q

قدم مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية في (ملتقى النبأ الأسبوعي) ورقته البحثية الموسومة (المجتمع العراقي والجيل الثالث من خدمة الهاتف النقال) التي قدمها الدكتور خالد عليوي العرداوي مدير المركز، حيث تعرض لتأريخ دخول هذه الخدمة لعالم الاتصالات وأهم المميزات التي ستدخل من خلالها على البنى العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها في العراق، واستهل حديثه بالحديث عن انطلاق هذه الخدمة في العراق والتي بين أنها انطلقت في 1/1 /2015 لتفتح بذلك عهدا جديدا من هذه الخدمة لم يعهدها المجتمع العراقي سابقا.

وتابع العرداوي حديثه عن اهم ميزات هذه الخدمة والتي تتميز بالسرعة البالغة 2 ميكا بايت في الثانية والذي يعمل بنوعية محددة من الجوالات، ويتيح العمل بنظام الـ CDMA النفاذ إلى مجموعة الخدمات اللاسلكية عريضة النطاق، ويتيح النفاذ إلى شبكة الانترنيت، وإمكانية الاتصال بالصوت والصورة، والوصول إلى جميع مناطق الدولة بما فيها الوعرة والنائية. بحيث يكون جهاز الموبايل أكثر من مجرد جهاز هاتف وإنما حاسوب وتلفزيون وجريدة وبطاقة ائتمان بنفس الوقت، فضلا عن مردوده المالي على ميزانية الحكومة العراقية وتشغيلها الكثير من الأيادي العاملة.

كما تعرض العرداوي إلى أهم المخاطر ومنها انتهاك الخصوصية والاطلاع على معلومات سرية وسهولة تحديد الموقع الجغرافي للمشترك، وإضافة تكاليف مضاعفة على المشتركين لشراء برامج الحماية.

وبعد قراءة الورقة البحثية طرح العرداوي ثلاث تساؤلات مهمة أحاطت بجوانب الحدث العلمية، والقانونية، والاجتماعية: وعن السؤال الأول: هل أنت مع إطلاق خدمة الجيل الثالث أم لا؟. كان الدكتور قحطان الحسيني مع إطلاق الخدمة قائلا: أنها خدمة ضرورية وتحقق غاية أو مصلحة للناس وهي لا تخلو من سلبيات رغم ايجابياتها الكثيرة.

من جهته أوضح الأستاذ مصطفى فؤاد الباحث والأكاديمي من واشنطن أن الهواتف الذكية والاتصالات السريعة هي طريقة متطورة وسريعة لتوصيل المعلومة إلى الجمهور للتأثير في الرأي العام، والذي يوصل المعلومة أسرع للآخرين، هو الذي يمتلك القرار، ومثال على ذلك هو التنافس بين الوكالات ومنها (CNN) وفوكس نيوز التي تسِعى أن تكون لها أولوية في التأثير على الجمهور والتنافس ليس على نقل الأخبار فقط وإنما يحصل على التطور التكنولوجي مما يؤثر على الرأي العام، ومع ذلك فانه من المؤيدين لفكرة اطلاق الجيل الثالث.

وأيد الدكتور حازم البارز إطلاق هذه الخدمة وأكد على ضرورة مواكبة العصر مع الاهتمام بالسيطرة الالكترونية عليها وكذلك تطويرها.

وأثار حيدر المسعودي نقطة مهمة مع تأييده للفكرة وهي: بما ان دول العالم استخدمت الجيل الرابع الان فقد أصبحت خدمة الجيل الثالث بدائية، وإذا كانت كذلك فلماذا لا ننتقل إلى خدمة الجيل الرابع على أن يوفر المشرع القانوني أو الدولة نوع المحاسبة والمراقبة بدل إن نشرع مرتين مرة للجيل الثالث ومرة للجيل الرابع..

وأعرب الأستاذ احمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات عن تأييده للمشروع قائلا: إن المجتمعات عادة لا ترحب بأي شيء جديد، ويبدأ الموضوع بمواجهه وتشكيك مادام هذا الشيء ضبابي وغير معروف وغريب والمجتمع العراقي يتوجس ويشكك في البداية، لكنه يحتاج بهذا الوقت إلى طرح هذا النوع من الخدمة.

وشاركه في الطرح الدكتور محمد حمزة من جامعة بغداد حيث قال: إنها خدمة ضرورية للمجتمع العراقي، لان اقتصادنا قطاع خاص ومفتوح ولا تتدخل الحكومة في هذه الصناعة.

في حين أعلن الدكتور احمد المسعودي من كلية العلوم الإسلامية: رفضه الشديد للفكرة وهو يعتقد أنها مضرة للمجتمع العراقي، لأنها تحول المجتمع إلى مراقب ومعاقب ويتحول المجتمع إلى سجن كبير وخصوصا مجتمعات العالم الثالث لأنها تؤثر على العقول وتخترق خصوصية المستخدم.

وشاركه الرأي الدكتور محمد علي ياسين قائلا: طالما العراق منتهك السياسة برا وجوا أنا ضد هذه الخدمة.

واعتبرها الباحث باسم الحسناوي: خطوة جبارة وجيده وضرورية مع اكتمال التشريعات القانونية.

