q
إنسانيات - علم نفس

عندما تُخذل

تعرض الانسان للخذلان يعكس واحدة من اسوء صفات البشر لكن ذلك ليس مبرراً لان تقف الحياة او ان يكف الناس عن العيش في جماعات لان ذلك سيكون مفرحاً لمن خذلونا او ارادوا بنا السقوط والتلاشي، وهنا يجيب علينا الموازنة في التعاملات مع البشر لا اندفاع كبير دون معرفة ولا الانقباض على النفس...

أي هزة نفسية يتعرض لها الانسان واي كان مصدرها لا تقف عند حدود لحضه الحدوث انما يتعدى أثرها وتصبح لها مضاعفات وازمات كثيرة لاحقاً، وواحدة من الهزات التي يتعرض لها الانسان في حياته هي (الخذلان)، يعرف الخذلان على انه "هو شعور ناتج عن تبدل النظرة المثالية إلى نظرة شديدة التشويه"، وعادة ما يكون الخذلان من الاقربين لأننا نتوقع منهم الكثير لكننا نصدم بعدم حصول المتوقع وهنا تخيب الآمال وتخور الانفس وتتبدد قواها.

شعور الفرد بالخذلان يجعله ضعيف واهن كما ينحو صوب التراجع عن الاقبال على الحياة مع انعدام الرغبة فيها على عكس فترة ما قبل الصدمة ان صح ان نسميها هكذا، لا تتوقف الاثار عند هذا الحد بل ينتج من ذلك عدم القدرة على التفكر السليم المنطقي والتفكير بشكل عشوائي وغير منظم وغير محدد، فيصبح غير قادر على مواجهة حقائق الحياة وصدماتها، وتغيب ثقة الانسان بمن حوله كما عدم القدرة على المسامحة والتصالح مع الاخرين وان كانوا ليس من كان سبباً في ذلك الخذلان، ويصبح الانسان عديم الوفاء نتيجة للتخلخل النفسي الذي الم به فيتساوى عنده الصديق والعدو.

قد يبدو الامر صعباً للغاية في الولهة الاولى من التعامل مع الخذلان لكن مع الزمن يصبح امر طبيعياً، ولا غرابة ان يأتيك الخذلان من صديق حميم او مقرب جداً، لذا يكون ثمن الخذلان عال جداً ووقعه على النفس كبير ومؤذي لا سيما عندما يكون التخاذل وقت الحاجة، والحاجة هنا ليست بالضرورة مادية فحسب وإنما إنسانية معنوية ونفسية.

جميعنا عاش حالة الخذلان وعاش صعوبتها والمها، وجميعنا او اغلبنا يتذكر كيف أصبح شمعة في مهب الريح العاتية في لحظة الخذلان وكيف عاش حالة التوهان والصدمة وبعدها الاكتئاب والحسرة والتذمر، ولعل في ذلك دعوة لإعادة النظر فيمن نتعامل معهم ومعرفة حقيقتهم فيما ان كانوا سند في الشدائد وان نقوم بتقييم دقيق لمن هم في دائرة القربة والعلاقة لتفادي التعرض للانكسار النفسي مرة اخرى.

تعرض الانسان للخذلان يعكس واحدة من اسوء صفات البشر لكن ذلك ليس مبرراً لان تقف الحياة او ان يكف الناس عن العيش في جماعات لان ذلك سيكون مفرحاً لمن خذلونا او ارادوا بنا السقوط والتلاشي، وهنا يجيب علينا الموازنة في التعاملات مع البشر لا اندفاع كبير دون معرفة ولا الانقباض على النفس، ومهم ان ندرك ان الحياة لها وجهان احدهما جميل والاخر نقيضه وسجال الخير والشر مستمران فيها، لذا هي دعوة لان ندرك متى نذهب في علاقاتنا لمرافئ الصداقة الحقة، أو أن نُبقيها سطحية في حدود زمالة العمل أو المهنة أو أن تكون محلاً للثقة والاحترام فحسب.

توصيات التعامل مع المخذولين:

ولكي يبقى الانسان نفسه في موضع التوازن لابد ان يتعامل مع الخذلان على النحو التالي: ليس عيباً اطلاقاً ان يتعرض الفرد الى الخذلان وبذا يجب على الفرد ان يتقبل الامر ويعده خبرة تقوية وتكشف امامه ما كان مبهم عليه سواء من صديق او مقرب، وليس صحيحاً ابداً ان يقسو الانسان على نفسه بعد التعرض للصدمة التي هزت مشاعره وغيرت من الكثير من القناعات التي كانت بداخله، فمثل هذه المواقف الحياتية هي أكبر من تمر دون تؤذي النفس لكننا نحذر من المبالغة فيها.

وليس مبرراً للانسان ان يقطع علاقته بالمجتمع بداعي تعرضه للخذلان فمن خذلك شخص واحد وليس للأخرين ذنب في تقصيره، وان خذل احد ففي البقية الكفاية للنصرة والوقوف معك في ساعات المحن، لكن ان اراد الفرد تحاشي التعامل مع من خذله فهو حر ولايلام على ذلك.

وعلينا جميع توقع التعرض لمثل هذه المواقف فحين يكون الانسان متوقعاً يقلل ذلك من اثر الضربة مهما كانت قوتها، ومن الاهمية بمكان ان يعبر الانسان عن مشاعره بواقعية ومن دون تعظيم لان هذه الطريقة في التعامل مع المشاعر تقلل من حدة الالم وبالتالي تنسيك ما حصل لك وتعده من الماضي وتجعلك حريص على الابتعاد عمن تسبب بخذلانك.

واخيراً لابد من التماسك بوجه الازمات والعودة ثانية لممارسة الحياة بأمل وتفاؤل ونسيان الذي حصل وهذا ما يعكس قوة الارادة عند الانسان وامكانية تحويل الهزائم الى انتصارات لاحقة وهو قادر على ذلك لان فيه ما يمكنه من التخطي والعبور.

اضف تعليق