q

في بداية.. ما هي السعادة؟ تقول موسوعة ستانفورد للفلسفة إن هناك مفهومين للسعادة، حيث يستخدم المرء الكلمة كمصطلح مرادف تقريبا للرفاهية أو الازدهار، كما أنه قد يستخدمها أيضا كمصطلح نفسي وصفي بحت مشابه لـ "الاكتئاب" أو "الهدوء"، وبدأت الاهتمام البحثي بمفهوم السعادة منذ أكثر من 2500 عام. وكرس فلاسفة عظماء مثل كونفوشيوس وسقراط وأرسطو وبوذا حياتهم لمتابعة هذا الموضوع.

ويقول موقع الأمم المتحدة عن اليوم العالمي للسعادة إنه يوم تشعر فيه بالسعادة والسرور، وتحتفي الأمم المتحدة بهذا اليوم على اعتبار أنه سبيل للاعتراف بأهمية السعادة في حياة الناس في كل أنحاء العالم. وقد دشنت الأمم المتحدة 17 هدفا للتنمية المستدامة يُراد منها إنهاء الفقر وخفض درجات التفاوت والتباين وحماية الكوكب، وهذه تمثل في مجملها جوانب رئيسية يمكنها أن تؤدي إلى الرفاهية والسعادة.

ويختلف مفهوم السعادة من شخص إلى آخر ومن بلد إلى آخر، لكن مفهوم السعادة مثلما تعرّفه الأمم المتحدة مرتبط بـ"مدى رضا الشخص عن حياته"، وتعريف السعادة ليس بالسهولة التي قد تتصورها حيث يتم التعبير عن المشاعر بطرق مختلفة جدا حول العالم بسبب ثقافات الناس الفريدة، وتعبر الثقافات في جميع أنحاء العالم عن السعادة بطرق مختلفة يجمعها أنها عاطفة مهمة يجب الشعور بها. وعندما يكون الأفراد سعداء، فمن المرجح أن يعيشوا أنماط حياة أفضل وأكثر صحة، وتحسن السعادة صحتنا العقلية والجسدية، كما تحسن قدرتنا على إدارة المواقف العصيبة وتمكننا من البقاء نشطين، وقد أظهرت دراسة أجريت عام 2016 في ليتوانيا أن الأشخاص الذين يتمتعون بعقلية إيجابية كانوا أكثر استعدادا بنسبة 33 في المئة لأن يكونوا نشطين بدنيا لمدة 10 ساعات أو أكثر أسبوعيا.

بالإضافة إلى ذلك، وجدت دراسة أجرتها جامعة وارويك في عام 2014 أن السعادة مكنت الناس من أن يكونوا أكثر إنتاجية بنسبة 12 في المئة في مكان العمل، بينما وجدت أبحاث في هولندا عام 2008 أن السعادة تساعد على التفكير بشكل أكثر إبداعا وحل المشكلات بشكل أسهل.

ما هو سر السعادة في الحياة؟ وبالإضافة إلى مساعدة الأفراد، فإن السعادة تفيد من حولنا فهي تحسن الطريقة التي نتواصل بها مع الآخرين وبالتالي تقوي العلاقات مع الأصدقاء والعائلة، وعندما يكون الناس سعداء، فمن المرجح أن يكونوا أكثر مراعاة للآخرين وتعاطفا معهم.

وفيما يلي 3 مفاهيم للسعادة من 3 بلدان في 3 قارات مختلفة:

جنوب أفريقيا - "أوبونتو"، في جنوب أفريقيا، تمارس العديد من المجتمعات ثقافة "أوبونتو" التي يرون أنها أفضل طريقة لتعزيز اللطف، ويُعرف كلمة "أوبونتو" بأسماء مختلفة في جميع أنحاء القارة، وهو الاسم الأكثر استخداما والذي نشره مجتمع الزولو في جنوب أفريقيا، ويشجع مفهوم "أوبونتو" على التعاطف، والذي يتم التعبير عنه من خلال الإنصاف وأعمال التسامح والتضامن، وفي حين أن المفهوم قيد الاستخدام منذ أربعينيات القرن التاسع عشر، فقد اشتهر من قبل أشخاص مثل رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا والأسقف الراحل ديزموند توتو، وكان توتو يؤمن إيمانا راسخا بأن ثقافة "أوبونتو" ترفض الأنانية، ولذا قال: "نحن نفكر في أنفسنا كثيرا جدا كأفراد، منفصلين عن بعضنا البعض، بينما أنت متصل بالآخرين وما تفعله يؤثر على العالم بأسره".

اليابان - "أوموتيناشي"، تشتهر اليابان بالترويج للرفق من خلال ثقافة "أوموتيناشي". وتُترجم هذه الفلسفة اليابانية عموما على أنها ضيافة على الرغم من أن الكلمة تغطي العديد من جوانب الحياة اليومية، ويعني مفهوم "أوموتيناشي" الإيمان بضرورة الاهتمام ببعضنا البعض من خلال الأدب والكرم، وبالتالي جعل حياة الآخرين أكثر سعادة وأكثر سلاما وراحة.

وتُمارس هذه الثقافة في اليابان بطرق مختلفة مثل الانحناء عند الترحيب بالضيوف، وتقديم الهدايا للجيران، ويهدف مفهوم "أوموتيناشي" لأن يكون غير مرئي للعميل، وهو نهج يقوم على توقع احتياجات الآخرين وتلبيتها مسبقا.

الدنمارك - "هيغ"، ظلت الدنمارك، لسنوات عديدة، واحدة من أسعد البلدان في العالم وفقا لتقرير السعادة العالمي السنوي، ويصنف التقرير البلدان على أساس البيئات الاجتماعية والثقافية والسلوكيات تجاه أية مخاطر مثل انتشار المرض أو التمييز أو الدخل المنخفض، ومن بين العوامل التي أدت إلى الدرجات العالية المتكررة في الدنمارك هو إحساسها القوي بالمجتمع، وتعد ثقافة "هيغ" أيضا طريقة أساسية للحياة للشعب الدنماركي، و"هيغ" كلمة ظهرت لأول مرة في القرن التاسع عشر وتمثل بشكل عام شعورا بالراحة و"الرفاهية"، وتُستخدم اليوم لوصف أسلوب حياة مريح وسلمي، ويجادل الكثير من الناس بأن ثقافة "هيغ" هي سبب سعادة الشعب الدنماركي، لأنها تشجع على الاسترخاء والعمل الجماعي والراحة، ويمكن التعبير عن "هيغ" بعدة طرق بما في ذلك قضاء الوقت مع أحبائك أو تناول الطعام الذي تستمتع به أو مشاهدة برنامجك المفضل، ولا يستخدم الشعب الدنماركي مفهوم "هيغ" فقط لإسعاد أنفسهم، ولكن أيضا للترحيب بالآخرين واحتضانهم، وقد أدت التأثيرات القوية لهذه الثقافة إلى قيام مجتمعات أخرى حول العالم باستخدام ثقافة هيغ لتحسين سعادتهم ورفاهيتهم، لكن ماذا عن تأثير المال على السعادة؟ ربما تمنيت في مرحلة من مراحل حياتك أن تكون ثريا، وهذا بالطبع ما لم تكن من الذين ولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب.

تعرف بالطبع مظاهر الثراء التي تثير الدهشة، كأن تربح اليانصيب مثلا، وتصبح حياتك كحياة الأثرياء والمشاهير الذين ينعمون ببيوت فارهة، تحفها المروج الخضراء الأنيقة، وتضم أحواضا كبيرة للسباحة، ويمتلكون جزرا بأكملها في بعض الأحيان، وسيارات سباق باهظة الثمن، وطائرات خاصة، وكذلك مبالغ طائلة من المال الذي يمكنك من أن تفعل ما تشاء وقتما تشاء.

وتقول الحكم والأمثال القديمة في جميع الثقافات، ومنذ عصور سحيقة، إن السعادة لا يمكن أن تشتري بالمال، لكن الموضوع في عصرنا هذا أخذ طابع علمي وبحثي.

ففي دراسة أصدرها عدد من علماء النفس الأمريكيين ونشرتها بي بي سي في عام 2001 تبين أن المال والشهرة ليست هي وسائل جلب السعادة، أو النيرفانا حسب التعبير الهندوسي، وقال الخبراء إن الثراء الفاحش والشهرة التي تترافق معها، وخصوصا عند غير المعتادين عليها كمن يربح اليانصيب مثلا، ليست بالضرورة مجلبة للسعادة، بل قد تكون منفرة لها، إلا أن الشعور بالاستقلالية والاعتداد بالذات والرضا عن النفس فيما يفعله الإنسان، والتقارب مع الآخرين والثقة بالنفس، كلها أمور تسهم في الإحساس بالسعادة وتقريبها عموما.

وقال الدكتور كينون شيلدون من جامعة ميزوري الأمريكية في تلك الدراسة إن هذه الحاجات والمتطلبات النفسية قد تكون العناصر الرئيسية التي تجلب السعادة للإنسان، وأشار إلى أن الحاجات النفسية يمكن، في حال السعي إلى تحقيقها، أن تدفع السعادة الشخصية للفرد إلى مستويات وآفاق جديدة، تماما كما هو حال حاجة النبات لمكوناته الطبيعية التي لا غنى عنها في نموه واستمراره.

وقد اختار فريق البحث الذي ترأسه الدكتور شيلدون 3 مجموعات مختلفة من الطلبة لأغراض البحث العلمي، منهم مجموعة من كوريا الجنوبية، لاستقراء وفحص مستويات السعادة لدى كل شخص منهم، وقد طلب الدكتور شيلدون من المجموعة الأولى تعريف وتحديد أكثر الأحداث التي أوصلت إلى أقوى وأفضل لحظات السعادة والرضا خلال فترة الشهر السابق لإجراء التجربة.

وطلب من المجموعة الثانية نفس الطلب ولكن خلال الأسبوع الأخير السابق للسؤال، أما المجموعة الأخيرة فقد طلب منها تحديد أسوأ وأتعس حادث مر بها خلال فترة الفصل الدراسي الجامعي، ووجد البحث أن النتائج المستخلصة من المجموعات الثلاث كانت إلى نحو ما متشابهة، وقال معظم الطلاب موضوع البحث إن قضية نقص الطمأنينة والأمان تؤثر بشكل كبير على استقرارهم النفسي.

وأوضح بحث الدكتور شيلدون أن النتائج تشير إلى أنه عندما يحدث مكروه يتمنى الناس بقوة أن يحصلوا على الراحة والسعادة النفسية من وجود الأمن والطمأنينة، التي عادة ما يعتبرونها موجودة كتحصيل حاصل في الظروف الطبيعية.

وبالنسبة للطلاب الأمريكيين فقد كان موضوع الثقة بالنفس على رأس قائمة أولويات السعادة، في حين كان عند الطلبة الكوريين الشعور بالقرب والتقارب، وقد اتفقت الدكتورة ديانا بيدويل، عضو جمعية الطب النفسي البريطانية حينئذ، مع الرأي القائل بأن المال لا يجلب السعادة بالضرورة، وقالت إن العديد من الدراسات أجريت وركزت على موضوع أهمية أو عدم أهمية المال في نوعية حياة الفرد، ولاحظت معظم هذه الدراسات أن المال يمكن أن يجلب درجة معينة ومحدودة من الشعور بالسعادة، لكنه بعد عبور هذه الدرجة يصبح الأمر سيان ولا يذكر، وقالت الدكتورة بيدويل إن هناك دلائل وشواهد كثيرة تشير إلى العدد المتزايد من الأثرياء غير السعداء، وعلى الأخص أولئك الذين لم يولدوا وفي أفواههم ملاعق الذهب والفضة، كالفائزين بثروات اليانصيب الضخمة.

اليوم العالمي للسعادة.. ما فكرته وأهدافه؟

يمثل يوم السعادة حدثا عالميا يتم الاحتفال به في جميع أنحاء العالم بهدف تعزيز مقومات السعادة ونشر الإيجابية بين فئات المجتمع، ويحتفل العالم في 20 مارس/آذار باليوم العالمي للسعادة، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ66.

يأتي ذلك اعترافاً بأهمية السعي للسعادة أثناء تحديد أطر السياسة العامة لتحقيق التنمية المستدامة، والقضاء على الفقر وتوفير الرفاهية.

فكرة الاحتفال، جاءت فكرة الاحتفال باليوم العالمي للسعادة بإيعاز من جيمي إليان مستشار الأمم المتحدة، لإلهام الناس جميعاً حول العالم للاحتفال بالسعادة في يوم مخصص لها، وتعزيز حركة السعادة العالمية، واختار جايمي ليان تاريخ 20 مارس/آذار، على اعتباره يوافق يوم الاعتدال الشمسي، وهي ظاهرة عالمية تحدث حول العالم في الوقت نفسه.

اليوم العالمي للسعادة، وأجمعت الدول الأعضاء، التي يصل عددها إلى 193 دولة، على تقرير الاحتفال بـ"يوم للسعادة"، وجاء هذا اليوم بهدف تكريس حق الإنسان في أن يكون سعيداً، وكونه هدفاً يجب تحقيقه، من خلال اتباع نهج يقوم على الشمول والإنصاف الاقتصادي في الدول، ومنح الشعوب حق العيش الكريم، وتخفيف الفقر.

وأقيم الاحتفال الأول بهذا اليوم عام 2013 من قبل نبادا مانديلا حفيد الرئيس نيلسون مانديلا وشيلسيا كلنتون ابنة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، أما في عام 2014، فتم الاحتفال به للمرة الثانية من قبل فاريل ويليامز، وجمعيات الأمم المتحدة، بتقديم أول فيديو موسيقي لمدة 24 ساعة لأغنية "سعيد"، وقد دُعيت الدول حول العالم لتقديم فيديو يدوم 24 ساعة على وقع موسيقى الأغنية، بهدف تقديم الأغنية بشكل متعدد المصادر.

ووفق الجمعية العامة للأمم المتحدة، فذكرت أنها حددت يوم 20 مارس/ آذار بوصفه اليوم الدولي للسعادة، وذلك اعترافا منها بأهمية السعادة والرفاه بوصفهما قيمتين عالميتين مما يتطلع إليه البشر في كل أنحاء العالم، ولما لهما من أهمية في ما يتصل بمقاصد السياسة العامة، كما أنها تقر كذلك بالحاجة إلى نهج أكثر شمولا وتساويا ومنصفا للنمو الاقتصادي بما يعزيز التنمية المستدامة، والقضاء على الفقر، ونشر السعادة والرفاه بين كل الناس، وجاء ذلك القرار الذي يعترف بسيادة السعادة الوطنية على الدخل القومي منذ أوائل السبعينيات، واعتمد هدف السعادة الوطنية الشهير وسيادته على الناتج القومي الإجمالي.

قائمة الدول الأسعد والأتعس

حددت الأمم المتحدة يوم 20 مارس/آذار من كل عام يوما عالميا للسعادة، بهدف تسليط الضوء على أهميته باعتباره طموحا عالميا، تم الإعلان عن هذا التاريخ، الذي صوتت عليه بالإجماع جميع الدول الأعضاء، من قبل الجمعية الوطنية للأمم المتحدة في 28 يونيو/حزيران 2012 وتم الاحتفال به لأول مرة في عام 2013.

ومنذ ذلك الحين، تمثل الذكرى السنوية هذه صرخة إيقاظ لقادة العالم من أجل تحقيق هذه الغاية، فضلا عن رسالة أمل لأولئك الذين لا يشعرون بالسعادة، قال بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، في اليوم الذي تم فيه الإعلان عن هذا التاريخ "يحتاج العالم إلى نموذج اقتصادي جديد يعترف بالتكافؤ بين الركائز الثلاث للتنمية المستدامة: الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي لا تنفصل أبدا" مضيفا "لأنها معا تحدد إجمالي السعادة الوطنية".

هكذا ألمح بان كي مون إلى هذا المفهوم الذي ابتكره في عام 1972 ملك بوتان، وهي دولة صغيرة في جنوب آسيا بالقرب من جبال الهيمالايا، والذي قرر وهو في سن 16 عاما أن إدارته يجب أن تستند إلى سعادة رعاياه، لقياس ذلك، أنشأ مؤشرا لقياس درجات السعادة بناء على 4 معايير وهي التنمية المستدامة، والحفاظ على التراث الثقافي، والحفاظ على الطبيعة، والحكم الرشيد.

تطور مفهوم (GNH) حتى يومنا هذا وهو حاليا قيمة مستخدمة دوليا تأخذ في عين الاعتبار ما يصل إلى 9 أبعاد أو عناصر وهي الرفاهية النفسية، والصحة، واستغلال الوقت، والتعليم، والتنوع والمقاومة الثقافية، والحكم الرشيد، وحيوية المجتمع والتنوع والمرونة البيئية ومستويات المعيشة، وبناء على ذلك، تعد الأمم المتحدة تقريرا سنويا تنشره في يوم السعادة وتكشف فيه عن أسعد دول العالم.

أشار تقرير السعادة العالمي الأخير (2021) إلى أن فنلندا هي الدولة الأسعد في العالم، للمرة الرابعة على التوالي، تليها الدنمارك وسويسرا، وجميع هذه الدول في "قمة" نصيب الفرد من الدخل العالمي، في الواقع، منذ البدء في إعداد هذا التقرير في عام 2012، كانت دول الشمال الأوروبي دائما في الصدارة، وهكذا احتلت أربعة بلدان فقط المركز الأول وهي الدنمارك في 2012 و2013 و2016، وسويسرا في 2015، والنرويج في 2017 وفنلندا في 2018 و2019 و2020 و2021. وهذا على الرغم من أن سكانها يشتهرون بالوحدة وقلة التعبير، ومن المنطقي أن تهيمن الأماكن ذات الطبيعة الوافرة، ومستويات التلوث المنخفضة، ونظام التعليم المتطور، والخدمات الاجتماعية، ومستوى عال من الحرية والمساواة، على "ترتيب" البلدان السعيدة، وبالتالي أيضا فإن أفغانستان، الدولة التي تعرضت لعقود من الحروب والصراعات، هي الدولة الأكثر تعاسة في العالم، ومع ذلك، فمن اللافت للنظر أن بعض دول أمريكا اللاتينية تحتل مراكز أعلى في القائمة من دول أخرى تعاني من مشكلات مماثلة، وهنا يشرح الباحثون أن أحد العوامل الأكثر تأثيرا على سعادة السكان اللاتينيين هو العلاقات الاجتماعية الجيدة، ومن ثم يرتقي مركزها في الترتيب، وفقا لوكالة الأنباء الإسبانية "إفي".

ما يبدو واضحا إذاً هو أن السعادة ليست هي نفسها بالنسبة للسويديين كما هي بالنسبة للمكسيكيين، ولا هي بالنسبة لشخص أو لآخر بغض النظر عن البلد الذي يعيش فيه، وهذا ما يعرفه مايك ويكينج، المدير التنفيذي لمعهد السعي لتحقيق السعادة في كوبنهاجن، والذي وصفته صحيفة "التايمز" بأنه "أسعد رجل في العالم"، يقول ويكينج: "في كثير من الأحيان، الشيء الوحيد الذي يحتاجه الإنسان ليكون سعيدا هو غطاء وقطعة حلوى وفيلم".

هذا الشعور، كما يقول، له علاقة بـ"Hygge"، وهو مفهوم دنماركي يحدد تلك السعادة العابرة التي توفرها الأشياء الصغيرة والذي اختاره عنوانا لكتابه الذي حقق مبيعات هائلة، ويشير ويكينج أيضا إلى أن الدنماركيين "بارعون بشكل استثنائي في الفصل بين الثروة والرفاهية"، مبرزا أنه "بمجرد تلبية احتياجاتنا الأساسية، ندرك أن المزيد من المال لا يؤدي إلى السعادة، وبدلا من ذلك نركز على ما يمنحنا نوعية حياة أفضل".

الأردن ولبنان الدولتان العربيتان "الأقل سعادة" !

حل الأردن في المرتبة قبل الأخيرة بين الدول العربية في تصنيف تقرير السعادة العالمي 2022 الصادر عن الأمم المتحدة امس الجمعة، ليكون ثاني أتعس الدول العربية بعد لبنان، وفي المرتبة 134 عالميا من أصل 146 دولة شملها التقرير.

وحققت ليبيا والعراق، رغم التدهور السياسي والمشاكل الأمنية والاقتصادية، مركزين متقدمين نسبياً، 86 و107 على التوالي وجاءت كل من جزر القمر وفلسطين في المرتبتين 116 و122 عالميا على التوالي.

وتذيلت موريتانيا والأردن ولبنان الترتيب العربي من حيث السعادة، وجاءت في المراكز 133 و134 و145 عالميا (على التوالي)، وعالميا صُنفت فنلندا على أنها أسعد مكان للعيش في العالم، للعام الخامس على التوالي، ويُذكر أن تقرير السعادة العالمية ينشر منذ عام 2012، ويأخذ الباحثون في الاعتبار عند إعداده مؤشرات مثل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ومستوى الدعم الاجتماعي، ومتوسط العمر المتوقع.

ويحتفل العالم في 20 آذار باليوم العالمي للسعادة، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ66، يأتي ذلك اعترافاً بأهمية السعي للسعادة أثناء تحديد أطر السياسة العامة لتحقيق التنمية المستدامة، والقضاء على الفقر وتوفير الرفاهية.

وجاءت فكرة الاحتفال باليوم العالمي للسعادة بإيعاز من جيمي إليان مستشار الأمم المتحدة، لإلهام الناس جميعاً حول العالم للاحتفال بالسعادة في يوم مخصص لها، وتعزيز حركة السعادة العالمية، واختار جايمي ليان تاريخ 20 مارس، على اعتباره يوافق يوم الاعتدال الشمسي، وهي ظاهرة عالمية تحدث حول العالم في الوقت نفسه.

وأجمعت الدول الأعضاء، التي يصل عددها إلى 193 دولة، على تقرير الاحتفال بـ"يوم للسعادة"، وجاء هذا اليوم بهدف تكريس حق الإنسان في أن يكون سعيداً، وكونه هدفاً يجب تحقيقه، من خلال اتباع نهج يقوم على الشمول والإنصاف الاقتصادي في الدول، ومنح الشعوب حق العيش الكريم، وتخفيف الفقر.

اضف تعليق