q

تتواصل معركة الجيش العراقي لتحرير مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، من قبضة تنظيم داعش، إذ تخوض القوات العراقية معارك شرسة ضد مقاتلي التنظيم الجهادي الذي يستميت للحفاظ على المجمع الحكومي الواقع في قلب مدينة الرمادي، فبعد الهجوم الكبير الذي شنته القوات العراقية على المدينة والذي تمكنت خلاله من كسر خطوط دفاع تنظيم الدولة الاسلامية، سرعان ما تباطأ التقدم اثر انتشار القناصة والهجمات الانتحارية والعبوات الناسفة الموزعة بشكل كثيف على الطرقات.

ويرى المراقبون ان احراز نصر سريع غير مناسب بالوقت الراهن لكنه حتمي، فقوات جهاز مكافحة الارهاب وهي قوات النخبة العراقية، والجيش العراقي يواصلان التقدم بثبات في شوارع المدينة التي دمرتها الحرب، وبلغت القوات تقاطع الحوز، وهو تقاطع استراتيجي باتجاه المجمع الحكومي، الذي تعتبر استعادته تاكيدا لفرض السيطرة الكاملة على المدينة.

إذ يرى اغلب المحللين أن تغيير موازين الحرب ممكنة وتبشر بالنهاية المحسومة لداعش، فيما لو اجتمعت نقاط القوة العراقية مع حلفائها وخاصة امريكا وايران، لكن الاخيرين لا ينسجمان الا في حال عقد صفقة خفية في العراق وهذا السيناريو لا يبدو قريبا نظرا لاحتدام الصراع وتصاعد المنافسة بشأن الحصول على المزيد من النفوذ والمصالح.

وقد أوضح واقع الحرب ضد داعش ان العراق لا يعول على امريكا كثيرا والدليل الانتصارات في معركتي بيجي وتكريت لاسيما وان امريكا تنتهج المماطلة والغموض في مساعدة العراق ودعمه، لذا بدأت تعد القوات العراقية بالتعاون مع الحشد الشعبي، لعملية عسكرية سريعة الهدف منها استعادة مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار من أيدي تنظيم داعش الارهابي، ويلاحظ المتابعون أن أمريكا بدأت بتغيير ملامح استراتيجيتها في محاربة داعش، وفقا للمتغيرات العسكرية والسياسية التي حدثت مؤخرا.

وعليه يرى الكثير من المراقبين ستكون استعادة الرمادي التي سيطر عليها الارهابيون في مايو أيار أحد الانتصارات الأبرز التي تحققها القوات المسلحة العراقية منذ أن احتلت ثلث أراضي العراق عام 2014، ومن المرجح جدا انه بعد الرمادي سيعتزم الجيش الانتقال لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل أكبر المدن العراقية في الشمال.

معارك شرسة وسط الرمادي

في سياق متصل قال النقيب احمد الدليمي وهو ضابط في الشرطة العراقية ان "معارك عنيفة تدور الان بين القوات العراقية وعناصر تنظيم داعش في منطقة الحوز وسط الرمادي"، واضاف ان المواجهات تستخدم فيها "كافة الأسلحة" وادت الى "قتل 21 عنصرا من تنظيم داعش والحاق خسائر مادية وبشرية بهم، فضلا عن استشهاد عنصرين من القوات العراقية واصابة 9 اخرين بجروح"، وقتل ثلاثة من القوات العراقية، بحسب مصادر امنية عراقية.

بدوره، قال المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ويقدم دعما جويا بشكل يومي للقوات على الارض، الكولونيل ستيف وارن لفرانس برس ان "قوات الفرقة الثامنة في الجيش العراقي وجهاز مكافحة الارهاب، يتقدمان"، واضاف ان "قوات مكافحة الارهاب قد احرزت تقدما اكثر، وهم الان على بعد عدة مئات الامتار من المجمع الحكومي"، وقد اعاقت عمليات التقدم كذلك، المدنيين والعائلات العالقة داخل مدينة الرمادي والتي يسعى التنظيم الارهابي لمنعهم من الخروج لاستخدامهم دروعا بشرية.

