q
كشف مؤتمر قمة مجموعة العشرين في مدينة "بالي" الإندونيسية عن "صفقة" سياسية- اقتصادية بين الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الأمريكي جو بايدن.. أي بين الإمبريالية الصينية" الصاعدة"، وبين الإمبريالية الأمريكيّة" الراكدة".. ومع الإقرار بركودها، فإنّها ماتزال راسخة وفاعلة إلى الآن، تقوم هذه الصفقة على حقائق "تخادم سياسي- مصلحي...

كشف مؤتمر قمة مجموعة العشرين في مدينة "بالي" الإندونيسية عن "صفقة" سياسية- اقتصادية بين الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الأمريكي جو بايدن.. أي بين الإمبريالية الصينية" الصاعدة"، وبين الإمبريالية الأمريكيّة" الراكدة".. ومع الإقرار بركودها، فإنّها ماتزال راسخة وفاعلة إلى الآن.

تقوم هذه الصفقة على حقائق "تخادم سياسي- مصلحي" رئيسة (على مستوى العالم)، يمكن إيجازها بما يأتي:

- إنّ العالم كبير بما يكفي لإزدهار الصين والولايات المتّحدة الأمريكيّة معاً.

وهذا يعني تقاسم المكاسب الضخمة التي تتيحها فرص الإستثمار والتجارة في السوق الدولية.

- منع تحوّل المنافسة بين البلدين إلى صراع.. والعمل على تحويل مظاهر الصراع الحاليّة إلى منافسة.

وهذا يتضمّن (كما قال بايدن): "وضع حواجز أمان، وقواعد واضحة للطريق، لضمان ألاّ تتحوّل المنافسة إلى صراع".

- لكي يتم وضع خارطة طريق العمل والتعاون هذه موضع التطبيق، ينبغي "تحييدها"، وعزلها "نسبيّاً" عن الخلافات السياسية (والخلاف الرئيس هنا هو حول تايوان).. ولهذا أعلن رئيسا البلدين عن أنّ "لا حرب باردة أبداً بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية".

- تقوم الصين بدور سياسي فاعل في هذه الصفقة، يتلخّص في كبح جماح الرئيس الكوري الشمالي "كيم جونغ أون"، ودفع الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" إلى الإحتكام إلى العقل في علاقاته الدوليّة، والتخفيف من حدّة تصرفّاته السلطوية، وأحلامه الإمبراطوريّة.

تستند هذه "الصفقة" إلى حقائق اقتصادية راسخة، تجد أفضل تجسيد لها في كون الولايات المتّحدة الأمريكية أكبر مُستورِد للسلع الصينية، وأكبر مُستثمِر فيها، هذا إضافةً لكون الصين أحد أكبر المستثمرين في سندات الخزينة الأمريكية.

إنّ نجاح هذه الصفقة، سيجعل العالم أقرب إلى "القطبية الثنائية" (الصين والولايات المتّحدة الأمريكية) منه إلى "تعدّد الأقطاب" (الصين وروسيا وحلفاؤهما من جهة.. والولايات المتّحدة الأمريكيّة وحلفاءها من جهة أخرى).

من قوّض إمكانية التحوّل إلى عالم "متعدّد الأقطاب"، هو الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" من خلال ارتكابه لسلسلة من الحماقات السياسية والإقتصادية والعسكرية.

شي جين بينغ، وجو بايدن، استثمرا في هذه الحماقات، وهذه العزلة، وهذا الفشل "البوتيني".. لأنّ القرارات المرتبطة بحماية المصالح الوطنية لبلديهما لا تنساق وراء عمليات زائفة لتغليف الحماقات الشخصيّة بالدعوة لـ "نظام عالمي جديد".. ولا يمكن جعل هذه القرارات أسيرة للمزاج الفردي-السلطوي، ولأنّ الأولوية الأولى و"المُطلقة" هي للمصالح السياديّة للقوى الكبرى "المتنافِسة" في هذا العالم، على حساب كلّ ما عداها من تحالفات وتفاهمات.

وبينما "تفوز" الصين والولايات المتحدة الأمريكية، تزداد عزلة روسيا "البوتينيّة" (لأنّ روسيا غير البوتينية لا يمكن عزلها أبداً عن العالم)، وتتكبّد خسائر بشرية ومادية هائلة، وتخضع لعقوبات قاسية، كما يتمّ دفع الأوروبيين بشكلِ حثيثٍ وسريع للبحث عن بدائل للنفط والغاز الروسيين.. والأهم من كلّ ذلك هو تقويض وتفكيك قدرات روسيا البوتينيّة الهائلة (اقتصادياً وعسكرياً)، وإخراجها تدريجيّاً من نطاق النفوذ والتأثير الدوليين.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق