q
تشهد سريلانكا فراغا سياسيا لليوم الثاني على التوالي بعد عدم اتفاق قادة المعارضة على خليفة لزعيمي البلاد المنبوذين تماما، واللذين يحتل متظاهرون مقريهما بسبب الغضب من المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، ظل المحتجون متمركزين في مقر إقامة الرئيس جوتابايا راجاباكسا على شاطئ البحر...

تشهد سريلانكا فراغا سياسيا لليوم الثاني على التوالي بعد عدم اتفاق قادة المعارضة على خليفة لزعيمي البلاد المنبوذين تماما، واللذين يحتل متظاهرون مقريهما بسبب الغضب من المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، ظل المحتجون متمركزين في مقر إقامة الرئيس جوتابايا راجاباكسا على شاطئ البحر، وكذلك مقر رئيس الوزراء رانيل فيكرمسينغ، حيث سيطروا عليهما يوم السبت لمطالبة الزعيمين بالتنحي، وظل المتظاهرون هناك اليوم الإثنين، قائلين إنهم سيبقون حتى تصبح استقالة الزعيمين رسمية، وسلّم متظاهرون محكمة ملايين الروبيات التي تركها الرئيس عندما فر من مقر إقامته الرسمي، وفق ما أعلنت الشرطة، وقال رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينغ السبت إنه سيترك منصبه بمجرد تشكيل حكومة جديدة، وذكر رئيس البرلمان بعد ساعات إن راجاباكسا سيتنحى الأربعاء المقبل.

ولا يعرف مكان وجود الرئيس على الرغم من ذكر بيان صادر عن مكتبه أمس الأحد أنه أمر بتوزيع شحنة غاز طهي على المواطنين فورا، ما يشير إلى أنه لا يزال يمارس مهام منصبه، وازداد الضغط على كلا الرجلين مع تسبب الانهيار الاقتصادي في نقص حاد في المواد الأساسية، ما ترك الشعب يكافح للحصول على الغذاء والوقود والضروريات الأخرى، ويجري قادة أحزاب المعارضة محادثات لتشكيل حكومة بديلة من جميع الأحزاب، وهو مطلب عاجل للأمة المفلسة لمواصلة المناقشات مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة إنقاذ.

وقال رئيس البرلمان السريلانكي ماهيندا يابا أبيواردينا اليوم الاثنين إن البرلمان سيعود للانعقاد في 15 يوليو وسيتم انتخاب رئيس جديد في 20 من الشهر ذاته، وأوضح أبيواردينا في بيان "ستقدم الترشيحات الخاصة بالرئيس المقبل إلى البرلمان في 19 يوليو. وسيصوت البرلمان في 20 يوليو لانتخاب رئيس جديد"، وأضاف "خلال اجتماع قادة الحزب الذي عقد اليوم، تم الاتفاق على أن هذا أمر ضروري لضمان تشكيل حكومة جديدة من جميع الأحزاب وفقا للدستور والمضي قدما في الخدمات الأساسية". بحسب سكاي نيوز.

نقطة الانهيار

وزاد الانهيار المالي بعد أن ضربت جائحة كوفيد-19 الاقتصاد المعتمد على السياحة وقلصت تحويلات العاملين في الخارج.

وتفاقم الانهيار بسبب الديون الحكومية الكبيرة والمتنامية وارتفاع أسعار النفط وفرض حظر لمدة سبعة أشهر على استيراد الأسمدة الكيماوية العام الماضي مما أدى إلى تدمير الزراعة، وتم تقنين البنزين بشدة وتشكلت طوابير طويلة أمام المحلات التيتبيع غاز الطهي. وطلبت الحكومة من الناس العمل من المنزل وأغلقت المدارس في محاولة لتوفير الوقود.

وبلغ معدل التضخم العام في البلاد، التي يقدر عدد سكانها بنحو 22 مليون نسمة، 54.6 بالمئة الشهر الماضي، وحذر البنك المركزي من أنه قد يرتفع إلى 70 بالمئة قي الأشهر المقبلة، وتفاقم الإحباط من الأزمة الاقتصادية يوم السبت عندما اجتازحشد كبير من المتظاهرين حراسا مسلحين إلى القصر الرئاسي الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية واستولوا عليه. وتم تحطيم الأثاث والتحف واغتنم البعض الفرصة للمرح في حمام السباحة، ثم انتقلوا إلى مكتب الرئيس والمقر الرسمي لرئيس الوزراء. وفي وقت متأخر من المساء أضرم المتظاهرون النار في لمنزل الخاص لفيكرمسينغ.

أين الرئيس راجاباكسا؟

لم يُشاهد راجاباكسا على الملأ منذ يوم الجمعة ولم يقل أي شيء بشكل مباشر عن استقالته، وقال مكتب فيكريمسينغ إنه سيستقيل أيضا على الرغم من أنه لم يتم الاتصال به ولا بالرئيس راجاباكسا، وقال رئيس البرلمان ماهيندا يابا آبيواردينا يوم السبت إن قرار راجاباكسا التنحي اتُخذ "لضمان تسليم السلطة سلميا".

من يسير الأمور؟

يقول خبراء دستوريون إنه في حالة استقالة الرئيس ورئيس الوزراء فإن الخطوة التالية ستتمثل في تعيين رئيس البرلمان رئيسا بالوكالة وتصويت البرلمان على رئيس جديد في غضون 30 يوما لإكمالولاية راجاباكسه.

ماذا حدث؟

تسارعت الاضطرابات السياسية في سريلانكا خلال اليومين الماضيين، على خلفية الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد منذ أشهر، والتي أدت إلى اندلاع حركة احتجاجية أجبرت الرئيس غوتابايا راجاباكسا على مغادرة قصره، الذي يحتله المتظاهرون في الوقت الحالي، في ظل أزمة غير مسبوقة منذ استقلال هذه الجزيرة في عام 1948 والتي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة.

وقال مكتب رئيس وزراء سريلانكا، الاثنين، إن الرئيس راجاباكسا أبلغ رئيس الوزراء رانيل فيكريمسينجي، أنه سيتنحى كما أعلن في السابق.

كما ذكر مكتب رئيس الوزراء أن الحكومة بأكملها ستستقيل بمجرد التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة تضم جميع الأحزاب وذلك في إطار مساعي السلطات لحل أزمة سياسية ناجمة عن أزمة اقتصادية عميقة.

واجتمعت الأحزاب المعارضة في سريلانكا أمس الأحد للتوافق على حكومة جديدة، بعد عرض رئيس ورئيس وزراء البلاد التنحي، في أكثر الأيام فوضوية بالبلاد خلال أشهر من الاضطرابات السياسية.

من هما الأخوان راجاباكسا؟

غوتابايا راجاباكسا (73 عاماً)، رئيس منذ العام 2019 وهو أحد افراد عائلة هيمنت على الحياة السياسية في سريلانكا لعقود.

شقيقه ماهيندا (76 عاماً) هو الزعيم الكاريزمي للعائلة، وشغل رئاسة البلاد لعقد حتى العام 2015. في عهده، تحولت سريلانكا إلى دولة مَدينة بشكل كبير للصين التي جرى التعاقد معها على ديون ضخمة لتمويل مشاريع بنية تحتية كبرى حامت حولها شبهات الفساد.

يلقى ماهيندا دعم الغالبية العرقية السنهالية لأنه هزم مقاتلي نمور التاميل في العام 2009، مُنهياً بذلك 37 عاماً من الحرب الأهلية. آنذاك، كان غوتابايا وزير الدفاع كما قاد القوات المسلحة والشرطة، عند توليه الرئاسة، عيّن غوتابايا شقيقه في منصب رئيس الوزراء، لكن ماهيندا اضطُر إلى الاستقالة في مايو بعد اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين.

ماذا حدث للاقتصاد؟

عانى قطاع السياحة الذي يعدّ حيوياً لاقتصاد الجزيرة، تداعيات الهجمات الجهادية في أبريل 2019 على الكنائس والفنادق (279 قتيلاً بينهم 45 أجنبياً)، ثم جائحة كوفيد-19، التي حرمت البلاد من عائدات مهمة لاقتصادها.

كما أدّت أكبر تخفيضات ضريبية في تاريخ الجزيرة، منحها غوتابايا عند توليه الرئاسة، إلى إفراغ خزائن الدولة. ووجدت سريلانكا نفسها بدون عملات أجنبية كافية لاستيراد ما تحتاج إليه من طعام ودواء ووقود.

على الرغم من المساعدات من الهند ودول أخرى في أبريل 2022 ، تخلّفت الدولة عن سداد ديونها الخارجية البالغة 51 مليار دولار، وتسعى إلى الحصول على خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.

وتعد الصين من أكبر دائني سريلانكا وتمتلك قرابة 10 بالمئة من الدين الخارجي للجزيرة، تليها اليابان والهند، واستدانت الحكومة مبالغ كبيرة من بكين منذ 2005 لمشاريع بنى تحتية، أصبح العديد منها ممتلكات مكلفة لا يمكن التخلص منها، وفي يونيو الماضي أكد رئيس وزراء سريلانكا، رانيل ويكرمسينغ، أن اقتصاد بلاده قد "انهار تماما"، مما جعلها غير قادرة على دفع تكاليف الضروريات مثل واردات النفط.

ما هي العواقب على السكان؟

يعيش السريلانكيون منذ أشهر في ظل نقص الغذاء والدواء وانقطاع التيار الكهربائي، بسبب نقص الوقود الذي يحدّ أيضاً من التنقّل.

يجعل التضخّم المتسارع (55 في المئة في يونيو وحده) من المتعذّر الحصول على الأشياء القليلة التي لا يزال العثور عليها ممكنا.

وحذّرت الأمم المتحدة من أنّ البلاد تواجه خطر أزمة إنسانية كبيرة، بعدما اضطرّ أكثر من ثلاثة أرباع السكان إلى تقليص نظامهم الغذائي.

ماذا الآن؟

بحسب القانون، سيكون أمام البرلمان شهر لاختيار خليفته. لكن رئيس البرلمان وعد بقرار في هذا الشأن في نهاية الأسبوع، إلّا أنه قد يكون من الصعب تحقيق هذا الوعد، لأنّ لا أحد من أعضاء البرلمان يبدو قادراً على الحصول على الدعم الكافي، وقال النائب دارمالينغام سيثادثان الذي ينتمي إلى أقلية التاميل لوكالة فرانس برس، "نحن مقبلون على فترة خطيرة من عدم اليقين". وأضاف "كان ينبغي على غوتا أن يستقيل على الفور لتفادي فراغ السلطة".

اضف تعليق