q
لا يعدّ قلق الموت في حد ذاته اضطرابًا، لكن تكمن المخاوف الوجودية في صميم عددٍ من اضطرابات القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة والهلع والوسواس القهري، ويرتبطُ على الأخص باضطراب القلق العام، أي القلق المتكرر بلا سبب مع عجزٍ عن السيطرة عليه أو إيجاد منطقٍ يبرره...

الخوف من الموت سمة تلازم الكثير من البشر وربما اغلبهم والامر يبدو في شكله العام صحياً جداً بل لازماً وضرورة يحتاجها الانسان تجعله يفكر كيف في ان تنتهي حياته على نحو حسن، لكن حين يتحول الامر اشبه بالكابوس الذي يحول الحياة الى حياة مملة ينقصها الامل والنظرة الواقعية لما يجب ان يكون، هنا يشير الخوف الى مشكلة نفسية تدل على حالة عدم السواء التي يعيشها الانسان، ومما يؤكد عدم شرعية هذا الخوف انه لا يصاحبه رغبة في تعديل السلوكيات وتشذيبها وتغليب الصالح منها على الطالح.

يساور البعض قلقاً حول مصيرهم وحول الحياة التي يحيونها، فيفضلون الابتعاد عن العمل الذي والبقاء في حياة روتينية كباقي الحيوات لان النتيجة انهم سيموتون وتنتهي حياتهم، وهم بذلك يتصورون ان الموت يحيط بهم من كل جانب وهذه هي الحقيقة لكن الخوف الكبير من انهم سيموتون يكون بمثابة تنصلهم عما انيط بهم ومما حملوا من مسؤوليات حياتية.

هذا الذي يصيب الانسان يسمى بـ(الخوف من الموت) او (قلق الموت) الذي يسيطر على افكاره ويحوله كتلة لحمية هامدة ترى ان لا فائدة من عملها ولا فائدة لأية خطة تخص الحياة مادام هو غير متأكد ان سيتقيظ في صباح اليوم التالي مخالفين بذلك قول الامام علي عليه السلام (اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا)، فيحدث خلط بين في تفسير الانسان للحياة وهو ما يفقده لذتها بسبب الحصار الكامل الذي فرض الانسان حول نفسه فيعيق تقدمه النفسي وبالتالي يؤثر على مجمل حياته سلباً.

لا يعدّ قلق الموت في حد ذاته اضطرابًا، لكن تكمن المخاوف الوجودية في صميم عددٍ من اضطرابات القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة والهلع والوسواس القهري، ويرتبطُ على الأخص باضطراب القلق العام، أي القلق المتكرر بلا سبب مع عجزٍ عن السيطرة عليه أو إيجاد منطقٍ يبرره.

مصادر الخوف من الموت

الخوف من الموت له مصادر أربعة وهي الخوف من خسارة النفس او شخص اخر يعتقد انه سببه في حياتنا، وفقدان السيطرة من التحكم بالذات وابعاد الافكار غير المقبولة عنها، كما ان الخوف من المجهول هو الاخر مصدراً من مصادر الخوف لدى الانسان، اذ هو لا يعرف المصير بعد الموت مما يجعله متوجساً منه، ثم الخوف من الم الموت ومعانته وهو امر طبيعي بالنسبة للكثير من الناس، هذه هي أبرز المصادر التي تمد الانسان بهذا النوع من الخوف.

الجدير بالإشارة ان خوف الانسان من الموت كفكرة عامة ليس خطأ لكونه يجعله يحسن من مستوى سلوكياته العامة ومنها ما يخص علاقته بمن حوله وما ينعكس على علاقاته برب السماوات، فالكثير من الناس يضعون الموت نصب اعينهم فيعدون له العدة بما استطاعوا وهنا يكون الامر مستحسن ولا يدل على مشكلة نفسية بالمطلق، على عكس اؤلئك الذين يكون الموت اخر قائمة حسابتهم ان وجد اصلاً، فلا يخيفهم الموت ولا يرهبهم وهو ما يجعلهم يخفقون في الكثير من السلوكيات وربما يسيئون في بعضها.

كيف يمكن خفض قلق الموت؟

لخفض مستوى قلق الموت او الخوف منه يتعين على الانسان فهم حقيقة ان الموت آت لا محال سواء اليوم او غدا وهو ما يتطلب من الانسان ان يعمل لأخرته ولا يتشبث بالدنيا عبر طرق ملتوية وغير شرعية يسلكها الانسان في مسعاه للتمتع بالحياة وهو ليس خطأ بل الافراط فيه خطأ وما يجب هو الموازنة، وبفهم هذه الحقيقة والايمان بها يقلل القلق الى مستوى كبير.

كما ان احترام الانسان لذاته والوعي بأهميتها سيؤدي به إلى إحاطة نفسه بمن يُشبهه من الناس، فتجد بينهم عزاءً وسلوى لمقاومة هذا الخوف الوجودي، ثم لابد ان يعي الانسان ان له دور في الحياة عليه القيام به على اتم وجه لان الفرص لن تعاد، وبذا يمكن ان نحد من هذا القلق المدمر للانسان.

اضف تعليق