وكانت القوات الحكومية صامدة في الرمادي لعدة اشهر قبل ان يقدم الجهاديون على شن هجوم على المدينة في ايار/مايو الماضي استخدموا فيه عشرات السيارات الانتحارية المفخخة والجرافات المدرعة المفخخة، وتمكنوا خلاله من فرض السيطرة بشكل كامل بعد انسحاب القطاعات العسكرية.

الهدف تحرير كامل

من جهته قال العميد يحيى رسول المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة إن الجنود تقدموا ليل في حي الحوز حيث يقع المجمع الحكومي، وقال "قوات مكافحة الإرهاب تبعد 800 متر من المجمع الحكومي" بعد أن تقدمت مسافة نحو كيلومتر في اليوم السابق، وتابع "الضربات الجوية ساعدت على تفجير العبوات الناسفة والبيوت المفخخة لتسهيل تقدمنا"، وقال سامي العارضي وهو قائد في جهاز مكافحة الإرهاب إن الهدف هو "تحرير كامل مدينة الرمادي من ثلاث جهات"، وتابع "قواتنا الآن تتقدم باتجاه أهدافها لكن سبب التأخير ما عمله المجرمون من تفخيخ كل شيء". بحسب رويترز.

وامتنع رسول عن إعلان إطار زمني للهجوم النهائي لطرد المتشددين، وقال "الأولوية في هذه العملية هي تجنب إيقاع خسائر ضمن صفوف المدنيين والقوات بغض النظر عن الوقت الذي تستغرقه"، وقال مسؤولون عسكريون إن عملية انتزاع السيطرة على الرمادي سوف تستغرق عدة أيام، فيما قال رئيس الوزراء حيدر العبادي في بيان نشره موقع إلكتروني حكومي "تحرير الموصل العزيزة سيتم بتعاون ووحدة جميع العراقيين بعد الانتصار المتحقق في مدينة الرمادي".

دروع بشرية

على الصعيد نفسه تمكنت عشرات العائلات التي كان يستخدمها تنظيم الدولة الاسلامية دروعا بشرية في مدينة الرمادي من الفرار وقام الجيش بايوائها في منطقة الحبانية الى الشرق من الرمادي، وقال سعد الدليمي (47 عاما) احد هؤلاء الفارين "مسلحو داعش استخدمونا كدروع بشرية للهرب معهم لتجنب استهدافهم من الطائرات والقوات الامنية قبل ان يطلقوا سراحنا". بحسب رويترز.

واضاف ان "مدينة الرمادي تشهد معارك متواصلة بين قوات الامن وعناصر داعش (...) عشرات الاسر متواجدة حاليا داخل منازلها ولا يمكنها الخروج بسبب قصف الطائرات واصوات الانفجارات والمواجهات"، واشار الى ان "وضع العائلات داخل الرمادي صعب جدا بسبب نفاد الغذاء من المحال التجارية وكنا نعيش على التمر وما بقي لدينا من مواد غذائية".

معركة استنزاف

الى ذلك قال العقيد ديفيد ويتي وهو ضابط متقاعد من القوات الأمريكية الخاصة ومستشار سابق لقوات مكافحة الإرهاب "لقد كانت معركة الرمادي معركة استنزاف، وقد عزلت المدينة لفترة طويلة"، وقال العقيد ويتي إن استعادة الرمادي "قد يكون لها بعد رمزي في تقوية المقاومة في الأنبار ضد داعش بدعم من القوات العراقية".

ويتوجب على القوات الحكومية التي يساندها طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، التحرك بحذر شديد في هذه المدينة التي خلت شوارعها وبدت عليها اثار الدمار، ويقوم تنظيم الدولة الاسلامية قبل الانسحاب من مواقعه بتفخيخ الشوارع والطرق المنازل ويهرب من خلال انفاق قد تكون كذلك مفخخة وتحوي على كمية كبيرة من المتفجرات، وعثرت القوات الامنية خلال عمليات التمشيط للاحياء التي حررتها على كميات كبيرة من الاسلحة والاعتدة بينها صواريخ عملاقة مصنعة من قوار ير غاز الطبخ، ويقدر المسؤولون عدد مسلحي التنظيم قبل الهجوم الاخير ب300 من مقاتلي التنظيم الذين يتواجدون في مركز المدينة.

اضف تعليق