من جانبه أوضح الشيخ مرتضى معاش رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام: إن التأخير في  إطلاق الجيل الثالث مربوطة بعقلية السلطة وصانع القرار قبل عام 2015 أي قبل اطلاقها في هذا العام، لأنها عقلية مركزية وتنظر لهذه الخدمة من باب والقلق التي تراه وتعتقد أنها خطر على سياستها وسلوكها، كما أشار إلى كتاب العالم (الفن توكنر) القائل: (إن من يملك المعرفة يملك السلطة).

وعن سؤال الدكتور خالد العرداوي الثاني عن أهم التأثيرات والتحديات على المجتمع العراقي من جراء تفعيل خدمة الجيل الثالث؟: تابع الشيخ مرتضى معاش قائلا: ان المعلومات هي قوة للشعوب وغالبا ما نرى إن أسوء المجتمعات هي التي فيها تضييق وتكتم بالمعلوماتية، واليوم أدوات السلطة الفاسدة تخاف من المعلومات حيث يقل الفساد وتزداد الشفافية كلما ازدادت المعلوماتية، ويزداد الفساد في أحوال المنع والحظر وما إلى ذلك. وبدون شك ان المجتمع العراقي بحاجة إلى توجيه أخلاقي لتوجيه الاستخدام، لان النوازع الشريرة عند الإنسان تنمو مع ازدياد المنع فيزداد الانحراف الأخلاقي. وأشار معاش في ذلك الى سلسلة دراسة كتبها عن المعلوماتية وتحدياتها وآليات استيعابها نشرت في مجلة النبأ في مطلع عقد الالفية الجديد.

وعودة إلى الأستاذ مصطفى فؤاد من واشنطن فأنه يرى: إن الجيل الثالث يخلق الأرضية لخلق مجتمع مدني افتراضي، وانه سيخلق تأثير ايجابي ويعطي للحكومة قدرة على محاربة الخلايا الإرهابية، فضلا عن السيطرة على العمليات المصرفية وغيرها.

وتحدث الدكتور قحطان الحسيني عن التأثيرات السياسية قائلا: مازال المجتمع العراقي يعيش في ظل عقلية الأنا وأي شيء جديد (هو رجس من عمل الشيطان)، وأوضح أن الشركات المستثمرة لهذا الجيل لا تهدف إلى خرق قيم المجتمعات بل تهدف إلى تحقيق الربح المادي بالدرجة الأولى.

من جانب آخر تحدث السيد علي الطالقاني مدير مؤسسة النبأ للثقافة والأعلام عن التأثيرات السلبية قائلا: أن هذه التقنية ممكن استخدمها من قبل التنظيمات الإرهابية، حيث ان خدمة تحسين الخرائط جيدة جدا في هذه الخدمة وهي توضح بالأمتار والسنتمترات وهذه الخدمة تستفيد منها التنظيمات الإرهابية، فضلا عن انه يسمح بتنزيل الصور في الواتس آب والفايبر. ومن جوانبها الايجابية انه يمكن الاستفادة منها في الجوانب العلمية والتربوية وتوفير فرص العمل والتعليم.

وعن التحديات القانونية قال الدكتور علاء إبراهيم الحسيني أستاذ القانون في جامعة كربلاء: إن الأساس القانوني موجود منذ عام 1951في المادة رقم 140 والتي نصت على أن للحكومة حق التعاقد مع الشركات والأفراد. وفي دستور 2005 المادة 114 نصت: أن حزم البيانات تمنحها فقط الحكومة الاتحادية وهي التي تنظم الترددات البثية وصدرت تعليمات في عام2007 لتنظيم الإشعاعات غير المؤينة وسمحت للشركات استخدام إي تأيينة خاصة بالانترنيت مع الحصول على رخصة (عقد) وحسب المادة 102، وعليه حصلت التراخيص للشركات العاملة في العراق الآن من حق هذه الشركات إن تطلق خدمة الجيل الثالث، وبالنسبة للتحديات القانونية الأخرى قد تحصل إشكاليات قانونية على المجتمع لان العلاقة بين الحكومة والشركة هي علاقة عقدية إدارية وبين الشركة والمجتمع هي عقدية مدنية، وإذا حدثت إشكالات بين المستهلكين يوجد هناك الكثير من المواد القانونية منها: التشهير أو إساءة الاستعمال، إذن هناك منظومة قانونية لحماية المستهلك.

وبعد هذا خرج الملتقى بعدد من التوصيات والاقتراحات لتنظيم عملية الاستفادة من خدمة الجيل الثالث

منها:

1- الدعوة إلى عدم التخوف من اطلاق هذه الخدمة مع ان يكون دور للحكومة في اتخاذ السبل الكفيلة بتنظيم هذه العملية وحماية المستهلك.

2- خلق ثقافة الاستخدام وتوظيف هذه الخدمة لإيصال المعلومة وصناعة الأفكار.

3- أن تصنع الدولة جيشا رديفا للجيش العراقي من التقنيين والفنيين وتوظيفها لخدمة المجتمع العراقي امنيا وصحيا وتربويا.

4- مواكبة التطورات في دول العالم لإصدار قوانين وتشريعات تنظم عمل المستفيدين والمستثمرين من هذه الخدمة.

5- أن تقوم منظمات المجتمع المدني بدورها لتوعية المجتمع في استخدام هذا الجيل من الخدمة.

اضف تعليق