q
{ }

عقد مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات وبالتعاون مع مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية حلقة نقاشية متخصصة حول (الهجرة الى أوربا) وبيان اسبابها والوصف القانوني لها والآثار المترتبة عليها، وشارك في الحلقة النقاشية عدد من اساتذة القانون وباحثون في مراكز الدراسات، وقد اقيمت هذه الحلقة في قاعة جمعية المودة والازدهار.

 قَدّمَ الحلقة النقاشية الدكتور علاء الحسيني التدريسي في كلية القانون جامعة كربلاء والباحث في مركز آدم مستعرضاُ موضوع الهجرة وما تمثله من تداعيات سياسية وحقوقية، والتي شغلت كثيرا من الاوساط الدولية والمحلية السياسية والاجتماعية والاعلامية مابين مؤيد ورافض لهذه الظاهرة، موضحا ان موضوع الهجرة أصبح الشغل الشاغل للعراقيين وخصوصاً فئة الشباب.

 شارك في الحلقة النقاشية الباحث الدكتور قحطان اللاوندي الذي قدم ورقته النقاشية متناولاً موضوع الهجرة بأبعادها السياسية والتي حملت عنوان (الهجرة الى اوربا... رؤية تحليلية لما وراء التسهيلات الاوربية)، مستعرضاً عدد من الاحصاءات المسجلة عالمياً للمهاجرين واللاجئين العراقيين، مبيناً إن اعلى نسبة في المانيا قدرت بحوالي 80% من المهاجرين العراقيين، موضحا اهم الاسباب التي تقف وراء فتح ابواب الدول الاوربية امام المهاجرين عادا اياها كجزء من السياسة الاوربية المتبعة حاليا آزاء موجة اللاجئين.

 وعَدّ اللاوندي استقبال الشعوب الاوربية للمهاجرين العرب نابعة من الفطرة الشعبية التي تتحلى بها الشعوب الاوربية، بالإضافة الى دور المنظمات غير الحكومية الداعمة للمهاجرين ومساعدتهم، اضافة الى الضغوطات التي تمارسها هذه الشعوب على حكوماتها لغرض تقديم التسهيلات الى المهاجرين.

وخلص في نهاية ورقته البحثية الى اهم المخاطر المترتبة على الهجرة الى الدول المتقدمة والتي كان منها نقص الايدي العاملة والخبرات والكفاءات العلمية، وهروب كميات كبيرة من العملة الصعبة، وتعرض المهاجرين الى مخاطر الطرق الوعرة والبعيدة بالإضافة الى مخاطر عدم قبول طلبات لجوء اغلب المهاجرين.

 من جانبه تطرق الدكتور صلاح البصيصي الاستاذ في القانون الدولي في ورقته الى الابعاد القانونية لقضية الهجرة والتي حملت عنوان (موقف القانون الدولي من الهجرة) والتي اوضح فيها الفرق بين الهجرة الشرعية وغير الشرعية من الناحية القانونية، مسلطا الضوء على التعريف القانوني للهجرة وتميزها اللجوء والنزوح وبيان كل واحد منها وكيفية تعامل الدول مع كل صنف من المذكور.

 واستعرض البصيصي بعض التشريعات الوطنية التي تخص الهجرة الى اوربا محاولاً توضيح بعض الفقرات التي تحتاج الى شروحات وتفاصيل اضافية، مشيرا الى الاتفاقية الدولية للأمم المتحدة حول حقوق العمال المهاجرين وافراد اسرهم، بالاضافة الى استعراض اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكول الملحق بها.

وبعد الانتهاء من أوارق الباحثين فتح مدير الحلقة باب النقاش والمداخلات امام الحاضرين الباحثين والمتخصصين الاكاديميين طارحين بذلك عدة تساؤلات واشكاليات تخص موضوع النقاش من اجل ايضاح الصورة السياسية والقانونية والاعلامية التي تخص موضوع الهجرة الى أوربا.

المداخلات:

المداخلة الاولى كانت لمدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات أحمد جويد والذي ركز في مداخلته على الدفاع عن الحقوق الانسانية، معتبرا ان غاية هجرة الشباب العراقي الى الدول الاوربية بسبب السياسات القمعية التي تتبعها الحكومات العراقية وفقدان الامن على كافة مستوياته السياسي والاجتماعي والصحي وحتى الغذائي، مشيرا الى ان هناك دول تحترم حقوق الانسان وتوفر لهم فرصة العمل بما تحفظ له كرامته وانسانيته.

اما الدكتور عدنان طوفان الاستاذ في الاقتصاد فقد دعا خلال مداخلته المراكز البحثية والمنظمات غير الحكومية الى شياع ثقافة الرقي بالجانب الاقتصادي من خلال استثمار اصحاب رؤوس الاموال والشركات والصناعيين وتكثيف جهودهم داخل العراق وخصوصا المحافظات الامنة، مما سيوفر فرص عمل اضافية الى الشباب التي تمنعهم من التفكير بالهجرة وطلب اللجوء من الدول الاوربية لضمان عيشهم بكرامة وامان.

