q
لقد عكس حجم الحضور ونوعه رغبة شرائح المثقفين في ان تكون هناك هيأة رقابية شعبية لحماية المال العام، بعد ان تم احتواء الهيئات والمؤسسات الحكومية، وشبه الحكومية، المعنية بهذا الامر، من قبل قوى الفساد واخطبوطها ولم تعد تلك المسميات الكثيرة المعروفة فاعلة...

مساء يوم الاثنين 24-10-2022 شهدت قاعة (نازك الملائكة) في جمعية الثقافة للجميع، الاجتماع التشاوري لـ( اللجنة الشعبية لحماية المال العام)، والتي جاءت بمبادرة من الشاعر حميد قاسم، اطلقها على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، ولاقت تجاوبا من قبل عدد كبير من المتابعين، لاسيما الناشطين منهم في المنظمات المختلفة، وقد كنت من بين الحاضرين، مع اني لم اكن من بين الذين سجلوا اسماءهم واكتفيت بوضع علامة الاعجاب (اللايك) على المنشور، المبادرة!

لقد تحدث عدد غير قليل من الحضور، وتباينت طبيعة مداخلاتهم التي جاءت بعد تعريف صاحب المبادرة، الشاعر حميد قاسم، ببرنامجها المقترح وطبيعة عملها للمرحلة القادمة، على امل ان يشبع الموضوع نقاشا، كي نخرج بصيغة توافقية تفضي الى تأسيسها ووضع البرنامج العملي لها.

وقد ذهبت اغلب المداخلات الى امور تفصيلية او اجرائية، ربما كان اللقاء بحاجة الى ما هو اهم منها، لكن كثرة المداخلات عكست حيوية الحضور ورغبتهم في ان تكون هناك جهة رقابية خارج المتن الرسمي، وتمتلك الآليات المطلوبة للمتابعة، لاسيما ان الشاعر قاسم أكد بان هناك استعدادا لدى محامين للإسهام بإنجاح المبادرة وجعلها فاعلة.

وقد كانت لي مداخلة قصيرة، لم تخرج عن سياق المداخلات الاخرى التي اتسم بعضها بالعاطفة وربما بالتمني، اذ طلبت ان يكون الاسم (المنظمة الوطنية لمكافحة الفساد) بدلا من (اللجنة الشعبية لحماية المال العام)، لأن اللجنة مسمى يحيل الى جهة معينة تشكلها، ولإقترانها باللجان المشكلة منذ العام 2003 الى اليوم لمتابعة قضايا مختلفة من دون ان تسفر عن شيء.. وربما تكون باسمها المقترح (المنظمة الوطنية...) احدى منظمات المجتمع المدني، على غرار (مرصد الحريات الصحفية) مثلا، وغيره من المنظمات، وتكرس حضورها بشكل أكبر، لاسيما انها تتعامل مع ملف حساس وكبير، يتعلق بأموال البلاد، وبعد ان تصبح لها صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، ليكون التفاعل مع الناشطين والمتعاونين بشكل مباشر وسريع في كشف عمليات الفساد في بغداد والمحافظات، حيث ارتأيت ان يكون هناك ممثلين للجنة او المنظمة، يتابعون المشهد في محافظاتهم ولكي تكون الاخبار والمتابعة والمقترحات القادمة من هناك أكثر رصانة ودقة.

لقد عكس حجم الحضور ونوعه رغبة شرائح المثقفين في ان تكون هناك هيأة رقابية شعبية لحماية المال العام، بعد ان تم احتواء الهيئات والمؤسسات الحكومية، وشبه الحكومية، المعنية بهذا الامر، من قبل قوى الفساد واخطبوطها ولم تعد تلك المسميات الكثيرة المعروفة فاعلة، ان لم يكن بعضها قد اصبح جزءا من منظومة الفساد ويشكل غطاء لها، الامر الذي يدفع باتجاه صيغ بديلة للمراقبة ولعل مبادرة مثل هذه يمكن ان تكون بداية لمبادرات مماثلة لمشاغل اخرى، لان الفساد غطى جميع مرافق الدولة ولابد من متابعة ذلك، ولكون منظومة الفساد مترابطة مع بعضها ومتداخلة وتحمي بعضها البعض بأساليب مبتكرة.

قد يرى البعض ان مثل هذه المبادرات غير مجدية في ظل تغوّل القوى الفاسدة وتعدد أذرعها مقابل ضعف ادوات التصدي لها، ونقول ان الوقوف متفرجين ونشيع مثل هذه الثقافة المحبطة هي افضل هدية نقدمها للفاسدين الذي يعملون على اشاعة اليأس والشعور بلا جدوى اي شيء، وانهم باتوا وحدهم في البلاد... وكل شيء فيها!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق