q

قلق كبير ينتاب العلم، بسبب مواصلة اسعار سلّم الهبوط، ولم تكن الدول التي تعتمد على النفط هي الخاسر الأكبر، فهناك شركات كبرى قد تغلق أبوابها، وقد بدأت بالفعل بتسريح عشرات الآلاف من عمالها وموظفيها، في اجراء ينم عن عدم الشعور بالمسؤولية، فالمهم لديهم هو خفض التكاليف لمواجهة الخسائر، أما العامل في ظل النظام الرأسمالي فهو الذي يتكفل نفسه، فالشركة لا تعبأ به، حتى حكومته ليست معنية به.

قد يكون سلوك الشركات المنتجة للنفط سليما كما تراه هي حول تسريح العمال، ولكن أين المنطق الانساني، وهل فكر أصحاب الأرصدة المكدسة في البنوك بهؤلاء العمال وكيفية عيشهم في عالم لا يمنح شيئا إلا مقابل المال، فالخطر لا يخص الدول المنتجة للنفط وشعوبها، انما هناك خطر بات يهدد عمالا وموظفين بعشرات الآلاف يعملون في شركات نفطية كبرى، بدأت خسائرها تطيح بآمالها الاقتصادية الكبيرة.

فقد قال بن فان بيوردن، الرئيس التنفيذي لشركة شل "نجري تغييرات كبيرة في الشركة، ونعيد تركيز الأولويات في شركة شل ونسعى للتكيف مع انخفاض أسعار النفط. وكما أشرنا سابقا، سوف يشمل هذا التخلي عن نحو 10 آلاف موظف ومتعاقد بالأمر المباشر في 2015-2016 في كل من الشركتين." وقال بيوردن إنه سيتخذ إجراءات أخرى إذا لزم الأمر، مضيفا: "سوف تتخذ شل قرارات أخرى مؤثرة حتى تتمكن من التغلب على تداعيات تراجع أسعار النفط، إذا استدعت الظروف ذلك". ويرى الخبراء أن مثل هذه الاجراء تعد في غاية الاهمية لمواجهة مسلسل الخسائر المتواصل والهبوط الكبير في اسعار النفط، بعض الشركات لم تمر بمثل هذه الخسائر الفادحة منذ عقود، مما شكل لها هذه الهبوط ضربة قاصمة.

فقد أعلنت شركة النفط والغاز البريطانية بي.بي عن أسوأ نتائج سنوية فيما يزيد عن 20 عاما في 2015 وقالت إنها ستخفض آلاف الوظائف في ظل الانخفاض الحاد لأسعار النفط. وقالت الشركة -التي لا زالت ترزح تحت عبء التكلفة الضخمة لتسرب نفطي في خليج المكسيك في عام 2020- إنها ستخفض سبعة آلاف وظيفة بحلول عام 2017. وتأتي مثل هذه الاجراءات المجحفة كطريقة لا بديل عنها لمواجهة موجة هبوط اسعار النفط حيث يتوقع الخبراء هبوطا مستمرا في ظل الظروف الراهنة، فيما يرى آخرون تحسن الاسعار في الربع الاخير من هذه السنة، وتبقى التوقعات تدور في دائرة تراجع الاسعار اكثر من ارتفاعها، مما يتسبب بتواصل انخفاض الارباح بصورة تربك الاسواق وتدفع السركات الى اتخاذ اجراءات غير مسبوقة.

أدنى ربح سنوي لشركة شل النفطية

في هذا السياق أعلنت رويال داتش شل أكبر شركة نفط في أوروبا تحقيق أدنى ربح سنوي لها في ما لا يقل عن 13 عاما مع تضرر الأرباح جراء هبوط أسعار النفط. وقالت شل -التي وافق مساهموها الأسبوع الماضي على استحواذها على منافستها بي.جي- إن أرباح 2015 هبطت 87 في المئة على أساس سنوي إلى 1.94 مليار دولار بما يتوافق مع توقعات المحللين.