واشار مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية عدنان الصالحي الى ان موضوع الهجرة ليس بالجديد وهو نتاج لسياسات خاطئة عملت بها الحكومات المتعاقبة على العراق بدءا من الازمات السياسية والاقتصادية والامنية، منوها الى اسباب توجه الشباب العراقي للهجرة هو ليس فقط الجانب الاقتصادي وانما شمل الرغبة بتطبيق القانون بوجود السلطة العادلة التي تحاسب جميع المفسدين حتى لو كان في اعلى الهرم، مضيفا بالقول ان الاعتناق الديني هو احد الاسباب المؤدية الى الهجرة لممارسته بالحرية المطلقة لجميع العادات والتقاليد الدينية، متسائلا عن مصير المهاجر او اللاجئ في الدول التي قصدها ماهو المصير الذي سيكون امامه؟.

اما مدير مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث حيدر الجراح فقد اوضح الى ان حالة الهجرة اليوم في العراق تزداد بسبب وصول العراقيين الى حالة من اليأس، وخصوصا عدم وضوح الصورة المستقبلية لحياة الفرد منهم لما يعيشه العراق من حروب واوبئة مستمرة، مضيفا بالقول ان الهجرة لم تقتصر على فئات معينة بل شملت جميع الفئات العمرية، مؤكدا على احقية المهاجرين في هجرتهم خارج العراق من اجل تأمين مستقبلهم ومستقبل اطفالهم وترك بصمات لهم في حياة كريمة وآمنة.

واوضح الشيخ مرتضى معاش الى ان الهجرة اساسها اليأس من الحل في المنطقة، معترضا في الوقت نفسه على مصطلح مهاجر غير شرعي كونه طلب الهجرة واللجوء بعد ان تعرض الى مضايقات عديدة، محملا الدول الاوربية المسؤولية الحقوقية المتعلقة بقضية ازدياد الهجرة اليها بسبب قيامها بالكثير من الحروب والويلات التي تجرها على الشعوب التي تؤدي بهم الى الهجرة الى الدول الاوربية، مضيفا بالقول لابد من التحرك قانونيا وحقوقيا للحد من ظاهرة الهجرة بوضع الحد امام الدول الاوربية لتصنيعها الازمات في الدول العربية وافتعال الحروب الاهلية داخل الدولة الواحدة.

مشيرا الى ان اغلب الاموال التي تساهم في نشر الفساد والارهاب والعنف هي من تهريب الفاسدين والتجار والمهربين بعد ذهابها الى سويسرا.

اما الاستاذ حسن عبيد فقد اعترض على تبريرات الهجرة الى الدول الاوربية، معتبرا الهجرة بأنها (عبثية) بحسب تعبيره، مشيرا الى ان الظروف القاهرة التي كان يعيشها الشاب العراق قبل الاحتلال كانت صعبة جدا بسبب مضايقات النظام السابق الا انه لم يفكر بالهجرة، عادا ان الهجرة القائمة اليوم هي مخطط سياسي مدعوم من قبل الدول الاوربية وهو ممهدا لفرض مخططات تقسيم المنطقة.

وقد توجه بعدها اصحاب الورقتين البحثيتين كلا من الدكتور قحطان اللاوندي من جامعة بابل والدكتور صلاح البصيصي من جامعة كربلاء، بالإجابة الكافية على التساؤلات والاشكاليات التي طرحها الحاضرين الباحثين، ليتفق الجميع على ضرورة اجراء التعديل في القوانين والانظمة الدولية بما يكفل المحافظة على حقوق المهاجر الشرعي وغير الشرعي بصفته إنسانا، بالاضافة الى تفعيل الالتزامات القانونية الدولية.

النتائج والتوصيات:

- تعد الهجرة الدولية نتاجا لمشكلات اقتصادية وامنية وسياسية محليا.

- ان القواعد المنظمة لحقوق الانسان المهاجر سواءا كان بصورة شرعية او غير شرعية تعد جزءا لا يتجزأ من حقوق الانسان.

- تعد حقوق المهاجرين غير الشرعيين بمثابة احكام توافق عليها المجتمعات الدولية.

- غياب الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المهاجرين اسوة باللاجئين.

- ضعف المواقف العربية في حماية جالياتها في الخارج، وافتقارها الى الاجهزة المعنية بذلك.

- اجراء تعديل في القوانين والانظمة للدول بما يكفل المحافظة على حقوق المهاجر الشرعي وغير الشرعي بصفته انسانا.

- ضرورة تفعيل الالتزامات القانونية الدولية التي توجب على الدول التعاون في مجال مجابهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية.

- ضرورة عقد اتفاقيات عمل ثنائية بين الدول المصدرة للعمالة وتلك التي تحتاج الى الايدي العاملة بما يحقق الاستفادة للطرفين.

- اعادة تنقيح التشريعات العقابية الوطنية بما يكفل تشديد العقوبات على اعضاء العصابات والتنظيمات التي تساعد على عمليات تهريب البشر.

- اقامة حملات اعلامية فاعلة للتعريف بالأخطار المرتبطة بالهجرة غير الشرعية والاثار السلبية المترتبة عليها.

يشار الى ان الأسابيع الماضية شهدت موجة هجرة واسعة إلى أوربا، وأضحت الظاهرة الجديدة في ظل ما يمر به العراق حديث الجميع من ابناء الشعب بمختلف انتماءاتهم، فمنهم من يحذر وآخر يعدها امرا طبيعيا وآخرين يعدونها محاولات مخفية لإفراغ البلد من الكفاءات، ووصل الحال إلى وجود صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الكترونية تقوم بتعليم الشباب طريقة الهجرة غير الشرعية.

اضف تعليق