q

بينما نُبادرُ لتحّمل المسؤولية، لا نغفل عن التحرّك على الآخرين لإقناعهم بالالتحاقِ بِنَا، وتلك هي رسالة التّذكير والتّبليغ والنّصح التي قال عنها رب العزة {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} وقوله تعالى على لسان نبيّه شُعيب عليه السلام {فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَافِرِينَ}.

فعندما قرّر الحسين السّبط (ع) رفض البيعة للطّاغية يزيد للأسباب المعروفة، لم ينتظر ليرى موقف الآخرين من ذلك ليلتحق بهم، كما انّهُ لم يتغافل عن الآخرين لإقناعهم بوجهةِ نظرهم وبصحّة موقفه، من دون ان يبني موقفه النهائي على موقف الآخرين، فعندما يكون موقفكَ سليماً وواعياً من قضيّةٍ ما لا ينبغي عليك تركهُ أو الاحجامِ عنه لمجرّد انّ الآخرين رفضوه او انّهم لم يستوعبوهُ لأيّ سببٍ من الأسباب.

لقد ظل الامام يوضّح ويبيّن فحوى موقفهِ الى آخر لحظة، فكتب الى المدينة من كربلاء {مَنْ لَحِقَ بي مِنْكُم أستُشهِدَ وَمَنْ تَخَلَّفَ لَمْ يَبْلُغَ الفَتْحِ}.

انّ الفرق بين موقف الامام (ع) وموقف الآخرين ينحصر في المُنطلق والمعيار والعلّة التي يتخّذ المرء مواقفهُ على أساسِها.

فبينما انطلق الحسين عليه السلام من المصلحة العليا للأمة عندما شخّص الموقف المسؤول والشّجاع إزاء سلطة البدعة والظّلم والقهر والعبوديّة، بنى الآخرون موقفهم المتخاذل والمتردّد والجبان على أساس المصالح الخاصّة والضّيقة ومن منطلق الخوف والجبن والتّثاقل الى الارض، ولذلك لم يُعر الحسين (ع) لموقفهم كثير اهتمامٍ على الرّغم من كلّ ما بذلهُ من أجلِ إقناعهم وبالتّالي من أجلِ إسقاط واجب النّصح والبيان والتّبليغ، والذي لا يقلّ أهميّةً وأحياناً وجوباً من الموقف الاستراتيجي الذي اتخذه الامام، في إطار مفهوم الآية الكريمة {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا}.

انّ الذين يربطونَ عمليّة تحديد واجباتهم ومسؤولياتهم بمواقف الآخرين هم الأمّعات التي لا تُدلي برأيٍ قبل ان يُدلي الآخرون بآرائهم، ولا يتّخذون موقفاً الا بعد ان يحدّد الآخرون مواقفهم، ولا يحرّكون ساكناً قبل ان يحرك الآخرون ساكناً، فهم ينتظرونَ دائما من يعلّق الجرس كما يقولون ليحدّدوا موقفهم واتّجاهات حركتهم، فهم لا يبادرونَ وانّما يلتحقون.

انّهم لا يعرفون العيش الا في ظلّ الآخرين، يذوبون فيهم ويتّخذون مواقفهم على ردّات أفعالهم!.

انّهم الوصوليّون النفعيّون، يتأخّرون عن الآخرين في تبنّي الموقف ليأتي قرارهم مع الجهةِ الاقوى مثلاً او مع من يُحقّق لهم مصالحهم.

انّهم يوازنون بين الجبهات قبل ان يتّخذوا الموقف النّهائي، على طريقةِ قولِ أحدهم {الصّلاةُ معَ عليٍّ أتمّ والقُصعةُ مع مُعاوية أدسَم والوقوفُ على التلِّ أسلَم}.

ولقد حدّثنا عنهم ربّ العالمين بقوله {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}.

اما الحسين (ع) فلم ينتظر من أحدٍ ليعلّمهُ الطريق، ولم يتأخّر عن اتخاذ الموقف الرّسالي ليحسب رجحان الكفة وموازين القوى ويرى مع ايّهما يحقّق مصالحه؟.

لقد علّمتنا كربلاء معاني الموقف والمسؤولية، كيف نتعامل معهما؟ وكيف نتّخذهما؟ ولماذا؟ وكيف نؤقّت الموقف؟ فَالَّذِينَ يتّخذون مواقفهم قبل الاوان يخطئون كما انّ الذي يتّخذون مواقفهم بعد فوات الاوان يخطئون كذلك.

فالحسين (ع) ظل ملتزماً بعهد (الصلح) الذي أبرمهُ اخوه السّبط الامام الحسن عليه السلام مع النّظام الأموي مدّة عشر سنوات، فكان يرفض ايّ تحركٍ ثوري ضدّ مُعاوية، ولكنّه انتقض مسرعاً ضدّ نفس هذا النّظام بمجرّد ان هلكَ مُعاوية واستُخلف ابنهُ الارعن يزيد.

هذا يعني انّهُ كان قد وقّت الموقف بنفسهِ ولم يفسح المجال لأحدٍ بأن يفرض عليه التوقيت، لما لذلك من أهميّة استراتيجية في النّهضات والحركات التحررية والإصلاحيّة.

وفي هذا الصّدد كذلك، علّمتنا كربلاء ان نتّخذ الموقف الذي تفرضهُ علينا المصالح العليا للأمة وللمجتمع وليس المصالح الانانيّة، فَالَّذِينَ يبنون مواقفهم الاستراتيجيّة على معادلة الرّبح والخسارة الذاتيّة فقط هم الانانيّون والوصوليّون والطّبّالون وأبواق السّلطان، خاصّة (عَبدةُ العجْلِ) الذين يميلون مع اهوائهم حتى اذا تناقضت مواقفهم بين ليلةٍ وضُحاها، ولقد عشنا مع الكثير من هذه النّماذج التي تغيّر جلدها يومياً كالحيّة الرّقطاء، فهو اليوم مع هذا اذا كان منتصراً وهو بالغد ضدّه لأنه انهزم، او انّهُ ضدّ ذاك لانه لا يمتلك من الدُّنيا شيئاً ولكنّه يهتف له في اليوم التالي [بالرّوح بالدّم] لمجرد ان رَآه امتلكَ من امرها شيئاً ما.

هذا النّموذج يبني مواقفه على المصالح وليس على المبادئ.

اما شهداء الطفّ فقد بَنَوا مواقفهم على المصلحة الاستراتيجية العليا التي تحدّد مصير الامّة، فَالَّذِينَ تَرَكُوا معسكر الباطل ليلتحقوا بمعسكرِ الحسين (ع) في يوم العاشر والحرب مستعرة والرّؤوس مقطّعة والأجساد مضرّجة بالدماء، هؤلاء رجالٌ عظماءٌ اشدّاءُ احرار ذوو ارادةٍ عظيمةٍ، لم يتّخذوا مواقفهم لمصلحةٍ أبداً، فأيّةُ مصلحةٍ يكسبها المرء اذا انتقل من جبهةِ (المنتصر) الى جبهة (المنهزم) في ساحةِ المعركة؟!.

انّها القيم والمبادئ والرّمزية العظيمة التي جسّدها سيد الشّهداء (ع) والتي فعلت فعلها بعقولِ ونفوسِ أمثال هؤلاء الأبطال الذين وقفوا في لحظةٍ عند مفترق طرقٍ، بين ان يختاروا الخلود الابدي في الدنيا والاخرة وبين ان يختاروا الذلّ والخضوع والعار في الدنيا والنار في الآخرة، فكان خيارُهم [لا والله لا أختارُ على الجنّة شيئاً أبداً].

فكربلاء هي التي علّمت شبابنا اليوم ان يختاروا الموقف السّليم في الوقت المناسب، فيتركوا كلّ شيء وراءهم ليختاروا الجهاد والقتال ضد الاٍرهاب على الرّغم من كلّ الظّروف القاسية التي تمر عليهم، لأنّ الذي يدفعهُم الى هذه المواقف هو المبادئ وليست المصالح.

كما انّ أنصار الحسين (ع) الذين استُشهدوا ليلة أمس في (سيهات) بالمنطقة الشرقية في الجزيرة العربيّة بسبب الهجوم الإرهابي التّكفيري الأموي الحاقد على مأتم سيّد الشّهداء عليه السلام، قدّموا لنا نموذجاً آخر في الحبّ والولاء لأهل البيت عليهم السلام على الرّغم من كلّ تحدّيات الاٍرهابيين الذين يحتضنهم نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربيّة وفقهاء التّكفير وإِعلام البترودولار.

لقد تكرّرت كربلاء ثانيةً بمواقفهِم وشهادتهِم، ليحطّموا بها جبروت الاٍرهاب مهما علا صُراخهُ وتكرّرت تهديداته.

انّها كربلاء أيّها الارهابيّون المغفّلون، فمن يمتلك كربلاء لن ينهزمَ بسبب تهديدٍ ولن يخشى أحداً ولن يتراجعَ، فالعاشورائيّون القتلُ لهم عادةٌ وكرامتهُم من الله الشّهادة، ولكم في التّاريخ عبرة أيّها الحمقى!.

اوّل الإصلاح

انّ اوّل الإصلاح تغيير المفاهيم والقناعات وذلك بسلوك طريقين؛

الاوّل؛ التّذكير

الثّاني؛ التّعليم والتّرشيد

ولقد حرصَ الامام الحسين عليه السلام على انتهاجِ هذين الطّريقين بكلّ وسيلةٍ ممكنةٍ، وهو يعدّ العدّة لإطلاق نهضتهِ العاشورائيّة الإصلاحيّة ضدّ الظلم والاستبداد والديكتاتوريّة والنّظام الشّمولي، أُسوةً بسيرة جدّه رسول الله (ص) وأبيه أمير المؤمنين (ع) عندما قال في وصيّته التي تركها عند أخيه محّمد بن الحنفيّة في المدينة المنوّرة قبل الهجرة منها الى مكة المكرمة {الا وإنّي لَمْ أخرج أشِراً ولا بطِراً ولا مفسِداً ولا ظالماً، وإنّما خرجتُ لطلبِ الاصلاح في أمّةِ جدّي، أُريد أن آمر بالمعروفِ وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرةِ جدّي رسول الله (ص) وأبي أمير المؤمنين علي بن ابي طالِب}.

وكان عليه السلام الى جانب ذلك يحرص على إيصالِ رؤاهُ الى أكبر عددٍ ممكن من النّاس.

فقبل هلاك الطاغية الطليق معاوية ابْنُ آكلةِ الأكباد بسنتين حجَّ سيّد الشّهداء (ع) الى بيت الله الحرام فاجتمع عنده في منى اكثر من الف من بني هاشم وكبار الصحابة والتابعين، فعقد معهم ما أُطلق عليه فيما بعد بـ (مؤتمر مِنى).

تقول الرّواية؛

إنّه لمّا كان قبل موتِ مُعاوية بسنتين، حجّ الحسين بن علي صلوات الله عليهما، وعبد الله بن عبّاس وعبد الله بن جعفر معه، فجمع الحسين (ع) بني هاشم، رجالهم ونساءهم ومواليهم، ومن الأنصار ممّن يعرفهُ الحسين (ع) وأهل بيته ثم أرسل رسلاً ان {لا تَدَعوا أحداً ممّن حجّ العام من أصحابِ رسول الله (ص) المعروفين بالصّلاح والنُّسك إلا أجمعوهم لي} فاجتمع إليه بمِنى أكثر من سبعِمئةِ رجلٍ وهم في سُرادقهِ، عامّتهم من التّابعين، ونحو من مائتي رجل من أصحاب النبى (ص) فقام فيهم خطيباً فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال (ع): أمّا بعدْ؛ فإنّ هذا الطّاغية قد فعلَ بنا وبشيعتِنا ما قد رأيتُم وعلِمتُم وشهِدتُم، وإنّي أريدُ أن أسألكُم عن شيء، فإن صدَقت فصدّقوني وإن كذِبت فكذّبوني، وأسألُكم بحقِّ الله عليكُم وحقِّ رسول الله (ص) وقرابَتي من نبيّكم ان إسمعوا مقالتي واكتبوا قولي، ثم ارجِعوا إلى أمصارِكم وقبائلِكم فمَن أمِنتم من النّاس ووثقتُم به فادعوهم إلى ما تَعْلَمُونَ من حقِّنا فإنّي أتخّوفُ أن يُدرسَ هذا الأمرِ ويذهب الحقّ ويُغلب {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} فما تركَ شيئاً ممّا أنزلَ الله فيهم من القرآن إلا تلاهُ وفسّرهُ، ولا شيئاً ممّا قالهُ رسول الله (ص) في أبيهِ وأخيهِ وأمّهِ وفي نفسهِ وأهلِ بيتهِ إلا رواه، وكلّ ذلك يقول أصحابهُ: أللهم نعم، وقد سمِعنا وشهِدنا، ويقول التّابعي: أللهم قد حدّثني به مَن أصدّقهُ وأئتمنهُ من الصّحابة، فقال: أنشدكم الله إلا ما حدّثتم به مَن تثقونَ به وبدينهِ.

وظلّ الامام (ع) يواصل هذا النّهج لتعبئةِ الامّة لصالح جبهة الحقّ ضد جبهة الباطل، للتّذكير بحقائقِ الأمور من جانب ولتنبيه النّاس من الخطر الذي يُحدق بهم من جانبٍ ثانٍ ولترشيدهم وإرشادهم الى الطّريق الذي ينبغي سلوكهُ لتحقيق الهدف الذي تمثّل بالإصلاح وعلى مختلف المستويات واوّلها السّلطة التي حوّلها الأمويّون الى مُلكٍ عضوضٍ غيّروا وبدّلوا فيها الشيء الكثير من المنهج الإنساني لرسالةِ الاسلام وما جاء به رسول الله (ص) من قيمٍ ساميةٍ واخلاقٍ راقيةٍ على مستوى العلاقة بين الرّاعي والرّعية والحقوق والواجبات.

انّ في النّص أعلاه وكلّ نصوص الرّسائل المتبادلة بين الحسين الشهيد (ع) وطاغية بني أمية في الشّام، وكذلك رسائله عليه السلام التي تبادلها مع كبار الصحابة في اكثر من مِصر من أمصار المسلمين، نلحظ الحقائق التالية؛

اولا؛ لم يمنح الامام مقدار فتيل من الشّرعية للنّظام الأموي، فلقد ظلّ من وجهة نظرهِ نظامٌ مغتصب للخلافة لانهُ استولى على السّلطة بلا مشورةٍ او تفويضٍ من الامّة.

هذا يعني انّ الذين يفسرون (صُلح) الامام الحسن السّبط (ع) مع معاوية بانهُ منحٌ للشّرعية لهذا النّظام إنما يغشّون التاريخ ويغشّون عقولهم، فليسَ كلّ مَن تنازل عن حقٍّ لسببٍ من الأسباب يعني انّهُ أمضى بشرعيّة الاخر أبداً، فلقد قبِل رسول الله (ص) ان يمحو صفتهُ كرسولٍ من عند الله تعالى من على وثيقةِ الحديبيّة التي أمضاها مع مشركي قريش، فهل يعني ذلك انّهُ منحهم الشّرعية؟ فلماذا إذن دخل مكّة فاتحاً بعد عامٍ من التّوقيع؟ ممّن فتحها اذا كانت قريش بعد الحديبية تمتلك الشّرعية؟!.