وهبطت أرباح الشركة على أساس التكلفة الحالية للإمدادات مع استبعاد بنود محددة في الربع الأخير بنسبة 44 في المئة إلى 1.83 مليار دولار. وهذه هي الطريقة المفضلة للشركة في حساب الأرباح. وبلغ الإنفاق الرأسمالي لشل في العام بالكامل 28.9 مليار دولار بما يقل 8.4 مليار دولار عن 2014. ومن المتوقع أن يبلغ الإنفاق الرأسمالي المجمع لمجموعة شل-بي.جي 33 مليار دولار في 2016 بانخفاض بنسبة 45 في المئة عن إنفاقهما المجمع. وقالت شل إنها باعت أصولا بقيمة 5.5 مليار دولار في 2015. بحسب رويترز.

إلغاء 10 آلاف وظيفة

أكدت شركة "رويال داتش شل" للنفط أنها ستلغي 10 آلاف وظيفة في ظل أكبر انخفاض في أرباحها السنوية منذ 13 عاما. وحققت الشركة أرباحا بلغت 1.8 مليار دولار خلال الربع الرابع من العام، مقارنة بـ4.2 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق. ووصلت أرباح الشركة خلال عام 2015 إلى 3.8 مليار دولار، مقارنة بـ 19 مليار دولار عام 2014.

وأشارت شركة النفط متعددة الجنسيات مؤخرا إلى أنها ستعلن انخفاضا كبيرا في الأرباح. وفي الشهر الماضي، صوت حاملو الأسهم في الشركة، وهي الأكبر من نوعها في أوروبا، لصالح الاستحواذ على مجموعة "بي جي" البريطانية للغاز التي تعد منافسا أصغر لها. وأعلنت الشركة أنها ستلغي 10 آلاف وظيفة إذا مضت الصفقة قدما.

وقال بن فان بيوردن، الرئيس التنفيذي لشركة شل: "صفقة الاستحواذ على مجموعة بي جي، التي نتوقع إتمامها في غضون أسابيع، تعد بداية فصل جديد في تاريخ شركة شل، وهو ما سيؤدي إلى تجديد نشاط الشركة وتحسين عائدات المساهمين."

وأضاف: "نجري تغييرات كبيرة في الشركة، ونعيد تركيز الأولويات في شركة شل ونسعى للتكيف مع انخفاض أسعار النفط. وكما أشرنا سابقا، سوف يشمل هذا التخلي عن نحو 10 آلاف موظف ومتعاقد بالأمر المباشر في 2015-2016 في كل من الشركتين." وقال بيوردن إنه سيتخذ إجراءات أخرى إذا لزم الأمر، مضيفا: "سوف تتخذ شل قرارات أخرى مؤثرة حتى تتمكن من التغلب على تداعيات تراجع أسعار النفط، إذا استدعت الظروف ذلك."

وفي وقت اقتراح الاستحواذ على مجموعة "بي جي"، كان سعر النفط يصل لنحو 55 دولارا للبرميل، لكنه انخفض بشكل حاد منذ ذلك الحين ويصل في الوقت الحالي لنحو 30 دولارا للبرميل، مما دفع بعض المساهمين للاعتراض على خطة الاستحواذ. وقالت شركة "ستاندرد لايف"، وهي مستثمر رئيسي في شركة شل، الشهر الماضي إن سعر النفط يجب أن يصل لنحو 60 دولارا للبرميل حتى يكون هناك مبررا من الناحية المالية للاستحواذ على مجموعة "بي جي".

لكن غالبية المساهمين في شركة شل صوتوا الشهر الماضي لصالح هذه الصفقة.

وقالت شل إنها خفضت تكاليف التشغيل خلال العام بمقدار أربعة مليارات دولار، أو نحو عشرة في المئة، وأن من المتوقع تقليص التكاليف بمقدار ثلاثة مليارات دولار أخرى خلال العام الجاري. كما خفضت الشركة الاستثمارات بشدة خلال هذا العام، مع انخفاض الإنفاق الأساسي بمقدار 8.4 مليار دولار عن العام الماضي ليصل إلى 28.9 مليار دولار.

وباعت شركة شل أصولا بقيمة 5.5 مليار دولار خلال عام 2015، وتخطط لبيع أصول أخرى بقيمة 30 مليار دولار. وتحسب نتائج شركة شل على أساس تكلفة استبدال الأصول، وهو ما يعكس التكلفة الحالية للمستلزمات، وينظر إلى ذلك على نطاق واسع باعتباره أفضل مقياس للأداء الأساسي لشركات النفط.

