q
في فهم مثلث ماسيلو للحاجات الإنسانية، هناك الحاجة الملحة في تلبية مشاعر القلق بما يتطابق مع نموذج حزب الدولار وتأثيراتها على معيشة المواطن البسيط ناهيك عن أصحاب المصالح التجارية البسيطة والمتوسطة، وفي التحليل الرباعي للفرص والتحديات، تظهر حقيقة الفجوة الكبرى في فهم الإدارة الحكومية للسياسات الترقيعية التي تخدم ظاهرة اخطر عرف بتهريب الحقائب الدولارية...

ما بين روايتي مزرعة الحيوان و1984، ظهر جورج ارويل كمجدد للروايات الاستشرافية، مقابل تطور منشورات تحليل سياسي معمق مثل كتاب ما بعد أمريكا لمؤلفه فريد زكريا، الاستعداد للقرن الحادي والعشرين لمؤلفه بول كيندي، حتى بات الامر في عراق اليوم بحاجة الى سردية ارويل وتحليل زكريا، لكن المعضلة ان أي من النموذجين حتى وان سجل وقائع التحليل ونموذج الاستشراف فانه غير قابل للتسويق داخل العقل الجمعي العراقي الذي ادرك ان حرب الدولار اليوم، انما نتيجة الاحتلال الأمريكي للعراق ومن بعده تفجيرات إرهاب القاعدة القادمة من سورية وبقدرة متغيرات التحالفات تحولت اتهامات العراق لدمشق الى تحالف استراتيجي انتهى الى وصول عصابات داعش لاغتصاب ثلث الأراضي داخل الحدود العراقية وتوالت الاحداث السريالية التي ربما يفشل المرحوم سلفادور دالي برسمها، وصولا الى حرب الدولار !!

وربما حملت مواقع التواصل الاجتماعي وبعض برامج "التوك شو" توقعات بعض السياسيين والنواب السابقين عن احداث كبرى يمكن ان تقع في عراق 2023، بل حتى بعض كبار السياسيين حذر من هذه الاحداث وكأنها واقع حال سيحدث حتما، ومقاربة هذه التصريحات وتلك التحليلات مع نموذجي سردية ارويل او عمق نظرة زكريا حتى تكون مجرد سلسلة سرد واقعية ترفض الاستبداد بإطلاق سقف التوقعات حتى لتبدو مجرد " حلم ليلة شتاء ساخن " .

ما بين هذا وذاك، يبدو الكثير من المحللين او السياسيين، ان المرحوم ارويل لم يعاشر عمنا "غوغل" هذا التطور التقني الذي ردم فجوة التواصل ما بين الامس واليوم في وعاء توثيقي هائل يحمل على الموجات السيبرانية غير المنظورة الا عبر بروتكولات شبكة المعلومات الدولية، التي تدار من قبل الولايات المتحدة الامريكية في الفيسبوك وتوتير وغيرها من أنظمة إدارة هذه الشبكة التي كانت بداياتها عسكرية بحتة لصالح الاساطيل الأمريكية في بحار ومحيطات العالم وباتت اليوم تحت خدمة أي مواطن "متعلم" قادر على سياقة الحاسوب افضل من قيادة السيارات في شوارع بغداد المزدحمة ؟

هذا التحول، وسع الفجوة بين القوالب التقليدية لسردية التوقعات وتلك التحليلات المتعمقة التي افردت عدة نماذج مثل "هرم ماسيلو "للحاجات الانسانية والتحليل الرباعي للفرص والتحديات وصدور أكثر من ترقية لنظام إدارة المشاريع، لكن الاختلاف عراقيا، ان ذلك التحول كان نتيجة تطور منهجي في مؤسساتية تطبيق السياسات العامة للدول وليس مجرد ردود أفعال في نظام " كل حزب بما لديهم فرحون" لفهم وتحليل تطبيق وزيرة الخزانة الامريكية لحرب الدولار في العراق التي أوقعت عملات إيران وسورية ولبنان بالضربة القاضية.

المضحك المبكي، الكثير من السياسيين وكبار محللي الأحزاب يرتكبون ذات النموذج التقليدي في سردية جورج ارويل لفهم اليات عمل وزارة الخزانة في حرب الدولار في الرد على سؤال محدد وصريح:" لماذا موازنة 2023 ما زالت قيد البحث والدراسة ؟؟"

الإجابة على هذا السؤال تتطلب عمق تحليلات فريد زكريا لعالم ما بعد أمريكا او كتاب الاستعداد للقرن الحادي والعشرين، حيث بدأت هذه الحرب فيما اطلق عليه "الورقة البيضاء" لتحرير الاقتصاد العراقي من الأنظمة والقوانين الاشتراكية، ثم جاءت استقالة وزير المالية وما حملته من اتهامات بالفساد السياسي والمالي والإداري لقيادات حزبية بعينها، ثم ظهور ما وصف بسرقة القرن والمتهم الوحيد المعلن فيها "نور زهير" من دون ظهور أسماء أي قيادات سياسية أخرى، على الرغم من تداول اسم النائب السابق هيثم الجبوري على هامشها، ثم العقوبة الامريكية على 4 بنوك وإشاعة إمكانية تنفيذ ذات العقوبات على 14 بنكا اخر وكل من هذه البنوك تعد واجهات اقتصادية لأحزاب سياسية كبرى .

في فهم "مثلث ماسيلو" للحاجات الإنسانية، هناك الحاجة الملحة في تلبية مشاعر القلق بما يتطابق مع نموذج حزب الدولار وتأثيراتها على معيشة المواطن البسيط ناهيك عن أصحاب المصالح التجارية البسيطة والمتوسطة، وفي التحليل الرباعي للفرص والتحديات، تظهر حقيقة الفجوة الكبرى في فهم الإدارة الحكومية للسياسات الترقيعية التي تخدم ظاهرة اخطر عرف بتهريب "الحقائب الدولارية" التي ربما تجعل وزيرة الخزانة الامريكية تفرض عقوبات جديدة على جهات حكومية عراقية بشكل غير مباشر او بشكل مباشر عبر قرارات لصندوق النقد الدولي يمكن ان تحال الى مجلس الامن الدولي وتعتبر العراق تهديدا للأمن والسلم والدوليين، لكن إدارة الازمة في ضوء تكرار زيارات السفيرة الأمريكية لمكتب السيد رئيس الوزراء تؤكد ان الحكومة تفكر بعقلية سرديات "اوريل" فيما تطبيق السفيرة نموذج التحليل المعمق... ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق