q

منذ ان تم اكتشاف السلاح النووي، ثم استخدامه من قبل الولايات المتحدة الامريكية عام 1945 ضد اليابان (بإلقاء قنبلتين على مدينتين يابانيتين وخلفت اكثر من نصف مليون قتيل وتدمير مساحات كبيرة من الاراضي، علما انها تعتبر قنابل بدائية مقارنة بالقوة التدميرية الحالية)، اصبح العالم يشعر بخوف متنامي من مضاعفات القوة التدميرية الهائلة التي يحملها هذا السلاح على الانسان وجميع الكائنات الحية، والتي تستمر اشعاعاتها الخطيرة لعشرات السنين، اضافة الى ان مخلفاتها النووية لا تقل خطورة عن القنبلة، وهي مخلفات ملوثة وخيرة تنتج خلال العمليات المعقدة لإنتاج السلاح النووي، وطالبت العديد من الحركات والمنظمات العالمية المناهضة لانتشار السلاح النووي بالكف عن سباق التسلح بين الدول النووية، كما ان هناك العديد من المعاهدات الدولية التي صادقت عليها اغلب دول العالم وتحضر انتشار السلاح النووي واقامة المفاعلات النووية التي من شانها المساهمة في صنع الرؤوس الحربية النووية واستخدامها لأغراض قد تهدد السلم والامن الدوليين، وعاش العالم رعبا حقيقيا على خلفية الصراع النووي الذي هدد المجتمع الدولي اثر الازمة التي وقعت بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي السابق (ازمة الصواريخ الكوبية عام 1962).

ومع ان التكنولوجيا النووية لها العديد من الاستخدامات السلمية، في مجال الطاقة والطب والصناعة...الخ، الا ان الكثير من الحوادث المدمرة والعقبات الكارثية قد تؤدي الى نتائج سلبية تفوق الفوائد المرجوة منها، وكما حدث في الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي واليابان وغيرها من دول العالم، وشهد العالم انقساما واضحا بين المؤيدين والمعارضين حول جدوى استخدام الطاقة النووية كبديل للطاقة التقليدية، التي تعتبر اكثر امنا واقل ضررا على البيئة، والغريب، كما يرى بعض المراقبين، ان العديد من الدول التي تملك احتياطات نفطية كبيرة، بدئت باللجوء الى الطاقة النووية واعتمادها كجزء من خططها المستقبلية.

وما زال الصراع النووي (وبالأخص في مجال الاستخدامات العسكرية) بين الدول المالكة للسلاح النووي، اضافة الى الدول التي تطمح في امتلاك هذه التقنية، على اشده في تطوير وامتلاك المزيد من الرؤوس النووية، لتعزيز قوة الردع النووي في مجابهة الاعداء، وهو امر استدعى تنامي الحرب المعلنة في تنامي السباق النووي، اضافة الى الحرب السرية، بعد ان سخرت العديد من الدول امكاناتها الاستخبارية والتجسس الالكتروني وسرقة المعلومات وغيرها، في استحصال المعلومات النووية وتطويرها لحسابها.    

مخاطر الاسلحة النووية

فقد شاركت الولايات المتحدة وبريطانيا للمرة الاولى في مؤتمر عالمي يناقش مخاطر الاسلحة النووية، في تراجع عن رفضهما المشاركة في هذا المؤتمر في السابق، وكان البلدان العضوان الدائمان في مجلس الامن الدولي واللذان يعتبران من بين تسع دول يعتقد او تاكد ان لديها اسلحة نووية، رفضا المشاركة في مؤتمرين سابقين في النروج العام الماضي وفي المكسيك في 2014، ويشارك في المؤتمر 800 شخص من اكثر من 160 بلدا لبحث مخاطر الرؤوس النووية المنتشرة في العالم والبالغ عددها 16300 راس نووي، ومن الدول النووية التسع، تشارك كذلك في المؤتمر الذي يعقد في فيينا كل من باكستان والهند، وغابت عنه كل من روسيا وفرنسا والصين على الرغم من مشاركة مؤسسة فكرية مقربة من الحكومة الصينية، كما غابت عن المؤتمر كوريا الشمالية التي اجرت ثلاث تجارب نووية، واسرائيل التي يعتقد على مستوى واسع بانها الدولة الوحيدة في الشرق الاوسط التي تملك اسلحة نووية على الرغم من عدم اقرارها بذلك.

وسيركز المؤتمر على التبعات الانسانية المحتملة على المديين القصير والطويل لحدوث انفجار نووي، وتاثير التجارب النووية ومخاطر حدوث انفجار ذري عرضي، ومن بين المشاركين في المؤتمر سيتسوكو ثورلو (82 عاما) الناجي من الهجوم النووي الاميركي على هيروشيما في اليابان العام 1945 والذي القى كلمة مؤثرة محذرا فيها من "شر" الاسلحة النووية، ولم تستخدم الاسلحة النووية في الحروب سوى مرتين في ناغازاكي وهيروشيما، الا ان اكثر من الفي تجربة تفجير جرت في الفترة من 1946 وحتى وقف هذه التجارب قانونيا في التسعينات، واكبر اختبار اجرته الولايات المتحدة في بكيني اتول في المحيط الهادئ في 1954 كان اقوى بالف مرة من تفجير هيروشيما، كما كان تفجير "قنبلة القيصر" الذي اجرته روسيا في 1961 اقوى من التجربة الاميركية، وصرح سيباستيان كورز وزير خارجية النمسا التي تستضيف المؤتمر "طالما وجدت الاسلحة النووية، فان خطر استخدامها عمدا او عن غير قصد لا يزال حقيقيا، ومثل هذا السيناريو يمكن ان ينهي الحياة على الكوكب كما نعرفه اكثر من اي عمل بشري اخر". بحسب فرانس برس.

وقبل المؤتمر اصدرت مجموعة من 118 من رجال الدولة من 46 بلدا بيانا مشتركا حذرت فيه من ان قادة العالم "يقللون من اهمية المخاطر التي تشكلها الاسلحة النووية او انهم لا يفهمونها بالشكل الكافي"، وجاء في البيان انه "في اعقاب الحرب الباردة، لا تزال العديد من الاسلحة النووية في العالم جاهزة للاطلاق خلال فترة قصيرة مما يزيد بشكل كبير من فرص وقوع حادث"، ويأمل المنظمون في ان يعطي المؤتمر مزيدا من الزخم في التحركات العالمية المتعثرة لتقليص عدد الاسلحة النووية قبل مؤتمر ايار/مايو 2015 المخصص لمراجعة التقدم في تطبيق معاهدة الحد من الانتشار النووي، وانخفض عدد تلك الاسلحة بشكل كبير مقارنة مع عددها ابان الحرب الباردة والذي تراوح ما بين 70 و80 الف قطعة، نحو 90% منها في روسيا والولايات المتحدة، وذلك بفضل معاهدات الحد من الانتشار النووي مثل معاهدة خفض الاسلحة الاستراتيجية الجديدة (ستارت) ومعاهدة موسكو ومعاهدة ستارت الجديدة.

الا انه لا يزال هناك نحو 16300 راس نووي، ولا تزال 4000 منها تقريبا "متوفرة من الناحية التشغيلية"، بينما نحو 1800 "على اهبة الاستعداد" ومعدة للاستخدام في وقت قصير، طبقا لنشرة "العلماء الذريين"، وقال كنغستون ريف من رابطة ضبط الاسلحة ان "خطة العمل" التي تم تبنيها في اجتماع الموقعين على معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية في 2010، ولا سيما ال22 خطوة التي تتضمنها لنزع الاسلحة، كانت "مخيبة للامال"، ومنذ دخول معاهدة ستارت الجديدة حيز التنفيذ في 2011، اخفقت روسيا والولايات المتحدة في بدء محادثات لتقليص المخزونات النووية فيما تعثر احراز تقدم في تنفيذ معاهدة الحظر الشامل على التجارب النووية، بحسب ريف، وصرح انه "رغم كل الاشادة المستحقة التي حصل عليها الرئيس الاميركي باراك اوباما لجهوده في تخفيف التهديد النووي الايراني، الا ان باقي اجندته بالنسبة للامن النووي لا تزال متعثرة"، وقال ان ذلك "يعود في جزء كبير منه الى عوامل تتجاوز قدراته مثل العدوان الروسي في اوكرانيا، لكن عدم اهتمام البيت الابيض والمبالغة في الحذر لعبا دورا كذلك، واذا لم يتم تحقيق اي تقدم اضافي، فان انتصارات اوباما لن تكون كبيرة مقارنة بالمقترحات الجريئة التي طرحها في 2009".