الامر نَفْسَهُ مع امير المؤمنين (ع) الذي قبِل ان يحذف صفتهُ كأميرٍ للمؤمنين من على وثيقة الصّلح بعد حرب صفّين، فإذا كان الامرُ قد منح مُعاوية الشّرعية، فلماذا إذن جهّز الامام جيشهُ مرّةً أخرى وهمَّ بقتالهِ لولا الخوارج الذين اشغلوهُ بمشاكلهِم وبالتّالي بحربهم ضدّهُ في النّهروان؟!.

ثانياً؛ في التّبليغ للإصلاحِ عندما تريدُ ان تبيّن الحقائق وتفضح الظّالم وترشد الى طريق الحقّ لا تستثني أحداً، كبيراً كان ام صغيراً عالماً ام متعلماً امرأةً ام رجلاً، فالكلُّ يجب ان يسمع مقالَتك ليؤدّي كلّ واحدٍ منهم دورهُ في الإصلاح.

لا تقلّل من دور أحدٍ ولا تتجاهل تأثيرَ أحدٍ، فلكلٍ تأثيرهُ ومن كلٍّ دورهُ في عمليّة التغيير، ولذلك ينبغي ان يكون خطابنا اليوم خطاباً شموليّاً يستهدف الكلّ حتّى الخصم، فليس عندنا ما نخجلُ من التّبليغ له او التّعريف بهِ، بل العكس هو الصّحيح فانَّ ما نمتلكهُ من الحق ومن علوم مدرسة أهل البيت (ع) والذي نريدُ ان يعرفهُ العالم الشيء الكثير الذي نفتخرُ به على الدّنيا.

ثالثاً؛ للرّفض معانٍ كثيرة وطرقٍ واساليب عديدة، فإذا قرّرت تأجيل الثورة مثلاً او الانتفاضة او الخروج على الحاكم الظالم بالسّلاح ولأيِّ سببٍ من الأسباب فهذا لا يعني انّ البديل هو الاستسلام والخضوع والخنوع أبداً، ففضحُك للسّلطة الغاشمة اعلامياا رفضٌ، والاجتهاد لاقناع النّاس برؤيتك بالحكمة والموعظة الحسنة رفضٌ، ومقاطعتك لسياسات الطّاغوت وإعلامه رفضٌ، وتعبئتُك للشّارع ضدّهُ رفضٌ.

كذا الامر في الحربِ على الفساد لتحقيق العدالة الاجتماعيّة، فإذا لم تكن مسؤولاً في هيئة النّزاهة او في المؤسّسة القضائية لتدفع بعجلٍ سمينٍ واحدٍ على الأقل ليقف خلفَ القُضبان لمحاكمتهِ على ما أفسدَ في السّلطة وسرقَ من خزينة الدّولة، فعلى الأقل لا تبرّر له جرائمهُ ولا تصفّق له ولا تسترسل مع تأييدك السّابق له او تستصحب الحالة الماضية في العلاقة معه، ففكَّ ارتباطك به والولاء له على الأقل ليلاقي مصيرهُ بمفرده، بعدَ ان اتّضحَ امرهُ و {بَدَتْ لَهُ سَوْآتُهُ وَطَفِقَ يَخْصِفَ عَلَيْهِ مِن وَرَقِ الْتّوتِ لِيُوارِي بِهِ سَوْأَتَهُ}.

انّ مقاطعتكَ له رفضٌ والتبليغَ ضدّ فسادهِ رفضٌ وفضحهُ رفضٌ وانّ فكّ ارتباطكَ بهِ رفضٌ هو الآخر.

لقد علّمتنا كربلاء انّ [مَنْ رَضِيَ بَعَمَلٍ قَوْمٍ حُشِرَ مَعَهُمْ] كما نقلَ ذلك الصّحابي الجليل جابر بن عبد الله الانصاري عن رَسُولِ الله (ص) عند زيارتهِ لقبر سيّد الشّهداء (ع) في كربلاء في الأربعين.

اضف تعليق