وكان الدافع وراء انخفاض أسعار النفط هو زيادة المعروض، ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى النفط الصخري الأمريكي الذي أغرق الأسواق. وفي الوقت نفسه، انخفض الطلب بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين وأوروبا. وحذرت الوكالة الدولية للطاقة في الآونة الأخيرة من أن السوق قد "يغرق في زيادة المعروض". وقالت الوكالة، التي تقدم المشورة للدول بشأن سياسات الطاقة، إنها تتوقع أن يستمر إغراق الأسواق العالمية حتى أواخر عام 2016 على الأقل.

وشعر المستثمرون بقلق آخر في الآونة الأخيرة بعد رفع العقوبات الغربية المفروضة على إيران، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم مشكلة زيادة العرض الحالية، إذ يتوقع نائب وزير النفط الإيراني ركن الدين جوادي أن تزيد بلاده إنتاجها من النفط بمقدار 500 ألف برميل يوميا.

تراجع أرباح إكسون موبيل

في سياق مقارب أعلنت شركة النفط الأمريكية الكبرى إكسون موبيل انخفاضا بلغ 58 في المئة في أرباحها الفصلية حيث أضر هبوط أسعار النفط بنتائج أكبر شركة نفطية مدرجة في العالم. وقالت إكسون موبيل ومقرها تكساس بالولايات المتحدة إن أرباحها في الربع الأخير من العام الماضي هبطت إلى 2.78 مليار دولار أو 67 سنتا للسهم من 6.57 مليار دولار أو 1.56 دولار للسهم في الفترة المماثلة من 2014. وأضافت الشركة أن إنتاجها من النفط والغاز ارتفع 4.8 في المئة في الربع الأخير. بحسب رويترز

بي.بي تعلن أسوأ نتائج سنوية

في حين أعلنت شركة النفط والغاز البريطانية بي.بي عن أسوأ نتائج سنوية فيما يزيد عن 20 عاما في 2015 وقالت إنها ستخفض آلاف الوظائف في ظل الانخفاض الحاد لأسعار النفط. وقالت الشركة -التي لا زالت ترزح تحت عبء التكلفة الضخمة لتسرب نفطي في خليج المكسيك في عام 2020- إنها ستخفض سبعة آلاف وظيفة بحلول عام 2017 توازي نحو تسعة في المئة من القوة العاملة في الشركة. ونزل سهم بي.بي نحو سبعة في المئة في لندن عقب الاعلان عن الأرباح وكان أكبر الخاسرين على مؤشر يوروفرست 300.

وأبقت بي.بي على التوزيعات النقدية عند عشرة سنتات للسهم ولكن النتائج الضعيفة والتوقعات المستقبلية سيكثفان الضغوط على الشركة التي اضطرت لاقتراض مبالغ أكبر. وأعلنت الشركة أنها منيت بخسائر 6.5 مليار دولار في 2015 وهي أسوأ من نتائجها في عام 2010 حين وضعت في حساباتها تكلفة تسرب نفطي في خليج المكسيك حيث بلغت قيمة التعويضات المدنية والجنائية وتكلفة التطهير نحو 55 مليار دولار. وبلغ صافي الدخل في الربع الأخير 196 مليون دولار وهو ما يقل كثيرا عن توقعات المحللين عند 730 مليون دولار.

ونتائج بي.بي أحدث نتائج ضعيفة لأرباح الربع الأخير في القطاع وأعلنت شيفرون ثاني أكبر منتج في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي أول خسائر فصلية فيما يزيد عن 13 عاما بينما يتوقع أن تعلن رويال داتش شل تراجع الأرباح إلى نحو النصف. وبلغ متوسط سعر مزيج برنت الخام 43 دولارا في الربع الاخير من 2015 مقابل 76 دولارا قبل عام. ومن المتوقع أن تستمر أسوأ موجة هبوط يشهدها القطاع في ثلاثة عقود اذ يبلغ متوسط سعر برنت منذ بداية العام 33 دولارا بحسب رويترز.

في سياق مقارب وافق مساهمو رويال داتش شل على صفقة شراء مجموعة بي.جي مقابل 50 مليار دولار ليزيلوا العقبة الرئيسية الأخيرة أمام إقامة أكبر شركة لتجارة الغاز الطبيعي المسال في العالم. ومن المتوقع أن يوافق مساهمو بي.جي أيضا على الصفقة وهي واحدة من أكبر الصفقات في قطاع الطاقة في السنوات العشر الماضية اثناء اجتماع يوم الخميس وهو ما سيسمح لشركتي النفط والغاز بالاندماج في 15 فبراير شباط.

ولم يشكك المستثمرون صراحة في المزايا الاستراتيجية للصفقة بالنسبة لشل. لكن في ظل تدني سعر النفط قرب 30 دولارا للبرميل وتوقع أن يكون التعافي بطيئا يتساءل البعض عن جدوى الصفقة التي ستزيد عبء ديون شل. وفي الساعة 1325 بتوقيت جرينتش ارتفعت أسهم بي.جي 1.3 بالمئة في حين تراجعت أسهم الفئة ب لشل 0.5 بالمئة وهبط مؤشر قطاع النفط والغاز الأوروبي 0.9 بالمئة وهو ما يقيم عرض شل المكون من مبلغ نقدي وأسهم بنحو 50 مليار دولار. وقال بن فان بوردن الرئيس التنفيذي لشل "ينصب تركيزنا الفوري على إتمام الصفقة بنجاح وننتظر الآن نتائج تصويت مساهمي بي.جي غدا."

وفي التصويت الذي جرى خلال اجتماع في لاهاي وافق 83 بالمئة من مساهمي شل على الصفقة التي رفضها 17 بالمئة. ووفقا لبيانات رويترز فان أكثر من 40 بالمئة من مساهمي شل يملكون أيضا نحو نصف أسهم بي.جي.بحسب رويترز.

إلغاء مشاريع قيمتها 170 مليار دولار

من جهتها قالت وود ماكنزي لاستشارات الطاقة إن مشاريع في قطاع النفط والغاز بقيمة 380 مليار دولار تأجلت أو ألغيت منذ 2014 في الوقت الذي تخفض فيه الشركات التكاليف لتجاوز أزمة أسعار النفط وشمل ذلك مشروعات بقيمة 170 مليار دولار كان من المخطط تنفيذها بين 2016 و2020. وهبطت أسعار النفط 70 بالمئة منذ منتصف 2014 إلى ما يزيد قليلا على 30 دولارا للبرميل حيث أدت زيادة الإنتاج عالميا إلى فائض يصل إلى مئات الآلاف من البراميل يوميا في الوقت الذي يتراجع فيه الطلب بشكل ملحوظ وبخاصة في آسيا التي كانت ذات يوم سوقا مزدهرة للخام. وقالت وود ماكنزي في تقرير نشر يوم الخميس إن شركات النفط والغاز اضطرت لاختيار مسار النجاة في الوقت الذي هبطت فيه أسعار النفط إلى مستويات لم تشهدها منذ 2004.

وقال أنجوس رودجر محلل أنشطة المنبع لدى وود ماكنزي "أثر تدني أسعار النفط على خطط الشركات كان قاسيا. ما بدأ في أواخر 2014 تهذيبا للإنفاق التقديري على التنقيب والمشروعات السابقة للتطوير صار عملية جراحية مكتملة لإلغاء كل الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي غير الضروري." وقالت وود ماكنزي إنه جرى تأجيل 68 مشروعا كبيرا في المجمل منذ 2014 باحتياطيات مجمعة تبلغ نحو 27 مليار برميل من المكافئ النفطي وبما يشمل خفضا بقيمة 170 مليار دولار في الفترة من 2016 إلى 2020. وأضافت أن إنتاج 2.9 مليون برميل يوميا من السوائل سيتأجل إلى العقد التالي أي ما يزيد على حجم ما تنتجه فنزويلا عضو منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). بحسب رويترز.

تخفيض الاستثمارات مجددا

في السياق نفسه ومع هبوط أسعار النفط لأدنى مستوياتها في أحد عشر عاما تواجه الشركات العالمية الكبرى المنتجة للنفط والغاز أطول فترة من انخفاض الاستثمارات خلال عقود لكن من المتوقع أن تلجأ لمزيد من الاقتراض للحفاظ على مستويات توزيعات الأرباح التي يطلبها المستثمرون. وعند نحو 37 دولارا للبرميل فإن أسعار النفط تقل كثيرا عن 60 دولارا وهو المستوى الذي تحتاجه شركات مثل توتال وشتات أويل وبي.بي لموازنة دفاترها والذي شهد بالفعل تراجعا حادا على مدى الثماني عشرة شهرا الماضية.

وتجد شركات النفط العالمية نفسها مضطرة مجددا لخفض الإنفاق وبيع أصول وتقليص وظائف وتأجيل مشروعات مع عدم ظهور أي علامات على تعافي النفط من الهبوط. وأعلن منتجون في الولايات المتحدة من بينهم شيفرون وكونوكو فيليبس عن خطط لخفض ميزانياتهم في 2016 بنحو الربع. وأعلنت رويال داتش شل أيضا عن خفض جديد في الإنفاق بقيمة خمسة مليارات دولار إذا مضت صفقتها المزمعة للاستحواذ على بي.جي جروب قدما. وتشير تقديرات ريشتاد إنرجي للاستشارات ومقرها أوسلو إلى أن من المتوقع انخفاض الاستثمارات العالمية في النفط والغاز إلى 522 مليار دولار في 2016 مسجلة أدنى مستوياتها في ست سنوات بعدما هبطت 22 في المئة إلى 595 مليار دولار في 2015. وقال بيورنر تونهوجن نائب الرئيس لأسواق النفط والغاز لدى ريشتاد إنرجي لرويترز "ستكون تلك المرة الأولى منذ هبوط أسعار النفط في عام 1986 التي نرى فيها انخفاض الاستثمارات لعامين متاليين."

وبالنسبة للأنشطة التي ستستمر فستكون تلك التي تدر أفضل العائدات. لكن مع انخفاض نسبة الدين إلى حقوق المساهمين نسبيا في القطاع إلى نحو 20 في المئة أو أقل تقول مصادر في صناعة النفط والغاز إن الشركات ستلجأ إلى مزيد من الاقتراض لتغطية النقص في الإيرادات بهدف الحفاظ على مستويات توزيعات الأرباح. ولم تخفض شل مستويات توزيعات الأرباح منذ عام 1945 وهو تقليد لا تريد إدارتها الحالية تغييره. وتعارض الشركات الأخرى في القطاع أيضا خفض توزيعات الأرباح للمساهمين ومن بينهم أكبر صناديق استثمار ومعاشات في العالم خوفا من هروب المستثمرين.

وقال جيسون جاميل المحلل لدى جيفريز إن إكسون موبيل وشيفرون تستفيدان من حقيقة أن مستويات الدين لديهما هي الأقل من نوعها بين الشركات النفطية الكبرى بينما تتحمل شتات أويل وريبسول أكبر أعباء ديون. ومع إقرار حفنة فقط من المشروعات الكبيرة خلال في 2015 - ومن بينها مشروع أبوماتوكس لشل في خليج المكسيك ومشروع حقل يوهان سفيردروب العملاق لشتات أويل في بحر الشمال والذي يتكلف 29 مليار دولار - فمن المرجح أيضا أن يشهد عام 2016 الموافقة على مشروعات استثمارية كبرى قليلة.

ومن بين المشروعات التي ربما ترى الضوء الأخضر المرحلة الثانية لماد دوج في خليج المكسيك لبي.بي حيث تتوقع الشركة الآن أن تبلغ التكلفة أقل من عشرة مليارات دولار وهو نصف التقديرات الأصلية تقريبا وتوسعة مشروع تنجيز لشل في قازاخستان بحسب جاميل. وعلى مستوى القطاع سيتم خفض النفقات من خلال تقليص حجم المشروعات وإعادة التفاوض حول عقود الإنتاج واستخدام تكنولوجيا أقل تعقيدا. وقال بريندان وارن محلل شؤون النفط والغاز لدى بي.إم.أو كابيتال ماركتس إنه بعد نمو سريع في النصف الأول من العقد حينما كانت أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل من المتوقع أن تركز الشركات الآن على الأنشطة الأعلى ربحية.

