أول دراسة من نوعها تهدف إلى تقييم كيف يمكن أن يؤثر اضفاء الطابع البشري الجزئي على مخ مختلف الانواع على الوظائف الادراكية وقال العلماء إن الفئران التي نقل إليها الجين البشري المرتبط باللغة تعلمت طرقا جديدة في البحث عن الغذاء وسط متاهات تجريبية على نحو أسرع من مثيلاتها من الفئران الطبيعية.

ومن خلال عزل آثار جين بعينه تسلط هذه الدراسة الضوء على وظائفه وتشير إلى التغيرات الخاصة بالتطور التي أدت إلى خلق الامكانات الفريدة للمخ البشري. واستعان العلماء في هذه الدراسة بمئات من فئران التجارب التي جرى تعديلها وراثيا لتحمل نسخة بشرية من الجين المسؤول عن اللغة والتخاطب. وفي دراسة اجريت عام 2009 تكونت لدى فئران تجارب نقل إليها هذا الجين خلايا عصبية أكثر تعقيدا ودوائر اتصال في المخ أكثر كفاءة.

وبناء على هذه الدراسة قام خبراء في علوم الاعصاب تحت إشراف كريستيان شريفايس وآن جريبيل من معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا بتدريب الفئران على البحث عن الشكوكولاتة وسط متاهة معملية. وكان أمام الفئران خياران الاول هو الاستعانة بمعالم ارشادية مثل ادوات المعامل والاثاث الذي يظهر من خلال المتاهة والثاني استشعار ارضية المتاهة والاستدلال على الطريق من خلالها.

وقال العلماء في دورية الاكاديمية القومية للعلوم إن الفئران التي تحمل الجين البشري استدلت على الطريق خلال سبعة أيام اما الفئران العادية فقد اتمت هذه المهمة في 11 يوما. إلا أن ما يبعث على الدهشة هو انه عندما أزال العلماء جميع المعالم الارشادية داخل حجرة المعمل -حتى تستدل الفئران على الطريق من خلال ملمس الارضية فقط- تعادلت امكانات الفئران ذات الجين البشري وتلك الطبيعية. وجاءت النتيجة مطابقة لذلك عندما عكس الوضع أي ظلت المعالم مكانها وازيلت الارضية. بحسب رويترز.

ويعني ذلك أن الفئران ذات الجين البشري تميزت عن اقرانها الطبيعية عندما تم توفير الاسلوبين معا. وقالت جريبيل إن ذلك يشير إلى أن الجين البشري اسهم في زيادة ما يعرف باسم المرونة الادراكية المعرفية. وإذا كان هذا الجين البشري يجعل حاسة المرونة الادراكية المعرفية تتنقل بين صور التعلم المختلفة فقد يساعد ذلك في تفسير دوره في اللغة والتخاطب.

خريطة القمح

على صعيد متصل كشف فريق من العلماء الدوليين النقاب عن الخريطة الجينية (الجينوم) لنبات قمح الخبز وهو إنجاز في مجال البحوث الزراعية ربما يفتح الباب لاستنباط أصناف جديدة ذات انتاجية عالية من هذا المحصول الغذائي المهم. وأزاح الباحثون الستار عن نتائج مشروع جينوم قمح الخبز وهو النبات الذي يعرف علميا باسم (تريتيكوم ايستيفوم).

وهؤلاء الباحثون ضمن كونسورتيوم دولي لبرنامج جينوم القمح أسسته عام 2005 مجموعة من منتجي القمح وعلماء النبات وخبراء تربية النبات. وقال فريدريك شوليه عالم وراثة النبات في المعهد الفرنسي الوطني للبحوث الزراعية وهو أحد المشاركين في الدراسة إن هذا الجهد يجعل من اليسير تحديد الجينات المسؤولة عن صفات مهمة من الوجهة الزراعية منها حجم المحصول ومدى مقاومته للأمراض والآفات وصمود المحصول في ظروف الجفاف.

وقال شوليه "قمح الخبز محصول رئيسي. إنه أشيع المحاصيل انتشارا في كل أنحاء العالم والغذاء الرئيسي لثلث سكان العالم. إلا ان خريطته الجينية معقدة للغاية وكان من المتصور ان من الصعوبة بمكان رسم هذه الخريطة." وأضاف "هذا الإنجاز جوهري في مجال الأمن الغذائي والنهوض بالزراعة المستدامة في ضوء الزيادة السكانية والتغير المناخي."

وأسهمت ضخامة التسلسل الجيني لقمح الخبز وتكراره في تعقيد الجهود الرامية الى فك شفرته الوراثية. وتضمن البحث الذي وردت نتائجه في دورية (ساينس) نحو 60 في المئة من جينات نبات قمح الخبز. وتشير تقديرات الباحثين الى ان عدد جينات القمح يصل الى 124 ألف جين وهو ما يمثل 40 مثلا لجينات الأرز وسبعة أمثال جينات الأذرة. وكان العلماء قد انتهوا من فك طلاسم الشفرة الوراثية لنباتي الأرز والأذرة. وقال الباحثون إن عدد جينات القمح يعادل خمسة أمثال جينات الانسان.

وتضمنت نتائج البحث أيضا إلقاء نظرة جديدة على كروموسومات (صبغيات) القمح وعددها 21 كروموسوما. وأكد العلماء ضرورة إستنباط أصناف جيدة من القمح. وقال بيان الكونسورتيوم "يجابه العالم تحديات هائلة حيث تشير التقديرات الى ان عدد سكان العالم سيتجاوز تسعة ملايين نسمة بحلول عام 2050 . بحسب رويترز.

ويتعين زيادة إنتاج الغذاء بنسبة تتجاوز 50 في المئة دون التوسع في الرقعة الزراعية وذلك في مواجهة ظاهرة التغير المناخي وعدم توافر المخصبات الزراعية وندرة المياه وتراجع فاعلية مكافحة الآفات." وأشار العلماء الى ان القمح من المحاصيل التي يمكن زراعتها في مختلف الاقاليم المناخية والبيئية فضلا عن سهولة تخزينه وتحويله الى دقيق (طحين) لصنع المخبوزات. وقال الباحثون إنهم سينتهون من الخريطة الجينية للقمح في غضون ثلاث سنوات.

اضف تعليق