q

التداخل في المصالح السياسية المتضاربة للسيطرة على النفوذ الاقليمي في منطقة الشرق الاوسط دفع باتجاه اندلاع العديد من الحرائق والحروب في هذه المنطقة، خصوصا بين الدول المتصارعة بالوكالة، وقد بلغت الذروة عقب الفوضى التي اعقبت الاحتجاجات العربية ضد الانظمة الفاسدة والحكام المستبدين فيها، والتي عرفت لاحقا بثورات (الربيع العربي)، لكن هذا الامر لم يمنع من وجود خصوصية للحرب او الصراع الدائر بين هذه الاطراف، حول ملفات معينة لدول محددة، (ذات حساسية عالية)، يمكن التفاهم بشأنها من باب التبادل المنفعي... وان كانت هناك خصوصية قد تتميز بها عن الاخرين.

بين نقاط الشبه والخلاف الدائرة حول مناطق النفوذ والقوة وبسط الهيمنة بصورة افقية وعامودية، تختفي الكثير من التفاصيل، خصوصا عندما يتم برمجة الامور اعلاميا وعسكريا وسياسيا للتحرك باتجاهه التحشيد الاعلامي والحراك الدبلوماسي، اضافة الى ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية في النمطقة المستهدفة.

في سوريا يختلف الوضع كثيرا عنه في اليمن... لكن هذا لا يمنع من وجود نقاط شبه بين الازمتين... وان كانت الازمة السورية اكثرا عمقا وتعقيدا عن اليمن، ومع هذا فان اغلب الحلول الاممية والوساطات الدولية، قد تم رفضها مسبقا من قبل السعودية، التي تدخلت في اليمن بشكل مباشر، وشكلت، (تحالف عربي)، انضمت اليه 10 دول عربية، اضافة الى الولايات المتحدة الامريكية.

في مقابل السعودية... هناك ايران، وهي دولة اقليمية ذات نفوذ مهم في المنطقة، تحاول ان تصنع لنفسها المزيد من الحضور السياسي والاقتصادي والعسكري في محيطها، والتخلص من القيود الاقتصادية (العقوبات)، والسياسية (المقاطعة)، لتحقيق ما تصبو اليه من كسب المزيد من النفوذ... ويرى الكثير من المتابعين، ان هذا الصراع بين ايران والسعودية، يعتبر احد اهم اسباب عدم الاستقرار في المنطقة، سيما على مستوى الامن، بعد ان رفضت جميع الوساطات للتقارب والحوار، اضافة الى توسع الرقعة الجغرافية التي يتصارع بها الطرفان، بصورة غير مباشرة... لكنها واضحة.

في سوريا استمرت الحرب خمس سنوات... وما زالت، اما في اليمن فما زالت الحرب في شهرها السابع، وعندما تتابع المشهد السوري واليمني تجد ان ربطا عجيبا في تصعيد الامور العسكرية او التهدئة السياسية قد جرت في اوقات متقاربة، وبلسان يكاد يجمع الجبهتين في خندق واحد، والاوضح من ذلك... ان ايران واصلت اتهامها للنظام السعودي بانه المتسبب الرئيسي باشعال فتيل الازمة السورية، وتدفق الجماعات المتطرفة اليها بهدف اسقاط نظام الاسد القريب منها (ايران)... كما تتهمها بالعدوان ظلما وعدوانا على اليمن الذي لا حول له.

بالمقابل... فان السعودية، روجت لحربها في اليمن، على اساس "قطع اليد الايرانية في الخليج"، بعد ان اعتبرت ان (الحوثيين) جزء من طموحات ايران التنافسية في الخليج، فيما اصرت السعودية، على اسقاط نظام الاسد، ومنع ايران من المشاركة في اي مؤتمر دولي يبحث عن مستقبل سوريا عبر الحلول السياسية، باعتبار ان ايران شريك مع الاسد في الازمة السورية.

مؤخرا ظهرت عدة مؤشرات على قرب حدوث بعض التغيرات السياسية والعسكرية المهمة في المنطقة، عدها المراقبين مؤشرات ايجابية، قد تصب في مصلحة الامن والسلم المهزوز في منطقة الشرق الاوسط... لعل ابرزها:

- اعلان الولايات المتحدة الامريكية توجيه دعوة رسمية لمشاركة ايران في مباحثات السلام المتعلقة بسوريا في فينا، ايران تقبل الدعوة وترشح وزير خارجيتها (ظريف) لتمثيلها.

- التنازلات التي قدمتها السعودية امام سقف مطاليبها المرتفع في سوريا، بعد ان جعلت رحيل الاسد شرطا ثانويا، وقبلت المشاركة الى جانب ايران في المفاوضات المتعلقة بسوريا.

- الوضع اليمني يقترب من التهدئة، او اعلان التوصل الى اتفاق لوقف النار والدخول في مفاوضات جادة بعد فشل الجولات السابقة، وقد اشار وزير الخارجية السعودي، الجبير، الى ذلك بالقول "من المؤشرات على ان الحملة تقترب من نهايتها ان علي عبد الله صالح والحوثيين قبلوا قرار مجلس الامن الدولي 2216 والدخول في محادثات الامم المتحدة على هذا الاساس".

وان صدق الظن، فان الوساطة الامريكية التي نجحت في التوصل الى عقد الاتفاق النووي مع ايران والقوى الكبرى، قد اقتربت، ايضا، من تحقيق وساطة ثانية ناجحة لتصفية الملفين، السوري واليمني، مناصفة بين ايران والسعودية، بعد ان يقدم الجميع التنازلات، ربما وصولا الى عبور مرحلة الفوضى الى مرحلة التغيير.

اضف تعليق