وأضاف "تريد الشركات تقليص حجم أنشطتها والتركيز على تلك الأنشطة التي تدر أعلى عائد على رأس المال." وتعتزم شل - التي تخطط لاستكمال استحواذها على بي.جي في فبراير شباط في صفقة قيمتها 54 مليار دولار - التركيز على سوق الغاز الطبيعي المسال المغرية وعلى إنتاج النفط في المياه العميقة وبصفة خاصة في البرازيل وهي مجالات تحتل الشركة فيها مركزا رائدا. ومع أولويات مماثلة تركز بي.بي بشكل متزايد على خليج المكسيك ومصر حيث وافقت على مشروع بقيمة 12 مليار دولار في 2015.

وقال وارن إنه بينما تم الاستغناء بالفعل عن عشرات الآلاف من الوظائف في 2015 فمن المتوقع تسريح مزيد من العاملين هذا العام مع تقليص الشركات لأنشطتها. ومع خفض الإنفاق من خلال إلغاء أو تأخير مشروعات فإن الشركات ستشهد أيضا تقليص النفقات في ظل موافقة المتعاقدين على مزيد من الخفض في الأسعار. وعلى سبيل المثال فإن التكلفة السنوية لاستخدام مركب حفر هبطت إلى 332 ألف دولار في المتوسط في 2015 مقارنة مع 405 آلاف دولار في 2014 بحسب ريجزون التي تجمع بيانات عن القطاع.

ويشكل خفض الاستثمارات أنباء سيئة لشركات الخدمات والمقاولات والتي تشهد تقلص أنشطتها. ولكن مع الموافقة على مشروعات قليلة وتطوير حقول قليلة وتقلص أعمال الصيانة فإن الشركات تخاطر بنموها. وقال مسؤول رفيع بشركة نفطية أوروبية كبرى لرويترز "عليك أن تتمالك أعصابك. إذا خفضت أكثر من اللازم فسيكون من الصعب للغاية الاستفادة من تعافي الأسعار عندما يحدث." وأدى هبوط اسعار النفط إلى فقدان الشركات إيرادات بمليارات الدولارات رغم أن الأرباح القوية من أنشطة التكرير خففت كثيرا من أثر تلك الضربة. بحسب رويترز.

ومع الضغوط التي تتعرض لها في نمو إنتاجها الذاتي من النفط والغاز فإن الشركات ربما تتجه إلى الاستحواذ على منافسين من ذوي الميزانيات الأقل مرونة مثلما الحال في استحواذ شل المزمع على بي.جي.

تراجع أرباح بريتش بتروليوم

من جهتها قالت شركة النفط العملاقة بريتش بتروليوم (بي بي) إن أرباحها تراجعت بسبب الانخفاض الشديد في أسعار النفط والغاز. وبلغت تكلفة الإحلال في الفترة بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول 1.23 مليار دولار (802 مليون جنيه إسترليني) مقارنة بـ2.38 ملياري دولار العام الماضي. وبلغ إجمالي الإيرادات 55.9 مليار دولار مقابل 94.8 مليار دولار العام الماضي. وتراجع سعر البرميل إلى أدنى من 50 دولارا خلال هذا الربع، في الوقت الذي زاد فيه عن 100 دولار خلال مدة طويلة في الفترة ذاتها من العام الماضي، وانخفضت الأسعار بسبب زيادة العرض وضعف الطلب.

وقد انخفضت الأرباح خلال الربع الثالث إلى 1.8 مليار دولار مقابل 3 مليارات دولار في العام الماضي، متجاوزة تقديرات للمحللين بلغت 1.2 مليار دولار. وارتفع سعر سهم بي بي إلى 1.8 في المئة في بداية التداول، لتعكس تلك المكاسب التي تجاوزت التوقعات. وانخفضت مصاريف الشركة خلال تلك الفترة إلى 4.3 مليارات دولار مقابل 5.3 مليارات دولار، وهو ما يعكس البيئة القاسية في مختلف قطاعات الصناعة. وفي وقت مبكر من هذا الشهر، قالت الشركة إنها وافقت على دفع 20 مليار دولار لتسوية دعاوى قضائية في الولايات المتحدة.

فيما يقول بوب دادلي، الرئيس التنفيذي للشركة، نجحت من قبل في التكيف مع مثل هذه الظروف وعلى الرغم من المشاكل الحالية للشركة، قال محللون إن هناك أسبابا تدعو إلى التفاؤل. وقال ريتشارد هنتر، من مؤسسة "هارجريفز لانسداون" للسمسرة: "سجل هامش التكرير معدلات أعلى من المتوقعة، ولا تزال الشركة تدر نقدا، وتهدر النفقات بصورة كبيرة لتغطية تلك الخلفيات الصعبة". وأضاف "لا تزال التوقعات على المدى البعيد تجاه الشركة إيجابية".

وتهاوت أسعار النفط بسبب زيادة العرض للحجر الزيتي الأمريكي وضعف الطلب، ويرجع ذلك في جزء منه إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني. وعادة ما يخفض منتجو النفط الرئيسيون في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" الإنتاج لدعم الأسعار، لكنهم قرروا إبقاء معدلات الضخ كما هي، في محاولة لإخراج منتجي الحجر الزيتي الأمريكي من المنافسة، الذين لن يكون في استطاعتهم - كما يأمل هؤلاء - الصمود طويلا أمام تدني الأسعار. وقال بوب دادلي، الرئيس التنفيذي لشركة بي بي: "نجحت بي بي في التكيف مع الظروف المتغيرة مرات عدة في تاريخها، وفي هذا الوقت الصعب لهذه الصناعة بكاملها، أعتقد بأننا سنواجه هذه التحديات مرة أخرى".

شركات النفط البريطانية تخفض الوظائف

وقد انضمت شركتا أميك فوستر ويلر وبتروفاك البريطانيتين إلى قائمة متنامية من شركات خدمات مشروعات النفط والغاز المدرجة في لندن والتي تخطط لخفض الوظائف بسبب الهبوط الحاد لأسعار النفط. وهوت أسعار خام القياس العالمي برنت بنحو النصف في الربع الأول من العام مما دفع شركات تنقيب وانتاج كبرى إلى خفض ميزانيات الانفاق بمتوسط 10-15 بالمئة وإعادة التفاوض حول العقود مع شركات الخدمات.

وقالت أميك - التي يعمل لديها 40 ألف شخص - إنها تجري مشاورات مع 149 موظفا في أبردين وإن حوالي 64 وظيفة قد تتأثر. ومن بين عملاء الشركة رويال داتش شل وإكسون موبيل. وقال متحدث باسم بتروفاك إن الشركة تجري محادثات لخفض 100 وظيفة في مناطق بحرية وإن ما يصل إلى 100 وظيفة أخرى بمناطق برية قد تتأثر أيضا. ولم تحدد الشركة التي يبلغ عدد موظفيها 20 ألفا المناطق التي قد تتأثر بالتخفيضات في الوظائف.

وكانت جون وود جروب وهي شركة أصغر مقرها أبردين قد قالت أمس إنها تجري محادثات مع 380 موظفا بوحدتها بي.اس.ان وإن نحو 80 وظيفة قد تلغى. والقطاع البريطاني من بحر الشمال هو أحد أعلى مناطق التنقيب تكلفة في العالم وخفضت شركات نفط كبرى عاملة به مئات الوظائف. ويبلغ عدد العاملين بالمنطقة أكثر من 400 ألف شخص. وفي محاولة لمساعدة القطاع أعلنت بريطانيا الشهر الماضي سلسلة من الاجراءات منها تخفيضات ضريبية لإنعاش الانتاج الذي هوى لأدنى مستوى له منذ أن بدأت الحقول ضخ الخام في منتصف السبعينات. وتضررت الشركات التي تملك أنشطة في الولايات المتحدة أيضا واتخذت سلسلة من الخطوات تراوحت بين تجميد الأجور وإعادة الهيكلة. بحسب رويترز.

شركة بي بي دُمرت تقريبا

من جهته قال الرئيس التنفيذي لشركة بريتيش بتروليوم البريطانية، المعروفة اختصار بـ "بي بي"، إن كارثة التسرب النفطي، بإحدى المنصات التابعة للشركة قبالة السواحل الأمريكية عام 2010، أدىت تقريبا لتدمير الشركة. ووصف بوب دادلي الانفجار، الذي وقع في منصة "ديب ووتر هورايزون" لاستخراج النفط، وتداعياته بأنها "تجربة قريبة من الموت" بالنسبة للشركة. وكان الحادث واحدا من أسوأ الكوارث البيئية في الولايات المتحدة، وأدى إلى تكبد الشركة غرامات وتعويضات، وكذلك تصفية أصول بأكثر من 45 مليار دولار. وقال دادلي لبي بي سي إن الحادث كان " مأساويا"، وهز الشركة "في صميمها"، وأدى إلى تغييرات كبيرة في بنيتها التنظيمية. وأضاف: "لكي تجري تغييرات كبيرة على شركة ما، فقد يكون ذلك بمثابة تجربة قريبة من الموت أحيانا. لقد اضطررنا للتركيز على أقل ما يجب فعله، وهي الأمور التي نحتاجها لاستمرار الشركة".

وانفجرت المنصة، التي كانت تستأجرها الشركة، في العشرين من أبريل/ نيسان عام 2010، ما أسفر عن مقتل 11 عاملا، وتسرب أكثر من ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام في خليج المكسيك، على سواحل ولاية لويزيانا الأمريكية. وأثر ذلك التسرب على سواحل خمس ولايات أمريكية هي: لويزيانا، تكساس، ميسيسيبي، ألاباما، وفلوريدا، وأضر بالنظم البيئية والاقتصادات المحلية فيها. وفي عام 2012، قبلت شركة بي بي بالمسؤولية عن الكارثة، ووافقت على دفع ثلاثة مليارات جنيه استرليني للحكومة الأمريكية، لتسوية المسؤولية الجنائية عن الحادث.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وافقت بي بي على دفع 13 مليار استرليني، في اتفاق مع وزارة العدل الأمريكية لتسوية الدعاوى المدنية، التي أقامتها الحكومة الأمريكية وحكومات خمس ولايات، بشأن الأضرار البيئية والاقتصادية.

توقع انخفاض أسعار النفط لعامين قادمين

في غضون ذلك، قال دادلي أيضا إن مارك كارني، محافظ البنك المركزي البريطاني، ربما يكون قد بالغ في تقدير المخاطر المالية على صناعة النفط، التي قد تنتج عن ترك النفط والغاز في باطن الأرض، وذلك بسبب الأهداف الصارمة المتعلقة بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وكان كارني قد أشار في تصريحات له إلى أن شركات النفط ربما قد تجد نفسها، لديها الكثير مما يسمى "أصولا عالقة" واحتياطات، لا يمكن استغلالها أبدا بسبب المعايير العالمية الجديدة لانبعاثات الغاز. وقال دادلي إن كارني بالغ في تقدير المشكلة، وأنه ناقش هذه المسألة معه مباشرة. وأضاف: "لقد تحدثت مع محافظ البنك المركزي عن هذا الموضوع، وتساءلت عن هذا المصطلح". لكن دادلي قال إنه يؤيد "تماما" مخاوف كارني بشأن التغير المناخي، وإيجاد آليات صحيحة لتسعير الوقود الكربوني. وأضاف أن الاتفاق، الذي أسفرت عنه قمة باريس للتغير المناخي، والذي يهدف إلى كبح ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى ما دون درجتين مئويتين، "موضع ترحيب كبير". وأردف دادلي أن العالم لا يزال يواجه "مشكلة صعبة للغاية"، وهي تخفيض الانبعاثات الغازية، وفي ذات الوقت إنتاج طاقة تكفي لأعداد السكان المتزايدة.

وقال دادلي إن ثقة الجماهير في الشركات الكبيرة في أدنى مستوياتها، وإن الشركات عليها مسؤولية التواصل بشكل أفضل مع الموظفين، والمنظمات والمجتمعات حول العالم. وتوقع رئيس شركة بي بي أن يستمر الانخفاض الحالي في أسعار النفط "لعامين قادمين"، وربما يصل لسعر منخفض قياسي، خلال الربع الأول من العام الحالي 2016.

اضف تعليق