تجارب نووية

فيما أجرت روسيا تجربة ناجحة على صاروخها الجديد العابر للقارات "بولافا" الذي يطلق من غواصة ويبلغ طوله 12 مترا ويمكنه حمل متفجرات نووية تعادل قوتها التدميرية مئة مرة التفجير الذري الذي دمر هيروشيما عام 1945، وقال الأميرال فيكتور شيركوف القائد بالبحرية الروسية إن تجربة هذا الصاروخ أجريت من البحر وإن الصاروخ أصاب هدفه في أقصى شرق روسيا، ويزن الصاروخ بولافا 36.8 طنا ويمكن أن يقطع مسافة 8000 كيلومتر وحمل ما بين ستة وعشرة رؤوس نووية، والهدف أن يصبح الصاروخ حجر الزاوية في القوات النووية الروسية بنهاية العقد، ومن المقرر أن تنفق روسيا أكثر من 20 تريليون روبل (536.81 مليار دولار) على تحديث جيشها الذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على أسلحة وتكنولوجيا سلاح تعود إلى العهد السوفياتي، واعتبر بوتين أن حلف شمال الأطلسي يستخدم الجدل الدائر حول أزمة أوكرانيا "لإحياء نفسه"، وذكر أن روسيا حذرت مرارا من أنه سيتحتم عليها أن ترد على مثل تلك التحركات، وأكد بوتين أنه على روسيا أن تطور أسلحة عالية الدقة في السنوات القليلة المقبلة، لكنه أضاف رغم ذلك "ربما يكون هناك من يريد أن يبدأ سباق تسلح جديد، لن نشارك في ذلك بالطبع"، وكرر بوتين القول إن موسكو ستجد وسائل لإيجاد بدائل لواردات الصناعات الدفاعية التي خسرتها بسبب العقوبات التي فرضها عليها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بعد أزمة أوكرانيا، وقال "لا نعتزم أن نوقف عن قصد التعاون مع شركائنا الأجانب، لكن صناعتنا يجب أن تكون قادرة على إنتاج المعدات والمكونات والمواد المهمة على نحو جوهري". بحسب فرانس برس.  

هجوم إلكتروني

الى ذلك ذكر موقع نكستجوف دوت كوم نقلا عن تحقيق داخلي أجرته لجنة الرقابة النووية الأمريكية بشان هجمات الكترونية أن الوكالة تعرضت "لقرصنة ناجحة" ثلاث مرات في السنوات القليلة الماضية في هجمات اشتملت على رسائل بالبريد إلكتروني تحتوى على فيروسات، وأفاد التقرير الذي حصل عليه موقع نكستجوف أن مصدر آخر هجومين من هذه الهجمات كان خارج الولايات المتحدة، وقلما تنشر تقارير عامة تتضمن تفاصيل عن هجوم إلكتروني على قطاع الطاقة، وقال الموقع أنه حصل على نسخة من تقرير أعده مكتب المفتش العام في لجنة الرقابة النووية الذي تضمن 17 إختراقا الكترونيا مشتبها به في الفترة بين 2010 و2013، ولم يذكر التقرير اسماء الدول التي انطلقت منها الهجمات ولم يذكر شيئا عن سرقة بيانات من اللجنة الرقابية التي تحتفظ بمعلومات حساسة عن صناعة الطاقة النووية، ولم يتسن الاطلاع على الفور على التقرير الذي قال موقع نكستجوف إنه حصل عليه بموجب طلب يستند إلى قانون حرية المعلومات، وقال ديفيد مكنتاير المتحدث باسم اللجنة "تم اكتشاف المحاولات القليلة التي وثقها تقرير وحدة الجرائم الإلكترونية في مكتب المفتش العام كحالات نجاح في الوصول بدرجة ما إلى شبكات لجنة الرقابة النووية وتم اتخاذ الاجراءات المناسبة". بحسب رويترز.

على صعيد ذي صلة قال مدعون أمريكيون انه صدر حكم على متعاقدة سابقة في مختبر لوس الاموس الوطني بالسجن عاما ويوما بعد اعترافها بالتآمر هي وزوجها الفيزيائي لبيع أسرار نووية أمريكية، وأقرت مارجوري روكسبي ماتشيروني (71 عاما) العام الماضي بأنها مذنبة بتهمة التآمر لنقل بيانات سرية عن الاسلحة النووية لشخص يعتقد انه مسؤول في الحكومة الفنزويلية، كما أقر الزوج بيدرو ليوناردو ماتشيروني (79 عاما) بأنه مذنب، وجاء في وثائق المحكمة ان الزوج الذي يحمل درجة دكتوراة في الفيزياء عمل في المختبر في نيو مكسيكو من عام 1979 حتى عام 1988، كما عملت زوجته هناك في الفترة بين عام 1981 و2010 وكانت مهامها تتضمن كتابة وتحرير مواد تقنية، وكان الاثنان يحملان تصريحا أمنيا يسمح لهم بالاطلاع على بعض المواد السرية من بينها "بيانات محظورة"، وقالت متحدثة باسم مكتب المدعي الامريكي في البوكيرك في بيان ان البيانات المحظورة تتضمن مواد سرية عن تصميم وتصنيع واستخدام اسلحة نووية وانتاج مواد نووية خاصة واستخدام هذه المواد في انتاج الطاقة، والزوج محتجز على ذمة القضية وينتظر صدور الحكم عليه.

التحول الى الطاقة النووية

من جانب اخر قالت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية إنه تم استكمال 61 بالمئة من أعمال البناء في أول المفاعلات الأربعة الجاري إنشاؤها في محطة براكة للطاقة النووية بالإمارات العربية المتحدة وإن المفاعل في طريقه لبدء التشغيل عام 2017، وقال محمد الحمادي الرئيس التنفيذي للمؤسسة في مؤتمر إن من المتوقع أن يسهم مشروع براكة بنسبة 24 بالمئة من الطاقة الإماراتية بحلول 2020 مع دخول المفاعلات الأربعة حيز التشغيل، وتمول حكومة أبوظبي مشروع براكة الذي تبلغ قيمته 20 مليار دولار، وفي 2008 منحت الإمارات مجموعة بقيادة شركة الطاقة الكهربائية الكورية (كيبكو) عقدا لبناء أربعة مفاعلات نووية بقدرة 1400 ميجاوات لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، وقال الحمادي إنه تم بناء أكثر من 50 بالمئة من المفاعل الثاني بالمحطة والذي نال موافقة الجهات التنظيمية الإماراتية في 2012 مع المفاعل الأول. بحسب رويترز.

وحصل المفاعلان الثالث والرابع على الموافقة في أكتوبر تشرين الأول الماضي وبدأ صب خرسانة المفاعل الثالث بالفعل ومن المتوقع صبها للرابع بحلول العام المقبل، ودفع تزايد استخدام الطاقة ونقص إمدادات الغاز دولة الإمارات إلى اللجوء للطاقة النووية لتنويع المصادر، والإمارات أول دولة خليجية تبدأ في بناء محطة نووية لتوليد الكهرباء، وقبل منح العقد إلى الكونسورتيوم الكوري الجنوبي وقعت الإمارات اتفاقا مع الولايات المتحدة في مطلع 2009 تخلت بموجبه عن حقها في تخصيب اليورانيوم محليا، ومنحت الإمارات عقودا بثلاثة مليارات دولار لست شركات أجنبية في 2012 لإمداد مشروع براكة بالوقود، وتتراوح العقود بين شراء اليورانيوم وخدمات تحويله وتخصيبه وستغطي إمدادات الوقود لمدة 15 عاما من بدء التشغيل، وقال الحمادي إن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية ما زالت تدرس خيارات التخزين الآمن للوقود المستهلك، وأضاف أنه جاري النظر في عدة خيارات مختلفة منها القصير والمتوسط والطويل الأجل إلى جانب خيار تأجير الوقود لكنه لم يكشف عن تفاصيل.

اضف تعليق