q
إن إقرار هذه المنحة بات مطلوبا في موازنة 2023 أما الأخبار التي تتحدث عن تخصيصها للطلاب المنتمين للعوائل المشمولة بالرعاية الاجتماعية فقط، فهي أخبار محبِطة حقّا على الرغم من عدم معرفة مدى دقّتها، ويعود سبب الإحباط إلى حرمان الطالب من جانب التشجيع المعنوي للمنحة، وهي حق من حقوق الطلبة على دولتهم وحكومتهم...

منذ الدراسة الابتدائية يعتاد الطفل على المصروف اليومي الذي يحمله معه إلى المدرسة، ليشتري من الحانوت بعض الأشياء التي يحتاجها، وهذا المصروف اليومي القليل يجعل الطالب الطفل مستقر نفسيا، وإذا لم يحصل على (مصروفه اليومي) يشعر بنقص وعدم استقرار نفسه، ويشعر بأن أقرانه أفضل منه.

الصورة أعلاه يمكن أن نجدها أيضا عند طالب الإعدادية، وحتى عند طالب الجامعة، وهذا يعني بأن وجود المصروف اليومي في جيب الطالب يجعله أكثر استقرارا ويمنحه نوع من الثقة التي يحتاجها، وتأتي المنحة الشهرية المخصصة من ميزانية الدولة للطلبة لتدعم هذه الشريحة وتُسهم في تطورها وتفوقها وتأكيد استقرارها المادي.

منذ سنوات طويلة لم يحصل الطلاب العراقيون في جميع المراحل الدراسية على هذه المنحة الشهرية التي تساعدهم على اقتناء ما يحتاجونه سواء ما يتعلق بالدراسة أو سواها، ولكن هناك شيء مهم آخر يتحقق للطلب وهو شعورهم بالثقة والاطمئنان بأن دولتهم ترعاهم، وأنهم محط رعاية الحكومة، بالإضافة إلى أنهم يشعرون بنوع من الاستقلال المالي الجيد.

وفي ظل الفضاء الإلكتروني المفتوح، بات من الصعب التأكد من صحة الأخبار المنشورة هنا وهناك، ولذلك أخذت تتسلل مئات أو آلاف الأخبار غير الدقيقة إلى مواقع مختلفة، خصوصا مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض المنصات غير الدقيقة، ومن هذه الأخبار تثبيت منحة الطلبة في الموازنة المالية التي تتم قراءتها ومناقشها حاليا في مجلس النواب لثلاث سنوات قادمة، 2023، 2024، 2025.

فما هي أهمية المنحة المالية للطلاب؟، سؤال يبدو معروفا أو قد يكون ساذجا، لكن هناك جوانب أخرى ليست مادية لهذه المنحة سيحصل عليها الطالب بغض النظر عن كونه من عائلة ثرية أو متوسطة الدخل أو فقيرة، إن مبلغ المنحة الطلابية سوف يُخصَّص لكل طالب باسمه حصرا، وهي تشبه الراتب الشهري الذي يتقاضاه الموظف الحكومي عن الأعمال التي ينجزها خلال شهر كامل، وهذا يعني أن المنحة الطلابية تساعد الطالب في الجانب المادي على تلبية احتياجاته الدراسية أو الحياتية المختلفة.

لكن هنالك الجانب الاعتباري لهذه المنحة، وما تقدمه للطالب من دعم معنوي كبير، وشعوره بالاستقلالية وبأنه محط اهتمام الدولة والحكومة والمجتمع، فيشعر بأنه ابن هذا البلد وهذه الدولة، وأنه محط رعايتها، وهو يحصل على هذا المبلغ باستحقاق ينعكس على شخصيته وإعطائه الثقة الكبيرة في حاضره ومستقبله، بالإضافة إلى ما تسده هذه المنحة من ثغرات مادية كبيرة للطلاب لاسيما من أبناء العائلات ذات الدخل المحدود.

إذًا قيمة المنحة لا تنحصر بكونها مبلغ مادي شهري يساعد الطالب على اقتناء ما يحتاجه من مواد دراسية أو مصاريف نقل وملبس وطعام وغيره، بل هي داعم معنوي يمنح الطالب شعورا مطلوبا ومهما بأهميته، ويساعده على نمو وتكامل شخصيته الواثقة في المجتمع، وهذا يعني أن هذه المنحة لها فوائد جانبية أخرى اجتماعية ونفسية أيضا.

إن إقرار هذه المنحة بات مطلوبا في موازنة 2023 أما الأخبار التي تتحدث عن تخصيصها للطلاب المنتمين للعوائل المشمولة بالرعاية الاجتماعية فقط، فهي أخبار محبِطة حقّا على الرغم من عدم معرفة مدى دقّتها، ويعود سبب الإحباط إلى حرمان الطالب من جانب التشجيع المعنوي للمنحة، وهي حق من حقوق الطلبة على دولتهم وحكومتهم لاسيما أن الظروف والموارد المادية للعراق مواتية جدا في الوقت الراهن.

وفي مراجعة لبعض الأخبار الموثوقة عن هذه المنحة، كانت وزارة التعليم العالي، قد أعلنت في وقت سابق (في خبر قبل شهور) عن تخصيص مبالغ المنحة الماليَّة لطلبة الجامعات في موازنة 2023. وقال مدير عام الإدارية والماليَّة بالوزارة أسعد غني جهاد لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إنه تمَّ تخصيص مبالغ المنحة الماليَّة لطلبة الجامعات في موازنة 2023، وفق قانون منحة الطلبة الفقراء. وأضاف، أنَّ المنحة تشمل الطلبة في الجامعات الحكومية فقط، مشيراً إلى أنَّ الجامعات والكليَّات الأهليَّة غير مشمولة.

إن هذا الخبر أعلاه رغم أنه يعود توقيته إلى الشهر العاشر من السنة الماضية 2022، إلا أنه صادر عن وزارة المالية وفق رؤية بعيدة المدى، أو ينبغي أن تكون كذلك، لذا فإن تكريس هذا الهدف، واستمرار الدعوات والسياسات المالية لتنفيذه، يجب أن يكون محسوما لصالح الطلبة، كون هذا المبلغ الشهري يساعد على بناء شخصية وطنية اجتماعية واثقة ومتوازنة، عند الجيل الشبابي الطلابي الواسع.

اضف تعليق