q
ان مشروعات النشر الإلكتروني على المستوى العربي لا تزال تحتاج إلى جهود كبيرة وقوانين وتشريعات للحماية الفكرية، وتوحيد الجهود التعاونية، وإدراج مصادر المعلومات الإلكترونية ضمن خطة تزويد المكتبات العربية، ومن ناحية أخرى يتعين على المؤلفين العرب والهيئات العلمية والجامعات والناشرين أن يوفروا إنتاجهم الفكري إلكترونيا من خلال الوسائط المحوسبة...

تكاد تكون خدمات الإنترنت أن تصبح مثل أشعة الشمس التي تمتد لكل بقعة على الأرض مما جعل النشر الإلكتروني عبرها في متناول الجميع ومن هنا يلفت الصحفي المصري السيد أحمد المخزنجي إلى أهمية استغلال هذا التطور التكنولوجي في حفظ التراث العربي، يطرح المخزنجي، الذي عمل بالصحافة في مصر والكويت لأكثر من خمسة عشر عاما، رؤيته في هذه المجال عبر كتابه (النشر الإلكتروني.. الإنترنت وحفظ التراث العربي) الصادر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في 157 صفحة من القطع الصغير. بحسب رويترز.

المخزنجي، الحائز على جائزة مسابقة الكويت الدولية لأبحاث الوقف المعنية بالبحث العلمي، يستهل الكتاب بالحديث عن دور الكتاب الورقي في نشر وحفظ التراث الثقافي العربي والإسلامي على مدى قرون قبل أن ينتقل للحديث عن النشر الإلكتروني ووسائله والرؤى المستقبلية لتطوره، ويعقد المؤلف مقارنة بين النشر التقليدي والنشر الإلكتروني من عدة جوانب معددا مزايا الأخير مثل سرعة إيصال المعلومات، وتوفير المساحات التخزينية التي تشغلها المصادر التقليدية بأشكلها المطبوعة، وسهولة التحديث والبحث والتعديل بسبب الطبيعة المرنة والديناميكية للوثائق الإلكترونية.

كما يشير إلى عوامل بصرية أخرى تجعله أكثر جذبا منها جودة تصميم المواقع وسهولة الاستخدام لكنه في الوقت ذاته لا يغفل المشكلات المرتبطة بهذا النوع من النشر ومنها حقوق النشر وحماية الملكية الفكرية.

وعن احتمالية قضاء النشر الإلكتروني على النشر التقليدي يقول المخزنجي إن "الكتاب الورقي يظل السجل الأساس في نشر المعرفة وحفظ التراث بأنواعه المختلفة، كما أن المكتبات التقليدية هي المخزون أو ‘الوعاء‘ الذي يستمد النشر الإلكتروني منه مادته العلمية والمعلوماتية سواء كان ذلك متمثلا في الأصل الورقي أو في الخزانة الوثائقية المتمثلة في المكتبات العامة".

ويوضح أن النشر الإلكتروني "لم يأت ليُنظر إليه باعتباره ‘منافسا قويا‘ للنشر التقليدي... ولكنه جاء كأسلوب تقني لخدمة هذا التراث ونشره والمساعدة على معرفته"، مؤكدا أن الاعتماد على الكتب والوثائق ونحوها يظل هو "الوسيلة المهمة في مجال (جمع) وحفظ ونشر التراث العربي والإسلامي والتعريف بهما والتراث الإنساني في مجموعه بشكل عام".

ويتوقف المخزنجي قليلا عند ضوابط ومناهج تحقيق النصوص التراثية قبل تحويلها إلى مادة صالحة للنشر الإلكتروني، مستعرضا نقطتين أساسيتين هما.. تحقيق النص إلى من هو منسوب إليه، وتحقيق النص في ذاته.

ويستطرد قائلا "لا ينبغي أن نغفل في هذا السياق الإشارة إلى بعض الأمور المكملة لتحقيق النص، والتي تهدف إلى إزالة غبار القرون عنه وتجليته وتوضيح ملامحه وإبراز معالمه"، كما يتطرق إلى الشروط المأمول توفرها في المحقق ومنها "أن يكون من أصحاب الضمير العلمي المتحرك، وأن يكون عالما بموضوع النص الذي يحققه عارفا بالأساليب المتبعة في معالجة ذلك الموضوع، والأسلوب الغالب على العصر الذي ينتمي إليه ذلك النص، من ناحية صياغة الجملة، والمفردات الشائعة والأخطاء الغالبة".

ويخلص عبر سرده لآراء بعض الأساتذة الأكاديميين المتخصصين حول مدى صلاحية "مخطوطات الإنترنت" كمادة أصلية في تحقيق النصوص التراثية إلى التشديد على "ضرورة التأكد والتحقق من صحة المخطوط الموجود على الإنترنت، وأن تحقيق النصوص التراثية ممكن بواسطة الإنترنت بشرط أن تقوم الجهات الرسمية المعنية بتجميع وتخزين هذه المخطوطات على الإنترنت حتى يطمئن الباحثون والمحققون إلى سلامة المواد التراثية المستنسخة وعدم تزييفها أو تزويرها من قبل بعض الجهات الأخرى".

ويرى أن "مشروعات النشر الإلكتروني على المستوى العربي لا تزال تحتاج إلى جهود كبيرة وقوانين وتشريعات للحماية الفكرية، وتوحيد الجهود التعاونية، وإدراج مصادر المعلومات الإلكترونية ضمن خطة تزويد المكتبات العربية"، ومن ناحية أخرى "يتعين على المؤلفين العرب والهيئات العلمية والجامعات والناشرين أن يوفروا إنتاجهم الفكري إلكترونيا من خلال الوسائط المحوسبة".

اضف تعليق